لطيفة زهرة المخلوفي - الادب النسوي، تجارب ورهانات... الحلقة الرابعة عشر.

الادب النسوي، تجارب ورهانات
الحلقة الرابعة عشر.


بتاريخ 1973 أصدرت الكاتبة النسوية الراحلة نوال السعداوي كتابها "الرجل والجنس "، والذي أعقب كتاب "المراة والجنس" الصادر سنة 1972.
عمر هذا الكتاب اليوم 48 سنة، ومن المؤكد أن الانتاج الأدبي والفكري في حقل الجنسانية عرف تطورا ملحوظا مقارنة بتاريخ اصدار هذا المؤلف، لكن كل هذا لا يمنع ان للكتاب دور بارز في إنارة عتمة سراديب جنسانية الرجل.
يضم الكتاب عدة محاور حول التربية الذكورية والأسرة الأبوية، وهوس الرجال بعضوهم التناسلي، والرغبة الدائمة في استعراضه ، الاغتصاب والتحرش بالأطفال الصغار ثم في النهاية تقدم الدكتورة نوال اسهامها لحل هذه المشاكل.
توقفت نوال السعداوى في كتابها "الرجل والجنس" بتبصر واتزان عند العديد من تعبيرات جنسانية الرجل في مجتمعاتنا، وهي بذلك سعت إلى تقديم صورة كاملة؛ فالوعي بحقيقة جنسانية النساء يرتبط بالضرورة بنقد تمثلات الفحولة الذكورية.
تؤكد الكاتبة أن الرجال لا يمكن مقارنة أرقهم وخوفهم من الطرد من العمل أو مكابدة الجوع بخوفهم وأرقهم الشديد من فقدان قوتهم الجنسية لأن حدثا من هذا القبيل يفقدهم ذكورتهم، ولعل هوس الرجال بالكمال الجنسي هو ما يفسر التهافت على تعاطي المقويات الجنسية.
إن الجنس كما يصور لنا هو من الموضوعات المحاطة بالضباب والخرافة والخطيئة أو الشعور بالذنب، وكلها مشاعر وتمثلات تفسد بدرجات متفاوتة الحياة الجنسية للرجال والنساء على حد السواء.
إن إشارة السعداوي الى قلة الافراد المتحررين بشكل كلي من الإحساس بالذنب تجاه رغباتهم الجنسية، هو نتيجة طبيعية لبنية اجتماعية تقليدية تستقي قاموس جنسانيتها من مفاهيم العفة والشرف والواجب والتزمت النظري والقيم الزائفة التي سادت مئات السنوات وقوقعت الجنس على خانة الاثم والعيب والعار، وتقيم باستمرار حواجز فصل بين النساء والرجال.
من منطلق هذه القناعة تدافع الدكتورة نوال على أن الفكرة التي قالت بأن الامتناع عن الجنس نوع من السمو الإنساني والأخلاقي، فكرة لم تعد مقبولة علميا أو خلقيا، لأن الإنسان الذي لا يعيش علاقة جنسية سوية ومستقرة ومشبعة يصبح عاجزا عن تبادل الحب أو الصداقة الحقيقية مع الآخرين. بمعنى أخر يصبح عاجزا على أن يصبح إنسانا بالمعنى الاعمق للكلمة.
تستعرض الدكتورة السعداوي في كتابها حادثة تعرفها في سجن القناطر على عدد من النساء العاملات الممتهنات للعمل الجنسي، ومن خلال دراستها حياة بعضهن بشكل مستفيض تصرح لها إحداهن أن أحد الرجال كان يحمل معه في كل زيارة سوطا " كرباج" لتضربه به ضربا مبرحا، وهكذا يمارس معها الجنس بكفاءة عالية وهناك رجال لا يمكنهم ممارسة الجنس إلا بعد ضرب من يمارسون معها ويخشوا أن يفعلوا ذلك مع زوجاتهم لكون هذه الزوجة من طبقة عالية أو لأنه رجل مثقف ويخشى بطلبه الغريب زوجته حتى لا يهبط في مستوى نظرها.
ومنه، تخلص الكاتبة الى أن نضج شخصية الرجل وتخلصه من بقايا كل ما يعيق علاقة جنسية متوازنة وممتعة للشريكين _ وطبعا هي ترسبات ورثها من التربية الاجتماعية المعاقة التي أحاطت بظروف نشأته_ هذا التخلص النهائي سيساعده على بناء ممارسة جنسية حقيقية.
ومن المحاور الهامة ايضا في الكتاب نستدعي محور الرجل والاستعراض الجنسي. وفي هذا السياق تستشهد نوال بحادث عاينته وهي طفلة في العاشرة من عمرها، حيث كانت ترى رجلا يطل من الشرفة المواجهة لبيت أبيها، ولكنه كان يطل عاريا، وكانت النساء عندما تراه بتلك الصورة يقمن على الفور بغلق النوافذ غير ان نوال الطفلة كانت لا تخاف مما يفعله هذا الرجل بل ولا ترى فيه شذوذا فكل الرجال بالعالم يرغبون في استعراض ذكورتهم كل منهم بدرجات متفاوتة وطرق مختلفة. من وحي هذه القصة تقر السعداوي في ثنايا كتابها أن الرجل المصاب بالاستعراضية الجنسية يعاني من فكرة مسلطة تدفعه إلى هذا الفعل رغم إرادته ورغم تعرضه للعقاب أكثر من مرة، وقد يفسر هذا لنا الصدمة التي نشعر بها كنساء عندما نرى رجل يسير بالشارع وهو سعيد بأن عضوه التناسلي في وضع الانتصاب.
إن الاستعراض الجنسي هو الذي يجعل العديد من الرجال مفتولي العضلات يستغربون بل يستهجنون ان تحب او تعجب امرأة جميلة برجل لا يشبههم في المظهر، من منطلق اعتقادهم أنهم اكثر فحولة.








1633524047487.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى