محمد آدم - نشيد الجحيم (21)...

(21)
إنى أتساءل ماذا لو كان محمد مثلاً قد ولد فوق ضفاف
دجلة
والفرات
ماذا لو كان قد عرف طعم الجميز
وحبات التوت
وأخذ بجمع القطن فى جلبابهِ
ويغنى خلف النوارج فى عز الظهيرةِ
ويمشى خلف المحراث طيلة النهار
وهو يبذر القمح
وينظر إلى كيزان الذرةِ
وسنابل الشعير
ويجمع الطماطم والباذنجان فى طنجرتهِ؟
ماذا لو كان قد أكل الجوافة المعطوبة
وأحس بطعم المانجو المالح
وأخذ يقطّع البطيخ بأسنانهَ المسوسةِ
وهو يسأل شجرة اللوز
أين الله يا أخت
فلا تجيبه شجرة اللوز سوى بابتسامةٍ
دامعة
وهى تنحنى على ثمراتها الناضجة !!
ماذا لو كان قد دار خلف الساقية
-بدلاً من رعى الأغنام- ليجلب الماء إلى الحقول
ونباتات الحميض
وشجرات البامياء الباسقة
ماذا لو كان يعرف أغانى الفلاح الفصيح
وهو يغنى أغانى المصريين القدماء
وأناشيد أهل بابل
وآشور
ماذا لو كان يعرف الإنجليزية
أو الفرنسية بالفعل
بدلاً من قراءاته القرآنية
بكل تناقضاتهِ
عن الجنةِ
والجحيمَ
والرب الواسع المغفرة
والربّ الشديد العقاب
ولماذا توقف عند التين والزيتون
ألم تكن تلك هى النظرة الصحراوية فقط
لما كان يعرف
هل غابت عن الله بقية التشكيلات الهائلة
لكافة الثمار
ولم يكن يعرف سوى التين والزيتون
والنخيل والأعناب
تلك التى تنمو – وبغزارةٍ – فقط
على وديان مكةَ
وفى دروب نجد
وعلى أطرافِ الطائف
ولماذا كانت كل الديانات صحراوية بالأساس
ولم تكن على ضفافِ الأنهارِ
وفى مختلف الأصقاع
ولماذا مكة بالذاتِ
والقدس بالذاتِ
ولم تكن بكين أو السلفادور
أو على جليد موسكو
وماذا عن سائر البلدان وبقية الشعوب
هل كان الله غافلاً أصلاً
عن نيكاراجوا
وأدغال الهند
وصحراوات منغوليا
وماذا عن غانا
وغنيا
وجنوب إفريقيا
وسواحل المكسيك
وهم لا يتحدثون العربية ولا يعرفون أى شئ
عن لغة الضاد أصلاً
ماذا عن اليابان
ورجال الساموراىْ
وأهل موريتانيا
وماذا عن كل أولئك الذين يسكنون فى الكهوفِ
وبقية الجبال
ماذا عن أهل القطب الجنوبى
الذين يعيشون فى درجة حرارةٍ قد تصل أحياناً
إلى 40° درجة تحت الصفر ؟!
وماذا عن ناس القطب الشمالى الذين يأكلون
الكلاب
والقطط
ويطاردون الدببة الصخابة
ويأكلون لحم الخنزير الطيب
ويتجرعون الخمرة المقدسة ليل نهار
لعلهم يستدفئون
وتنتعش أجسادهمْ
وداخل صهاريج الثلج وأنابيب البيوت
والغياب الكامل لكل شمس النهارْ
وليس لديهم ولانجمة واحدة ليهتدوا بها
إلى الطرقات
والشوارع
هل كان الربّ لا يعنيه كل هذه الأمم
وكافة تلك اللغات
ألم يقل كازنتزاكيس يوماً ما لشجرة اللوز
أين الله يا أخت
فأزهرت شجرة اللوز
إنفخوا فى البوق إذن أيتها الأصنام المجوفة
وتعالوا لنتسلق معاً شجرة الورد هذه
أو نقعد تحت هذه العريشة
أو تلك
لنغنى معاً أغنية الإنسان الكاملِ
والإنسان الناقص على السواء
الإنسان الذى حدّد مسارات السحب
وأخذ يحفرُ الأرضَ
بحثاً عن القوة القاهرةِ للطاقة
فاخترع النواقيس والطائرات
والأقمار الإصطناعية واخترق حاجز الصوت
والضوء
الإنسان الذى ألغى مايسمى بالزمان والمكان
وبضغطة واحدة على الزرّ
الإنسان الذى أسس لقواعد الموسيقى
وتفنن فى شق الطرقات
والأنهار
الإنسان الذى طار فوق السحابِ
وراح يغزو الكواكب السيارة
ويتوقف هنا أو هناك فوق سطح المريخ
ويصعد إلى كوكب زحل
وينزل على كوكب المشترى
الإنسان القوة الدافعة المتواصلة
نحو كل شئ
بدءاً من الذرّة
وتفتيت الذرة
وانتهاءً
بتفكيك كل آليات الكون
للوصول إلى المعرفة الحقة
والقبض على الحقيقة
من رقبتها!!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى