جميلة سعدون - ما هي البطريركية؟

تتنوع أشكال الاضطهاد بحسب التاريخ والجغرافيا، كل موقع وكل مرحلة تاريخية تطبعها أشكال محددة تختلف في الشكل لكن الجوهر قائم
اضطهاد النساء نظام قديم، سابق عن النظام الرأسمالي، اضطهاد يمارسه الرجال على النساء في ظل الهيمنة الذكورية، نظام يعيد نفسه وفق سيرورة إعادة الإنتاج من خلال التنشئة الاجتماعية، واللغة والثقافة والقوالب النمطية والدين بعيدا عن التفسيرات الفيزيولوجية والنفسية، فالنظام الابوي نظام سلطة يتمتع بدينامية تمكنه من إعادة نفسه، وضمان استمراره ومقاومة أي تحول لجوهر السيادة الذكورية
إن الحديث عن الهيمنة الذكورية لا يعني تجميع أشكال التمييز فقط، فالهيمنة نظام متجانس لتنميط الحياة الفردية والجماعية، استغلال مضاعف للنساء داخل أماكن العمل، أجور منتقصة وساعات عمل أطول
بالإضافة الى هذا وذاك وفي إطار التقسيم الجنسي للعمل تقوم النساء بالعمل المنزلي واعمال الرعاية، ساعات عمل غير مرئية تحسب في’’ لا عمل’’، يسيجها المجال الخاص بعيدا عن التكامل المروج له من قبل لأيديولوجية المحافظة لتعزيز تراتبية مقيتة، وتقسيم جنسي بين أنشطة نسوية مبخسة، وأخرى ذكورية مصنفة معياريا
الهيمنة الذكورية ، نظام شامل لتغييب الحقوق ،فإذا استطاعت نساء الغرب انتزاع بعض المكاسب نتيجة توسع الرأسمالية ونضالات الحركة النسائية ،فنساء الجنوب في غياب شامل عن كل هذا ، خاصة النساء اللواتي يعشن داخل مجتمعات ،يحتكر فيها الدين مناحي الحياة ، زد على ذلك فالهيمنة الذكورية عنف مستمر ، عنف مادي يمارسه الزوج و الابن و الأخ ، اغتصاب وتشويه للأعضاء الجنسية ، حرق للجسد وإزهاق للارواح ... عنف معنوي و نفسي ، إهانة واحتقار يعززه الخطاب الشفاهي والمكتوب اعتمادا على الاساطير والموروث الثقافي
هذه البيئة من الإهانة والاحتقار يتعزز داخلها تبعية النساء للرجال وتتكرس من خلالها الهيمنة الذكورية ، بإعادة إنتاج علاقات الهيمنة وتمرير الخطاب الداعم لها واستبطان هذه العلاقات كمعطى طبيعي لا يمكن تغييره ،خطاب مؤدلج يعرف كيف يوجه سهامه وأين يوجهها ، خطاب لا يوجه للنساء فقط بل لكل الفئات المضطهدة ، فالكسل خاصية وراثية للسود وإدمان الخمر خاصية العمال ، والمرض النفسي خاصية الأقليات الجنسية .....




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى