محمد عباس محمد عرابي - التصور والتصديق في العربية للباحثة هناء اسماعيل العاني

التصور والتصديق في العربية رسالة تقدمت بها الباحثة /هناء اسماعيل إبراهيم هويدي العاني إلى مجلس كلية الآداب – جامعة بغداد، وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها بإشراف الأستإذة الدكتورة /خديجة عبد الرزاق الحديثي1426هـ / 2005 م
*أسباب اختيار الباحثة لموضوع البحث:
لقد تركز البحث هذا على موضوع من موضوعات معاني النحو هو : (التصور والتصديق في العربية حيث مالت الباحثة في دراسته أولا ، ولأن هناك العديد ممن بحثوا في موضوع الاستفهام بوصفه موضوعا من علم المعاني لم يتسلط بحثهم على مفهوم التصور والتصديق بشكل مفصل
ورغبة من الباحثة في الفصل بين تراكيب التصور ، وتراكيب التصديق، ولبيان القواعد والضوابط والأقيسة ذات الصيغ العلمية والمنطقية لكل منهما ، فقد قصرت الباحثة بحثي عليهما آملة أن يجد الدارس فيه ما يعينه على تذوق معاني النحو ، والإفادة منها وما يكشف له أيضا عن دور علم المعاني في فن القول وبلاغته .
مكونات البحث :
تكون البحث من تمهيد وثلاثة فصول، جاءت على النحو التالي :
التمهيد جاء بعنوان ( في الخبر والانشاء وفي الاستفهام وتأصيل أدواته) ، تحدثت الباحثة فيه أولًا عن (الكلام بين الخبر والانشاء) ، ثم عن (الاستفهام وتأصيل أدواته) .
الفصل الأول::"التصور":
وجاء في أربعة مباحث :
المبحث الأول:
تناولت فيه الباحثة تطور مفهوم التصور من المعنى اللغوي إلى المعنى الاصطلاحي عند المناطقة، والنحويين، والبلاغيين.
المبحث الثاني:
تحدثت فيه الباحثة عن حكم الهمزة التي لطلب التصور عند النحويين، والبلاغيين فضلا عن التطبيق له بشواهد من آيات الذكر المبين والشعر العربي.
المبحث الثالث :
خصصته الباحثة لألفاظ الاستفهام الاسمية التي يطلب بها التصور ، وبحكم طبيعة هذه الالفاظ وسعة الحديث عنها جاء هذا المبحث أوسع المباحث.
المبحث الرابع:
سمته الباحثة ( الحكاية في الاستفهام التصوري)و تحدثت فيه عن الحكاية بـ(أي)، وعن الحكاية بـ(من) .
الفصل الثاني :(التصديق):
وهو أربعة مباحث أيضا :
المبحث الأول:
للتصديق لغة واصطلاحا مرورًا بقواعده وأصوله عند المناطقة، والنحويين ،والبلاغيين مع الحديث عن نوعيه، أي : التصديق الإيجابي ، والتصديق السلبي، وتحديد الأداة التي تدل عليه.
المبحث الثاني:
لحروف الايجاب والتصديق بدءا من الحروف الثنائية التي منها : (أي) و (لا) ، ثم الحروف الثلاثية ، ومنها : (أجل) ، و(أن) ، و(بجل) ، و(بلى) ، و(جلل) ، و(جير) ، و(نعم) وأخيرا الحروف الرباعية التي للردع ولم يرد منها إلا كلا .
المبحث الثالث :
لمعاني أم) ومواضعها ، إذ تحدثت فيه عن أنواع أم) ومنها : أم) المتصلة ، وأم) المنقطعة وعرضت لـ أم) المحتملة للاتصال وللانقطاع ، عندئذ تحدثت عن أم) الزائدة واخيرا ذكرت أم) المعرفة في بعض اللغات .والمبحث الرابع للموازنة بين ما تختص به همزة الاستفهام وما تختص به (هل) وذلك ببيان أوجه التشابه والاختلاف بينهما .
الفصل الثالث : (المعاني المجازية لتراكيب التصور ،وتراكيب التصديق):
إذ عرضت الباحثة له بالتقسيم الوارد في كتاب (البرهان في علوم القران) للزركشي . فهو عنده على قسمين رئيسين هما : الاستفهام بمعنى الخبر ، والاستفهام بمعنى الانشاء . والاستفهام بمعنى الخبر ضربان : استفهام إنكار ، واستفهام تقرير.
أما الاستفهام المراد به الإنشاء ، فهو على ضروب كثيرة . اختارت الباحثة هذا التقسيم لوضوحه ولشموله لأغلب الدلالات، والمعاني المجازية
الخاتمة :
فقد عرضت الباحثة فيها أهم الاستنتاجات التي توصلت إليها من خلال بحثها المـوسوم: بـ( التصور والتصديق في العربية ) .
مصادر الدراسة :
من أبرز مصادر الدراسة التي رجعت إليها الباحثة المراجع التالية :
*كتب النحو: يعد كتاب سيبويه أحد أهم الكتب النحوية التي أمدت البحث بمعلومات مركزة . واستفادت الباحثة من كتاب (المقتضب) للمبرد ، وكتاب (شرح المفصل) لابن يعيش ، وكتاب (شرح الكافية الشافية) لابن مالك ، وكتاب (شرح كافية ابن الحاجب) لرضي الدين الاسترابإذي ، وكتاب (مغني اللبيب) لابن هشام الانصاري .
*الكتب البلاغية : يأتي كتاب (دلائل الاعجاز) لعبد القاهر الجرجاني في مقدمة الكتب البلاغية التي اعتمدت الباحثة عليها . كما استفادت من كتاب (شروح التلخيص) وكتاب (المطول) للتفتازاني .
*أما كتب المفسرين التي اعتمدت عليها الباحثة ،فهي : (الكشاف) للزمخشري ، و (التفسير الكبير) لفخر الدين الرازي ، و (البحر المحيط) لأبي حيان النحوي. وانتفعت الباحثة أيضا بمجموعة من المراجع الحديثة والبحوث
نتائج الدراسة :
توصلت الباحثة لعدة نتائج ذكرتها على النحو التالي :
لاشك في أن موضوع ( التصور والتصديق في العربية ) من الموضوعات الصعبة المطولة إلا أن البلاغيين ، والنحويين قد فرقوا بين الاستفهام عن المفرد ، والاستفهام عن النسبة بالتسمية أيضا ، فهم يسمون الاستفهام عن إدراك المفرد ومعرفته تصورا ، ويسمون الاستفهام عن إدراك النسبة ومعرفتها تصديقا . يكون الاستفهام عن ( التصور ) عند التردد في تبيين احد شيئين ، فبالاستفهام يعلم أنه أحاط العلم بأحدهما لا بعينه ، مسندين ، أو مسندا إليه ما ، أو من متعلقات الإسناد . والاستفهام عن ( التصديق ) يكون عن نسبة تردد الذهن بين ثبوتها، وانتفائها. والضابط في التفريق بين الاستفهام الذي يطلب به ( التصور )، والاستفهام الذي يطلب به ( التصديق ) هو :
الاستفهام التصوري : ما صلح أن يؤتي بعده بـ أم) المتصلة المعادلة العاطفة لا المنقطعة. والاستفهام التصديقي : حقه أن يؤتى بعده بـأم) المنقطعة لا المتصلة.
ولايكون الاستفهام لطلب التصور إلا بعد حصول التصديق بأصل النسبة ، أي : لا يستفهم بـ (أم ) المتصلة حتى يحصل عند السائل العلم بما يسأل عنه بـ (أو ) يقول المستفهم :( أزيد عندك أو عمرو ؟ ) فيقول المسؤول : ( نعم ) وفي جوابه هذا علم كون أحدهما بغير تعيين عنده ، لان المعنى : أحدهما عندك ؟ فإن أراد السائل أن يعين له المسؤول ما علمه بسؤاله بـ(أو) ويخصصه له ،سأله بـأم) فالسؤال بـ(أو) لا يمكن أن يكون بعد السؤال بـأم) ، لإنك في أم) عالم بوجود أحدهما عنده ، فيكيف تسال عما تعلم ؟
أن العلم بحصول النسبة، أو وقوعها بين المسند، والمسند إليه يكون مدخلا أساسيا للسؤال عن أحد شيئين ،وتحديد المختص منهما بالأمر الذي يعرفه المستفهم ويسأل عن صاحبه ليعين له المسؤول أحد الأمرين تعيينا قاطعا ، أي : يعين له ما كان قد علمه مبهما . أما في التصديق، فيكون الاستفهام عن مضمون الجملة أي عن الإسناد الذي فيها ولذلك لا يكون جوابها إلا بأحد أحرف الجواب . فضلا عما تقدم نستنتج أمورا أخر قد أسفر عنها بحثنا الموسوم بـ( التصور والتصديق في العربية ) ، هي :
  1. استقرار مصطلحي التصور والتصديق في القرن السادس الهجري على يد السكاكي بعد فصل العلوم والفنون عن بعضها ، وسيطرة النزعة الجدلية على (مفتاح العلوم) ، وغلبة النظرة العقلية ،والمنطقية عليه .
  2. أن كل تصور مسبوق بالتصديق .
  3. أن سيبويه وضع اصول التقديم في الاستفهام بالهمزة ، لكن عبد القاهر الجرجاني زاد عليها تحليلات للشواهد والأمثلة وخالف سيبويه في حكم المسؤول عنه بعد الهمزة.
  4. أن استعمال أسماء الاستفهام ، إنما كان طلبا للاختصار ، لأن استعمالها يغنى عن الكلام الكثير غير المتناهي في الإبعاد والطول فيما لو أردنا أن نستعمل حرف الاستفهام (الهمزة) في مواضعها ، فهمزة الاستفهام لا يمكن أن تحيط إحاطة هذه الأسماء في طلب تصور المستفهم عنه بها ، نحو : (كم مالك ؟) قد أغنى عن قولنا : ( أعشرة مالك ، أم عشرون ، أم ثلاثون أم مئة ، أم ألف ..؟ فلما قلنا : ( كم ) اغنتنا هذه اللفظة الواحدة عن تلك الإطالة غير المحاط بأخراها . ونحو : ( أين بيتك ؟ ) قد اغنتنا (أين ) عن ذكر الأماكن كلها . والامر كذلك في بقية أسماء الاستفهام فهي تفيد العموم والاستغراق اللذين لا يمكن للهمزة أن تفيدهما لو استعملت مكانه .
  5. أن الاستفهام له صدر الكلام . لا يجوز تقديم شيء مما في حيزه عليه ، لأنه إذا تقدم عليه شيء من الجملة فقد الدلالة على معنى الاستفهام
  6. لا يعمل في أسماء الاستفهام مما قبلها إلا حرف الجر أو المضاف ؛ لأن تأخير الجار عن المجرور ممتنع ، فالجار والمجرور بمنزلة كلمة واحدة مستحقة للتقديم وكذلك المضاف والمضاف إليه كالكلمة الواحدة .
  7. من آثار حرف الجر أيضا أنه إذا دخل على (ما) الاستفهامية أوجب حذف ألفها في غير الوقف كقوله تعالى : " عم يتساءلون " أما في الوقف فيجب حذف الألف والإتيان بهاء السكت مثل قولنا : ( عمه ؟) ، (بمه ؟)، (فيمه ...؟ ) وعلة هذ الحذف الفرق بين (ما) الاستفهامية والخبرية ، أي : (الموصولة) .
  8. إذا ابدل من أسماء الاستفهام فلا يكون البدل إلا بهمزة الاستفهام كقولنا : ( كم مالك ؟ أعشرون أم ثلاثون ؟ ). ولا يجوز أن تقول : (كم مالك ؟ هل عشرون أم ثلاثون؟ ).
  9. أسماء الاستفهام جميعا مبنية عدا (أي) فهي معربة ، لأنها واجبة الإضافة إلى النكرة أو المعرفة .
  10. (كيف) لا تكون ظرفا عند سيبويه وإن كانت بمعنى (علي أي حال ؟ ) و ( في أي حال ؟ ) وإنما تكون للسؤال عن الحال والهيئة الطارئة على الأمر المسؤول عنه في تحديد معناها بقوله : ( على أي حال ؟ أو في أي حال ؟ ) وبهذا المعنى يريد الظرفية المجازية لا الظرفية الحقيقية النحوية التي تقتضي أن يكون الظرف منصوبا على الظرفية . فهي عنده مبنية على الفتح في محل رفع، أو نصب بحسب حاجة العبارة ولا تكون في محل جر .
  11. دخول الحكاية في الاستفهام التصوري بـ(أي) وبـ(من) لغرض رفع اللبس ، أي : ليتيقن المخاطب أن المسؤول عنه هو ما ذكر بعينه لا غيره .
  12. من آراء النحويين الأوائل ،ومن تابعهم من المتأخرين، والمحدثين أن (هل) الاستفهامية لا تدخل على الجمل المنفية ، لكن الباحثة وجدت قولا للشاعر عمرو بن قميئة - جاهلي قديم أقدم من امرئ القيس - دخلت فيه (هل) على جملة منفية ، أي : جاء الاستفهام عنده عن مضمون الجملة المنفية ، وهذا يؤكد أن (هل) لاتختص بالدخول على الجمل المثبتة ، كما يؤكد أن ثمة نصوصا في الشعر القديم دخلت فيها (هل) على جملة منفية بعد العهد بها ولم يصل إلينا إلا القليل منها . وهذا مما يحفظ ولا يقاس عليه.
  13. (نعم) أم حروف الإيجاب ، والتصديق ، إذ تدخل على الخبر، والاستفهام، والإثبات، والنفي فتفيد تصديق ما قبلها إثباتا كان، أو نفيا في الخبر، والاستفهام ، لكنها عند المبرد لكل كلام لا نفي فيه . أما (بلى) فلا تأتي إلا بعد نفي ، واستعمالها لتصديق الإيجاب قليل لا يحتج به ؛لأن القياس استعمال (نعم) ، وأما (لا) فلا تأتي إلا بعد إيجاب ، أي : لنفي الإثبات ، لا لنفي النفي.
و (أجل) مثل (نعم) فتكون تصديقا للمخبر، وإعلاما للمستخبر، ووعدا للطالب لكن مالقي قيد الخبر بالمثبت والطلب بغير النهي . وخصها قوم بالخبر دون الاستفهام، والطلب . وهكذا تعددت حروف الإيجاب والتصديق بسبب تعدد المعاني .
  1. أن أم) المتصلة المعادلة تكون عطفا بعد الهمزة التي يطلب بها التصور، أو التسوية ولا تقع إلا بين شيئين مرتبطين ارتباطا كلاميا .... وكل ما جاء من أم) بعد الخبر، وبعد الاستفهام غير الهمزة فهي فيه منقطعة ، وكذلك إذا كانت أم) نقيض ما قبلها. وتقدر أم) المنقطعة عند البصريين بـ(بل) التي للإضراب مع الهمزة ، اما الكوفيون ، فيجزون تقدير أم) المنقطعة بـ(بل) وحدها ، ويرى عدد قليل من البصرين هذا الراي أيضا. وبدا للباحثة أن أم) المنقطعة تقدر بـ(بل) مع الهمزة في مواضع مع سلامة المعنى ، وأنه يمتنع تقديرها بـ(بل) مع الهمزة في بعض المواضع لما يترتب عليه من فساد المعنى . كان تدخل أم) على إداة استفهام أخرى فتقدر عندئذ بـ(بل) وحدها .
  2. إذا وليت أم) والهمزة جملتان فعليتان متساويتا النظم مشتركتان في الفعل ، أو اسميتان مشتركتان في جزء من أجزاء الإسناد، فالأولى أن تكون أم) فيهما منقطعة؛ لأنه إذا قصد الاتصال يمكن الاكتفاء بالمفرد . فالعدول إلى الجملتين مع القدرة على المفردين دليل الانقطاع . وأما في الفعلتين المشتركتين في فاعل واحد فلا يصح الاكتفاء بمفردين منهما ؛ لأن لكل فعل فاعلا .
وتأتي أم) محتملة للاتصال وللانقطاع ، وذلك إذا كان الشك في الجملتين ولم يشتركا في الجزءين ، وإذا لم يكن ما بعد أم) نقيض ما قلها فتحتملهما .
  1. لا تزاد (من) بعد الاستفهام إلا إذا كانت أداة الاستفهام (هل) قيد ذلك أبو حيان النحوي وابن هشام الانصاري .
  2. يكثر التصديق في الجمل الفعلية ، ويقل في الجمل الاسمية ؛ لأن النفي والإثبات إنما يتوجهان إلى المعاني ،والأحداث التي هي مدلولات الأفعال لا إلى الذوات التي هي مدلولات الأسماء .
  3. أن الحديث عن الهمزة و (هل) عند النحويين والبلاغيين كان أكثر تفصيلا من الحديث عن بقية أدوات الاستفهام . فسيبويه فرق أولا بين أدوات الاستفهام جميعا وبين الهمزة ، فأدوات الاستفهام يقبح دخولها على الاسم إذا كان بعده فعل إلا في ضرورة الشعر ، لكن الهمزة يصح فيها ذلك من غير قبح . ويبدو للباحثة أنه كان شديد الملاحظة إذ لم يقل بفساد ذكر الاسم بعد هذه الأدوات، بل عد ذكر الفعل بعدها أولى . وهذا يعني أنه يصح ذكر الاسم بعدها ، مثل : ( هل زيدا ضربت ؟ ) إذ أن من البلاغيين من يعرب (زيدا) مفعولا به لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور غير أن هذا قبيح ؛ لأن الفعل لم يشتغل عنه بالعمل في ضميره
  4. جواز تقديم الاسم على الفعل بعد همزة الاستفهام ، مثل : ( أعبد الله ضربته ؟ ) بلا قبح أو ضرورة . ويختار فيه النصب على الرفع وهو مذهب الجهور. ورفعه بالابتداء حسن جيد لا قبح فيه عند سيبويه ؛ لأن الاستفهام يقع بعده المبتدأ والخبر . أما (هل ) فلا يقع بعدها اسم بعده فعل في الاختبار وأجاز ذلك الكسائي جوازا حسنا . فعلى مذهبه يجوز الرفع على الابتداء ، والنصب على الاشتغال .
  5. أن علماء النحو الأوائل ومن تابعهم كـ( ابن يعيش ) منعوا القياس في حذف همزة الاستفهام قبل أم) المعادلة ،وعدوا ذلك ضرورة شعرية عدا عدد قليل منهم إذ يقيس حذف همزة الاستفهام في الاختيار لقوة الدلالة عليها . ومن النحويين المتأخرين من جوز حذف همزة الاستفهام سواء تقدمت على أم) ام لم تتقدم عليها كـ(ابن هشام الانصاري) ومن الذين جاءوا بجديد في هذه المسألة الدكتور تمام حسام إذ يرى أن من قرائن التعليق اللفظية في السياق التنغيم فهو الإطار الصوتي الذي تقال به الجملة في السياق ، أي : يقوم مقام الترقيم في الكتابة لكنه أوضح من الترقيم في الدلالة على المعنى الوظيفي للجملة . فربما أهملت العرب ذكر الأدوات في الجملة اعتمادا على التعليق بالنغمة . ولكن الذين دونوا التراث احتفظوا بهذه الأدوات لعدم وجود الترقيم أو التنغيم في الكتابة ، ولا من اللبس في المعنى اطرد ذكر الأدوات عندهم . وثمة من حذف الأداة بلا لبس مثل عمر بن ابي ربيعة حين قال :
" ثم قالوا : تحبها ؟ قلت : بهرا "
إذ أغنت عنده النغمة الاستفهامية عن أداة الاستفهام ، فحذفت الأداة وبقي معنى الاستفهام مفهوما من البيت .
  1. الإنكار ضربان : إنكار إبطالي ، وإنكار حقيقي وهذان الإنكاران مختصان بالهمزة فإن كان الإنكار إنكار وقوع الشيء فهذا هو معنى النفي وهو الذي تنفرد به (هل) عن الهمزة .
  2. يقصر سيبويه وابن جني غرض التقرير على همزة الاستفهام دون (هل)، خلافا لما يراه عدد قليل من العلماء ، إذ قد تخرج (هل) عندهم إلى غرض التقرير .
  3. ثمة من حصر الاستفهام الذي يدل على التسوية بمفردات معنية ، مثل : (سواء) و(ما أبالي ) ، أو ( لا أبالي ) ، ومنهم من أضاف (لا أدري) ، أو ( ما أدري ) ، و (ليت شعري) ، لكن يبدو للباحثة أنه لا وجه لحصر الدلالة على التسوية بهذه المفردات . فإن دل الكلام على التسوية مع أي مفردة من تلك المفردات حكم بها .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى