صفاء عبد المنعم - أم كلثوم فى ميدان التحرير

بالأمس ذهبت إلى نادى القصة، وكنت لم أذهب إليه منذ سنوات طويلة، وأنا فى طريقى إلى هناك، مررت بميدان التحرير، وتحديدا أمام المجمع، وسمعت عن بعد صوت أم كلثوم تشدو برائعة بليغ حمدى( ليلة حب) كنت أود ان أجلس بجوار بائع الشاى والذى قام بذكاء شديد برفع صوت المسجل عاليا، فملأ المكان بعبير رائحة الشاى بالنعناع، وصوت أم كلثوم يجلجل يملأ الفضاء، ولحن بليغ حمدى كان هذه الليلة من أروع ماسمعت، أخذت أتلكأ فى خطواتى كى استمع إلى أكبر جزء من الأغنية، وبهاء الصوت وجلاله، وكلما أبتعد، كان الصوت ينغرز أكثر فى أذنى ويداعب مخيلتى، مرقت من بين فتحة الباب الحديد الذى أقيم فى أول شارع القصر العينى منذ ثورة 25 يناير 2011، مازالت المتاريس الحجرية الضخمة قائمة، تحجب الشوارع الأنيقة والمصالح الحكومية عن أعين المارة، وأخذت أبحث بعينى عن صور الجرافيتى والتى كان يرسمها الثوار على حوائط الجامعة الأمريكية، فوجدت أنه قد تم إزالة المبنى بكل الصور التى كانت عليه .
هنا وقفت قليلا وأخذت أتذكر أحداث شارع محمد محمود، وقرأت الفاتحة فى سرى على أرواح الشهداء، وأنصرفت بعيدا، بخطوات مهزوزة حزينة ، لقد بعد صوت أم كلثوم كثيرا عن أذنى، وأقتربت أكثر وأكثر متوغلة فى شارع القصر العينى، ومازال صوت الثوار فى أذنى بهتافتهم العالية، لقد تبدل وأحتل المساحة التى كانت تشغلها كوكب الشرق بصوتها الصداح ، أخذت أتأمل واجهات المحلات والمبانى الحكومية بداية من الجمعية الجغرافية إلى مبنى روزليوسف ، ومسرح السلام، خطواتى البطيئة المتأنية بدأت تخزلنى، فشعرت بجوع شديد، بحثت بعينى عن مكان مناسبا فلم أجد، دخلت سوبر ماركت أنيق واشتريت باكو بسكويت أنتاج شركة بسكومصر، لماذا دائما أحن لكل ماهو ماضى وقديم؟ وأخذت أتذكر طفولتى المرحة، فقررت أن أسير بخفة ورشاقة برالينة، وأخذت اشوط الطوب فى الشارع بطرف حذائى، وأنا أستعيد بداخلى صوت أم كلثوم الذى ملأ ميدان التحرير منذ لحظات صادحا بليلة حب .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى