أمل الكردفاني- أذى الترجمة

إن الترجمة ليس نصاً آخر بل تحرشاً بالنص. حقاً هي أذىً بالغ. لي تجربتان في الترجمة، وكلاهما انتهت بمرارة، لأصرف النظر بعدهما عن فكرة ترجمة أعمالي -أو ما أكتبه لأكون متواضعاً قليلاً.
التجربة الأولى قامت بها مترجمة من دولة أخرى، والثانية تبرع بها مترجم من تلقاء نفسه.
في الحقيقة اكتشفت شيئاً مهما، وهو أن ما أكتبه غير مفهوم لدى المترجمين، وبالتالي يعني هذا أنه غير مفهوم لمن يقرؤه. يظن المترجم أنه يستطيع استبدال مفردة بمفردة، وهذا غير صحيح. لقد طلبت من المترجمة أن تترجم حرفياً كما يفعل قوقل، لكن الناتج كان مثل علاقة حرب روسيا وأوكرانيا بالباربادوس ..نص لا علاقة له بالنص الأصلي بالمرة. بات من الواضح لي أن المترجمين يأخذون المفهوم العام ويبنون عليه نصهم، أي اختياراتهم للمفردات ولتراكيب الجُمل. فهم لا يحاولون فحص النص كما يفحص المحامي العقد الذي كتبه خصمه.. يعتقد المترجمون أن الكتابة الأدبية تشبه الترجمة الفورية، وهذا غير صحيح. إن كل كلمة لها معناها وموقعها الخاص بها في النص. وإزاء هذا الكم الهائل من عدم فهم النص بدا لي أنه من الصعب تصحيح كل تلك الأخطاء. لذلك ألغيت فكرة الترجمة عن طريق مترجم. غير أن هذا جعلني أتساءل عن المأساة التي تعانيها الترجمات التي نقرؤها نحن كعنوان للحقيقة أي للتطابق مع الأصل؟ كم عدد المفاهيم المعكوسة أو الخاطئة أو الغامضة التي اكتسبناها من خلال ترجمات خاطئة؟ وما حجم الكارثة لو كانت ترجمة واحدة خاطئة لكتاب واحد تم تداوله في كل الدول الناطقة بالعربية؟ والأهم من ذلك: كيف استخدم لغة بسيطة جداً داخل السياقات العامة ومع ذلك يبقى النص أدبياً وغير متهافت؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى