أ. د. عادل الأسطة - يحيى السنوار ١٠ : أدب مخيم أم أدب مقاومة أم أدب سجن ؟

لم أدرج فيما كتبته أمس رواية " الشوك والقرنفل " تحت مسمى " أدب المخيم " . لقد تساءلت إن كانت تدرج تحت مسمى أدب مقاومة أو أدب السجن.
الصديق الدكتور Isam M Shihada أستاذ الأدب الإنجليزي في جامعات غزة رأى أنها أقرب إلى " أدب المخيم " وفكرت في الأمر.
غالبا ما توقفنا ونحن ندرس أدب المخيم أمام أعمال مثل :
- أم سعد والقميص المسروق والصغير يذهب إلى المخيم لغسان كنفاني
- العشاق لرشاد أبو شاور ، وفيما بعد روايته " الحب وليالي البوم"
- الطوق لغريب عسقلاني
- الجبل لا يأتي لزكي العيلة
- عين المرآة لليانة بدر
- مخمل لحزامة حبايب
- حليب التين لسامية عيسى
- حياة مغلقة والحاجة كريستينا ومشاة لا يعبرون الطريق لعاطف أبو سيف
وأعمال أخرى لا تحضرني الآن .
وإذا ما قارن المرء بين الأعمال المذكورة سابقا وبين " الشوك والقرنفل " فسوف ينحاز بلا تردد إلى اعتبارها رواية مقاومة بالدرجة الأولى ، وبما أنها تأتي على الواقع الفلسطيني تحت الاحتلال ، وتتخذ من غزة والخليل مكانا لها ، بعد حرب حزيران حتى العام ٢٠٠٣ تقريبا ، فسوف يحضر المخيم والسجن فيها ، ولسوف تتقاطع الموضوعات الثلاثة معا لا شك . إن التركيبة السكانية لمدينة غزة كما هو معروف تتكون من سكان المدينة الأصليين ومن جموع اللاجئين الفلسطينيين الذين أقاموا في المخيمات وشكلوا مع مرور الأيام أغلبية السكان.
هل رصد السيد يحيى السنوار في روايته حياة المخيم أكثر مما رصد عمليات المقاومة؟
القسم الأول من الرواية يأتي على حياة المخيم من خلال الحديث عن أسرة السارد أحمد إبراهيم الصالح ، ولكن أحمد لا يستفيض في السرد عن أهل المخيم وعن المكان وشوارعه والمناطق التي انحدر منها السكان وعاداتهم وتقاليدهم و... و....
وأكاد أجزم أن ما كان في ذهن المؤلف وهو يكتب الرواية هو رصد نشوء المقاومة الإسلامية وبطولاتها أكثر من رصد حياة اللاجئين في المخيمات ، فهو لم يكتب رواية مكان قدر ما كتب رواية تيار مقاوم في صعوده واشتداده .
لا نقرأ في الرواية عن أحياء المخيم وكيفية تشكله بناء على الأماكن التي هجروا وطردوا منها وشكل العلاقة فيما بينهم ، ولم نقرأ عن أصولهم الريفية أو المدنية وانصهارها في البيئة الجديدة - أي بيئة المخيم ، ولم نقرأ الكثير عن علاقة سكان المخيم بسكان مدينة غزة الأصليين والتآلف أو التنافر بين البيئتين أو عن التخيلات والتصورات المتبادلة ومدى مشاركة كل طرف مثلا في المقاومة.
وبعد الانتهاء من قراءة الرواية لا يبقى عالقا في الذاكرة إلا شخصية إبراهيم ودوره في تشكيل نواة لخلايا مقاومة إسلامية ومساهمته في الفعل المقاوم ورصد السارد رصدا شبه توثيقي للعمليات المسلحة التي قامت بها الحركة الإسلامية بشقيها ؛ حماس والجهاد الإسلامي.
وإذا جاز الحديث عن أدب إسلامي فإن الرواية واحدة من أعمال أدبية بدأت تنتشر في العقدين الأخيرين ليس إلا ، إذ لم نقرأ في الأدبيات الفلسطينية من قبل نماذج أدبية يسود فيها الخطاب الإسلامي ويعلو . فقط في العقدين الأخيرين صرنا نقرأ أدبا يمكن وصفه بالأدب الإسلامي أو أدب المقاومة الإسلامية ، ولقد ظل الأدب الفلسطيني لعقود كثيرة خلوا من هذا ، فالأعمال الأدبية الفلسطينية ذات الخطاب الإسلامي حتى نهاية القرن العشرين ظلت شبه نادرة .
وإن كانت ذاكرتي لا تخونني فإن أبرز نص كتب من قبل هو مسرحية برهان الدين العبوشي " وطن الشهيد " ١٩٤٧ تقريبا.
الآن بدأت الأصوات ذات التوجه الإسلامي تقوى وتكثر ، وغالبا ما كان طلابي في مساق الأدب الفلسطيني يسألونني السؤال الآتي:
- لماذا لا تدرس إلا الأدباء الفلسطينيين ذوي التوجه الوطني واليساري ؟ لماذا لا تدرسنا نصوصا لأدباء إسلاميين ؟
وكنت أجيبهم بما تضيئه الكتابة السابقة.
وربما ما يستحق أن يشار إليه هنا هو تفاعل القراء مع هذه الكتابات وتوضيحهم لأمور معينة وقضايا لهم فيها رأي تضيء جوانب معينة خفيت عني أو صلتهم بها أكثر وأعمق من صلتي بها.
بقي أن نعرف من هو حسن الأخ الأكبر لإبراهيم فهذا أحد أهم مفاتيح شخصيته ، ولعل الله يطيل في عمري وعمر السيد يحيى السنوار فاوجه إليه السؤالين:
- من هو حسن ؟
و
- ما مقدار تجسد شخصيتك في شخصية إبراهيم؟
صباح الخير
خربشات
١٥ تموز ٢٠٢١ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى