أ. د. عادل الأسطة - "يافا مش للبيع" : محمد نفاع يكتب حكايته

في أخبار الصباح أمس لفت نظري الخبر الخاص بيافا .
الإسرائيليون يريدون تهويد يافا تماما ، وذلك من خلال التضييق على سكانها الفلسطينيين الباقين وترحيلهم منها إلى مناطق خارجها ، ما جعل أهلها الباقين يتظاهرون دفاعا عن حقهم في البقاء فيها وفي بيوتهم التي أجرتها الحكومة لهم أو في بيوتهم ألتي ظلوا فيها يوم لم يهاجروا .
بعد النكبة في العام ١٩٤٨ صادرت الحكومات الإسرائيلية البيوت التي هجر أصحابها منها اعتمادا على قانون سنته عرف باسم " قانون أملاك الغائبين " الذي فيه قال الشاعر راشد حسين قصيدته الشهيرة " الله لاجيء " ومنها :
" الله أصبح لاجئا يا سيدي
صادر إذن حتى بساط المسجد
وبع الكنيسة فهي من أملاكه
وبع المؤذن في المزاد الأسود "
وفيها يسخر من الدولة الناشئة .
عندما قرأت في الظهيرة خبرا ينعى فيه أحد الأصدقاء الكاتب القصصي محمد نفاع نسيت خبر الصباح وانصرف ذهني إلى القاص الفقيد ، فتابعت ما كتب عن " أبو هشام " ، وأعدت نشر مقال قديم لي عن مجموعته القصصية " التفاحة النهرية " .
كانت الأسواق في نابلس أمس
شبه فارغة - على الأقل في ساعات الظهيرة ، فلا نشاط بيع لافت ولا إقبال كبير على الشراء ، ويبدو أن الناس في انتظار الموجة الرابعة من الكورونا .
" يافا مش للبيع " وأبو هشام - محمد نفاع - أنفق عمره يكتب حكايته ضد عبرنة الأرض الفلسطينية وإثبات صلة الفلسطيني العربي بها ، وهو ما يمكن تلمسه في قصصه كلها ، ومنها قصة " مختار السموعي " التي تروي حكاية قروي فلسطيني أراد أن يذهب إلى قرية السموعي لاسترداد رأسين من قطيعه ضلا الطريق ، فحجزهما المختار اليهودي لديه حتى يأخذ من صاحبهما أجرة رعيهما .
ولما كان على القروي أن يحصل على تصريح للذهاب إلى مكان إقامة المختار اليهودي ، فقد جرى الحوار الآتي بينه وبين الموظف اليهودي الذي يمنح التصاريح :
" - تصريح يا خواجة للسموعي
- كفار شماي . قال الموظف
- للسموعي !! إي!!
- اسمها كفار شماي .
- تصريح للسموعي . حجزوا لنا هناك ...
- قلنا اسمها كفار شما ... ي . فش سموعي اليوم .
- يا عمي السمو .. عي حد فراضة .. ولو
- كيبوتس فرود !!
- فراضي .. ولو !!
- كيبوتس كاردش !!
- فوق كفر عنان يا خواجا
- كفار حنانيا !! قال موظف الحاكم العسكري ." .
في عام ١٩٨٦ تقريبا بدأت إسرائيل تروج لاسم " يهودا والسامرة " بدلا من الضفة الغربية ، تريد تهويد بقية فلسطين ، وحين استخدم الأستاذ غازي فلاح المصطلح الإسرائيلي " يهودا والسامرة " في محاضراته في جامعة النجاح الوطنية احتج طلابها وطالبوا بفصله من الجامعة وتحقق لهم ذلك .
والكل يروي روايته ، ونحن ننحدر من يافا ، لا من يافو .
و ... .
أيضا إنه صراع هويات وروايات وصراع حكايات ، والكل يريد أن يكتب حكايته ليرث أرض الكلام " كما كتب محمود درويش :
" من يكتب حكايته
يرث أرض الحكاية ويملك المعنى تماما "
ولسه طويلة يا عبد الحليم حافظ .
صباح الخير
خربشات
١٦ تموز ٢٠٢١ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى