أ. د. عادل الاسطة - خليل النعيمي وروايته "القطيعة"

1 - خليل النعيمي والقاريء الفلسطيني :
فاز الروائي السوري من عام تقريبا بجائزة محمود درويش .
لا أعرف إن كان كتابنا في فلسطين قرأوا بعض رواياته ، ولا أعرف إن كانت أي دار نشر فلسطينية في فلسطين أعادت طباعة عمل أدبي له .
هذا العام في هذا الشهر حل الروائي العربي السوري ضيفا على فلسطين في ملتقى الرواية العربية الثاني في رام الله ، والتقيت به وتعرفت إليه وتحاورت معه .
كان يفترض أن أكون ، لكونه فاز بجائزة محمود درويش ، قرأت عملا روائيا له ، وكان يفترض بدور النشر ، أو بمؤسسة محمود درويش ، أن تعيد طباعة بعض أعمال الفائزين ولو بطبعة محدودة حتى نتعرف إلى النتاج الأدبي والفكري لمن فازوا بجائزة معتبرة وحتى تقنعنا لجنة الجائزة بصواب قرارها فتسكت ألسنتنا وتخرسها إن اعترضنا .
ما علينا !
لا أعرف إن كانت جلسة واحدة مع الروائي كافية لإصدار حكم عليه . أهديت الروائي نسخة من نصي " ليل الضفة الطويل " واقترحت عليه أن يرشح لي عملا من رواياته حتى أقرأ له ، فأهداني رواية " القطيعة " .
قرأت للروائي نصوصا نشرها على صفحته عن زياراته للمدن ، فهو جوال ويكتب عن المدن التي يزورها نصوصا تدرج تحت جنس "أدب الرحلات " ، والصحيح أنها راقت لي .
بدأت أقرأ رواية " القطيعة " الصادرة طبعتها الرابعة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت في ٢٠١٠ ، وكانت طبعتها الأولى صدرت في ثمانينات القرن العشرين .
لا أريد أن أصدر حكم قيمة على ما قرأت.
الدكتور خليل جراح دماغ ودرس الفلسفة ودراسة الفلسفة تنعكس بوضوح في روايته التي يكتب فيها عن طفولته في ١٩٥٨ ويورد في الوقت نفسه ، وبحرف أسود غامق آراء فلسفية ، فيجتمع في روايته زمنان ؛ الزمن المسترجع وهو زمن الطفولة والزمن الكتابي وهو زمن الحاضر بوعي الحاضر - أي ثمانينات القرن العشرين .
والصحيح أنني فكرت كثيرا وما زلت أفكر في أمر روايته ، فلا أذكر أنني قرأت روايات يتشابه أسلوب كتابتها ؛ لغة وصياغة ، مع أسلوب روايته. ربما تذكرت غالب هلسة في "الوقوف على الأطلال " و"الخماسين " ، وحاولت أن استرجع روايات اختلفت لغة كتابتها عن لغة نجيب محفوظ ويوسف القعيد وحنا مينه مثلا . تذكرت اميل حبيبي و "المتشائل " وبقية رواياته ، وتذكرت جمال الغيطاني و "الزيني بركات " ، ومع ذلك ظلت لغة خليل النعيمي وطريقة قصه شبه مختلفة عن كل ما ذكرت .
هل شدتني الرواية؟
وأنا أقرأ عن تلقي أعماله قرأت أن تلقيها غير لافت ، وليست رواياته عموما الأكثر مبيعا . بحثت عن مراجعات نقدية لرواية "القطيعة " فما وجدت سوى مراجعتين ، وهذا غريب لرواية صدرت منها أربع طبعات خلال ثلاثين عاما .
ربما هناك طروحات ورسائل أكاديمية ! ربما !
والصحيح أن روايته تصعب بعض مفرداتها على القاريء وتتطلب منه أن يعود ليبحث عنها في القواميس ، وربما يسأل عنها بعض أبناء البيئة السورية .
يحفر خليل النعيمي ، وهو المقيم في باريس ، في روايته التي كتبها في ثمانينات القرن العشرين ، يحفر في طفولته ويكتب عنها بعد أكثر من عشرين عاما بوعي زمن الكتابة . هنا يتذكر المرء جبرا وسيرته "البئر الأولى " ١٩٨٥ فقد استرجع فيها سنوات طفولته من ١٩٢٥حتى ١٩٣٢ تقريبا .
أعتقد أن قاريء "القطيعة " سيجد صعوبة في قراءتها لافتقادها عنصر التشويق حتى وإن استعاض الكاتب عنه بتوتير اللغة .
ما زلت حائرا حقا أمام رواية خليل النعيمي.
من من كتابنا في فلسطين قرأ له؟

2 - خليل النعيمي وطه حسين :
في سيرته الذاتية " الأيام " يروي طه حسين عن ذلك الفتى الفقير الذي كانه . يروي طه عن ملابسه الرثة واتساخها بسبب طريقة أكله ويروي عن فقره المدقع ، يروي ذلك مجردا من نفسه شخصا آخر يتحدث عنه . كما لو أن طه حسين يحدثنا عن شخص مختلف عنه تماما حديثا قد يخجل منه لو قصه عن نفسه بضمير المتكلم .
يروي خليل النعيمي روايته " القطيعة " بضمير المتكلم ولا يتردد في بداية الرواية ووسطها ونهايتها عن الإعلان عن هوية الأنا المتكلمة . إنها أنا خليل النعيمي نفسه ، ولأن الكاتب جنس كتابته على أنها عمل روائي ، فإننا لا نتردد في القول إنها سيرة روائية لفترة محددة من حياته .
في " القطيعة " نقرأ عن طفولة الكاتب ويا لها من طفولة !!
يكتب النعيمي عن فقره وجوعه وخوفه ويمعن في التفاصيل ويمعن في التكرار وهو يكتب عن الإقطاعي ابن الكلب ، ابن جليوي .
لا يتردد الكاتب في استخدام مفردات تسمي الأشياء بأسمائها . يكتبها كما يحكيها الناس في واقعهم فلا يوحي أو يموه في هذا الجانب .
يكتب النعيمي عن الخوف الذي عانى منه في مجتمع إقطاعي كانت القرية وسهولها كلها لشخص واحد والويل لمن يتمرد أو يعتدي على ابن جليوي وممتلكاته وابنه .
أي فقر عاشه خليل النعيمي في طفولته؟
ما عليك إلا أن تقرأ الصفحات ١٢٢و١٢٣و١٢٤ من الطبعة الرابعة الصادرة في العام ٢٠١٠ عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت .
انظروا في المقطع الآتي :" إذن. كل. ولا تأكل. لا تكسر الخبز المكسور. ولا الرقعة من محتواها. ولا تمس التمر بسوء. ولا تقرب النثار. ومع ذلك، لا تظل جائعا "
ويأتي الراوي خليل على زملائه في المدرسة والفرق بين طعامهم وطعامه وعلى طريقة أكله .
" تحلقوا ناظرين إلى خلاء الرقعة الممدودة، على الأرض، قدامي. و رأوا، عجبا ، إلى لوك حنكي اليابسين، قبل أن تنفقيء ضحكاتهم الهمجية: العمى! يأكل هوا ابن العرص! دفعة واحدة، تصيبني العيون والالسن. وبلا انتظار ، يحس الواحد بعد الآخر، منهم، محساتي المرمية بإهمال، على القاع، والعجب يلد العجب: شو تأكل يا ولد!ما معك خبز. ما معك شيء. هذا تمر؟هذا روث يابس. تعال كل معنا. تعال.تعال.يقودني الواحد بعد الآخر. يشممني أكله الطري، الطازج، المطبوخ بلبن البقر والقراص، المعطر بالعطر الجميل.... "
" مرت فترة من الصمت. بعدها، انفجر الضحك عاليا وكثيفا: آه يا ابن القحبة. بطنك مملوء دودا. بطنك مملوء قملا ...." .
غالبا ما توقف القراء والدارسون العرب أمام سيرة محمد شكري " الخبز الحافي " ولا أعرف إن كان الدارسون السوريون أجروا موازنات بين سيرة النعيمي الروائية وسيرة محمد شكري . الموضوع لافت .
لا يتوارى خليل النعيمي وراء شخصية يقص من خلالها عن طفولته . إنه يقص ويصر على أنه يقص عن خليل النعيمي ، ويقص بجرأة كبيرة تجعل من عمله مدار جدي باللغة العربية يذكر بهنري ميللر .
هل شططت؟

3 - خليل النعيمي ونجيب محفوظ :
خطر ببالي إجراء مقارنة بين خليل النعيمي ونجيب محفوظ من حيث أنهما درسا الفلسفة وكتبا الرواية .
كيف انعكست دراسة الفلسفة على نتاج كل منهما الروائي ؟
كتب محفوظ ابتداء الرواية التاريخية ثم الرواية الاجتماعية وفي مرحلة لاحقة ، وتحديدا منذ " أولاد حارتنا " الرواية الفلسفية.
صاغ محفوظ أسئلته الفلسفية في رواياته التي كتبها في ستينيات القرن العشرين ؛ في "اللص والكلاب " و"ميرامار " و"السمان والخريف "و"ميرامار "و"ثرثرة فوق النيل " .
عالج قضايا الوجود وأثار أسئلة البحث عن الذات الإلهية ، وقد استوقف هذا الناقد السوري جورج طرابيشي الذي كتب عن" الله في رحلة نجيب محفوظ " والناقد المصري غالي شكري الذي كتب عن "اللامنتمي في أدب نجيب محفوظ " .
في "القطيعة " لا تثار الأسئلة الفلسفية على لسان شخصيات روائية تمر بتجارب معيشية فتثير اللحظة والموقف السؤال ، وإنما نلحظ النعيمي يلجأ إلى القطع فيثير مؤلفه الضمني الأسئلة أو يعقب على تحربة مر بها الراوي /البطل خليل النعيمي الذي يروي حكايته .
إن تغيير شكل الحرف ليدل على صوت آخر يظهر رأيا أو يعبر عن فلسفة يحيلنا إلى طريقة غسان كنفاني في "ما تبقى لكم " ١٩٦٦ ، حيث لجأ إلى هذا الأسلوب ليوضح للقاريء اختلاف أنا المتكلم ، ففي رواية كنفاني تعدد أصوات ولا يتم الفصل بين صوت وصوت من خلال راو يعلم القاريء بهوية المتكلم ، وهكذا ودفعا للالتباس لجأ كنفاني إلى تغيير شكل الحرف .
أعتقد أن ما يستحق أن يفكر فيه في أثناء دراسة الرواية العربية هو الخلفية الثقافية والتخصصية للكاتب الروائي .
لقد اقترحت على أحد طلابي أن يدرس ظاهرة الشعراء الذين تحولوا إلى كتابة الرواية ، والآن اقترح عليه أن يدرس روايات الأكاديميين الذين أخذوا يكتبون الرواية . كيف تبدو روايات هؤلاء وهؤلاء؟
مرة بدأت أقرأ روايتين لعبدالله العروي عنوان إحداهما "اليتيم " وأظن أن عنوان الثانية "الغربة " ولم أواصل القراءة وإن رجحت السبب وعزوته إلى سوء الترجمة .

4 - خليل النعيمي ويوسف ادريس :
الأطباء الكتاب
خطر ببالي وأنا أقرأ " القطيعة " أن أجري موازنة بينها وبين رواية يوسف ادريس " العيب " ، وذلك لأسباب عديدة أهمها أن كلا الكاتبين درس الطب والتفت إلى الأدب وصار كاتبا .
لا أعرف الكثير عن خليل النعيمي ، فمثلا لا أعرف إن كان هجر عالم الطب وتفرغ للأدب كما فعل يوسف إدريس .
ومن الأسباب أيضا أن كلا الكاتبين له مواقف أيديولوجية تتضح من كتاباته ، فكلاهما يؤمن بأن الأدب يجب أن يصدر عن قضية ، والأدب بلا موقف ولا قضية لا قيمة له .
ومنها أن يوسف إدريس ظل في مصر يكتب عن القاهرة وهموم المواطن المصري ، ويكاد المرء في " العيب " ألا يقرأ شيئا عنه - أعني عن الكاتب نفسه ، فما يقرؤه المرء يتركز على الواقع الاجتماعي المصري ، في حين أن خليل النعيمي ترك سورية وأقام في باربس واختار الجنسية الفرنسية وفي " القطيعة " تحضر الذات حضورا لافتا وإن كان حضورها غير منفصل عن الواقع الاجتماعي السوري والصراع الاجتماعي فيه بين الإقطاع والفقراء والكاتب ولد في أسرة فقيرة معدمة وتفتحت عيناه على الظلم والاستبداد والاستغلال .
كلا الكاتبين كتب عن صراع اجتماعي وكلاهما درس الطب ولكن قاريء الروايتين ؛ " العيب " و" القطيعة " يجد فارقا كبيرا في مستويات عديدة أهمها لغة الكتابة وطريقة تصوير الواقع وتلقي الرواية .
كتب يوسف إدريس بلغة واقعية لا تحفل بالمحسنات البديعية . إنها لغة قريبة من لغة الواقع يقرؤها ويفهمها القاريء العادي بسهولة ويسر ، وأما خليل النعيمي فكتب بلغة تحفل بالإيقاع والمحسنات البديعية وكان الراوي أسيرا للغته واقعا تحت جرس إيقاعها .
تنعكس اللغة على الموضوعين اللاحقين ؛ تصوير الواقع الاجتماعي وتلقي العمل الأدبي .
كان إدريس أوضح في تعبيره وتصويره وتلقيت رواياته تلقيا كبيرا وواسعا ومن فئات اجتماعية عديدة وأعيدت طباعتها مرارا ، وهذا ما لم يحققه النعيمي .

5 - خليل النعيمي والمكان :
تصلح رواية " القطيعة " مثالا يعتمد عليه الناقد لدراسة رواية المكان التي يكتبها كاتب له صلة بالمكان الذي يكتب عنه ، فهي تعزز آراء النقاد الذين يطالبون الكتاب بأن يكتبوا عن بيئة يعرفونها جيدا وأن يتركوا الكتابة عن أماكن صلتهم بها منقطعة أو ضعيفة أو معدومة . لطالما ناقشت هذا الموضوع في كتاباتي النقدية وقد سبب الخوض فيه لي مشاكل كثيرة لدرجة أن قسما من الكتاب كاد يتهمني ، وأنا أكتب عن القدس في الأدب العربي ، بأنني أقف إلى جانب الإسرائيليين ، مع أنني أحلم ، فيما يخص الدولة الصهيونية ، حلم اسحق رابين بخصوص غزة.
والطريف أنني حين أكتب عن القدس أتوقف مليا أمام صورة المدينة في أدبيات اليهود التي كتبت في المنفى وأقول إن ما كتبوه عن القدس التي لم يقتربوا منها كان خارجا من العهد القديم ولا يمت للقدس على أرض الواقع بصلة .
ماذا لو كتبت أنا شخصيا عن المكان الذي يكتب عنه خليل النعيمي وهو المكان الذي ولد فيه وعاش سنوات عمره في ازقته وحاراته ونهره وترابه؟
من المؤكد أنني لن أكتب أي شيء مما كتبه ، ولسوف أكتب عن عالم آخر لا صلة له بالمكان الحقيقي.
في " القطيعة " أنت تقرأ عن المكان وكل ما يمت له بصلة : البشر والتراب والحيوانات والنهر ولغة المكان ولهجة أهله ومفردات البيئة ونباتاتها، تقرأ عن هذا كله وحين تقيسه بما في بيئتك - إن كانت بيئة مختلفة مثل بيئة المدينة أو المخيم أو البيئة الصحراوية - فستجد نفسك أمام عالم آخر تحتاج ، حتى تفهمه وتدرك إبعاده ، إلى جلد وصبر .
هنا تستذكر لامية العرب للشنفرى وما روي عن انتحالها ورد بعض النقاد على مروجي فكرة الانتحال ودحضها : مهما كان خلف الأحمر ضليعا بلغة العرب وبالشعر الجاهلي فلا يمكن أن يكتب قصيدة كهذه ؛ صورها واستعاراتها وتشابيهها وبيئتها ، إلا إذا كان عاش في البادية وعرفها وخبر أسرارها .
في " القطيعة " أنت تقرأ عن بيئة صورها من تمثلها وعرف أسرارها ، ولا أعرف إن كان هناك من النقاد من التفت إلى المكان فيها .
أنصح دارسي الأدب في سوريا أن يلتفتوا إلى هذا الجانب فيها ، ففيها مفردات على غير صعيد أقرأها شخصيا لأول مرة .

6 - خليل النعيمي ومحمد شكري :
ما الذي يبقى من سيرة محمد شكري " الخبز الحافي " في الذاكرة الخداعة ؟
تعد " الخبز الحافي" حتى تاريخ صدورها أجرأ سيرة ذاتية في الأدب العربي ، فمؤلفها لم يخف ولم يوار وكتب عن حياته القريبة من حياة الصعاليك . كتب عن فقره وتشرده وبعض شذوذه ، وكتب عن قضاء ليال بلا مأوى حيث نام في المقابر ، وقد كتب هذا كله بلغة بسيطة سهلة شبه ركيكة لم ترق للروائي الطاهر وطار الذي رأى فيها نقيض ما رآه آخرون .
بكتب خليل النعيمي أيضا عن طفولته وجوعه وفقره وخوفه . يكتب عن التحاقه بالمدرسة التي كانت في الأصل اصطبل خيول ، ويكتب أيضا واصفا مشاعره التي تلم به حين يرى الآخرين يأكلون وهو ينظر إليهم ، ولا تخلو روايته " القطيعة " من مشاهد جنسية ومفردات تلحق بها . هنا يبدو النعيمي جريئا جدا ، ويكون سبق مجموعة من الكتاب والكاتبات الذين حفلت نصوصهم بتعبيرات جنسية ربما خلا منها الأدب العربي الذي كتبه طه حسين والعقاد ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف القعيد ويوسف ادريس وجمال الغيطاني وحنا مينه وغيرهم .
ربما تذكر المرء وهو يقرأ بعض المقاطع روايات كاتبات خليجيات ولبنانيات كتبن في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بجرأة كبيرة . ولسوف يتذكر المرء صبا الحرز " الآخرون " وسلوى النعيمي " برهان العسل " وعلوية صبح "مريم الحكايا " وزينب حفني " ملامح " ووردة عبد الملك " الأوبة " .
في بداية القسم الثاني من الرواية يقرأ المرء أربع صفحات تقريبا يصف فيها أنا المتكلم حالته وهو يتابع شخصا اسمه عمر الأخرش يأكل علب السردين ويتلمظ ويبلع ريقه ، فيم يتوق أنا المتكلم / خليل إلى علبة السردين عله يظفر بها فارغة ليحصل ولو على بقايا زيت منها يدهن به خبزه ، ولكن عمر يرمي على مرأى من خليل العلبة الفارغة في النهر ، فيغتاظ خليل ويكاد الاثنان يتعاركان .
وأنت تقرأ هذه الصفحات تتساءل إن كان هذا حدث ، ولا يزيل حيرتك إلا ما كنت تسمعه عن الفقر أيام السفربرلك حيث بحث الناس عن الشعير في روث الإبل .
إن كنت قرأت بدر شاكر السياب وقصائده الاجتماعية مثل " المومس العمياء " و" حفار القبور " فسوف تتذكرها وأنت تقرأ " القطيعة" ولسوف تتذكر أكثر قصيدة " أنشودة المطر " والسطر الدال فيها " ما مر عام والعراق ليس فيه جوع " وحين تتابع القراءة عن الإقطاعي ابن جليوي الذي يملك كل شيء لدرجة التخمة، في حين يجوع الآخرون ، ستتذكر الغربان في القصيدة ؛ الغربان التي يؤول الخير كله لها .
في القسم الثاني من "القطيعة " تبدأ القراءة عن السياسة والوحدة والمظاهرات وأبوعمار ، ولكن أبو عمار هنا ليس أبو عمار الفلسطيني .
فيما يخص لغة "الخبز الحافي " ولغة "القطيعة " فإن هناك بونا شاسعا بينهما ؛ من لغة الواقع، اللغة البسيطة الخالية من الصنعة والزخرف والسجع والجناس إلى لغة تحفل بهذا كله وتبدو في كثير من مقاطعها خارجة من لغة التراث العربي القديم وتحديدا لغة المقامات والمعري .

7 - خليل النعيمي وصموئيل شمعون "عراقي في باريس " وسلوى النعيمي "برهان العسل" :
لفت خليل النعيمي نظري إلى أن النسخة التي أهداها إلي هي من الطبعة الرابعة الصادرة في العام ٢٠١٠ وأن الرواية كانت صدرت في ثمانينيات القرن الماضي ، وعليه فإن بعض الأحكام التي خلصت إليها نتيجة عدم التفاتي إلى هذا كانت خاطئة ، ما دفعني لأن أعيد النظر فيها وأصوبها .
عدم الالتفات إلى تاريخ صدور الطبعة الأولى والاعتماد على الطبعة الرابعة قد يوقع القاريء بمزيد من الأخطاء ، فإن كان مثلا قرأ " القطيعة "
بعد قراءة سيرة صموئيل شمعون "عراقي في باريس " ٢٠٠٩ ورواية سلوى النعيمي "برهان العسل " ٢٠٠٧ فإنه - أي القاريء - قد يقول إن خليل النعيمي كتب ما كتب مقلدا وأنه في جرأته لم يأت بجديد ، ولكن القاريء ، حين يعرف أن "القطيعة " كتبت قبل" عراقي في باريس " و"برهان العسل " ، سيكون له رأي مغاير ، وسيرى أن صموئيل شمعون وسلوى النعيمي قد يكونان تأثرا في باب الجرأة بخليل النعيمي .
رأى بعض دارسي السيرة الذاتية الروائية في سيرة صموئيل شمعون سيرة ذاتية جريئة ترتقي إلى سيرة ( هنري ميلر ) " مدار الجدي " ، ورأى نقاد آخرون في رواية سلوى النعيمي رواية من أجرأ الروايات العربية في مقاربة موضوع الجنس .
إن مقاربة المحرمات في الرواية العربية كانت تجر على أصحابها ويلات عديدة "الثالوث المحرم ؛ الجنس والسياسة والصراع الطبقي " ، ويقارب خليل النعيمي في "القطيعة " اثنين من هذه المحرمات هما الجنس والصراع الطبقي .
لقد عدت إلى كتابي "عراقي في باريس "و"برهان العسل " لأقرأ بعض صفحاتهما وأقارن ما ورد فيهما بما ورد في "القطيعة " فلاحظت أنهما لم يتجاوزاها في هذا الشأن كثيرا . والسؤال هو : لماذا اشتهرت السيرة والرواية؟
حين تعرفت إلى خليل النعيمي في رام الله وتجادلنا قصصت عليه قصة عكست شغف بعض القراء برواية سلمى النعيمي . كنت في مكتبة شروق في رام الله وجاء شخص يسأل عن "برهان العسل " وروي لي أن قارئا أوصى على نسخة منها من لندن بالبريد المستعجل وكلفته أجرة البريد عشرين دينارا أردنيا - أي ثلاثين دولارا ، وكنت شخصيا حصلت على نسخة منها وأنا في عمان وفرها لي صاحب مكتبة سرا .
لم أقرأ الأعمال الكاملة لخليل النعيمي لأعرف إن كان كتب شيئا عن حياته في باريس ، ولا أعرف إن كانت أية من رواياته نقلت إلى الفرنسية ، ولكني أعرف أن "عراقي في باريس " ترجمت إلى الفرنسية، ومؤلفها الذي عاش أيضا في باريس كتب عن حياته هناك .
لقد أعلمتني لوسيان بترجمة السيرة وقالت لي إنها قرأتها بالفرنسية ، ولوسيان كانت موظفة في المعهد الفرنسي في نابلس قبل أن يغلق .

8 - خليل النعيمي ومظفر النواب و"أولاد القحبة " :
في أثناء قراءة "القطيعة " تستحضر مظفر النواب و" وتريات ليلية "١٩٧٢ و" تل الزعتر "١٩٧٦ .
في شعر مظفر النواب لا يفصل المرء بين الشاعر وأنا المتكلم ، فأنا المتكلم هي الشاعر نفسه ، وحين يصرخ أنا المتكلم في "وتريات ليلية " بعبارات مثل "أولاد القحبة " فإن الشتيمة هنا موجهة من الشاعر إلى الجهة المخاطبة ، والجهة المخاطبة هي الأنظمة العربية .
في لحظة الهزيمة شمل الخطاب المخاطب والمخاطب معا " ما أوسخنا " ويا جمهورا يداوم في الليل في قبو مؤسسة الحزن " و"لا أستثني أحدا " ، وفي لحظات المقاومة استثنى الشاعر " من يحمل البندقية قلبا ويطوي عليها شغافه " .
عبارة "أولاد القحبة " وشتائم أخرى تحضر في "القطيعة " ، ومع أن الرواية رواية سيرية - رواية تروي جانبا من حياة خليل النعيمي الذي يحضر باسمه فيها - إلا أن الشتيمة "أولاد القحبة " ترد معكوسة غالبا ، وغالبا ما يتفوه بها القوي المسيطر يوجهها للفقراء . إن المشتوم في شعر مظفر يغدو الشاتم والشاتم يغدو المشتوم ، فالقوة الحاكمة هي من ترى في الآخرين "أولاد قحبة " ، ولا تشذ الرواية في هذا الجانب عن أدب السجن في الرواية العربية ، فالسجان يوجه أفظع الشتائم وأقساها للسجين .
في لحظات سرد خليل النعيمي عن الإقطاعي ابن جليوي يلجأ خليل إلى الشتيمة ، فابن جليوي غالبا ما ينعت بابن الكلب " ابن جليوي ، ابن الكلب " .
في لحظات هرب خليل وفي أثناء اختفائه في الغار ووقوف الأفعى على مدخله حيث يجبن رجال الدرك عن الدخول بحثا عنه يوجه خليل الشتيمة لهم .
" أخش الغار . ألطأ تحتها حتى يروح التتار . وفعلا تزحف الحية على بطنها . تسد الغار . تقف بالانتظار ! تقف على ذيلها الأرقط ، كالعمود الواقف في البئر . تنتظر الأمر لتكر وتفر . آه ! تعالوا يا أبناء القحبة . تعالوا . صرت أصيح و أصيح ." ٣٣٣ .
لا تخلو الرواية في صفحات كثيرة من الشتيمة ويستطيع المرء مثلا أن يقف أمام الصفحات ١٩٦ حتى ٢١٣ التي خلت خلوا شبه تام بوعي من علامات الترقيم ليقرأ الشتائم النوابية على لسان رجال الشرطة والمحققين ، ولا أريد أن أنقل فقرات ولكني أحيل إلى الصفحتين ٢٠٤ و ٢٠٥ على سبيل المثال .
في سبعينات القرن العشرين أكثرت الكاتبة الفلسطينية سحر خليفة من استخدام مفردات بدت لقراء الأدب مفردات سوقية . في "القطيعة " نقرأ المفردات النوابية وإن على لسان المحقق أو رجل الشرطة أو الإقطاعي ، والكلام يطول وكما قال مظفر : "بعضكم سيقول بذيء، أعطوني واقعا أكثر بذاءة مما نحن فيه .

9 - خليل النعيمي ومحمد الماغوط :
هل ثمة صلة بين عالمي محمد الماغوط وخليل النعيمي ؟
ربما يرى بعض القراء في موازناتي ضربا من التزيد وتحميل رواية " المتعة " أكثر مما تحتمل.
والصحيح أنني لم أتذكر محمد الماغوط وتجربته وبعض أعماله مثل "سأخون وطني " وأنا أقرأ الرواية إلا في صفحاتها الأخيرة ، فالماغوط يكتب بلغة وأسلوب مختلفين كليا عن لغة النعيمي وأسلوبه ، وإن لم تخني الذاكرة فإن رواية الماغوط " الأرجوحة " تبدو أيضا محتلفة ، فما الذي ذكرني بمحمد الماغوط إذن لأوازي بينه وبين النعيمي ؟
لم ينفق الماغوط في السجن سوى أشهر قليلة ، ولكن تجربته فيه حكمت كتابته اللاحقة أكثرها ، فقد ظل الكاتب يستلهم تلك التجربة كلما كتب ، وهكذا حفلت نصوصه بالبحث عن الحرية ومهاجمة القمع والنقد الشديد اللاذع الساخر للأنظمة . كما لو أن الأشهر القليلة التي أنفقها في السجن امتدت لأعوام ، وكما لو أنه كان يخرج من سجن ليدخل إلى سجن ، وكما لو أن السجان القاسي كان يسلمه إلى آخر أقسى ، بعد أن يخرجه من سجن خمسة نجوم إلى سجن أربعة نجوم.
في " القطيعة " يقرأ المرء عن مشاركة خليل النعيمي في المظاهرات التي انفجرت في عام الوحدة تأييدا للوحدة ، ولكنها لم تخل من صدامات بين الشيوعيين والبعثيين ، ومن قتل دموي لبعض الشيوعيين ورموزهم ، وكان خليل النعيمي الشخصية الروائية مشاركا في تلك المظاهرات التي كانت تفرق بالقوة وكان الإقطاع ممثلا في ابن جليوي يسهم في إجهاضها . لقد رأى خليل النعيمي الدم يسيل من الشيوعي يعقوب وبعض من يهتفون ، ورأى في الوقت نفسه قسما من المواطنين يجلسون في المقاهي والمطاعم الفاخرة لا يعنيهم شيء ، ما دفعه لأن يقذف حجره على المكان الفاخر .
" سكان المقهى الزجاجي يخرجون خلفنا نباحا، بعد نباح: اقتلوهم. اقتلوا أولاد القحبة. أمسكوهم. أمسكوا أولاد الحرامية. أولاد سراقي الجزر والباذنجان. ومن بعيد يلمحني اللاموح. يلمحني ويصير يصيح:عجي حمد، يا ناس عجي!عجي بواق الدواب، ابن قطاع الطرق، العجي الزنوة، صار يضرب المشايخ ويكسر القواهي ولا أحد يرده؟ هاتوه، لي .هاتوه حيا أو ميتا، هاتوه: كان صياح ابن جليوي، صياح ابن الكلب، يملأ الآفاق ".
في الصفحة ٢٦٣ تتذكر الماغوط . يتراجع المتظاهرون وتتبعهم السيارة البغيضة تسوقهم بالاتجاه الذي تريد وتلاحقهم وتتبعهم بتصميم و " نكاد نقع على القاع. الخوف انحل في عروقنا إلى سراب .! يكاد يدفع بنا القهر إلى الجنون. ماذا فعلنا غير الهرب والارتكاس؟ وأرجف، برقا:لم تهتز الأرض، هكذا ؟ ... شيء محبط ومريع تملك مني الروح! أنا الآخر أموت؟" .
ظل الماغوط كما ذكرت طيلة عمره يكتب عن القمع والملاحقة والاضطهاد وعالم الرعب ، ويعود خليل النعيمي في ثمانينيات القرن العشرين ليستلهم تجارب مر بها في طفولته وفي العام ١٩٥٨ ، كما لو أنه غير قادر على التخلص مما حفرته أحداث ذلك العام في شخصه .
هل شططت؟ ربما!

10 - خليل النعيمي وعبد الرحمن منيف " القطيعة " و"شرق المتوسط" :
في رواية عبد الرحمن منيف "شرق المتوسط " ١٩٧٥ تقريبا لا تحضر شخصية الأب حضورا قويا لافتا ، وكل ما نعرفه عن والد رجب نعرفه من خلال الزوجة .
تطلب والدة رجب من ابنها أن يكون رجلا وأن يصمد وألا يضعف . تطلب منه أن يحتمل كما تحمل أبوه الذي لم يشك حين وقع وصبر .
تكون الأم ذات حضور لافت في "شرق المتوسط " وعندما تموت ينهار عالم رجب وتسهم أخته في انهياره "لو بقيت أمي على قيد الحياة " لسان حال رجب "لصمدت " .
في "القطيعة" لا نعرف أيضا الكثير عن والد خليل النعيمي ، ولكننا في المقابل نعرف الكثير عن أمه وعلاقته بها، وغالبا ما يتوجه إليها بالنداء:"يا يمة " وتموت الأم في غيابه كما ماتت أم رجب .
تدفن والدة خليل في منطقة تسمى "العالية " ويصير موتها موتين : " عالية ابن جليوي. عالية ابن الكلب. لا.لا أريد أن أراها. أن أراها. " ما يدعو إلى الاستغراب من إحدى معارفه " يا يمة خليل خلاك. يا يمة خليل ما عاد يريدك. يا يمة خليل زعلان.."
لماذا لا يريد خليل زيارة قبر أمه؟ ببساطة لأن قبرها في عالية ابن جليوي الذي يحقد خليل عليه.
وحين تطلب منه قريبته زيارة قبر أمه خوفا من كلام الناس يرد عليها:
" الناس؟ الناس؟ من هم هؤلاء الكلاب الذين سيفرضون علي بعد اليوم فعل أمر لا أرغب بفعله؟ من هم؟ من هم؟ من هم ؟" .
أول ما خرج رجب من السجن ذهب لزيارة قبر أمه . كما لو أنه يريد أن يعاتبها:" لماذا مت؟ ".
تغير رجب بعد موت أمه وتغير أيضا خليل.
" أمك ماتت وهي تهذي بك. تهذي! تهذي وأم ملك الذي هلك، هي الأخرى تهذي، فلتهذ في القبر كما هذت في الصبر. لا ، لم أعد أريد أن..وملأتني بنظرتها الهوجاء: أمك ماتت غما. كانت تعرف أنهم أخذوك " .
كان رجب قد نشط سياسيا وأخذ خليل وهو في الثانوية يشارك في المظاهرات .

11 - خليل النعيمي وغالب هلسة :
كنت كتبت إن رواية " القطيعة " ذكرتني بروايتي الكاتب الأردني غالب هلسة " البكاء على الأطلال " و"الخماسين " فعلام اعتمدت في كتابتي؟
اعتمدت بالدرجة الأولى على الوصف وكتابة التفاصيل وقبل هذا وذاك اعتمدت على أن كلا الروائيين يكتب في روايته عن تجربته الشخصية .
سوف أعود عودة عابرة سريعة إلى بعض ملاحظاتي على روايتي هلسة ، ولسوف ألحظ الآتي:
- يسترجع هلسة في " البكاء على الأطلال " ، بعد سنوات طويلة ، حياته في قريته ماعين ، وستشكل الكتابة عنها حيزا لا باس به ، وإن لم تغط الكتابة الصفحات كلها كما هو الحال لدى النعيمي ، فهلسة يكتب في الوقت نفسه عن حياته في القاهرة ، وهكذا فإن الزمن الكتابي لديه يتقاطع أحيانا مع الزمن الروائي ، وأحيانا ينفصل عنه ولا يتقاطع معه . بعبارة أوضح : يكتب هلسة وهو شاب في القاهرة عن طفولته في ماعين ، ولكنه في الوقت نفسه يكتب أيضا عن حياته شابا في القاهرة ، وفي أثناء كتابته عن حياته في القاهرة تحضر الشخصيات المصرية واللهجة المصرية .
يختلف النعيمي هنا فهو يكتب عن طفولته والعام ١٩٥٨ في بداية ثمانينات القرن العشرين - أي بعد انقضاء ربع قرن وأكثر تقريبا ، وهكذا لا يتقاطع الزمنان الكتابي والروائي في روايته . ولا تحضر أية لهجة إلا لهجة اهل الحسكة السورية وحضورها عموما قليل ، وفي الجانب اللغوي فإن لغة كل منهما مختلفة تماما .
- الانطلاق في الكتابة من منطلق يساري لدى الكاتبين ، وإن بدت الكتابة عن الاختلاف الطبقي واضحة أكثر في كتابة النعيمي . إن تأثر الكاتبين بالفكر اليساري ورؤية العالم من خلاله حكمت كتابة الاثنين . ثمة رؤية للعالم تتكيء على مقولات ماركسية ، ويشير النعيمي إليها ويورد في الهوامش بعضها .
- كلا الكاتبين غادر بلاده ولم يعد إليها . عاد هلسة إلى الأردن التي اختلف مع نظامها جثمانا مسجى ، وفيما عرفت فإن النعيمي يقيم في باريس وعلاقته بالنظام السوري ليست حسنة ، وبعض من قرأ من السوريين كتابتي هنا هاجمه هجوما عنيفا . ولي عودة لاحقا إلى العنوان ودلالاته " القطيعة " .
- يشترك الكاتبان في اتكاء كتابتهما على تجربة مر كل منهما ، كما ذكرت ، بها ولا يتردد كلاهما في ذكر اسمه الصريح . يكتب غالب هلسة في "الخماسين " عن غالب صراحة ، ويكتب في "البكاء على الأطلال " عن خالد وخالد هو في النهاية غالب.
- إن طريقة كتابة كل منهما تتشابه في استلهام الواقع وشخوصه . في إحدى روايتي هلسه "الخماسين " تعبر إحدى النساء صراحة أنها غدت تخشى من علاقتها بغالب لأنه يكتب عن الذين يعرفهم ، ويكتب النعيمي وإن في الهوامش عن شخصيات عرفها وكانت له بها علاقة .
وعموما فإن قراءة تجربة الكاتبين بإمعان ودقة قد تقود إلى نتائج أكثر .

أنجزت في آب 2019
وهي قابلة للزيادة.


أ. د. عادل الاسطة




84943868_1444822972362782_8909222628288364544_n.jpg




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى