د. خالد محمد عبدالغني - مدرسة الصيام للتدريب على التقوى

وجاء الصيام لتخليد ذكرى نزول الوحي – القرءان الكريم – وكأننا نتقرب إلى الله ونشكره علي نزول القرءان بصيام رمضان " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (سورة البقرة: آية 185 ). وجاءت خير ليالي شهر رمضان هي تلك الليلة التي نزل فيها القرءان فسميت ليلة القدر وفيها يقول تعالى " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)}[سورة القدر].. لتكون احتفال كوني من الملائكة ومعهم الروح – أمين الوحي جبريل عليه السلام – ليتدارسوا القرءان وليحتفلوا بذكرى تلك الليلة وكأن وحي الله إلى الأرض لم ينقطع بخلود النبي الأعظم إلى الرفيق الأعلى ولكنه مستمر بشكل رمزي أيضا. وأمر نزول الملائكة في ليلة القدر هو أمر كوني يتخطى حيز الأرض وأما نزول جبريل بالقرءان من الله تعالي إلى الرسول محمد لهو أمر كوني أيضا حيث اتصال السماوات بالأرض. بوحي خالد حتى قيام الساعة وهو كلام الله وكأننا أمام الله تعالى متحدثا وأمامنا الكون الفسيح وكأننا أمام الله قادرا مقتدرا فالكون دليل قدرة والقرءان دليل من الله عليه مباشرة .
وثابت أن الصيام استجابة لأمر الله وطاعة له سبحانه وتعالى وإلى جانب ذلك تأتي القيم الاجتماعية المتضمنة في الصيام مثل التعاون والبر والإحسان للفقراء ، كما تأتي مجموعة من القيم تتعلق بتزكية الإرادة والقدرة على اتخاذ القرار ومراقبة الله في السر والصبر على الجوع والجماع وكثرة العطاء من أجل استثمار كل تلك القيم في بقية العام حين يستطيع المسلم اتخاذ قراره بالابتعاد عن الشرور والآثام والشح المعنوي والمادي وحين تقوى إرادته على فعل الخيرات ، وحين يتخلص من الرياء حين يعمل الطاعات لأنه سيراقب الله سرا ويخلص نيته من نصيب الناس فيما يفعله ، وبهذا يمكن للمسلم أن يولد من جديد مع شهر رمضان الكريم ولهذا كانت عظمة هذا الشهر إذا استطاع المسلم الخروج منه وقد تحققت ولادته مثل الحج الذي يخرج منه المسلم وقد ولدته أمه، وعندئذ تتحقق التقوى التي هي المراد من الصيام كما جاء في قوله تعالى :" يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (سورة البقرة آية 183). ولأجل اتساع الأثر الذي يحدثه الصيام في النفس من تزكية وترقية جاء الصيام ككفارة لمن أتى بعض الذنوب أيضا.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى