أندري بريتون - قصيدتان.. ترجمة: مبارك وساط

* مُعاشَرة حرّة

امرأتي ذات شَعرِ نارِ الحطب
ذاتُ أفكارٍ من وميضِ بَرْق
ذات قدِّ السّاعة الرّمليّة
امرأتي ذات قدِّ ثعلبِ الماء بين أسنان النّمر
امرأتي ذات فمِ الشّارةِ فمِ باقةِ نجوم من أحدثِ حجم
ذاتُ أسنانٍ من آثار فئرانٍ بيضاء على التّراب الأبيض
ذات لسانِ العنبر والزّجاج المحكوكين
امرأتي ذاتُ لِسان القُربان المطعون
ذاتُ لسان الدّمية التي تفتح عينيها وتغلقهما
ذاتُ لسانِ حَجَرٍ وُجودُه لا يُصدَّق
امرأتي ذاتُ أهدابٍ من خطوط غليظة لكتابةٍ طفليّة
ذاتُ حاجِبَي حافةِ عُشِّ خُطّاف
امرأتي ذاتُ صُدغَين من أردوازِ سقفِ الدّفيئةi
من بخارٍ يُجلّل زجاج النّوافذ
امرأتي ذاتُ كتفي الشّامپانيا
كتفَي نبعٍ له رؤوس دلافين تحت الجليد
امرأتي ذاتُ رُسغَي عود الثّقاب
امرأتي ذاتُ أصابع الصُّدفة وورقةِ آس القلب
ذات أصابع التّبن المُقطَّع
امرأتي ذاتُ إبطَي السَّمّور وثمار الزّان
وليلةِ عيد القدّيس يوحنّا
وشُجيرة الرِّباطii وعُشِّ سمكٍ ملائكيiii
ذاتُ ذراعي زَبدِ البحر ومَحبِس مياه النّهر
ومَزيجٍ من القمح والطّاحونة
امرأتي ذاتُ ساقي الصّاروخ
ذاتُ حركات قِطَع السّاعات واليأس
امرأتي ذات رَبلتيْ ساقٍ من لُبّ البيلسان
امرأتي ذاتُ قدمين من حروف أولى
ذاتُ رجْلي حُزمة المفاتيح ذاتُ رِجلَي جِلفاطٍiv يَشرب
امرأتي ذات عنق الشّعير غير المقشور
امرأتي ذات حنجرة وادي الذّهب
ذات حنجَرةِ مواعد في مجرى السّيل نفسِه
ذات النّهدَين الليليين
امرأتي ذات نهديّ الرّابية البحْريّة
ذاتُ نهدَيِّ مِذْوب الياقوت الأحمر
ذاتُ نهدَيّ شبح الوردة تحت النّدى
امرأتي ذات بَطنِ مروحةِ الأيّام إذ تنبسط
ذاتُ بطن مخلبٍ هائل الضّخامة
امرأتي ذاتُ ظَهْر الطّائر الذي يفِرّ عموديّاً
ذاتُ الظَّهْر الذي من زئبق
ذاتُ الظّهر الذي من ضوء
ذاتُ القفا الذي من حجر صقيل ومن طباشير مُبلَّل
ومن سَقطة كأسٍ شُرِب منها للتّوّ
امرأتي ذات خصر الزّورق
ذاتُ خصر النَّجفة خصرٍ من ريشِ طيور
من سُويقاتِ ريشِ طاووسٍ أبيض
خصر ميزانٍ عديم الحساسيّة
امرأتي ذات الرّدفين اللذين من الصّلصال الرّمليّ والأمْيَنْت
امرأتي ذاتُ ردفي ظَهرِ طائر التَّمّv
امرأتي ذاتُ الرّدفين الرّبيعيين
ذات العضو الجِنسيّ الذي لسيف الغُرابvi
امرأتي ذاتُ العضو الجنسيّ الذي للمُثْبِرvii ولِخُلْد الماء
امرأتي ذات العضو الجنسي الذي من طُحلب ومن ملبَّساتٍ قديمة
امرأتي ذات عضو المرآة الجنسيّ
امرأتي ذات العينين المترعتين دُموعاً
ذاتُ العينين اللتين لمجموعة أدواتِ لَعبٍ بنفسجيّة ولإبرةٍ ممغنطة
امرأتي ذات عينَي المَفازة
امرأتي ذات عينَين من ماءٍ يُشرب في السّجن
امرأتي ذات عينَي خشبٍ دائماً تحت السّاطور
ذات عينَي مستوى الماء مستوى الهواءِ الأرضِ النّار


>>>>>>


* الموتُ الوَرديّ

ستُرْشِد الأخطبوطات المجنّحة لِمرّة أخيرة القارِبَ الذي صُنِعتْ أشرعتُه
من هذا النّهار الأوحد ساعةً ساعةَ
إنّها السّهرة الوحيدة التي ستشعر إثْرها بأنّ الشّمس تصعد في شَعرك
بيضاءَ وسوداء
من الزّنازين سيَرْشَح مشروب روحيّ أقوى من الموت
حين نتأمّله من فوق هاوية
ستتّكئ المذنّبات بحنان على الغابات قبل أن تصعقَها
وكلّ شيء سيَنتقل إلى الحُبّ الذي لا يتجزّأ
إذا ما حدث أن اختفى زُخْرفُ الأنهار
قبل أن يسود تماماً ظلامُ الليل ستُعاين
التّوقف الكبير للفِضّة
على شجرة خوخ مزهرة ستَظهر الأيادي
التي كتبتْ هذه الأبيات والتي ستصيرُ مغازلَ من فِضّة
هي أيضاً وأيضاً سُنونوات من فِضّة على نَوْل المطر
سترى الأفقَ ينفتحُ قليلاً وسيُقضَى فجأةً على قُبْلةِ الفضاء
لكنّ الخوف سيكون وقتَها قد كفّ عن الوجود
وبلاطات السّماء والبحر
ستُطيّرها الرّيحُ الأقوى منّا
ما الذي سأفعله بارتعاشِ صوتك
يا فأرةً ترقص الفالس حول النَّجَفة الوحيدة التي لن تسقط
وَكَرافِعةٍ في يد الزّمن
سأُصْعِد قلوب البشر
من أجل رَجْمٍ أسْمى
سيُحوِّم جوعي مثلما ماسة نُحِتتْ أكثرَ ممّا يجب
سيَضفِر شَعر النّارِ ابنتِه
صمتٌ وحياة
لكنّ أسماء العشّاق ستُنْسَى
مثلما قطرة الدّم التي هي زهرة جميلة
في الضّوء المجنون
غداً ستكذبين على شبابكِ نفسه
على شبابك العظيم شبابك اليراعة
الأصداءُ سَتُحْكِم لوحدها
شَدَّ كلّ هذه الأماكن التي كانتْ
وفي الامتداد النّباتي اللانهائيّ والشّفاف
ستتجوّلين في رفقة السّرعة
التي تأتمر بأوامرها دوابّ الأَحراج
حُطامي ربّما سيٌسبّب لكِ خدوشاً
دون أن تَريْهِ كما لو أنّك هويتِ على سلاحٍ طافٍ
ذلك أنّني سأنتمي إلى الفراغ المماثل لأدراج
سُلَّم تُسمّى حركتُه بِصعوبة أكيدة
إليكِ بالعطور العطورِ الممنوعة من الآن
حشيشةُ الملاكviii
تحتَ الزَّبد الأجوف وتحت خُطاك التي ليستْ خُطىً
أحلامي ستكون قَطْعِيّة وغيرَ ذاتِ جَدوى
كما صوت جفون الماء في الظِّل
سأَنفُذ إلى أحلامك لأسْبِر فيها عمقَ دموعك
نداءاتي ستتركك متردّدة بلطف
وفي القطار المُشَكَّل من سلاحفِ جليدٍ
لن يكون عليكِ أن تقرعي ناقوس الخطر
ستصِلين وحيدةً إلى ذلك الشّاطئ المعزول
حيثُ نجمةٌ ستحُطّ على أمتعتك التي من رَمْل



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
i
- الدّفيئة: بناءٌ وِقَائِيٌّ مُقَبّب مِنَ الزُّجَاج أوِ الْمَوَادّ المَطَّاطِيَّة تُسْتنْبَت بِدَاخِلهِ نَبَاتَات لاَ تَحْتَملُ الحَرَارَة (فِي البِلاَد الحَارَّة) أوْ تِلْكَ الَّتِي لاَ تَحْتَمِلُ البُرُودَة (فِي البِلاَد البَاردة).

ii
- شُجيرة تغرس في الحدائق عادةً.

iii
- السّمك الملائكي: جنس أسماك يعيش في المياه العذبة (الأنهار)، ويُربّى في أحواضٍ مائيّة (أكواريومات) لجماله.

iv
- الجلفاط: مَن يَسدّ حزوز السّفن وما بين ألواحها بالزّفت أو نحوه.

v
- التَّمّ: الإوزّ العراقيّ.

vi
- سيف الغراب: نبتة أوراقُها على شكل سقوف.

vii
- المُثْبِر: راسب غِريَنيّ مُحتوٍ على دقائق من معدن ثمين (الذّهب، مثلاً).

viii
- حشيشة الملاك: نبتة ذاتُ أريج.




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى