ابو يوسف طه - حمار حليمة .

. كان يقابل محلّٓ الدّٓا حماد الفُوّٓالْ الذي يجيد طهي الفول وحساء الشعير الذي يضيف إليه قبضة من إلآّنْ حيث يكتظ محلُّه في وقت مبكر من الصباح بالعمال الذين يشتغلون في معامل الزيتون ومربى المشمش الموجودة في طريق الصويرة قرب دوًٓار العسكر ، ونزلاء فندقي بوطويل من القرويين الوافدين على مراكش من الضواحي القريبة . كان دكان القٓلآّيْ المقابل تفوح منه رائحة قلي البرينية ( أقراص الباذنجان ) وسمك السردين ، يساعده ابنه عمر ذو اللون الأسمر المشوب بطيف من الإخضرار ، وشعر الرأس الأجعد المهمل ممايبديه كتلة واحدة كطاقية ، لم يكن الإبن معنيا بلعب قرنائه ومشاغباتهم بل ينصرف إلى عمله بانهماك ، ولم يكن يسمع له صوت .
لما توفي والده حجز لنفسه حجرة في فندق مجاور وظل خادما لحليمة الخبِّازة ، يحمل وصلات الخبز من دكانها إلى الفرن ثم يعيده أقراصا ذهبية يُتهافت على شرائها للذة طعمها .
ومن سوء حظ عمر بعد وفاة حليمة أن غادر الفندق وبات ينام بجانب سور باب دكالة ، يعيش على التسول .
كان هذا المجتمع المصغّرُ يبعث الحياة في مدخل عرصة إهيري وبوطويل حيث يدأب حسن بائع الفواكه في الأصياف على التبريد برش الطريق المغمور فضاؤها برائحة شواء اللحم المفروم المنبعثة من دكان جاره ... كنا نقضي كأطفال فترة الظهيرة في اللعب بمنجاة من أي خطر إذ لم تكن تمر إلا الدراجات الهوائية وعربات يجرها رجال بؤساء منهكون والكوتشيات المنفردة أو المزدوجة الأحصنة والحمير المحملة بالفواكه أوبطانة الأغنام التي تنظف بخطارة الحارة
لقد توفي عمر الذي كنا ندعوه بحمار حليمة فيقابل تندرنا ببسمة بلهاء ... وأصبح كل شيء طي زمن ولّٓى .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى