أمل الكردفاني - الرهائن.. مسرح العبث

مقدمة:
ها أنا أعود للمسرح العبثي، أو اياً كانت تسميته، وبغض النظر عن خلفيته الفلسفية، فهو يمكن أن يكون أي شيء، وسأقبله بأي صورة كان، وسأهيم به في الليالي الحالكة. أعود إليه، وكالعادة بلا تخطيط مسبق، ليمثل روحه كحالة رفض ونقد للفوضى عبر الفوضى..ككشاف، يعبر الذات ويربطها بما حولها ويفصلها عما حولها أيضاً..

لا تخطيط لهذه المسرحية العبثية، فقط ملامح غائمة لربع فكرة تافهة تعبِّر عن التفاهة المختبئة خلف الأكذوبة الإنسانية..
المسرح: لا يهم أن يكون محدداً بالنسبة لي؛ فالسينوغرافياً (عموماً) تبعدني عن العبثية. ولأمِل إلى تغريبية بريخيتية ولكن بمفهوم ثقافي. إذ تمثل الأسماء والتناصات مأزقاً أمام اللا جدوى التي يجدر بأن يعكسها هذا النوع من المسرح.
وبدون (رغي) كثير فلندلف إلى التداعيات، وسوف أختار اسم المسرحية بعد الانتهاء منها..وسوف يكون كلاسيكياً على ما أعتقد..

(رجلان يعلِّقان حقائب مدرسية على ظهرهما) فلنطلق على الأول كراخ، والثاني راخ.. أو يمكن ان تختار لهما أنت كقارئ الاسم الذي يناسب ثقافتك).
(كراخ أربعيني أصلع الرأس ممتلئ الجثة، أسود البشرة، بقميص كاروهات وحذاء قديم مرقع. راخ أقل سمنة من كراخ، وقميصه محشو داخل بنطال رمادي وينتعل شبشب حمام أبيض على مقدمته بطة برتقالية من الخيط).

كراخ: متى سيصل الباص.. لقد انتظرنا طويلاً..
راخ: ليس كثيراً..
كراخ: ثلاث ساعات؟!..
راخ: أقصد سيأتي بعد قليل..
كراخ: هل أنت متأكد؟
راخ: أنتظره هنا يومياً..
كراخ: وأنا كذلك..
راخ: أنت تأتِ متأخراً كعادتك..
كراخ: إنني دائماً على عجلة من أمري..
راخ: لماذا؟
كراخ: لا أدري..
راخ: الشعب كله على عجلة من أمره..ما عداي..
كراخ: لا يوجد مبرر للعجلة أليس كذلك؟
راخ: لا.. لا يوجد مبرر لها..
كراخ: كل السبل مفتوحة للموت أكثر من الحياة..إن اسوأ ما تعيشه هو أن تنظر لنفسك في المرآة وتتأكد بأن كل عضو فيك بات يعمل بنصف طاقته ؛ وأن وجهك كقناع بلاستيكي أمام لهب النار..ينصهر باصماً بالتجاعيد يوما بعد يوم...وبعد كل هذا: أنت أربعيني..لا تملك شيئا في كل هذا العالم الموبوء سوى ألف دولار...لا منزل .. لا زوجة ولا أولاد.. ولكن أوراق عليها صورة شخص لا يبتسم حتى ولو على سبيل المجاملة...وهي فوق هذا لا تكفي لتأمين بضعة أشهر للأمام...
راخ: نستطيع أن نعيش كما يجب..
كراخ: كيف؟
راخ: لا أدري..
(صمت)..
راخ: حياتنا في المدينة هي الكارثة..إن رائحتها تزكم الأنوف..
كراخ: والبعوض..البعوض يلسع بحقد..
راخ: أشياء كثيرة..لا أريد أن أبدو كثرثار..هذا كل ما في الأمر..
كراخ: سمعت بأن هذا هو فصل الشتاء..
راخ: سمعنا شائعات كثيرة من هذا القبيل..
(يقهقهان)
(يبتعد راخ إلى يسار المسرح يعطس ثلاث عطسات ويتمخط)
راخ: آسف..
كراخ: لا عليك..
راخ: الجيوب الأنفية..
كراخ: الجيوب الوحيدة التي تمتلئ..
(يقهقهان)..
راخ: إنها تلتهب..
كراخ: مؤسف..
راخ: اعتدت عليها..
كراخ: نعتاد كل الأشياء بسرعة حتى الألم..
راخ: هذا صحيح..يجب أن أضحي من أجل أبنائي..
كراخ: من الجيد أن تتحمل مسؤوليات آخرين..
راخ: ربما.. لا أعرف حقاً..لقد عشت بشكل نمطي..
كراخ: هذا ما أرفضه.. وربما هذا هو سبب فشلي..
راخ: لا أعتقد.. إن الفشل شعور أكثر منه حقيقة واقعية..
كراخ: فشلت كرسام.. زميلي الذي كان يرسب أصبح رساماً شهيراً في غمضة عين..إنني أحسده.. لوحة واحدة له تباع بمائة ألف دولار..
(صمت)
راخ: ألا تبدو مندفعاً قليلاً..
كراخ: (يصرخ) لأنني أريد أن أعيش الحياة كما يجب..أليس هذا من حقي؟
راخ: نعم نعم..رغم أنني لم أفهم.. ماذا تقصد ب:كما يجب..
كراخ: (بحيرة) لا أعرف.. ربما أي أن أشعر بأنني أعيش كزميلي نصف الرسام هذا والذي أصبح شهيراً..
راخ: أها..
(صمت)
كراخ: متى سيأتي الباص؟
(صمت)
راخ: قلت بأنه يبيع اللوحة الواحدة بمائة ألف دولار؟!
كراخ: (بتردد) في الواقع.. في الواقع..لقد..لقد باع البارحة لوحة بمليون دولار.. (يصرخ) هل تصدق ذلك؟
راخ: إنها لوحة عظيمة ولا شك..
كراخ: أقسم لك بأنها مجرد هرطقات.. تفاهة..تفاهة..قمامة..
راخ: ولكن كيف؟
كراخ: زوجته نافذة.. فتحت له أبواب المعارض الدولية وصالونات الأثرياء..
راخ: كل شيء يعود إلى النفوذ إذاً؟
كراخ: ربما..
راخ: إذاً لا مبرر لتحسده..إنها مسألة حظ أو صدفة لا أكثر..
كراخ: أشعر بالتعب..
راخ: لو استطعت امتلاك مليون دولار فستتمكن من بيع لوحاتك بملايين الدولارات..النقود تلد النقود..
كراخ: ربما..
راخ: عملت محاسباً منذ عشرين عاماً..أمسكت رزم المال التي لا أملكها بيديَّ وحافظت عليها أكثر من أموالي القليلة.. وأفهم روح المال..هل تعلم أن للمال روحاً؟
كراخ: حقاً؟!
راخ: بالتأكيد..إنه أشبه بالقَدر..يُحيي ويُميت..
كراخ: هذا مخيف..
راخ: صحيح..
(صمت)
راخ: ماذا لو تمكنتَ من جعل زميلك يرسم لك لوحة موقعة باسمه وتبيعها لتحصل على بعض المال..
كراخ: (يقهقه) لن يفعل..
راخ: ألا يساعدك؟..
كراخ: لا لن يفعل..
راخ: جرب ذلك..
كراخ: متأكد مما أقول..
راخ: إذا اجبره على ذلك..
كراخ: كيف؟
راخ: هدده..
كراخ: سأدخل السجن..
راخ: أنت مسجون مسبقاً..
كراخ: أخاف..
(صمت)
راخ: ماذا.. ماذا لو ساعدتك..هل ستمنحني ثلث مبلغ بيع اللوحة؟
كراخ: أضمن لك هذا..
راخ: إذاً..فلنتصافح..
...
-٢-
على المسرح الخالي رجل (هو زميل كراخ الرسام)، وزوجته، وابنه البالغ سبعة عشر عاماً.. يجلسون على الأرض، يبدو أنهم يتابعون التلفزيون، ولكن لا يوجد تلفزيون، ويبدو أن الولد يقرمش شيبسي يحمله بيده اليمني، ولكن ليس بيده أي شيء..
الزوجة- عيد زواجنا الثامن عشر..
الزوج- (لا يعلق بل يركز على المشاهدة).
الزوجة- هل لا زلت تحبني؟
الزوج- (يلتفت إليها ويشير إلى الولد براسه ثم يعود لمشاهدة التلفاز المتخيل)..
الزوجة- لن نخجل من الولد..أليس كذلك؟
الزوج- بالتأكيد لا.. لكن دعيني فقط أكمل هذا الفيلم إنه عن رسام فاشل لكنه في الواقع يوحي لي بأفكار عظيمة..
الزوجة- إن كل شيء يوحي لك ما عدا أنا..
الزوج- كيف ذلك يا عزيزتي .. أنتِ مصدر إلهامي الأول..
الزوجة- ولماذا لم تفكر في رسم بورتريه واحد لي..
الزوج: (التفت إليها بملامح جادة) لأنني أغار عليك.. لن أعرضك على الكافة..
الزوجة: حقاً؟
الزوج: حقاً..
الولد: إنك لم ترسم منذ سنوات يا أبي..
الزوج: لا.. لم أفعل.. لأنني أفكر في الرسمة الخاتمة.. مشروعي الوجودي العظيم..
يدخل كراخ وراخ متلصصين..
كراخ: (يهدد بمسدس غير موجود بيده) لا أحد يتحرك
الزوج: كراخ؟
كراخ: الزميل؟
الزوج: ماذا تفعل هنا..ومن هذا الذي معك..ولماذا تشهر مسدسك في وجوهنا؟
راخ: عليك ان تقفل فمك أيها الزميل الجحود.. إنك لم تفكر حتى في دعوته لمعارضك الفنية..
الزوج: كنا زملاء ولم نكن أصدقاء؟
كراخ: زميل.. أرجوك لا تضطرني لاستخدام العنف..
الزوج: ماذا تريد؟.. هل تريد مالاً؟
كراخ: لا.. لستُ لصاً..
الزوج: وإذاً؟
كراخ: أريدك أن ترسم لي رسمة وتوقعها وتمنحني إياها بلا مقابل.. هذا كل ما أطلبه..
الزوج: أنت تطلب المستحيل..هل تعرف كم سعر توقيعي على مجرد بصقتي على ورق التواليت؟
كراخ: ليس كثيراً على رجل محطم مثلي.. إنك ستغير مستقبلي.. أنت تعرف أنني كنت متفوقاً عليك في الرسم..
الزوج: (يضحك بتهكم) وها أنا أرى الدليل أمامي..
كراخ: (يصيح) خدمك الحظ..
الزوج: حاسد..
كراخ: (يهم بالبكاء) لست حسوداً..لقد ظلمني القدر ولم ينصفني..
الزوج: لم يظلمك أيها الحقود.. بل أعطاك ما يكافئ قدراتك الضعيفة..وقلبك الأسود..
كراخ: سأقتلك..
الزوج: افعل وسأنال أنا المجد النهائي وستنال أنت حبل المشنقة..
كراخ: أيها..
راخ: توقف يا كراخ..لا تقتله..(يزيح يده الممسكة بالمسدس المتخيل عن وجه الزميل).. لستَ بحاجة لقتله.. وما دام مصراً على عدم التعاون.. فلنقم بإذلاله.. سنذله أمام زوجته والغلام..
الزوج: ماذا ستفعل..
راخ: سنغتصب زوجتك..وأمامك..
الزوج: حسنٌ.. افعل ذلك.
الزوجة: ماذا تقول؟
الزوج: أقول له افعل ذلك؟
الزوجة: يا إلهي.. هل انت جاد..
الزوج: كل الجدية..
الزوجة: يا لك من خنزير..
الزوج: وما المشكلة في ذلك يا عزيزتي.. هل من الضروري أن يرتدي هذا الصعلوك بذة عسكرية لتنامي معه..
الزوجة: (بجزع) آه..
الزوج: هل كنتِ تعتقدين بأنني لم أكن أعلم.. كل هذا المنزل محاط بالكاميرات من الداخل والخارج.. منذ سنوات زوجانا الاولى وأنا اشاهد أفلامكما من غرفة المراقبة العلوية.. إنكِ لم تتمكني من التوقف عن العهر حتى في أسبوعنا الأول بعد عودتنا من شهر العسل..
الزوجة: أنت كاذب..
الزوج: هل هذه الفيديوهات تكذب (يمد بهاتفه المحمول أمام وجهها فتبكي بألم)..
الزوجة: ولماذا صبرت كل هذه السنوات؟..لماذا لم تطلقني ما دمت تكرهني كل هذا الكره؟..
الزوج: تعرفين لماذا..
الزوجة: من أجل الشهرة والمجد.. لن تتخلى عن الدجاجة التي تبيض لك ذهباً..
الزوج: علاقاتك الواسعة بسبب عهرك خدمتني كثيراً.. لولاها لكنت مثل كراخ الصعلوك هذا..(يشير بأصبعه إلى كراخ)..
راخ: يبدو أن خطتنا تبوء بالفشل يا عزيزي..
كراخ: يبدو ذلك.. إن كاتب هذه المسرحية سخيف جداً..
راخ: فلنطلب منه تحسين موقفنا قليلاً..
كراخ: فلنفعل ذلك..
(راخ وكراخ بصوت): حسِّن موقفنا ايها الكاتب التافه..
راخ: هل يجب علينا أن نشتمه؟
كراخ: لا أعرف.. عليه أن يعرف جدية موقفنا..
راخ: حسنٌ
راخ وكراخ: (حسِّن موقفنا في مسرحيتك التافهة أيها المؤلف التافه)..
كراخ: والآن..هل سيتحسن موقفنا؟..
راخ: يا إلهي.. يبدو أن موقفنا سيتحسن بالفعل.. فقد واتتني فكرة..(يتوجه نحو الزميل) والآن أيها الزوج الخنزير والزميل الجحود.. لقد غيرنا رأينا.. سوف لن نغتصب زوجتك..
الزوج: وماذا ستفعلان؟
راخ: سنغتصب ابنك..
الولد: (بفرح) حقاً؟
كراخ: (بتردد) وما الذي يجعلك تبتسم..
الولد: أرجوك يا أبي لا تستسلم لهما.. ساضحي من أجل الفن الخالد..
الزوج: إن ابني مثلي..
كراخ: ماذا؟
الزوج: كما أقول لكما..يمكنكما ان تغتصباه إذا شئتما..
راخ: (يهمس) هذا المؤلف الملعون يورطنا شيئاً فشيئاً..
كراخ: وكيف تقبل بذلك يا زميل..
الزوج: أنت لا تفهم شيئاً.. هل تعتقد بأنني استطيع منعه..
كراخ: قانوننا يمنع المثلية..
الزوج: المسألة لا تتعلق بالقانون.. فالقانون يمنع الفساد ويمنع شراء اصوات الناخبين..لكن كل شيء يحدث رغم ذلك..(بألم) أنا محكوم بالمؤسسات التي تمول أعمالي الفنية.. إنهم يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة في حياتي.. علي أن أتنازل عن كل مفاهيمي وثقافة مجتمعي وما تربيت عليه لكي أملك فرصة الصعود.. ومن يدخل عش الدبابير لا يمكن أن يخرج منه بسلام بعد ذلك..
كراخ: يا إلهي..
الزوج: هل تعرف الآن أن القدر لم يظلمك.. لقد عشتَ حراً أما أنا فعشت عبداً..
كراخ: ولكن يا زميل.. هذه ما كانت لتكون حياة أبداً..
الزوج: أنت تعلم أكثر من أي أحد آخر بأنني ما كنت لأنجح كرسام لولا مساعدتهم.. فأنا افتقر للموهبة وللخيال.. وفجأة أصبحت كل تلك القمامة التي أرسمها تباع بالملايين.. إنهم يجيدون التسويق للبلهاء.. يجيدون السيطرة على مشاعر البشر وتوجيهها كما يحلو لهم.. ويستطيعون تدمير أكثر الناس موهبة وذكاءً..
كراخ: لا أصدق كل هذا الهراء..
راخ: عليك أن تصدقه.. إنني شخصياً أصدق كل حرف قاله..
الزوج: (يصرخ) لكنني لم أعد أتحمل.. لم أعد أتحمل..
كراخ: هوِّن عليك يا زميل..هوِّن عليك.. إنني آسف لما بدر مني.. لم أكن أعلم بكل تلك الحقائق البشعة.. سنغادر الآن..
الزوج: لا.. لا تعتذر.. لقد أيقظتني من إنسياقي وراء الزيف.. وسوف أكافؤكما على ذلك..
(يتحرك إلى يمين المسرح ثم يعود وكانما يحمل حامل لوحة الرسم ثم يضعه على الأرض- لا يوجد في الواقع أي حامل رسم).
الزوج: هل تريان..هذه الورقة البيضاء على ستاند الرسم؟
(يهز راخ وكراخ رأسيهما إيجاباً)
الزوج: ساوقع عليها اسمي.. هة..ها هو..
كراخ: وماذا سترسم عليها؟
الزوج: سترى الآن..
(يضع راسه على اللوحة المتخيلة ويخرج مسدساً متخيلاً ويطلق النار على رأسه ثم يخر ميتاً تحت حامل الرسم فتصرخ الزوجة والولد)..
كراخ: (بفزع) اللعنة .. لقد انتحر..
راخ: وتناثرت دماء جمجمته على الورقة... سنحصل على ملايين الدولارات من هذه الهدية القيمة..إنها مشروعه الوجودي الأخير.. تخيل بكم سنبيعها..
كراخ: بل سيتم شنقنا إذا وجدوا آثارنا مع الجثة..
راخ: صدقت.. علينا أن نهرب..
الزوجة: لن تفعلا..
(كراخ وراخ بصوت واحد): ماذا؟
الزوجة: (تحمل مسدس زوجها وتطلق عليهما النار فيسقطان صريعين)..
الولد: (يصرخ) ماما..
الزوجة: اسكت.. إنه دفاع عن النفس ضد مجرمين قتلا أباك..
الولد: ولكن..ولكن لماذا؟
الزوجة: هذه اللوحة أيها الغبي.. إنها بملايين الدولارات.. وستكون لي أنا وحدي..
الولد: وأنا..
الزوجة: أنت ولدي..
الولد: لقد قتلتِ أبي.. هل نسيتِ.. هل نسيت أن المنزل ملغم بأكمله بكميرات المراقبة.. سيقبضون عليك ويقتلونك وسأحصل أنا على الملايين واهرب مع حبيبي من هذا المكان القبيح..
الزوجة: إنه ليس والدك وأنت لن تفعل ذلك..
الولد: انتهى الأمر سأتصل بالبوليس..
الزوجة: إذاً سأقتلك..
(ينقض الولد على أمه ويطرحها ارضاً ثم يستخلص المسدس الوهمي من يدها ويطلق عليها النار، قبل أن يضع المسدس في يد راخ)..
الولد: سأتصل بحبيبي..
(يخرج هاتفه المحمول)
الولد: حبيبي...تعال فوراً..
(يدخل على الفور ومن يسار المسرح رجل طويل القامة في الثلاثين من عمره، كث اللحية وفوق راسه قبعة قوقازية ذات أذنين متدليتين، يرتدي معطفاً قديماً وينتعل حذاء مرقعاً ومتسخاً. يدخل وهو يسير ببطء)..
الولد: حبيبي.. سنصبح مليونيرات.. ليس عليك أن تتسول في الطرقات بعد اليوم.. ستتزوجني ونرحل بعيداً.. تعال لأحكي لك القصة..
(يعتم المسرح ويضيء بسرعة)
المتسول: إنها قصة عجيبة بالفعل..
الولد: لقد عرفتُ بأنه ليس أبي منذ وقت طويل..
المتسول: وكيف عرفت؟
الولد: كانت تتحدث إلى عشيقها ضابط البحرية بالهاتف..
المتسول: المشكلة أن الشرطة ستجد أفلام كميرات المراقبة وستعرف كل شيء..كوول شيء..
الولد: لا تخف (يخرج كيساً من جيبه)..إنها معي..
المتسول: هذا جيد..
الولد: عليك أن تستحم اليوم إن رائحتك لم تعد تطاق يا حبيبي..
المتسول: حسنٌ.. يمكنك أن تسبقني إلى الطابق العلوي إذا شئت..
الولد: بالتأكيد.. ولكن لا تلمس شيئاً..
(يخرج الولد من يمين المسرح)..
(يهرع المتسول ويبحث في جيب الزوجة ويخرج هاتفها المحمول)
المتسول: (مقلداً صوت أنثى) إن ابني أصيب بالجنون لقد قتل والده ويريد أن يقتلني..اسرعوا يا شرطة..اسرع يا بوليس..
(يغلق الهاتف وينزع الورقة المتخيلة عن حامل الرسم، يبرمها ببطء ويضعها تحت إبطه مغادراً المسرح من الجهة اليسرى)..
(يدخل شرطيان يزرعان أكفهما بصلف داخل أحزمة البنطال ويتبختران في مشيتهما)
صوت الولد من الكواليس: أين أنت يا حبيبي.. لماذا تأخرت؟
(يتوقف الشرطيان ويلتفتان نحو بعضهما البعض)
الشرطي الأول: (بدهشة) حبيبي؟
الشرطي الثاني: (يغطي شفتيه ليكتم ضحكة)..
الشرطي الاول: آه.. إلى اين يتجه هذا العالم أيها الشرطي الثاني؟
الشرطي الثاني: أي عالم تقصد أيها الشرطي الأول..
الشرطي الأول: هذا العالم البائس الذي نشاهده مليئاً بكل هذه الجثث والدماء..
الشرطي الثاني: هكذا كان العالم يا سيدي وهكذا سيظل..
الشرطي الأول: إذاً.. فلنصعد إلى الطابق الأعلى ولنقبض على المخنث الصغير.. فهذا هو دورنا الوحيد في هذه المسرحية الكونية..
الشرطي الثاني: هيا بنا..
(يهرعان إلى الخارج من يمين المسرح)..
~ستار~

(تمت)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى