عبير عزاوي - قيد جناح

أطير ببطء، أصيلٌ باردٌ و قصير، خلف بابه يقف الغروب، يتواطأ الزمن مع المسافة ضدي، أبحث عن مفترق ضيق، أدخله، سرعان ما تطويني المسافة، فأجد نفسي أبحث عن متسع جديد لاأعثر عليه، أسابق الظلام، لا أريد العودة إلى النافذة ذاتها التي أدور حولها منذ الصباح ،
خانتني قواي؛ أعبر الزقاق سريعاً ؛ يطالعني طيف وجهها الفاتن ، أعود إلى لوثتي ؛ أدور حول نافذتها الموصدة؛ تمر ساعات الغروب وتغطي حلكة الليل حكايتي الوحيدة .
توقفتُ الآن عن رصد سيئاتها ؛ فقد توقفتْ عن إزجاء وقت اعتلالها بالغناء .
انهارت قوتي فسقطت عند عتبة بابها، لعل صوتها ينتشلني من وقعتي ، لاجواب ، ستطلع الشمس بعد قليل ؛ وسأودع العالم ؛ هسيس النار يصل إلى سمعي ويكاد لفحها يلامس وجهي .
هذه ساعتي الأخيرة أقضيها وراء نافذتها؛ والصمت يلف العالم حولي .
صوتها الذي اقتادني في دروب الفتنة ؛غاب ، وتوارى غناؤها صار حداء ثم هوت في الصمت .
نافذتها التي لازمتُها منذ لازمت فراشها لا ينفذ منها صوتها إلى سمائي، وسمائي صارت باردة وخاوية وهي تلبس ظلها الحزين .
منذ صمتت وأنا أدور ، لعل نافذتها تشرع ؛ فتنفتح لي عوالم الأمل بالبقاء على الأرض قبل أن تشرق الشمس لأني مع أول شعاع سأحترق . لكن النافذة لاتنفتح والصمت لا يبارح المكان، والوقت ينفد.
منذ ساعات وعندما جثوتُ عند قدميها لآخر مرة غبت في تفاصيل وجهها السماوي المضاء بشفق الحب ؛ في تلك اللحظة بدأ ينسحب الرواء منه ويحل محله شحوب الموت.
تواريت؛ لأفسح المجال لرفاقي الذين عليهم مرافقتها إلى النهاية . وانغلقت بوجهي نافذتها الوحيدة .
أطوف الآن طوفتي الأخيرة؛ حفيف أجنحة الرفاق تحمل روحها؛ موكب لا أراه لكني أتخيله مهيباً ؛ قاسياً ؛ صامتاً؛ وطويلا.
الحيرة تنهش صدري ؛ وألم مجهول الهوية يفتك في ذرات الضوء التي تشكل جسدي، ممهوراً باللوعة يخرج صدى أخير من صدري يهمس لها بالسرّ . فأقع في المحذور
تهوي الأجنحة فوقي ؛ بينما تتابع روحها طريقها المضيء تحفها هالات بيضاء .
تنفتح أمامي طاقة سوداء تتوقد باللهب ؛ جناحاي يستعدان للجحيم . /لا ادري كم خرقت من قوانين السماء ./
ليت نافذتها تكون مهبطي الأبدي .





تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى