محمد فتحي المقداد - شهادة إبداعية لتجربة عماد المقداد..

عماد المقداد: شخصيَّة بحقٍّ تُعتَبر نادرةً على المُستوى المعلوم بالضَّرورة، بأنَّه رسَّام ولفترة طويلة كان ومازال معرفًا بعماد الرَّسام، لكن لا بدَّ من كلمة تعريفيَّة، فهو إنسانيُّ الطَّبع بشفافيَّة بلا مُنازعٍ، وفنَّان تشكيليِّ، خاض غِمار المدارس الفنيَّة التَّشكيليَّة بمختلف توجُّهاتها وانتماءاتها وخلفيَّاتها، ولم يتوقَّف عند ذلك، بل ذهب بعيدًا ليضع بَصْمَتَه في صفحته الفنيَّة المُشرقة.

تعدَّت الشخصيَّة الفنيَّة عند "عماد" مجال الرَّسم، إلى فُنون الأداء الصوتيِّ بالأناشيد والمدائح والتَّلحين، وساعده في ذلك خبرته العريقة وجماليَّة نبرته المُميَّزة ببُحَّة نادرة؛ قادرة على الأداء بتقنيَّة تجعل المُستمع يدوخ طرَبًا في عوالم الرُّوحانيَّات على الأخصِّ، وقد قدَّم الأستاذ "عبدو الخالد" -رحمه الله- دراسات نقديَّة فنيَّة للوحاته، وصدر ذلك بكتاب عام 2021 "دراسات وقراءات في التشكيل الفنِّي".

وصدر حديثًا2022 لـ "عماد المقداد" في المجال الفنِّي كتابان الأوَّل: "أسس العمل الإبداعيِّ" و الثاني كتاب "اللَّغة البصريَّة في فن الرَّسم". وفي هذين الكتابين تجلَّت خبرته بتكامل مهاراته في هذا المجال، الذي يحتاج لقدرات وتركيز هائلين، ومن وَحْي المناخ أراد لتجربته أن تترسَّخ، فكان مُعلِّمًا للرَّسم للأطفال على مدار سنوات، مادَّة الرَّسم والخطِّ العربيِّ ومبادئهما.

ولم يكُن إلَّا مُنخرطًا مُتفاعلًا فكريًّا وسِلميًّا مع الحدث السُّوريَّ، فقام بترجمة الحرب والموت والسياسيِّ والاجتماعيِّ، إلى تشكيل بصَريٍّ فريدٍ مُتفرِّدٍ دخل إليه من نافذة فنِّ الكاريكاتير، بأشكاله البسيطة الحاملة لروحه ولخصوصيَّته الذاتيَّة، فرسم مئات اللَّوحات المُعبِّرة والتي تعتبر جزءًا لا يتجزَّأ من تاريخ الثورة السورَّية.

وبالانتقال من الفُنون البصريَّة والسَّمعيَّة بأشكالها المُتعدِّدة، إلى عوالم الشِّعر الموزون ببعضه والمنثور ببعضه الآخر. فقد أصدر مجموعته الشعريَّة الأولى "نُغيْمات الرَّحيل" عام 2020 م. وهي نوستالوجيا مُؤثِّرة لما يحمل من قضيَّته السَّورية الدَّامية على مدار سنوات تجاوزت العِقْد.

لم يتوقَّف عماد عند تعليم الرَّسم للصغار، بل انتقل نقلة نوعيَّة أضافت الجديد للمتابع لمسيرته الثقافيَّة، بقدرته الوُلوج إلى حقل الكتابة للأطفال، وأسفرت هذه التجربة عن انتاج مجموعة قصصيَّة من ستَّة أجزاء، تحت عنوان "يوميَّات نانا" للأطفال الصَّغار.

بعد هذا العرض الموجز لمسيرة مليئة بالعطاء المُثمر والبنَّاء على الصَّعيد الشَّخصيِّ لــ "عماد المقداد"، والعام ممَّا تركَ أثره على الصَّعيد الاجتماعيِّ. لا بدَّ من التوقُّف لحظة لتقييم هذه التجربة، لنصل إلى نتيجة، أن شخصيته وازنة مُثقلة بخبرات ومعارف مُتراكمة، تنضاف إلى موهبته النّادرة، ممَّا يدفعنا للقول: بأنَّ تجربته فذَّة بعبقريِّتها البنَّاءة، والتي طالت بتأثيراتها الإيجابيَّة مساحاتٍ ثقافيَّةٍ مُختلفة، قلَّما أن تجتمع إلَّا في شخصيَّة "عماد المقداد" ومن هم على شاكلته.

عمّان –الأردن

ــــا 22\ 10\ 2022

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى