أمل الكردفاني- الشطرنج القاتل...من المسرح العدمي- مسرحية من فصل واحد

الشخصيات
اللاعب١
اللاعب٢


المسرح:
غرفة مقلوبة.. غرفة خالية إلا من كرسيين مقلوبين مثتبين على السقف (الذي يمثل الأرضية).. يتم تثبيت الممثلين أيضاً ليبدوا جالسين ولكن رأسيهما لأسفل وبينهما طاولة عليها رقعة شطرنج تثبت بالمغنطيس.. أما السقف الذي يكون هو أرض المسرح فخال تماماً.. هذا الوضع قد يكون مرهقاً للممثلين لكنه ضروري، كما يجب تأمين الممثلَيْن بالإضافة إلى جعل الأرضية اسفنجية لامتصاص أي سقوط، وأن لا تتجاوز مسافة السقف (الذي سيكون أرض الغرفة المقلوبة) ثلاثة أمتار ولا تقل عن مترين ونصف من سطح الخشبة.
يرتدي الممثلان بدلات التنافس على الشطرنج وبأذرعهما تلتف عصابةزرقاء وإلى جانب كل منهما ساعة.

صوت: ستبدأ الآن المباراة العالمية بين بطلي الشطرنج الكبيرين.. بالتأكيد اللاعب الذي سيبدأ هو صاحب القطع البيضاء.. نرجو الهدوء يا سادة نرجو الهدوء..
ثلاثة.. إثنان.. واحد... الآن..

يحك اللاعبان شعر راسيهما..
اللاعب١: حسنٌ.. بيدق٤ خطوة..(يضرب الجرس)..
اللاعب٢: ولكن هذا لا يجوز؟
اللاعب١: من قال ذلك؟
اللاعب٢: الاتحاد الدولي..
اللاعب١: هل قال ذلك؟
اللاعب٢: نعم قال ذلك..
اللاعب١: فليذهب إلى الجحيم..
اللاعب٢: من؟
اللاعب١: الإتحاد الدولي..
اللاعب٢: ماذا قلت؟
اللاعب١: قلت فليذهب إلى الجحيم..
اللاعب٢: هل سمعتم ما قاله؟ إنه يقول: فليذهب إلى الجحيم..
اللاعب١: نعم قلت..فليذهب إلى الجحيم..
اللاعب٢: أنت سكران..
اللاعب١: لست سكراناً..
اللاعب٢: أقسم أنك سكران..
اللاعب١: أقسم أنني لست سكراناً..
اللاعب٢: ولكن كيف؟
اللاعب١: كيف ماذا؟
اللاعب٢: أووووو.. لا تثر أعصابي..
اللاعب١: ومالي أنا وأعصابك..
اللاعب٢: ألم تقل فليذهب إلى الجحيم..
اللاعب١: وما شأنك أنت لو ذهب أو لم يذهب؟
اللاعب٢: ما شأني؟
اللاعب١: نعم..ما شأنك؟
اللاعب٢: شأني هو أنه.. أنه..
اللاعب١: أنه ماذا؟
اللاعب٢: أنه الذي يضع القانون..
اللاعب١: وما دخلنا بقوانينه.. نحن نلعب بقوانيننا التي نتفق عليها..
اللاعب٢: دخلنا أننا لا نستطيع أن نضع قوانيننا..
اللاعب١: ولماذا لا نستطيع؟
اللاعب٢: لأنه.. لأنه.. لأنه يضع قوانين عالمية.. عالمية.. ألا تفهم.. عالمية (يفرد ذراعيه)..
اللاعب١: ليست كتاباً مقدساً..
اللاعب٢: ولكننا لا نستطيع أن نختلق قوانيننا الخاصة وإلا فستتدمر اللعبة..
اللاعب١: لماذا تتدمر؟
اللاعب٢: لأنها قوانين عالمية..عالمية.. هل فهمت.. عالمية..
اللاعب١: ماذا تقصد بعالمية؟
اللاعب٢: أقصد أن العالم كله يخضع لها..
اللاعب١: وهل أنا وأنت هم كل العالم؟
اللاعب٢: لا بالتأكيد ولكن..
اللاعب١: (يقاطعه) نحن جزء من العالم.. وإذا كنا مهمين بما فيه الكفاية.. فالعالم إذاً لم يتفق كله أما إن كنا تافهين بما فيه الكفاية..فما حاجتنا إلى قوانين العالم؟
اللاعب٢: إذاً.. فلن..لن نستطيع اللعب مع باقي العالم..
اللاعب١: هل بالضرورة أن نلعب مع باقي العالم؟
اللاعب٢: ولماذا لا نفعل؟
اللاعب١: لأننا.. لأننا.. ليس بالضرورة أن نكون تابعين للقطيع..
اللاعب٢: ولكن.. ماذا تقول؟ الجوائز..المسابقات؟!
اللاعب١: ها..اظهر على حقيقتك أيها المتملق..
اللاعب٢: لا أقصد ذلك..
اللاعب١: بل تقصد..
اللاعب٢: قلت لك لا أقصد..
اللاعب١: يمكننا أن نسمي الأشياء بما نحب ونضع ما نشاء من قوانين..
اللاعب٢: إن العالم ليس فوضى.
اللاعب١: هل تقصد أن قوانين الشطرنج ظلت كما هي منذ اختراع اللعبة وحتى اليوم؟
اللاعب٢: لا بالطبع.. ولكن..العالم استقر عليها..
اللاعب١: وما شأننا بالعالم؟
اللاعب٢: انت تستفزني وتثير أعصابي بهذه الأسئلة..يبدو أنك تعتقد نفسك ذكياً.. وربما أذكى من سقراط.. هذه أسئلة سفسطائية..
اللاعب١: وهل كان سقراط سفسطائياً..
اللاعب٢: أعتقد ذلك.. لست متأكداً.. وأعتقد أنه ليس ذلك بالمهم..
اللاعب١: إذا كان ذلك ليس بالمهم..فما المهم إذاً؟
اللاعب٢: المهم هو أن نلتزم بقوانين اللعبة وإلا ستطير الرقاب من أعناقها..
اللاعب١: ماذا؟.. هل تهددني؟
اللاعب٢: لا أهددك.. ولكنه النظام..أما الفوضى فتعني الحرب..
اللاعب١: فلتكن الحرب إذاً..
اللاعب٢: هذا جنون.. جنون..
اللاعب١: اهدأ..
(صمت)..
اللاعب١: حسنٌ.. سأقوم بتغيير موضع الملكة..
اللاعب٢: ماذا؟
اللاعب١: قلت ساقوم بتغيير موضع الملكة..
اللاعب٢: أي ملكة؟
اللاعب١: هل أنت جديد في اللعب؟
اللاعب٢: أنت تعرف أنني لست جديداً في اللعب ولكنها الوزير وليست الملكة..
اللاعب١: بل الملكة..
اللاعب٢: بل الوزير..
اللاعب١: الملكة..
اللاعب٢: الوزير..
اللاعب١: الوزير..
اللاعب٢: الملكة..
اللاعب١: أووووو هذا لا ينفع.. إن الوقت يضيع..
اللاعب٢: إذاً إلعب وفق القوانين..
اللاعب١: علينا ان نتفاوض.. لا حل سوى التفاوض..
اللاعب٢: حسنٌ..فلنتفاوض..
اللاعب١: جيد..فلنتفاوض..
اللاعب٢: فلنتفاوض إذاً..
اللاعب١: نعم فلنتفاوض..
اللاعب٢: هيا لنتفاوض..
اللاعب١: ابدأ أنت.. قدم ما عندك..
اللاعب٢: بل ابدأ أنت..اقترح..
اللاعب١: قدم عرضك..
اللاعب٢: وهل أنا من يريد تغيير القوانين العالمية..
اللاعب١: العالم يجب أن يتغير..
اللاعب٢: بل نحن من يجب أن نتغير لنواكب العالم..
اللاعب١: ولكن العالم على خطأ..
اللاعب٢: هذا خطاب دوغمائي..
اللاعب١: اقترح أن نأخذ بقوانين الشطرنج الصينية..
اللاعب٢: حاول مرة أخرى..
اللاعب١: الهندية؟
اللاعب٢: حاول مرة أخرى..
اللاعب١: العربية القديمة؟
اللاعب٢: حاول مرة أخرى..
اللاعب١: أوووو..فماذا تقترح أنت؟
اللاعب٢: اقترح أن نستمر على القوانين الراهنة.. القوانين العالمية.. لا أجد سبباً لتغييرها..
اللاعب١: أوووو.. لن نعود إلى نفس النقطة..
اللاعب٢: ولكن لماذا نغيرها؟
اللاعب١: حتى.. حتى.. حتى يكون هناك إبداع.. ألا تشعر بأننا نكرر كل شيء.. كل شيء يتكرر في عالمنا بشكل رتيب ممل.. يجب أن نخلق مزيداً من الصعوبات..
اللاعب٢: هناك ٢١٨ حركة قانونية ممكنة ماذا تريد أكثر من ذلك؟
اللاعب١: ليست المسألة في الممكن..فالممكن معروف..إنما في غير الممكن.. في اللا مفكر فيه..
اللاعب٢: هذا لا يصلح في اللعب..
اللاعب١: الحياة كلها لعب..ولذلك كل شيء يصلح فيها..
اللاعب٢: حسنٌ.. وماذا بعد أن نضيف ألف حركة قانونية ممكنة؟
اللاعب١: سنعود للرتابة والملل من جديد..
اللاعب٢: إنني أفضل نصراً أعرفه على نصر لا أعرفه..
اللاعب١: لا يوجد نصر.. أبداً لم يكن هناك نصر..
اللاعب٢: أنا لا أحب هذه الطريقة العقيمة في التفكير.. هل تريد أن تلعب أم تنسحب؟
اللاعب١: ولماذا لا تنسحب أنت؟
اللاعب٢: لأنك أنت من يرفض اللعب وفق القانون العالمي..
اللاعب١: أنا لم أرفض..
اللاعب٢: ولكنك رفضت بالفعل..
اللاعب١: لا ولكنني أرغب في تحقيق إضافة نوعية.. أليس هذا من حقي؟
اللاعب٢: من حقك ومن حقي أن لا أقبل إضافتك..
اللاعب١: إذاً فأنت من يجب أن تنسحب..
اللاعب٢: لا.. ليس أنا.. فأنا أسير وفق القانون العالمي..
اللاعب١: لكنه قانون قمعي..
اللاعب٢: ما دام سارياً على الجميع فهو عادل..
اللاعب١: دعنا نتفاوض..
اللاعب٢: لم يعد هناك ما نتفاوض حوله..
(ستار)

المشهد الثاني

تنقلب غرفة اللعب.. تصبح الطاولة والمقاعد وكل شيء مستقر في الأسفل..
اللاعبان يجلسان، ورقعة الشطرنج بها عدد قليل من القطع، أما باقي القطاع فهي خارج الرقعة..
اللاعب١ يدخن سجارة وهو ينظر للرقعة بتأمل، اللاعب الثاني يتثاءب بين الفينة والأخرى..
اللاعب١: لماذا تتثاءب كثيراً..
اللاعب٢: لأن اللعب معك ممل..
اللاعب١: ولماذا هو ممل؟
اللاعب٢: لأنك تعترض على كل شيء..
اللاعب١: من المفترض أن يثير ذلك حماستك..
اللاعب٢: بل الملل.. لماذا تعترض على كل شيء..
اللاعب١: لا .. لم أفعل ذلك؟
اللاعب٢: بل فعلت ولا زلت تفعل.. لن نحصل على متعة اللعب بهذه الطريقة..إن المسألة ليست حرباً..
اللاعب١: حياتنا كلها حرب.. لكن الاسلحة تختلف فقط..
اللاعب٢: أنت متشائم..
اللاعب١: فليكن.. ولكن الحرب تكسر الملل.. تكسر الرتابة.. الهدنة الطويلة خطر على الطرفين..أليس كذلك؟..
اللاعب٢: ما يكسر الملل هو اللعب المدهش.. المدهش..
اللاعب١: يبدو أن العالم استنزف نفسه، فلم يعد هناك ما يثير الدهشة بقدر ما غلب عليه الملل.
اللاعب٢: عليك أن تبحث عن امرأة..
اللاعب١: (يصمت)..(يقهقه)..
اللاعب٢: لماذا تضحك؟
اللاعب١: لأن هذا ما كنت أفكر فيه بالضبط..
اللاعب٢: سيكسر هذا حدة الرتابة.. المسألة كلها تشتيت للشعور بالرتابة من هذا الوجود..
اللاعب١: أنا أشعر بأنني أحبها، وأشعر كذلك بأنها تحبني، ولكن لا أحد اعترف للآخر بحبه.. ربما يكون وهماً.. وفي كل الأحوال.. فالأشياء الجميلة تعبر قمامة حياتنا بسرعة..أليس كذلك؟
اللاعب٢: (بتأمل سعيد) أشياء جميلة.. آه.. جيد..
اللاعب١: أليس كذلك؟
اللاعب٢: اخبرها بحبك
اللاعب١: ولكن أين هي؟
اللاعب٢: هل هاجرت؟
اللاعب١: لا..
اللاعب٢: إذاً؟
اللاعب١: رأيتها في الزحام، فاحتشدت في قلبي، وغلفته بشعرها، ثم اعتصرته حد الموت، وغابت في الزحام...
كانت كما يرى المرء في المنام...
اللاعب٢: أنت حالم مجنون..
اللاعب١: كل الحقيقة تبدأ من حلم..
اللاعب٢: والآن.. يبدو أننا تعادلنا في اللعب.. إذا تكررت نفس الحركة لثلاث مرات سيعني ذلك التعادل..
اللاعب١: من قال ذلك؟
اللاعب٢: ليس من جديد..أرجوك..
اللاعب١: يا للعجب...إنك مؤمن!!..
اللاعب٢: من قال ذلك؟
اللاعب١: التزامك بالقوانين..
اللاعب٢: المسالة ليست كذلك..
اللاعب١: إن فكرة القدر تقتل روح المقاومة..
اللاعب٢: هذا انحراف تعسفي..
اللاعب١: لن يكون هناك تعادل..
اللاعب٢: كيف ذلك..
اللاعب١: سنكرر الحركة ولكننا لن ننهي المباراة.. ولكن كلما كررنا الحركة أعدنا حجراً من أحجار الشطرنج إلى الرقعة بحسب ما كان..
اللاعب٢: هذا مستحيل.. من سيتذكر..
اللاعب١: شاشة التسجيل.. يجب أن نرجع إلى نقطة الإنطلاق الأولى..
اللاعب٢: وما الفائدة من كل ذلك؟
اللاعب١: وما الفائدة من اللعب أساساً..
اللاعب٢: ال.. ال.. المتعة..
اللاعب١: حسنٌ.. فلتستمر المتعة إذاً..
اللاعب٢: لن أعود مقلوباً من جديد..
اللاعب١: كل شيء يعود.. كل شيء يعود إلى الأبد..

(ستار)

المشهد (٣)

المسرح: المقاعد المقلوبة كالمشهد الأول تماماً

اللاعب١: حسنٌ.. فلتبدأ..
اللاعب٢: فلتبدأ أنت..
اللاعب١: ولكنك صاحب القطع البيضاء..
اللاعب٢: وما المشكلة في ذلك..
اللاعب١: القانون يقول..
اللاعب٢: وما لنا نحن والقوانين..
اللاعب١: (يضحك) جيد..
اللاعب٢: إنني وجدت الأمر مسلياً حقاً..
اللاعب١: ألم أقل لك؟
اللاعب٢: نعم.. والآن.. دعنا نغير القوانين تغييراً شاملاً..
اللاعب١: وماذا تقترح..
اللاعب٢: اقترح أن ندمج لعبة الشطرنج بلعبة صراع الثيران..
اللاعب١: كيف ذلك؟
اللاعب٢: كلما أطاح أحدنا بقطعة للآخر حصل على الحق في طعنه طعنة دامية بالإبرة في أي مكان من جسده..
اللاعب١: ماذا؟
اللاعب٢: لقد قبلت كل تغييراتك..وعليك في المقابل أن تقبل بكل تغييراتي..
اللاعب١: ولكن.. ولكن هذا دموي.. دموي ومؤلم.. الشطرنج حرب سلمية..
اللاعب٢: من قال ذلك؟
اللاعب١: (يصمت) حسنٌ.. فلنفعل ذلك..
اللاعب٢: خذ هذه إبرتك.. وهذه إبرتي..
اللاعب١: (يأخذ الإبرة بتردد)..
اللاعب٢: كن قوياً ولا تتردد..
اللاعب١: حسن.. هذا تغيير جذري في قوانين اللعب.. الشطرنج المؤلم..
اللاعب٢: بل الشطرنج القاتل..
اللاعب١: (يبدو ساهماً)..
اللاعب٢: أنا أيضاً..
اللاعب١: ولماذا اقترحت هذا الاقتراح السخيف..
اللاعب٢: لأنن استمتعت بالتغييرات الطفيفة وأريد تغييراً يقتل الملل والرتابة.. تغييراً ثورياً..
اللاعب١: حسن.. فلنبدأ اللعب..
اللاعب٢: ابدأ..
اللاعب١: حسن..
(يحركان القطع)
اللاعب٢: (يصيح) ها قد نلت منك.. (يرفع الإبرة) افتح عينك اليمني..
اللاعب١: (بذعر) ماذا؟!!
اللاعب٢: افتح أو اعلن انسحابك..
اللاعب١: بل سأفتح..
اللاعب٢: خذ.. (يطعن اللاعب١ طعنة غائرة في عينه اليمنى ويحفر الإبرة حفراً داخل اللحم)..
اللاعب١: (يصرخ) آه.. أيها الحقود..آه..آه..
اللاعب٢: (يبتسم وتبرق عيناه) يا لها من متعة..
اللاعب١: أي متعة.. لن أرى مرة أخرى..
اللاعب٢: العب بحذر حتى لا تفقد عينك الأخرى..
اللاعب١: حسنٌ..
اللاعب٢: حركتك..
اللاعب١: طيب..
(يحركان القطع بحذر شديد)
اللاعب١: (يصرخ) هااا.. لقد نلت منك..افتح عينك اليمنى..
اللاعب٢: العين بالعين.. (يفتح عينيه فيطعنه اللاعب١ في عينه اليمنى ويحفرها حفراً بالإبرة).. آه.. آه..
اللاعب١: تحمل مسؤولية قراراتك في الحياة..
اللاعب٢: كم هذا ممتع.. كم هذا ممتع..
اللاعب١: مجنون..
اللاعب٢: شكراً لك..
اللاعب١: سادي..
اللاعب٢: شكراً لك..
(يحركان القطع)
اللاعب٢: (يصرخ) هااااا.. نلت منك..
اللاعب١: (يجمد متجهماً ممتقع الوجه).
اللاعب٢: عليك أن تختار.. عينك الأخرى.. أو الإنسحاب والخسارة..
اللاعب١: (يظل متجهماً حائراً)..
اللاعب٢: والآن؟!!.. ستثبت أن كل ما قلته منذ البداية لم يكن سوى هراء.. ستثبت بانسحابك أنك مجرد متفلسف تافه.. وستثبت أن العالم كان على صواب وأنت على خطأ.. ها.. قرر..
اللاعب١: (يبكي)..
اللاعب٢: قلتَ أن الحياة حرب.. والآن.. ماذا ترى بعينك الواحدة أيها الذكي.. اعترف.. اعترف أنك مجرد غبي يدعي الذكاء..وسأعفو عنك.. اعترف وسنعود للعب وفقاً للقوانين العالمية..
اللاعب١: (يظل متجهماً)..
اللاعب٢: سيخسر الجميع.. ستخسر أنت قبل الآخرين.. هل تريد الخسارة حتى على حساب عينك الثانية..
اللاعب١: (يصرخ) إنك تقطع حبل أفكاري.. أصمت..
اللاعب٢: حسنٌ..
اللاعب١: حسنٌ.. اطعني في عيني الثانية.. إنني مستعد لخوض الحرب..
اللاعب٢: هل هو قرارك الحاسم؟
اللاعب١: (بصوت خفيض وهو يهز رأسه) نعم..
اللاعب٢: إذاً.. خذ.. (يطعن اللاعب١ في عينه الأخرى ويحفر الأبرة حفراً في اللحم)..
اللاعب١: (يصرخ بألم) آه.. آه..
(يتنفس اللاعبان بسرعة)..
(صمت)
اللاعب٢: والآن..
اللاعب١: الرخ إلى اليمين..
اللاعب٢: (يحرك القطعة)..
اللاعب١: على الأقل لن أراها مرة أخرى.. (يقهقه) الأشياء الجميلة تمرق بين قمامتنا..أليس كذلك؟..
اللاعب٢: لا أعرف.. هل هناك أشياء جيدة؟
اللاعب١: الجيد ما نعتبره كذلك..
اللاعب٢: حسنٌ.. التفكير الإيجابي يحسن المزاج..
اللاعب١: أين حركت قطعتك..
اللاعب٢: البيدق الخامس من اليسار خطوة واحدة..
اللاعب١: (يصرخ) نلت منك..
اللاعب٢: (يحدق في رقعة الشطرنج) ماذاً؟!! ولكن كيف..
اللاعب١: هات عينك..
اللاعب٢: ماذا؟!
اللاعب١: هل تريد تغيير القوانين.. انسحب واعلن خسارتك لتؤكد صحة كل ما قلته لك..
اللاعب٢: نعم سأنسحب..
اللاعب: جيد..
اللاعب٢: سأنسحب أيها الأحمق.. وستظل أنت الخاسر بعين واحدة (يقهقه)..
اللاعب١: ماذا؟!!
اللاعب٢: هذا هو.. لقد انسحبت وأعلنت خسارتي.. عش أنت مع آيدولوجياتك التافهة..
اللاعب١: أيها الليبرالي القذر..
اللاعب٢: (يقهقه)
اللاعب١: ولكن .. ولكن لا.. لن أتركك.. سأدمرك.. سأقتلك..
اللاعب٢: نحن في عالم مقلوب أيها التافه.. لو تحركت فستسقط.. هل فهمت ما أعنيه.. وهذا هو ما يجعلنا آمنين.. آمنين أكثر من أمثالك من المتحذلقين...
(يبدأ اللاعب١ في فك أحزمة الأمان..)
اللاعب٢: ماذا تفعل يا مجنون..
اللاعب١: سأدمر كل شيء..
اللاعب٢: انتظر.. انتظر..
اللاعب١: هل ستسلمني عينك الوحيدة لأفقأها بإبرتي أم لا؟
اللاعب٢: لن أفعل ولن أجعلك تدمر العالم..
اللاعب١: لن تستطيع منعي..
اللاعب٢: بل أستطيع..
اللاعب١: وكيف ستمنعني..
اللاعب٢: بأن أقتلك وأنت لا زلت معلقاً في مكانك..
اللاعب١: إنك لن تفعل..
اللاعب٢: خذ(يطعن اللاعب١ في عنقه فيمسك الأخير برقبته ويبدأ في الاحتضار)
اللاعب١: ماذا فعلت؟
اللاعب٢: ما كان يجب أن أفعله منذ البداية..
اللاعب١: أنا.. أنا.. أم.. أم.. أموووت.. (يموت)
(يبقى اللاعب٢ صامتاً متأملاً جثة اللاعب١)..
اللاعب٢: نعم.. كان لا بد من ذلك.. لن يكون هناك عود أبدي أبداً.. في بعص الأحيان إيماننا بالقدر هو ما يجعلنا قادرين على المقاومة.. وهذا ما لم تفهمه أنت أيها الأبله..

(ستار)


~النهاية~

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى