لطيفة زهرة المخلوفي - الأدب النسوي، تجارب ورهانات.. الحلقة الخامسة عشر

الحلقة الخامسة عشر

تخلد مصر اليوم الوطني للمرأة المصرية، والذي يصادف 16 مارس، استلهاما لتاريخ يحمل ذكرى كفاح النساء ضد الاستعمار ونضالهن من أجل الاستقلال، حيث تظاهرت بتاريخ 16 مارس 1919 أكثر من 300 سيدة رافعات أعلام الهلال والصليب كرمز للوحدة الوطنية ومنددين بالاحتلال البريطاني والاستعمار.
وفي ذات اليوم سنة 2019 عبرت "نظرة للدراسات النسوية" عن تخليدها لرمزية الحدث، من خلال اصدار ورقة بحثية بعنوان "لماذا أصبحنا نسويات؟".
هدفت الورقة الى تسليط الضوء على الجانب الشخصي من حيوات وتجارب النسويات اللاتي انخرطن في الحراك الشعبي في مصر، رغم أن النشاط النسوي لبعضهن يعود إلى ما قبل حراك يناير 2011.
تتقصى ورقة "لماذا أصبحنا نسويات؟" الأسباب والعوامل والسياقات التي أدت بالنتيجة إلى تشكل ذلك "الوعي النسوي" عندهن، واختيارهن بشكل واع الانخراط في العمل والسعي نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للنساء بأشكال وأدوات مختلفة كترجمة لذلك الوعي.
وينطلق البحث أيضا من اعتبار "الشخصي هو العام"، والذي يعد من أهم مبادئ شعار الشخصي سياسي.
إضافة الى هذا يستعرض ويحلل البحث تجارب وحكايات هؤلاء النسويات للكشف عن القواسم والعوامل والسياقات المشتركة التي ساهمت في تعزيز هذا الوعي والإدراك النسوي لديهن، واختيارهن لهذا النهج مع الاحتفاظ بخصوصية تجاربهن المختلفة.
ومن الملاحظات الهامة، هو سعي هذه التجربة البحثية الى توثيق كل تلك الحكايات كفعل نسوي، فمن الضروري الاهتمام بتجارب وحيوات النساء اللاتي وضعن على عاتقهن مسيرة النسوية والسعي نحو تغيير أوضاع النساء رغم التحديات والصعوبات والإحباطات التي تواجههن على الصعيد الشخصي والعام.
وهذا باستحضار كون جميع المكتسبات التي حصلت عليها النساء تاريخيا، لم تكن عطايا أو هبات، بل هي نتاج تراكمي لنضالات ومقاومة النساء من مختلف مواقعهن الاجتماعية.
انصافا لهذا التاريخ من الكفاح يضيء هذا البحث عتمة قصص وحكايات وتجارب النساء الخاصة في مسيرتهن كنسويات، ليبرز أصواتهن الداخلية ومشاعرهن وأفكارهن ومراجعاتهن الذاتية في رحلة استكشافهن لوعيهن واختياراتهن النسوية.
وخدمة لهذه الغاية، يطغى السرد بتلقائية وعفوية كما هو حال تجربة المقابلات.
راهن البحث على جعل كل هذه الحكايات مصدر إلهام لنساء أخريات، قد يعثرن في طياتها على إجابات على بعض التساؤلات، وقد تساعد في تخفيف وطأة الوصم والتنميط والتمييز الذي تتعرض له النسويات على مستوى المحيط العائلي والمجتمعي والمؤسسي، وذلك للتأكيد على أن ما يحدث من ظلم وتمييز وعنف للنساء في المجال العام والخاص على حد السواء، لا يمكن فصله لأن بنى القهر تغذي بعضها البعض لتضمن ديمومة القهر والاستعباد، ومنه ففرضية وجود خط فاصل حاسم بين المجال الخاص والعام وهم بقوة الواقع، لأن مآسي النساء اليومية ليست شأن خاص بل هي نتاج لغياب عدالة اجتماعية وسيادة نمط انتاج اقتصادي قاهر ومستلب يخلق باستمرار قيم تواجده.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى