عيسى الشيخ حسن - من البارانويا والنرجسية إلى التداوي بالهذيان

بعد التحليل النفسي والأدب ونجيب محفوظ وسردياته العجائبية يعود الناقد والمحلل النفسي المصري الدكتور خالد عبدالغني لتقديم أبطال جدد على سرير التحليل النفسي قارئا فيهم ضروبا من الحالات النفسية التي تعيش في كتابه "اضطراب الشخصية في الرواية العربية " الصادر عن مؤسسة الوراق الأردنية ، يستهل الكاتب شخصياته من ثماني روايات عربية مختلفة يحاول تقديم قراءة تطبيقية للنص الروائي بهدف اضاءة النص تهدف إلى إضاءة النص وإبراز الجوانب التي تتعلق بعلم النفس والتحليل النفسي ، والاضطرابات النفسية في جهد ثري بالمصطلحات والمفاهيم النفسية التي تعين القارئ على الاقتراب من هذا العالم ، يذهب الكاتب في البداية إلى شيخ الرواية العربية نجيب محفوظ في روايته رادوبيس قارئا فيها المؤثرات الأسطورية ومعالم النرجسية وتجلياتها في شخصية رادوبيس والفرعون الشاب – في رواية رادوبيس لنجيب محفوظ - وكيف انتهى بهما المطاف إلى تحقيق أبعاد الأسطورة وهي " الحب والعزلة والموت " رادوبيس اتجهت للانتحار عن طريق تناول السم ، والفرعون الشاب ثار عليه الشعب وقتله.
كما يلامس الكاتب اضطرابات البطل "أَدِيب" في رواية طه حسين التي سميت أيضاَ باسمه ، وتتضح في شخصيته ملامح البناء النفسي لأعراض اضطراب جنون الاضطهاد والعظمة المعروف بالبارانويا،
ثم يعرفنا بالشيخ عصفور في يوميات نائب في الأرياف لـتوفيق الحكيم، والمجذوب هو الذي ينطق بالحكمة أو الهذيان وأبو صفارة الذي يمثل ضحايا الحروب في مجموعة حوريات الضوء لإبراهيم عطية ومعرفة كيف ظهرت اللغة الخاصة بالمجذوب وهي لغة مليئة بالرموز التي تكشف الحقائق وتنير الطريق للباحثين عن الحقيقة وها هي كلمات الشيخ عصفور المليئة بالإيجاز.
ويبحث محللنا النفسي الشاب الدكتور خالد عبدالغني في الدفاعات اللاشعورة لدى الدكتور شوقي ذلك الشاب الإخواني الذي توحد بالمعتدي، فأصبح عدوانيا وانتهازيا ، وكيف ذاب في الجماعة وضاعت هويته الشخصية، وعباس الزنفلي ذلك العسكري الأسود (الجلاد) الذي أصيب بالجنون حتى وصل لمرحلة أن يأكل لحم ذراعه بعد مرحلة الإدمان وترك الخدمة في الشرطة، وذلك في قصة العسكري الأسود لـيوسف إدريس.
وقرأ عبدالغني إحدى إبداعات خيري شلبي وهي فاطمة تعلبة الأم المصرية الحاكمة للأسرة والمتمرسة في العلاج النفسي كونها تحمل خبرات وتاريخ المرأة الريفية الأصيلة.
وفي عتبات البهجة لابراهيم عبدالمجيد يعثر عبدالغني على أحمد الرجل الذي أصابته أزمة منتصف العمر وهو على مشارف الستين عاما فأخذ يعاني من أعراضها ، ودنيا تلك الزوجة التي خانت زوجها فكان جزاؤها الإنتحار، لأنه لم يستطع الجمع بين أدوية القلب والأدوية المنشطة جنسيا فأوحى لها بالانتحار .
ويعرفنا بخليل الموظف الذي بلغ سن المعاش ويعاني من أعراض الشيخوخة، وإحسان زوجته التي توفيت وتركته وحيداً في "حجرتان وصالة" لإبراهيم أصلان ، وبهذا يكون إبراهيم أصلان قد عرض في هدوء وبلغة سهلة وبسيطة جمعت بين الفصحى والعامية لحياة المسنين من الطبقة المتوسطة ولهمومهم اليومية ولكيفية تغلبهم على حالات فقدان الأحبة والأهل ولمشكلات المجتمع المصري في الوقت الراهن مع تحذيره من شيخوخة الطبقة المتوسطة.
ويذهب إلى عالم رضوى عاشور من خلال روايتها خديجة وسوسن ليقرأ لنا البناء النفسي لخديجة الأم المتسلطة وتمرد ابنتها سوسن عليها ، وهي رواية عبرت بعمق عن ذلك الجدل بين السلطة والتمرد في شكلها الأولي المتمثل في علاقة أم بأبنتها وكيف توحدت سوسن بوالديها في تسلطهما لكي تمر مرحلة النمو في الطفولة بسلام وأمان .


1647086758030.png







1647086807091.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى