د. محمد عباس محمد عرابي - القيم التربوية والأخلاقية في كتابات الأستاذ الدكتور محمد عيسى (2)

دارت الكتابات المميزة لسعادة العالم القدير والتربوي الجليل الأستاذ الدكتور محمد عيسى والتي نشرها على حسابه في (الفيس بوك )، حول العديد من القضايا التربوية والاجتماعية والثقافية ،وتعميما للفائدة يجمع هذا المقال هذه القضايا مشيرا إلى أهم القيم التربوية والأخلاقية التي تضمنتها هذه الكتابات ،والتي نعرضها تباعا في سلسلة مقالات وفيما يلي المقال الثاني عنها ،وهو يدور حول القيم التالية : قيمة بر الوالدين، قيمة كتم الغيظ، قيمة الاستفادة من الصعوبات، قيمة " بذل المعروفِ وعمل الخير، قيمة الدعاء للموتى، قيمة الفرح في الأعياد ،وفيما يلي عرض لكل قيمة ،وما قالها كاتبنا حولها :
*قيمة بر الوالدين:
يقول كاتبنا حول هذه القيمة، يقول كاتبنا :
في داخل كل بيت بابان يمكن أن يكونا مفتاح الإنسان إلى الجنة أو يقودانه -والعياذ بالله-إلى غضب الله وعذابه، ففي الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الوالِدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ، فإنْ شئتَ فأضِع ذلك البابَ أو احفَظْه).
والوالد أي الوالدين، كما قال العلماء، وبرهما بابان عظيمان من أبواب الجنة، وفي برهما طاعة للرحمن، وخير وبركة للإنسان، وسبب لاستجابة الدعاء، وسعة الرزق، وطول العمر، وحسن الخاتمة.
وفي القرآن الكريم لم يذكر الله أي عمل صالح مع التوحيد إلا بر الوالدين، ومع الشرك في عِظم الجرم والذنب ذكر عقوق الوالدين، وأوصى الله ببرهما فقال: (ووصينا الإنسان بوالديه)، ومدح أهل البر فقال سبحانه: (وبَرًا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا)؛ ذلك أن حق الوالدين مقدم على كل الحقوق عدا حق الله تعالى.
فمن كان والداه أو أحدهما على قيد الحياة؛ فليسجد لله شكرًا، وليتمتع ببرهما قبل أن تغيب شمسهما، ولا يفضل الزوجة والأولاد عليهما، أو يتحدث معهما بشيء من الغلظة …
ومن توفي والداه أو أحدهما فليبرهما بالدعاء لهما بالرحمة والمغفرة، وزيارة قبرهما، والصدقة عنهما، وإنفاذ وصيتهما، وصلة رحمهما، وإكرام صديقهما…
اللهم احفظ الأمهات والآباء الأحياء، وبارك صحتهم وأعمارهم،
وارحم يا رب واغفر لمن توفي منهم، وأدخلهم فسيح جناتك بغير حسابٍ ولا سابقة عذاب.
اللهم آمين يا رب العالمين.



*قيمة: كتم الغيظ :
يقول كاتبنا حول قيمة كتم الغيظ:
من نور القرآن الكريم في صفات المتقين المحسنين المستحقين لمحبة الله وجنته، قوله تعالى:
... (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين )َفهل هناك أعظم من تلك المنزلة؟!
اللهم اجعلنا من الكاظمين الغيظ، العافين عن الناس، ومن المحسنين
اللهم آمين
*قيمة مسؤولية الكلمة ":
حيث يقول كاتبنا حول قيمة مسؤولية الكلمة:
الكلمة أمانة ومسؤولية … وحينما يقرِّر أحدنا الكتابة أو التعليق أو مشاركة منشورات معينة فلا بد أن يستشعر مسؤولية الكلمة، هذه المسؤولية التي تمتد إلى الآخرة، فكل ما يكتب المرء لن ينسى حتى لو حذفه، سيبقى مسجلاً إما له أو عليه "فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى".. "وَإِنّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ، كِرَامًا كَاتِبِين، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ"
و"إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّم» كما في الحديث الشريف الصحيح.
وبالرغم من عظم الكلمة وأمانتها ومسؤوليتها أمام الله تعالى، فلا يكاد ينشر خبر مثير للجدل، أو تقع حادثة حتى ينهال سيل من التعليقات والتحليلات ومشاركة المنشورات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصًا “فيسبوك”، كثير منها -بقصد أو بدون قصد- سلبي يرمي سهام النقد، ويطعن في الأخلاق والتربية، ويخوض في الأعراض، ويقحم القضايا ويخلط الأمور ببعضها، دون تأمل وتفكر في مضامين ما يكتب وينشر، ودون التحقق وتحري الدقة والمصداقية، والمنطقية والموضوعية، فالأمر - أحيانًا أو كثيرًا- لا يعدو أكثر من تسجيل موقف "أنا هنا”، و”هذا رأيي”.
كما حدث تمامًا مع تلك الحادثة البشعة المحزنة المخزية للمجتمع كله..!
وفي اعتقادي كان يكفي أن نترحم على الفتاة سائلين الله تعالى لها العفو والمغفرة، ولأهلها الصبر والسلوان، وأن يربط على قلوبهم، وأن نتلمس العبرة والعظة، عاملين وداعين المجتمع بكل مؤسساته إلى اتخاذ خطوات جادة من أجل ترسيخ القيم والأخلاق، ونشر الأمن والانضباط والذوق العام في المجتمع، وبناء الشخصية القيمية السوية.
رحمك الله يا بنتي وعفا عنك وغفر لك وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنة، وألهم أهلك الصبر والسلوان، وعوضهم خيرًا.
اللهم أصلح أحوالنا وأصلح قادتنا وعلماءنا وشبابنا ونساءنا، اللهم أقر أعيننا باستقرار بلادنا وأمنها وأمانها ورخائها وسائر بلاد المسلمين في كل مكان برحمتك يا أرحم الراحمين.
*قيمة الاستفادة من الصعوبات :
فحول قيمة الاستفادة من الصعوبات يقول كاتبنا :
"يظل الإنسان في هذه الحياة مثلَ قلم الرصاص تبريه العثرات؛ ليكتبَ بخطٍ أجمل.. ويكون هكذا حتى يفنى القلم، ولا يبقى له إلا جميل ما كتب".
أسأل الله الودود الرحيم في هذا اليوم المبارك:
أن يرزُقني، وإيَّاكم: حُلوَ الحياة، وخيرَ العَطاء، وسِعةَ الرزق، وراحَةَ البَال، وسُموَ الروح، وطُمأنينةَ النَّفس، والرضا وسعادةَ القلب.
اللهم آمين."
*قيمة بذل المعروفِ وعمل الخير:
فحول قيمة " بذل المعروفِ وعمل الخير" يقول كاتبنا :
بذل المعروفِ وعمل الخير من نعم الله، به ينال الأجر، وتُكتسبُ المحبة والمنزلة العالية، والثناء الحسن، وفي الحديث: "كل معروف صدقة"، و"صنائع المعروف تقي مصارعَ السوء".
غير أن المرء قد يأسف أحيانًا لوضعه المعروف في غير أهله، فيصدقُ عليه حينئذ قول الشاعر:
ومن يجعل المعروف في غير أهله ....... يكن حمده ذمًّا عليه ويندمِ
تُحسن إليه فيسيء، تهديه فلا يقدر، تكرمه فيغدر، وإن من الغدر لصورًا وأشكالًا! .... وما هذا إلا لرداءة الطباع، وسوء الطوية، وتأزم الأخلاق، يضاعف ذلك مادية الإنسان، وضغوطات الحياة.
وإنما تُجدي المكارم وصنائع المعروف في كرامٍ أحبوك، وخيارٍ أجلّوك، وأصول عرفوك ووقروك ... ولأبي الطيب المتنبي حكمة بديعة مشهورة:
إذا أنت أكرمتَ الكريمَ ملكته .... وإن أنت أكرمتَ اللئيمَ تمردا!
والمحسنُ - وإن كان مكلومًا على وضعه المعروف بعض المعادن من الناس التي لا تحفظ ولا تصون ولا تقدر- فلا ينبغي له أن يندم على مكارمه وحسناته، ولا على بذله وتعاطفه، فإن:
منْ يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس.
وكما قيل: "افعل المعروف مع أهله ومع غير أهله، فإن لم يكن من أهله تكن أنت من أهله".
إن بذل المعروف وفعل الخير يقي المرء سوء المقادير، ويفرج كرباته، ويجعله يتذوق جمالًا وحلاوةً ومحبةً في نفسه لم يعهدها من قبل.
أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل المعروف والخير والإصلاح،
وأن يوفقنا لما فيه الخير لنا وللناس، وأن يحفظنا جميعًا من كل شر وسوء.
*قيمة سرد المحاسن ،وستر العيوب :
يقول كاتبنا : سرد المحاسن ،وستر العيوب فحول قيمة
للعيون أشكال وأنواع وألوان عديدة، وهي تنطق بكل اللغات تبعًا لمشاعر الإنسان.. وأخطر هذه العيون، عينُ السُّخط والغَيرة والحَسد؛ إذ ترى عيوبَ الآخرين بمِجهر مُكبر، وتُضيف لعيوبهم البريئة والصغيرة إضافاتٍ خبيثة، كما تَعمى عن رؤية مزاياهم ومحاسنهم وحسناتهم.
كما قال الشاعر:
وعينُ الرضا عن كلّ عَيبٍ كَليلة ... ولكنَّ عينَ السُّخط تُبدي المساويا
وأكثر الناس يرون عيوب الآخرين، ولا يرون عيوبهم.. ولو انشغل كل منَّا بعيوب نفسه، عن عيوب الناس، لستره الله في الدنيا والآخرة، وارتاحت النفوس، وطابت لنا الحياة
يقول أحد الصالحين: "رأيتُ أقوامًا من الناس لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس؛ فستر الله عيوبهم، وزالت تلك العيوب ... ورأيتُ اقوامًا لهم عيوب، اشتغلوا بعيوب الناس، فصارت هي ذاتها لهم من العيوب"
وفي الحديث: "من ستر عورةَ أخيه المسلم، سترَ اللهُ عورتَه يومَ القيامة، ومن كشفَ عورة أخيه المسلم، كشف الله عورته، حتى يفضحه بها في بيته"
وختامًا
"أسألُ الله تعالى أن يطهّرَ قلوبنا من الحقد والحسد والغَيرة، وأن يرزقنا نفوسًا راضية، وأن يسترنَا في الدنيا والآخرة؛ إنَّه سميعٌ قريب مُجيب".
اللهم آمين
*قيمة الدعاء للموتى :
يقول كاتبنا حول قيمة الدعاء للموتى:
"في هذه الأيام والليالي المباركة اجعلوا لأقربائكم وأصدقائكم ومعارفكم نصيبًا من دعائكم:
الذين تخطفهم الموت، فحيل بينهم وبين الدنيا؛ فإن الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة هو نوع من شكر الله الذي أنعم علينا وأطال عمرنا وبقاءنا.
والذين أصابهم المرض وأتعبهم وأنهكهم، فلزموا الفراش، وتجرّعوا مرّ الدواء؛ فهم في حاجة لدعائنا، وذلك زكاة صحتنا وعافيتنا.
قال صلى الله عليه وسلم: (مثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) رواه البخاري ومسلم
فلا تنسوهم من صالح دعائكم، تقبل الله منكم واستجاب دعاءكم.
اللّهم عافنا واشفِ جميع مرضانا، وارحم موتانا، وموتى المسلمين أجمعين"
*قيمة الفرح في الأعياد:
وحول هذه القيمة يقول كاتبنا :
مع انقضاء أيام شهر رمضان الفضيل، نستقبل عيد الفطر المبارك، وأيام العيد هي أيام فرحٍ وسرورٍ وابتهاجٍ، وفي عيد الفطر فرحةٌ خاصةٌ بفضل الله وتوفيقه بإكمال العدة، واستيفاء الشهر الكريم بالصوم: (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).
وليس من منهج الإسلام في الأعياد تجديدُ الأحزان وإثارةُ الأشجان، فمهما تكن ظروف الإنسان؛ فعليه أن يبتهج وأن يظهر منه في العيد الجانب الباسم السعيد من حياته.
فافرحوا وأفرحوا القلوب من حولكم،
عيدكم سعيد مبارك
وكل عام والجميع بكل الخير والسعادة، وكامل الصحة والعافية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى