أمل الكردفان- البروتوكول - مسرحية من مشهد واحد

البروتوكول
مسرحية من مشهد واحد

أمل الكردفاني




المنظر:
أميل دائماً إلى عدم وجود تصاميم في المسرح، السينوغرافيا تعطي نظاما وترتيباً غير محمود.. سنترك للقارئ أو المتفرج في ظروف مختلفة أن يكمل الديكورات، أو يزيحها ليستبدل بها الفراغ كمناخ ذي مغزى تأويلي، أو كمناخ شعوري ما. من المفترض ان يكون المنظر داخل غرفة مستشفى وهناك محاليل وخراطيم تنقلها إلى جسد الراقد على السرير، يكفي أن يكون هناك صفارة لجهاز متابعة وقياس القلب مستمرة حتى نهاية المسرحية.. الغرفة بدون أسِرة وبدون أي شيء آخر.. يرقد صافي على الأرض في وسط المسرح صدره ورأسه مرفوعان قليلاً تحسباً لرويته من قبل الجمهور. الشخصيات تتابع بدون ترتيبات مسبقة.
صافي مغمض العينين. ويشخر.
يدخل من يمين المسرح اللص العجوز.. ويبدأ في البحث تحت السرير (لا يوجد سرير) يرفع الملاءات (لا يوجد ملاءات)، يقلب الحذاء (لا يوجد حذاء) ويقيسه على قدميه ثم يضع الزوجين تحت إبطه، يدور حول السرير ويرفع الملاءة ويبدو عليه الفرح:
اللص: (بصوت خافت) هاااا هو..(يحمل شيئاً ثم يدور حول السرير عائداً إلى الباب..(لا يوجد باب) يمين المسرح، ويخرج إلى الكواليس. يستيقظ صافي.. يرن على جرس قرب كف يده على السرير المفترض عدة مرات بتوتر، يبقى صامتاً قليلاً وهو يترقب الباب على يمين المسرح، ولما لا يحدث شيء يضغط ضغطات عصبية على الزر..
صافي: أين هذه الممرضة الحمقاء؟
يضغط مرات عديدة، ثم يسمع حركة في الخارج فيغمض عينيه ويتأوه..
يدخل شاب في سن المراهقة، يبدو حديث التخرج (لا يرتدي زي الاطباء ولا الممرضين) يبدأ في فتح عيني المريض بهدوء، يقيس نبضه بأصبعين، يضغط على وريده..
الممرض: سيد صافي؟
يفتح صافي عينيه وينظر للممرض بغضب
صافي: من أنت؟
الممرض: أنا الممرض!
صافي: وأين الممرضة؟
الممرض: إنها متوعكة قليلاً..
صافي: وهل من الضرورة ان تقول "إنها" ألا يكفي أن تجيب "متوعكة قليلاً"؟
الممرض: وما المشكلة في ذلك؟
صافي: (يصيح) كل المشاكل.. يمكنك أن تختصر الكلام فلماذا تمطه وأنا شخص مريض لا أتحمل الثرثرة؟
الممرض: إنني آسف يا سيدي..
صافي: وماذا يفيدني أسفك..
الممرض: (بنفاد صبر) أنا آسف يا سيدي.. هل تريد شيئاً محدداً.. لقد سمعت الجرس..
صافي: (بحزن) لم أتناول إفطاري..
الممرض: ماذا؟.. لماذا؟
صافي: لا أعرف.. كان من المفترض أن تأتِ به الممرضة قبل ساعات من الآن..
الممرض: هذا خطأ لا يغتفر..سأدون ملاحظة حول هذا الإهمال الشنيع..
صافي: لا لا لا.. لا تفعل لا أريد أن أؤذيها..
الممرض: لا أستطيع إغفال ذلك يا سيدي..هذا هو البروتوكول؟
صافي: يا إلهي.. يا بُني.. أنا سحبت كلامي.. لقد أكلت..
الممرض: (يهز رأسه بإصرار) لا يا سيدي.. لا ينفع.. إنه بروتوكول..
صافي: يا حبيبي.. يا حبيبي أنا من طلبت منها أن لا تأتني بالطعام..لم أكُ جائعاً أما الآن فأنا جائع..
الممرض: إن البروتوكول هو أن تأتِك بطعامك سواء كنت تريد أكله أم لا..المسألة لا تتعلق بشهيتك يا سيدي..بل بالبروتوكول..
صافي: يا بُني العزيز.. يبدو أنك لا زلت يافعاً.. القوانين لا تطبق بهذا التجريد..
الممرض: إذا لم نلتزم بالقوانين فستكون الفوضى وارجو يا سيدي أن لا تساهم في إحداث الفوضى..
صافي: المسألة لا تتعلق بالفوضى بل بروح القانون..
الممرض: إنني لا أفهم ذلك..
صافي: سأشرح لك..
الممرض: سآتيك بالطعام أولاً..
صافي: لا لا لا.. سأشرح لك الآن..
الممرض: أرجوك يا سيدي..دعني لا أخالف البروتوكول.. وبعد أن تتناول الطعام سأعود لأكمل لك الفحوصات اللازمة..إنه البروتوكول..
صافي: يا صغيري.. أرجوك كن مرناً قليلاً.. إنك تثير أعصابي..
الممرض: يا إلهي.. لا بد من منحك حقنة مهدئة..
صافي: لا أحتاج لحقنة مهدئة بل أحتاج أن تمنحني فرصة للكلام..
الممرض: ولكنه البروتوكول يا سيدي..البروتوكول..البروتوكول..
صافي: (يصرخ) أرجوك.. أرجوك امنحني فرصة للكلام..
يتسارع صوت صفارة جهاز قياس القلب
الممرض: حسنٌ..تفضل..وأرجو أن تختصر حتى لا تتعب..
صافي: حسنٌ..(يستجمع أنفاسه ثم ينظر للأمام مقطباً جبينه) ماذا كنا نقول؟
الممرض: البروتوكول..
صافي: لا لا.. قبل ذلك؟
الممرض: حقنة مهدئة حسب البروتوكول؟
صافي: لا لا (يبتسم) آه تذكرت.. كنت أقول بأن القانون لا يتم تطبيقه بهذا التجريد.. دعني أسألك سؤالاً..
الممرض: تفضل..
صافي: لو كنتَ شرطي مرور.. ورأيت أحدهم يقود سيارته بسرعة أكبر من السرعة القانونية فماذا كنت لتفعل؟
الممرض: كنت سأوقفه وأوقع عليه العقوبة المقررة حسب القانون يا سيدي..
صافي: وماذا لو اكتشفت أنه كان يحمل زوجته التي تريد الوضع بسرعة إلى المستشفى.. هل كنت ستعاقبه أيضاً..
الممرض: حسب البروتو..أقصد القانون.. نعم.. لا لا..
صافي: لماذا؟
الممرض: لأنها حالة وضع حرجة يا سيدي..
صافي: وماذا لو لم تكن معه زوجته الحبلى وإنما كان يسرع للحاق بحفل فقط.. هل كنت ستعاقبه؟
الممرض: بالتأكيد يا سيدي.
صافي: لماذا وأنت لم تعاقبه في الحالة الأولى؟
الممرض: لأنه لا يملك ضرورة لاستخدام السرعة في الحالة الثانية..
صافي: أليس الحفل حالة ضرورة؟
الممرض: لا؟
صافي: ولكنه يراه حالة ضرورة؟
الممرض: (بإصرار) ولكنها ليست حالة ضرورة كي يعرض حياة الناس الآخرين للخطر..
صافي: وماذا لو كان الحفل هو حفل تخريج ابنته الوحيدة والمصابة بإعاقة جسدية؟
الممرض: ها؟!
صافي: أنظر.. ليس أنت من يقرر حالة الضرورة.. إنما يقررها السائق.. ولكنك انتهكت البروتو..أقصد القانون دون دراية منك...
الممرض: يا إلهي.. أنت تربكني..
صافي: كل ما أريد قوله لك..هو أن هذه الحياة لا تتحمل البروتوكولات الصارمة.. عليك أن تكون إنساناً قبل أن تكون قاضياً..
الممرض: حسنٌ..
صافي: لن ترفع خطأ الممرضة في تقرير؟
الممرض: لا يا سيدي..
صافي: لماذا؟
الممرض: (بتردد) لأنني.. لأنني.. لأنني يجب أن أكون إنساناً قبل أن أكون قاضياً.. أليس كذلك؟
صافي: (بضجر) يا إلهي.. لماذا تسألني لماذا؟ يبدو أنك لم تفهم شيئاً مما قلت..
الممرض: أصدقك القول يا سيدي.. أنا لم أفهم شيئاً مما قلت..
صافي: حسنٌ.. ءإتني بالطعام إذاً..
الممرض: حسنٌ..
يخرج الممرض. ويبقى صافي وحيداً يحملق في السقف..
صافي: ما هذا الهراء الذي أخبرت به الفتى؟.. إنه فتى طيب وغر.. ويبدو أن عقله متصلب قليلاً.. أو ربما كثيراً.. أو ربما لأن سنه صغير.. لا أعرف.. ولكنني عندما كنت في مثل عمره كنت نبيهاً أو على الأقل كنت أفهم هذه الأشياء البسيطة بسرعة.. لكننا في زمن معقد جداً الآن.. لا أعرف ولكن..
يدخل الممرض
الممرض: سيدي.. لقد قالوا بأن الممرضة أرسلت لك الطعام..
صافي: كيف هذا؟
الممرض: هذا ما قالوه يا سيدي.. ففي الساعة التاسعة صباحاً وبحسب البروتوكول تم تدوين خروج الممرضة بحصتك من طعام الإفطار..(يقلب الفتى في دفتر غير موجود في الحقيقة).. أممم.. نعم.. لقد تم تأكيد توصيل الممرضة بالنوبة الصباحية لطعام الإفطار..
صافي: ولكن أين هو الإفطار؟
الممرض: بحسب البروتوكول عندما تجدك نائماً فإنها تضع الطبق على الجهة اليمين من سريرك..
صافي: ولكن أين هو؟..
يرفع الممرض الملاءة وينظر تحت السرير ثم يدور حول السرير ويكرر ذات الفعل ثم يعود إلى حيث كان ويقف بصمت وحيرة..
صافي: لا داعي للحيرة.. ءإتني بطعام آخر فقط..
الممرض: لا أستطيع يا سيدي..
صافي: ولماذا لا تستطيع؟
الممرض: لأنه وبحسب البروتوكول يجب أن لا يتم منحك أكثر من وجبة حتى لا تسوء حالتك الصحية..
صافي: ولكنني لم أتناول أية وجبة..
الممرض: بحسب البروتوكول يا سيدي.. لقد أكلت..
صافي: ولكنني لم آكل..
الممرض: لقد أكلت..
صافي: (بغضب) ماذا تقصد؟
الممرض: أقصد أنه وبحسب البروتوكول فأنت قد أكلت وجبتك..
صافي: (يتعصب) ولكنني لم آكل..
الممرض: وماذا أفعل يا سيدي إن كان هذا هو البروتوكول..
صافي: اللعنة.. اللعنة..(يشد شعره).. أريد ممرضاً آخر غيرك..
الممرض: لا يمكن يا سيدي..
صافي: ولماذا لا يمكن؟..
الممرض: لأنه وبحسب البروتوكول فقد تم توزيع كل الممرضين إلى أقسام محددة.. وبحسب البروتوكول لا يمكن لممرض أن يقوم مقام ممرض آخر..
صافي: (يصيح) حسنٌ.. لا أريد طعاماً.. فقط أغرب عن وجهي..
الممرض: لا بد من منحك حقنة مهدئة بحسب البرو..
يقفز صافي من السرير فيهرب الممرض..
صافي: (يعود ممسكاً بقلبه) آه.. ما هذه الورطة.. هذا الفتى لا يصلح حتى حكماً في مباراة بينج بونج..(يتمدد ويسترخي) سأحاول الاسترخاء وعدم تذكر ما حدث بقدر المستطاع وإلا فسأموت من الغيظ..(يغمض عينيه)..
يدخل اللص العجوز، ويربت على أصابع قدم صافي الذي يفتح عينيه بدهشة..
صافي: حمداً لله أنهم جاءوا بممرض غير ذاك الفتى الأبله..
اللص: (يهز رأسه) لا يا سيدي.. لست ممرضاً..
صافي: ومن أنت؟
اللص: أنا لص يا سيدي..
صافي: (بدهشة) ولكن..ليس هناك ما تسرقه من هنا..
اللص: لا.. هناك الطعام.. لقد سرقت طبق طعامك يا سيدي..
صافي: آه.. هذا أنت إذاً؟
اللص: نعم..
صافي: لا تشعر بتأنيب الضمير.. لقد سامحتك على السرقة ولكنني لن أسامحك على تسببك بحديثي مع ذلك الفتى الأبله..
اللص: أي فتى؟
صافي: هذه قصة أخرى.. والآن يمكنك أن تغادر..
اللص: لم أشعر بتأنيب الضمير يا سيدي..
صافي: لم تشعر بتأنيب الضمير..
اللص: لا يا سيدي..
صافي: ولماذا عدت إذاً؟
اللص: لأنني عندما أكلت من طعامك شعرت بالغثيان..وأريد أن أتأكد بأنهم لا يضعون فيه أدوية ما؟
صافي: لا.. إنهم لا يضعون أدوية في الطعام..
اللص: ولكن لماذا إذاً شعرت بالغثيان؟
صافي: (بحيرة) لا أعرف..
اللص: ألا تشعر بالغثيان عندما تأكل هذا الطعام؟
صافي: لا..
اللص: ولكنني شعرت بالغثيان والآن معدتي تؤلمني..
صافي: ربما.. ربما لأن معدتك لم تعتد على الأكل النظيف..
اللص: لا تهينني يا سيدي وارحم عجوزاً يتألم..
صافي: حسن.. إنني أهنتك بالفعل.. وأعتقد أن الأمر لا يستحق أن أهين فيه كرامة أحد حتى لو كان لص طعام..
اللص: أشكرك يا سيدي..
صافي: والآن هل تريد شيئاً آخر؟
اللص: نعم.. أريد دواء لما ألمَّ بي من مرض بسبب طعامك..
صافي: ولكنني قلت لك بأن طعامي ليس فيه دواء..
اللص: إذا فهو مسموم..
صافي: (بذعر) مسموم؟
اللص: لا شك عندي في ذلك..
صافي: ومن يرغب في تسميمي؟
اللص: لا أعرف.. ولكنه مسموم..
صافي: لا أحد يرغب في تسميمي وذلك لسبب بسيط وهو أنني لا أعرف أحداً..
اللص: كيف ذلك؟
صافي: هكذا هو الأمر..
اللص: ولكن لا أحد لا يعرف أحداً في هذه الدنيا..
صافي: أنا ذلك اللا أحد الذي لا يعرف أحداً..
اللص: ولكن كيف؟
صافي: هكذا هو الأمر..
اللص: أليس لديك زوجة أو زملاء في العمل أصدقاء؟..
صافي: كلا..
اللص: هذا غريب...
صافي: نعم إنه كذلك..
اللص: ولكن كيف؟
صافي: هذا موضوع يطول شرحه..المهم أن الطعام ليس مسموماً..
اللص: يبدو أنه ليس كذلك..
صافي: حسنٌ.. وماذا بعد؟
اللص: يمكنك فقط أن تتكفل بمصاريف علاجي..
صافي: لم أعزمك على أكل طعامي..
اللص: كن مرناً قليلاً يا سيدي.. خاصة أنني رجل عجوز ومريص..
صافي: لو أنني لم أكن مرنا لأبلغت عنك الشرطة..
اللص: على سرقة طعام؟!
صافي: نعم..
اللص: ولكنه شيء تافه..
صافي: القانون يجب أن يسري على الجميع..
اللص: ولكن القانون لن يكون عادلاً إذا عاقبني بمثل من يسرق بنكاً..
صافي: بل يجب أن يعاقبك أكثر ممن يسرق بنكاً..
اللص: (بتعجب) يعاقبني على سرقة طعام أكثر من سرقة بنك؟!..
صافي: نعم بالتأكيد..
اللص: ولكن كيف يا سيدي..
صافي: لأنك لص في بداية مشواره..يجب أن يكبح ميولك الإجرامية في مهدها بعقوبة رادعة.. أما من يسرق بنكاً فهو أولاً مجرم معتاد على الإجرام ومهما شُددت عقوبته فلن يتأثر ولن يرتدع وثانياً لأنه لص سرق لصاً ولم يسرق من شخص مريض وتركه بلا طعام ليتضور جوعاً..
اللص: آه.. كلامك يبدو منطقياً..ولكنني لا أشعر بأنه صحيح..
صافي: لماذا؟
اللص: لا أعرف..
صافي: أنا أعرف..
اللص: وماذا تعرف؟
صافي: أعرف أن كل مجرم مثلك يجد مبرراً لجريمته ولولا هذا المبرر لما اقترف الجريمة منذ البداية..بالتأكيد أنت تعتقد بأن على رجل مقتدر مثلي أن يتضور جوعاً بل وحتى لو مت فهذا يناسب شخصاً يرتاد مستشفىً خاصاً كهذا في حين أن القدر قد ظلمك أنت وبالتالي فعليك أن تنتقم من القدر في أشخاص الأغنياء أمثالي..
اللص: (باستنكار) لم أفكر بهذا الشكل يا سيدي.. أقسم لك..
صافي: وهل أنتظر من لص طعام إلا الإنكار..
اللص: لك الحق في فهم تصرفاتي بأي كيفية شئت فأنا المجرم وأنت الضحية..
صافي: أنا لا أحتاج للفهم فأنا أؤمن بالبروتو أقصد بالقانون..
اللص: القانون القانون.. لماذا لم يعطني هذا القانون حقوقاً وأنا رجل مسن؟
صافي: لأن القانون ليس مسؤولاً عن خياراتك السابقة والتي أفضت بك إلى أن تكون لصاً..
اللص: أي خيارات يا سيدي.. لم أملك يوماً ما خياراً واحداً..
صافي: بل ملكت.. لقد كان أمامك أن تتسول من الناس ولكنك فضلت إيذاء رجل مريض بسرقة طعامه..وربما لو وجدت شيئاً ثمينا لسرقته أيضاً..
اللص: آه.. إنني أشعر بالضعف.. السم ينتشر في جسدي..
صافي: لا يوجد سم في الطعام..
اللص: آه..
صافي: سأستدعي الممرض..
يضغط على الجرس مرات متعددة.. ينفتح الباب ويدخل الممرض الصغير ليتفاجأ بوجود اللص..
الممرض: يا إلهي.. من سمح لك بالدخول إلى غرفة المريض أيها الرجل؟..
اللص: أنا مريض أيضاً..
الممرض: كان عليك أن تذهب إلى الإستقبال حسب...
صافي: (يكمل) البروتوكول..
الممرض: وعليك أيضاً أن تدفع ثمن الكشف حسب..
صافي: البروتوكول..
الممرض: وبعد ذلك تذهب للطبيب العام حسب..
صافي: البروتوكول..
الممرض: ويمكن للطبيب العام أن يحيلك للطبيب الاختصاصي حسب..
صافي: البروتوكول..
اللص: أشعر بالمرض ينخر عظامي..
الممرض: وبعد ذلك قد يكتب لك الطبيب وصفة طبية بحسب..
صافي: البروتوكول..
اللص: سأموت وسيقاني ترتجف..
الممرض: بعدها إما أن يتركك تغادر إلى منزلك أو ينيمك هنا بحسب
صافي: البروتوكول..
الممرض: وحتى في هذه الأحوال فممنوع عليك أن تدخل غرف المرضى الآخرين بحسب
صافي: البروتوكول..
اللص: ولكنني تناولت طعام السيد ويبدو أنه كان طعاماً مسموماً بحسب البروتوكول..
الممرض: إن تناولك طعام المرضى الآخرين ممنوع بحسب
اللص وصافي: البروتوكول..
الممرض: وإذا حدث وأن خالفت ذلك فيجب أن تحاسب بحسب..
اللص (بوهن)وصافي: البروتوكول..
الممرض: وحتى إذا أُصِبت بتسمم فهذا سيعتبر مسؤوليتك لا مسؤولية المستشفى بحسب..
اللص (بوهن) وصافي: البروتوكول..
الممرض: وإذا حدث ذلك فيجب أن يتم التحفظ عليك إلى حين قدوم الشرطة بحسب..
اللص(بوهن أشد) وصافي: البروتوكول..
(يسقط اللص)
صافي: يا إلهي.. لقد سقط.. افعل شيئاً..
الممرض: إذا سقط فهناك احتمالان..إما أن يكون لا زال حياً أو يكون قد مات.. وفي كلتا الحالتين هناك بروتوكولات يجب أن تتبع..
صافي: ولكن عليك ان تحاول إنقاذه..
الممرض: لا أستطيع يا سيدي.. فحسب البروتوكول يجب أن أبلغ إدارة المستشفى أولاً..
صافي: إذاً؛ افعل ذلك بسرعة..
الممرض: ولكنني لن أستطيع يا سيدي.. لأن هذا قد يجعلني مسؤولاً عن إدخاله بحسب البروتوكول..
صافي: ولكن الرجل يموت..
يزداد صوت صفير جهاز القلب
الممرض: لن أتحمل المسؤولية التي سيلقيها البروتوكول على كاهلي لو فعلت..
صافي: ولكنني شاهد..
يتسارع صفير جهاز دقات القلب
الممرض: إذاً سأذهب للإدارة..
صافي: بسرعة ..أرجوك..
يخرج الممرض..ينهض صافي من سريره ويتجه نحو اللص.. ثم يضع صباعيه على رقبة اللص:
صافي: يا إلهي.. لقد مات..
يصبح الصفير متصلاً فيمسك صافي بقلبه ويسقط ميتاً..
يدخل الممرض ومعه رجل آخر ويتبعه رجلا حراسة
الممرض: هذا هو أيها المدير.. (ينظر إلى الجثتين بفزع) ولكن.. ولكن..
المدير: (ينحني ويضع أصبعيه على رقبة الرجلين الميتين) لقد ماتا..(يصلب قامته ويوجه حديثه للممرض) أنت مسؤول عن موتهما بحسب البروتوكول..
الممرض: ولكن..ولكن..ولكن يا سيدي كان الرجل الآخر حياً وكان سيشهد معي على أنني لم أخالف البروتوكول..
المدير: لم يعد بإمكانه الشهادة لمصلحتك الآن..
الممرض: وماذا أفعل؟..
المدير: ستتحمل مسؤولية مخالفتك للبروتوكول..
الممرض: يا سيدي.. البروتوكول لا يطبق هكذا..
المدير: وكيف يطبق؟
الممرض: يطبق بمرونة.. هناك حالات إنسانية..حالات ضرورة..
المدير: أنت تعمل في مستشفى خاص وليس معبداً.. لذلك سوف تتحمل مخالفتك..
الممرض: للبروتوكول..
الحارسان: (يهتفان) يحيا البروتوكول.. يحيا البروتوكول..
يقبضان على الممرض، ويقيدان يديه من خلف ظهره..ثم يدفعانه خارج خشبة المسرح..

(ستار)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى