أعادني حوار عابر في شريط الصور على صفحات الفيس بوك إلى رواية يحيى السنوار " الشوك والقرنفل " ثانية .
الحوار العابر في الشريط الذي نشره حنظلة حنظلة تم بلهجة غزاوية .
- متى آخر مرة أكلت اللحمة ؟
يسأل رجل طفلا ، فيجيبه الأخير :
- شو يعني لحمة ؟
السارد في رواية السنوار ، وهو أحمد إبراهيم الصالح ، يتحدث عن طفولته في المخيم ، وهي طفولة الفقر المدقع والحرمان الشديد ، فقد فقد أباه وعمه وعاش مع أسرته في كنف جده العاطل عن العمل ، وأجبرته الظروف على أن يحصل على بطاقة " طعمة " - أي تناول وجبة طعام يومية من مطعم وكالة غوث اللاجئين .
كان يوم الثلاثاء في مطعم الوكالة يقدم وجبة غداء من الكفتة ، وقد أخبر أحمد ابن عمه إبراهيم بمكوناتها وطعمها اللذيذ ، ما جعله يتمنى أن يتذوقها ، ولما كان أحمد يحب ابن عمه ويعده أكثر شخص مقربا إليه ، فقد وعده أن يطعمه وجبته .
كان النظام في مطعم الوكالة يجبر الأطفال المستفيدين من كرت " الطعمة " على تناول الوجبة فيه وعدم أخذها معهم ، ولهذا كان الأطفال يخضعون إلى التفتيش ، فماذا سيفعل أحمد وقد وعد ؟
يروي أحمد أنه خبأ الرغيف ، بعد حشو الكفتة فيه ، داخل بنطاله وخرج ونجح في الأمر ، وما إن صار خارج المطعم حتى أخرجه ، فلاحظه حوالي ثلاثين طفلا من الأطفال الفقراء المشاغبين فلحقوه وفر راكضا .
عندما تأكد أحمد من أنه صار بعيدا عن الأطفال نظر خلفه فإذا بأحدهم يقذفه بحجر أصابه في عينه ، وسقط الرغيف وواصل أحمد الركض ظانا أنه فقدها ، ولكن الله سلم .
- شو يعني لحمة ؟
شو يعني كفتة ؟
وقصة أحمد سارد السنوار ليست بعيدة عن قصة غسان كنفاني " الصغير يذهب إلى المخيم / زمن الاشتباك " فالأطفال فيها يعيشون مع جدهم وكانوا يذهبون إلى سوق الخضار لالتقاط ما تيسر منها حتى تأكل العائلة اللاجئة ، وحين يعثر الصغير على شلن / خمسة قروش يفر هاربا حتى من ابن عمه الذي يلاحقه ليظفر بنصيبه منه . لقد كان اللاجئون مشتبكين مع الحياة ويتقاتلون على كل شيء ، ويسرق الجد الشلن من حفيده ، إن لم تخني الذاكرة .
- شو يعني لحمة ؟
وربما يدرك من يتابع أخبار غزة وسكانها فرح الناس الفقراء هناك بعيد الأضحى .
على فكرة فإن السنوار في روايته يأتي على البحبوحة الاقتصادية التي عرفها قطاع غزة في بداية سبعينيات القرن العشرين ، على إثر عمل قسم من سكان القطاع في فلسطين المحتلة في ١٩٤٨ ، وهذا جانب حفلت به أدبيات كتاب غزة في حينه ومنها قصة " الجوع " لغريب عسقلاني إبراهيم الزنط أحد أبرز كتاب القصة القصيرة الفلسطينية في تلك الفترة .
- شو يعني لحمة ؟
وكان الله في عون الفلسطينيين في غزة وفي مخيمات اللجوء ، ولعلني أقارب زيارتي للمخيم في العيد غدا ، ولطالما خضت في الموضوع من قبل .
صباح الخير
خربشات
٢١ تموز ٢٠٢١ .
الحوار العابر في الشريط الذي نشره حنظلة حنظلة تم بلهجة غزاوية .
- متى آخر مرة أكلت اللحمة ؟
يسأل رجل طفلا ، فيجيبه الأخير :
- شو يعني لحمة ؟
السارد في رواية السنوار ، وهو أحمد إبراهيم الصالح ، يتحدث عن طفولته في المخيم ، وهي طفولة الفقر المدقع والحرمان الشديد ، فقد فقد أباه وعمه وعاش مع أسرته في كنف جده العاطل عن العمل ، وأجبرته الظروف على أن يحصل على بطاقة " طعمة " - أي تناول وجبة طعام يومية من مطعم وكالة غوث اللاجئين .
كان يوم الثلاثاء في مطعم الوكالة يقدم وجبة غداء من الكفتة ، وقد أخبر أحمد ابن عمه إبراهيم بمكوناتها وطعمها اللذيذ ، ما جعله يتمنى أن يتذوقها ، ولما كان أحمد يحب ابن عمه ويعده أكثر شخص مقربا إليه ، فقد وعده أن يطعمه وجبته .
كان النظام في مطعم الوكالة يجبر الأطفال المستفيدين من كرت " الطعمة " على تناول الوجبة فيه وعدم أخذها معهم ، ولهذا كان الأطفال يخضعون إلى التفتيش ، فماذا سيفعل أحمد وقد وعد ؟
يروي أحمد أنه خبأ الرغيف ، بعد حشو الكفتة فيه ، داخل بنطاله وخرج ونجح في الأمر ، وما إن صار خارج المطعم حتى أخرجه ، فلاحظه حوالي ثلاثين طفلا من الأطفال الفقراء المشاغبين فلحقوه وفر راكضا .
عندما تأكد أحمد من أنه صار بعيدا عن الأطفال نظر خلفه فإذا بأحدهم يقذفه بحجر أصابه في عينه ، وسقط الرغيف وواصل أحمد الركض ظانا أنه فقدها ، ولكن الله سلم .
- شو يعني لحمة ؟
شو يعني كفتة ؟
وقصة أحمد سارد السنوار ليست بعيدة عن قصة غسان كنفاني " الصغير يذهب إلى المخيم / زمن الاشتباك " فالأطفال فيها يعيشون مع جدهم وكانوا يذهبون إلى سوق الخضار لالتقاط ما تيسر منها حتى تأكل العائلة اللاجئة ، وحين يعثر الصغير على شلن / خمسة قروش يفر هاربا حتى من ابن عمه الذي يلاحقه ليظفر بنصيبه منه . لقد كان اللاجئون مشتبكين مع الحياة ويتقاتلون على كل شيء ، ويسرق الجد الشلن من حفيده ، إن لم تخني الذاكرة .
- شو يعني لحمة ؟
وربما يدرك من يتابع أخبار غزة وسكانها فرح الناس الفقراء هناك بعيد الأضحى .
على فكرة فإن السنوار في روايته يأتي على البحبوحة الاقتصادية التي عرفها قطاع غزة في بداية سبعينيات القرن العشرين ، على إثر عمل قسم من سكان القطاع في فلسطين المحتلة في ١٩٤٨ ، وهذا جانب حفلت به أدبيات كتاب غزة في حينه ومنها قصة " الجوع " لغريب عسقلاني إبراهيم الزنط أحد أبرز كتاب القصة القصيرة الفلسطينية في تلك الفترة .
- شو يعني لحمة ؟
وكان الله في عون الفلسطينيين في غزة وفي مخيمات اللجوء ، ولعلني أقارب زيارتي للمخيم في العيد غدا ، ولطالما خضت في الموضوع من قبل .
صباح الخير
خربشات
٢١ تموز ٢٠٢١ .
