د. عبدالجبار العلمي - عن ديوان "أزهار الرميم" للشاعر المغربي المبدع أحمد تسوكي أحرميم

منذ مدة كتبت تدوينة عن الشاعر المغربي المبدع أحمد تسوكي الذي رحل عن عالمنا مؤخرا ، متسائلا عن غيابه عن ساحة الشعر في زمن شحت فيه شجرة شعرنا المغربي بثمار الشعر العذب اللذيذ المساغ إلا نادرا. ولم ألتق به إلا مرة واحدة في الرباط مصادفة بعد سنوات طويلة. وبعد ذلك غابت عني أخباره إلى حد كتابة هذه السطور . ولم أعرف ما إذا كان قد استمر في الكتابة الشعرية أم انقطع عنها. وقد يكون العمل الصحافي بإكراهاته ومصاعبه المعروفة ، قد حال بينه وبين كتابة الشعر. وأخيرا تلقى أصدقاؤه ومجايلوه ومحبو شعر صباه الواعد الخبر اليقين المتمثل في صدور ديوانه الأول بعنوان :
" أزهار الرميم " عن مطبعة الخليج العربي بتطوان سنة 2017 . والمعروف أن الشاعر بدأ ينشر أشعاره الأولى بجريدة العلم ( صفحة أصوات ) كما نشرت له مجلتا الآداب والأديب البيروتيتان بعضاً من تلك الأشعار الجميلة الناضجة فنياً ودلالياً ، وقد أوردها الشاعر في ديوانه مع غيرها ، كتبها ما بين سنتي (1964 و1966 م). ومن أعذب هذه القصائد وأرقها قصيدته المهداة إلى صديق صباه ورفيق البدايات القاص الروائي المرحوم أستاذ الأجيال محمد أنقار . وسأحاول فيما يلي تقديم عرض أولي مقتضب لهذا الديوان الشعري المتميز :
يقع الديوان في 377 صفحة من القطع المتوسط ، وقد عني فيه الشاعر بضبط معظم كلمات أبيات قصائده عناية تنم عن حرصه على أخراج ديوانه للناس في حلة لائقة إحساساً منه بالمسؤولية إزاء متلقيه. ويشتمل على 24 قصيدة ، أربع عشرة منها على الشكل العمودي ، وعشر تنتمي إلى الشعر التفعيلي أو المقطوعي ، وهذه هي التي كتبها في مرحلة الصبا والتي ألمحنا إليها آنفاً. والأربع عشرة قصيدة العمودية هي كالتالي : 1 ـ كلمات وكلمات ، ص : 7 ؛ 2 ـ في وادي الأشجان ، ص : 25 ؛ 3 ـ قصيدة القدس ، ص : 65 ؛ 4 ـ إفادة مواطن عربي في قضية السيدة " ف " ، ص : 99 ؛ 5 ـ جيم الجمال ، ص : 123 ؛ 6 ـ كمنجة الآشواق ، ًص : 141 ؛ 7 ـ كونشرتو الشجارات ، ص : 157 ؛ 8 ـ زهرة الرميم ، ص : 171 ؛ 9 ـ ثلاثية المبتدأ والمنتهى أو " وجوه حميمة من سيرة الأنا " ، ص : 181 ، وتنضوي تحت هذا العنوان ثلاثة مقاطع هي : " أنا وحيد " ـ " وغريب " ، ص : 205 ـ " وقتيل " ، ص : 215 ؛ 10 ـ ياساري البرق ، ص : 229 ؛ 11 ـ بالناي والعود ، ص : 245 ؛ 12 ـ " الصواب والخطأ " ، ص : 253 ؛ 13 ـ " قصيدة الموت " ، وهذه القصيدة مهداة إلى زوجته الراحلة " أنيسة الناصر " التي وافاها الأجل بتاريخ ( 12 ـ 9 ـ 2016 م ) ، ص : 256 ؛ 14 ـ " حتى الثمالة .. ، " ، ص : 337 . أما القصائد العشر التي جعلها الشاعر تحت عنوان " من أشعار الصبا " ، ص : 345 ، فتحمل العناوين التالية : 1 ـ حُلمي ، ص : 347 ؛ 2 ـ تذكريني ، ص : 348 ؛ 3 ـ بكائية ، ص : 350 ؛ 4 ـ عند السرير ، ص : 354 ؛ 5 ـ غريب هناك ، ص : 358 ؛ 6 ـ طائر الشتاء ، ص : 360 ؛ 7 ـ وقت لليأس ، ص : 365 ؛ 8 ـ ووقت للتيه ، ص : 367 ؛ 9 ـ رسالة إلى صديق ، ص : 369 ؛ 10 ـ مرفأ الأحباب " ، ص : 371 .
والجدير بالملاحظة أن القصائد العمودية كتبت بعد أشعار الصبا بعقود عديدة . فتاريخ كتابتها يبتدىء من سنة 2002 م. إلى سنة 2016 م. وقد كتبها الشاعر مابين الرباط وتطوان في فترات متباعدة .
وتتميز القصائد العمودية بطول النفس الشعري الذي لم نعد نصادفه في دواوين شعرائنا العرب المعاصرين الذين يكتبون العمودي أو التفعيلي إلا إذا استثنينا شعراء كباراً ، يحضرني هنا في هذه العجالة ، أدونيس في " الكتاب " بجزأيه . ويبدو أن الشاعر أحمد تسوكي أحرميم لم يكن غيابه الطويل عن ساحة النشر إلا ليستكمل أدواته الفنية وثقافته الشعرية العميقة التي بدأها في صباه في أواسط الستينيات مع قصيدته الرائعة "مرفأ الأحباب " التي احتفى بها سهيل إدريس في مجلته الغراء " الآداب " وغيرها من درر شعرية كانت حقا تعد بشاعر متمكن . وإذا كانت قصائد الصبا تتجه اتجاها وجوديا يتناغم وطبيعة تلك المرحلة ، فإن المنحى الذي نلمسه في ديوان " أزهار الرميم " ، هو منحى يتجه نحو عوالم الروح والتصوف. والحقيقة أن هذا الديوان عملة نادرة من طراز نفيس يعيد للشعر العمودي روعته وصولته وفخامته وللغته قوتها وجزالتها ورونقها ، ويؤكد لنا أن الشعر شعر في أي شكل من الأشكال.
هذا وصف أولي للديوان ، والحقيقة أنه جدير بالدراسة الأكاديمية الجادة ، والتحليل النصي الذي يقف عند مكونات الخطاب الشعري ودلالاته العميقة.

1648652069979.png 1648652146044.png

1648652216108.png








تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى