خالد الدامون - سليل الكتابة بالحواس..!

مرآة غرفتي خرساء
مهما أومأت..
أو غمزت لي بما يشبه الكلمات !
حتى وإن تكلمت
لن أصدقها .. وإن مدحت
ياقة قميصي الأزرق الذي يثير ذوقها
أسارع إلى تغييره،
وحدها قارورة عطري الخاص تكثف لغة الأجواء
أحب أن أنظر إليها متيما،
أصدقها
دون أي ثرثرة
في خفة رشة
تهمس لأنفي بالخزامى وأسرار النبع الأول
في الربيع البكر المزهر بشبق التراب
في دورة الحياةو الفصول !

**
مرآة غرفتي لا تجد راحتها في علاقتي الحميمية
مع العطر..
تغار حتى أنها تنطفئ
تنسحب..
وتتركني أمام الجدار وجها لوجه!
ماذا أفعل؟
أنا سليل الكتابة بالحواس
أكتب بدمي الغواية التي أحببت، لا أنكر الحقيقة
وهذا العطر الذي يثير حنق المرآة
يثير فضولي
وأسئلة الزهور والأعشاب فوق جلدي
يثير رغبتي في الحب !

**
المرآة الخرساء
تعتقد جازمة أن العطر هو الحب نفسه
وتعتقد أني ملك لها
في الصورة الممتلئة
الصورةالعارية
الصورة الملتبسة
الصورة المتدفقة...
لا تتملكني في صورتي الرماد!
تخشى النار..!


**

أدعها وشأنها
وأنصرف للغواية أمارس حقي من الفنون ..
الحياة لن تنتظر أحدا
والعمر لحظة مكثفة
أقصر من ومضة و خاطرة!
أرش على الجسد الترابي المعنى رشتين، ثلاثة
أشعل من النسمة عاصفة،
أحيط نتوءاته أريجا
لكي لا يطغى الغبار على الجلد
ولكي لا تخرج الطفيليات من المسام!

**

المرآة الخرساء
مرآة غرفتي
حادة الطباع
لا تقبلني كما أنا!
لم تقل لي يوما الحقيقة ..
حقيقة الوجود
واكتفت بحقيقة الوجوم!
كلما نظرت لقارورة عطري الوفية
بدت لي هي / المرآة
كقطعة خيانة ملفقة مدسوسة في سيرة جدار!

**

إنها خرساء وجاهلة
بلا افق
تعيش راضية عن نفسها
كنقطة باردة في خط النرجسية
أمامها أقف على أرض رخوة
على عكس ما ترى
إنها صلبة ..
رخوة..
وأحيانا كتلة لهب ونار في بطن حوت من طين!

**

أيتها المرآة الخرساء
يوما ما ستذوب الأرض فوق رؤوسنا
لذلك أنا أحب العطر مرادفا للأشياء الهشة
التي تحاور الجسد بقوة
واثقة من عنفوانها،
وأحب السماء كثيرا..
لا تعترف بالحدود والضفاف
أوسع من أي آفاق
لا تؤطرها مرآة
قادرة على أن تستوعب كواكب كلماتي
ومجرات خيالاتي
التي تدور في فلك اللأمالوف !

**
عيناي" خضراء زائغة "
وانا مغرم في عيون السماء
عيناها واسعتان زرقوتان ،حوراء
لا حدود لغنجها السماوي
كلما فضت عني غيمتها
تحضنني أنوثتها الماء، الندى والمدى ،
ولكي أدللها انزع اللام عن حروفها
تصير أسماء ..
أسماء ما خطت يدي
من شغب الأبجدية على الورق
والاديم والمدى
ما لا تقدر أي مرآة
بملاحقة صورة معناه!
________________________

* خالد الدامون.

______________________

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى