جميلة سعدون - موجة جديدة للنسوية

برزت خلال السنوات الاخيرة موجة جديدة من النضالات همت العنف الجنسي وحق التحكم في الجسد كما ظهرت نظرية إعادة الانتاج الاجتماعي كأداة للنضال المشترك ضد الرأسمالية وكل اشكال الهيمنة
انطلق التأصيل النظري للأسس المادية للهيمنة الذكورية ومفهوم إعادة الانتاج مع سيلفيا فدريسي وليز فوجيل و تيتهي بتشاريا وسينيزيا أروزا ونانسي فرايزر ..
اعتبرت سيلفيا فيدريسي العمل المنزلي والعلاقات الحميمية , جزء من الانتاج الرأسمالي. حددته , في المهام الاسرية المجانية التي تقوم بها النساء : رعاية الأطفال والمسنين , العلاقات الحميمية , الانجاب وتحضير الاكل , غسل الملابس والاواني ....كأنشطة غير معترف بها داخل النظام الرأسمالي
اما بتشاريا فأكدت تجاوز أنشطة إعادة الانتاج الاجتماعي رقعة البيت , معتمدة العدة المفاهيمية لماركس و فهم العمل المنزلي كعمل ذا وظيفة مركزية داخل الاقتصاد الرأسمالي بطرح السؤال المفصلي من ينتج العمال؟ متجاوزة العدة التقليدية التي تمنح العمال دورا حصريا في الانتاج داخل نمط الانتاج القائم .
فإذا كان العمال والعاملات من ينتج فائض القيمة فإن عمل إعادة الانتاج هو الضامن الاساسي لإنتاج وإعادة إنتاج العمال والعاملات من خلال الانجاب وتربية الاطفال و صيانة البيت و إعداد الطعام وتوفير الراحة النفسية والجسدية للزوج ومنح الحب واحترام العلاقات الحميمية كلها مهام تدخل في دائرة اعادة الانتاج , موكولة للنساء كأساس مادي للهيمنة الذكورية وكمهام مركزية داخل المجتمعات الرأسمالية
عمل إعادة الانتاج هذا يتمتع بدور مزدوج فهو من يوفر اليد العاملة القادرة على انتاج فائض القيمة بإنجاب اجيال جديدة من الطبقة العاملة ,و هو أيضا من يوفر تجديد قوة العمل بالرعاية اليومية للأسرة والازواج
في نفس السياق تضيف بتشاريا ان التفكير في الانتاج وإعادة الانتاج لا يمكن اختزاله في الاسرة بل مساحات اخرى تقوم بهذه المهام من بينها المطاعم والحضانات والمستشفيات والمدارس
في جانب اخر تقف ليز فوجيل على التناقض بين انتاج فائض القيمة و إنتاج قوة العمل فالعمل بدائرة إعادة الانتاج لاينتج بشكل مباشر فائض القيمة لكنه ضروري للعمل المأجور المنتج الوحيد لهذه القيمة بشكل مباشر كما تقف على الاسباب التي تجعل الرأسمالية عبر مختلف مراحلها تسعى لتبخيس عمل اعادة الانتاج معتمدة على النساء و الدولة و الهجرة
فعمل إعادة الانتاج عمل ينجز داخل الاسرة من طرف النساء سواء كانت المرأة ربة بيت او أجيرة تنجزه دون مقابل قد يتم التعويض عليه بشكل غير مباشر ويمكن أيضا تخليص الاسرة في جزء منه باعتماد الدولة قطاعات الخدمة العمومية الاقل كلفة وهو ما عرفته الثلاثون سنة المجيدة و يمكن اللجوء الى المهاجرين /ات لتخليص نساء البلدن الاستعمارية منه واعفاء هذه البلدان كبلدان مستقبلة من كلفة انتاج العمال والعاملات وهو ما تمت ملاحظته مع توسع وانتشار قطاع الخدمات ولجوء الرأسمالية للاستثمار في قطاع إعادة الانتاج خلال السنوات الاخيرة
البدائل :
لا يكفي النضال داخل قطاع لوحده من القطاعات التقليدية بل يجب تمفصله بالعمل في مختلف قطاعات دائرة إعادة الانتاج وداخل الاسرة والقطاعات الهشة والخدمات العمومية المتهاوية ودمج المطالب ذات الصبغة النقابية بالمطالب النسوية الصرفة
على الحركة النسائية التفكير في برامج نضالية وإضرابات نسوية منتظمة لإخراج يوم إضراب 08 من مارس من تقيده الروتيني لخلق حركة نسائية قادرة على التأثير داخل الحركة العمالية
تبرز هذه النظرية أهمية عمل نساء الفئات الشعبية والشغيلة الخاضعة للعنصرية في إنجاز العمل داخل دائرة إعادة الانتاج كما تطرح علينا الاخذ بالاعتبار مطالب مناهضة للعنصرية وللهيمنة الذكورية
نعيش اليوم ازمة بيئية غير مسبوقة لا تهتم الرأسمالية بنتائجها وما يفرض هذا من تعبئة لدمجه كبعد داخل النضال النسوي
تجدد قوة العمل كل يوم وعلى مدى الحياة بعد استهلاكها داخل منظومة الانتاج .,تجدد من خلال اعمال إعادة الانتاج : الانجاب وكل ما يسمح بتجديد صفوف الطبقة العاملة و العمل المنزلي وما يتيح من وظائف مجانية داخل الاسرة و الاجر الممنوح مقابل العمل الذي يسمح باقتناء الحاجيات الضرورية والاستمرار في الحياة
الانجاب والعمل المنزلي وأعمال الرعاية جزء من عملية الانتاج الرأسمالي وهي اعمال أوكلت بالأساس للنساء وفق بناء اجتماعي خاضع لمنظومة جعلته من المهام والوظائف المعتمة والتطبيع معها لتبقى كذلك
يسمح العمل المنزلي واعمال الرعاية للعامل والعاملة بالذهاب الى المعمل بقوة عمل جديدة
ترتكز البطريركية والرأسمالية على الهيمنة وتدمير الطبيعة فنتائج التحولات المناخية تقع على النساء بالدرجة الاولى كما ينمي العمل المنزلي ثروات المجتمع
يعتبر تسليط الضوء أحد مهام الحركة النسائية لإماطة اللثام على دور هذه الوظائف داخل عملية الانتاج ونصيبها من حصيلة فائض القيمة


جميلة سعدون



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى