محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - اتذكر كل شيء

اتذكر كل شيء
كأن الامر حدث بالأمس الغريب
الامس الذي رأيتني ، مدهوساً بأحذية ألهة
وحوافر سيارات
ومخالب قِردة
حدث ذلك ، في عصر فكتوري جامد
الجميع يعملون ، كماكنات ، الحواس مركونة في خزانة حديدية
مغلقة بأحكام
الطقس بارد ، بطريقة تأكل الاصابع كتسوس غير معترف به
خرجت امي الى الحقل
صب والدي زجاجة عرق في حلقه
نظر لي
على جانب السرير بحيرة
ظنني احد القطط التي تتسلل ليلاً
دفعني برجله قليلاً
ليسحب حذاءه الجلدي ، وجواربه وخرج
حدث ذلك في مساء ارجواني
ورائحة الماكنات تتنقل بين الوجوه والامكنة
و الشبق الانساني يلتصق بالجدران اكثر من الاسِرة الناعمة
لا وقت للجنس الذي يُعزف كرقصة ليلية
كوقت تقطعه خادمة غجرية طيبة لشرائح مثلثة
لا وقت للكلمات وللأشعار
حدث ذلك
حين عادت من الحقل
لمحتني هناك
على جانب الغُرفة
قرب بندقية الصيد ، والمذياع ، من فوقي صورة الجد ، عندما اصطاد طائرة مجهولة
على يساري ، اخشاب طلح ، وخيوط كان ينبغي أن ينسج منها جسدي كما يجب
حدث ذلك وانا ارى الحيرة في امي
متسائلة من أنت ؟
حين تذكرت في الحقل ، الالام بين فخذيها ، شرائط الدم ، الانتفاخ الذي خمد
كبالونة وانفجرت ، ككلمة على المحك ، ضاعت عن المحك
لقد حدث ليلاً
حين انزلقت ، غارقة كانت في نومها ، على اظافرها رائحة الطين ، والماء ، واعشاب النهر الشريرة
على شعرها اتربة
ووصايا عسكرية صماء
وبقع حروب
حدث ذلك وابي على حافة الطرف الاخر من السرير
على جسده فقط خمرة
واطفال مدخرون لماكنات المصنع
زحفت من العتمة ، كان الضوء في الخارج مائلا للرمادي ، والوقت مرتبك كما هو دائماً
خرجت ،
ثم قفزت عن رجلها
ماراً بالمسافة التي تفصلها عن ابي
وترجلت عن الفراش
ثم بدأت بقضم الاشياء
ارجل السرير ، اطراف الخزانة ، خوذة قديمة ، منذ كان ابي يحارب ليكسب قطعة خبز ، وواقي ذكري يعرقل حضوري ، قضمت صورة الجد ، واوراق التواليت ، وبرقيات ، وزجاج النافذة
وماكنة حلاقة
واقراص اذن ، واقطان امي ، ثياب نومها
هكذا تذكرتني امي
ليس من وجهي
من ألمها
هكذا كانت ولادتي
في العصر الفكتوري
ولا زالوا يسألوني ، لماذا تقضم اظافرك
لم يعرفوني صغيراً
لم يعرفوا انيابي حينها
كُنت قادر على قضم أسئلتهم ، وقضمهم معها

عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى