المحامي علي ابوحبله - مؤتمر العقبة يعقد تحت مظلة مفهوم الأمن مقابل السلام " على حساب حق تقرير المصير "

مفهوم " الأمن مقابل السلام"، والذي رفضه الفلسطينيون ويعني أن يحافظ الفلسطينيون على أمن إسرائيل حتى يستحق الشعب الفلسطيني ثقة الاحتلال، كان ، ضمن شروط أملتها الإدارة الامريكيه في السابق لتطبيق "خارطة الطريق" عام 2002، فلا انسحابات إسرائيلية ولا دولة فلسطينية، من دون الالتزام الفلسطيني بالمطالب الأمنية الإسرائيلية.

بدأ الابتزاز منذ اتفاقية أوسلو، إذ لم تتضمن بنوداً تحمي الشعب الفلسطيني وأرضه من بطش الاحتلال الإسرائيلي، ولم تتضمن أي إشارة إلى القانون الدولي أو اتفاقية جنيف الرابعة التي تحرم مصادرة الأراضي وتهجير السكان ونقل مستوطنين للعيش في الأراضي المحتلة، إضافة إلى رفض إسرائيل الالتزام بأي مواثيق تمنع التعذيب والقتل والتنكيل واستباحة الدم الفلسطيني والاجتياح

وكان الغرض، منذ البداية، إحلال الشروط الإسرائيلية، المفروضة بالتفوق العسكري والدعم الأميركي، مكان القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، فتصبح الاتفاقيات، خصوصاً في جانبها الأمني، هي المرجعية الرئيسية للتسويات المرحلية والنهائية سواء، لأن إسرائيل لا تعترف بالحقوق التاريخية، ولا حتى السياسية والقانونية للشعب الفلسطيني أصلا.

وترى إسرائيل في الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني تهديداً لشرعيتها، وإن لم يكن وجودها، لأن الفكر الصهيوني لم يعترف، من الأصل، بوجود شعب عربي فلسطيني على أرضٍ اعتبرها وطناً لليهود القادمين من كل العالم، وما الشعب الفلسطيني أكثر من عائق لتحقيق الدولة وتوسعها.

قامت المطالب الإسرائيلية على أساس "ضرورة احتواء الفلسطينيين"، من خلال تحول منظمة التحرير إلى سلطة منزوعة السلطة والسيادة، تأخذ عن إسرائيل عبء الاحتكاك المباشر بالفلسطينيين. ولكن، من دون عوائق أمام غزو الجيش الإسرائيلي ومداهماته وقصف طائراته، فالشعب الفلسطيني هدف مباح، من دون حماية قانونية أو عملية.

تم فرض "التنسيق الأمني" على الفلسطينيين، في شروط أميركية - إسرائيلية، ربطت أي انسحاب للجيش الإسرائيلي بشرط التزام الفلسطينيين بالضمانات الأمنية، ووضع المبعوث الأميركي دينيس روس مذكرة لتأكيد هذا الربط "بمكافحة الإرهاب، كجزء من "اتفاق الخليل" في 1997.

إن " جوهر المشروع السياسي الإسرائيلي " يتلخص في ضم الضفة الغربية وتغيير واقعها التاريخي والقانوني والديني والديموغرافي القائم، وإغراقها بالاستيطان والمستوطنين، والعمل على إبعاد الأنظار الإقليمية والدولية عن هذه الحقيقة نحو مسارات وقضايا جانبية مُفتعلة»، عبر اتفاقات ضمن مفهوم الأمن مقابل السلام. والتي يخشى من مؤتمر العقبة أن يسير في هذا السياق خاصة وان خطة فينزل وتدريب قوات امن جديدة وفق عقيدة أمنيه خارج سياق التحرر الوطني تحمل في طياتها مخاطر خطيرة قد توصل لمخطط صهيوني قديم متجدد لفلسطنة الصراع و تهجين الشعب الفلسطيني وفرض الوصاية عليه

خطة فينزل هي امتداد لخطة دايتون وجميعها تندرج ضمن مفهوم " الأمن مقابل السلام " فقد اكتنفت هالة من الغموض، وأحياناً المبالغة، أحاطت بمهمة الجنرال الأميركي دايتون مع الأمن الفلسطيني. لكن مع ، تولّى الجنرال دايتون نفسه الإفصاح عن طبيعة هذه المهمة وأبعادها والسياق السياسي والأمني الذي يعمل خلاله، وذلك بمحاضرة له في “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”.

فقد حدد دوره بوضوح في بناء “قدرات الأمن الفلسطيني”، وقد بدأت عملياً وبصورة متسارعة، بُعَيد سيطرة حماس على غزة (بالرغم من أنه عُيِّن منذ العام 2005، لكنه يقول أنه لم يحصل على التمويل الكافي إلا في عام 2007 )

رأس دايتون فريقاً أميركياً (يضم جنسيات أخرى) لتدريب الأمن الفلسطيني وتأهيله للقيام بمهمات حفظ الأمن في الضفة الغربية، وذلك بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي.، تمّ تخريج دورتين من الأمن الفلسطيني، في مراكز في الأردن، كل دورة فيها قرابة خمسمائة فرد، ووصل العدد تقريبا إلى خمسة عشر ألف فرد. وجرى تأهيل مراكز للتدريب في أريحا للقيام بهذه المهمة، و حصل دايتون على مخصصات من الكونغرس، وصلت سابقاً لحدود 175 مليون دولار

ونحن نتطرق لخطة دايتون في بناء قدرات الأمن الفلسطيني وتطويره وتأهيله لحماية الاستقرار السياسي في الضفة الغربية، وتحكيم القانون لم تبرز إشكاليات حول ذلك . ، والمشكلة في هذه المهمة هي في أنّها تأتي بصورة متسارعة في سياق استحقاقات العملية السلمية، لكن مع توقف المسار السياسي وتعطله، فتبدو المهمة الرئيسة لـ”الأمن المتدرب” ليست في “بناء الدولة الفلسطينية” (لأنها غير موجودة على الأرض)، كما يذكر دايتون، إنّما في مواجهة خلايا حركة حماس والمقاومة، ومنع أي عمليات ضد إسرائيل انطلاقاً من الضفة الغربية.

خطة فينزل لا تبتعد كثيرا عن خطة دايتون لتحقيق الأمن لإسرائيل ، وفق مفهوم التهدئة في ظل تجاهل أمريكا والمجتمع الدولي لجرائم الاحتلال واستباحته للدم الفلسطيني .

لم يدرج على جدول أعمال " قمة العقبة " تحريك لمسار التسوية وبحث ووضع حد لمعاناة الأسرى وما يتعرضون له في ظل رزمة تشريعات من القوانين تنتهك المواثيق الدولية وتحرم الأسرى من أدنى حقوقهم ، خطة فنزل وما قد يعقبها من التقاعد المبكر للعسكريين تعود القهقرى وتعيدنا إلى مفهوم " الأمن مقابل السلام "

الفلسطينيون بكل فئاتهم وقواهم وفصائلهم يرفضون مفهوم " الأمن مقابل السلام " ، ولسان حالهم جميعا لا يمكن المساومة على الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني ولا يمكن لأيا كان الانتقاص من الثوابت الوطنية الفلسطينية ، وبقينا المقاومة مستمرة حتى تحقيق المطالب ألفلسطينيه وانتزاع الحقوق الوطنية ، . ثم إن ربط المقاومة بمصير الضفة والقدس وبقية فلسطين صار أمراً واقعاً ولا يمكن لأي فصيل تجاوزه حتى لو أراد ذلك.

حكومة ائتلاف اليمين الفاشي برئاسة نتنياهو «تواصل العبث بأولويات المنطقة السياسية والاقتصادية من خلال بعثرة الأوراق لإعادة ترتيبها من جديد بما يتماشى ومصالحها الاستعمارية، عبر تسليط الأضواء على قضايا جانبية لحجب القضية الفلسطينية»، في إشارة إلى «ما يحدث في السنوات الأخيرة من محاولات إسرائيلية لتضخيم خطر المقاومة الفلسطينية و الخطر الإيراني وإبقائه حاضراً، سواء على مستوى الجدل العام في إسرائيل، أو على طاولة حوار إسرائيل مع الإقليم والمجتمع الدولي».

قمة العقبة للأمن والتهدئة ترسم علامة السؤال ؟ ما هي ألاستراتيجيه للسلطة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية لمعالجة تداعيات استمرار الاحتلال الإسرائيلي والتوسع الاستيطاني واستباحة الدم الفلسطيني ومصادرة الأراضي وهدم البيوت واستمرار الاعتقالات والتضييق على الأسرى عبر تشريع قوانين تستهدف الأسرى وتهدد حياتهم

في ظل هذا الوضع القاتم الذي تعقد فيه قمة العقبة الامنيه وتنكر حكومة اليمين الفاشية لحقوق الشعب وحق تقرير المصير ورفض الانصياع لقرارات الشرعية الدولية ، وتهرب حكومة اليمين الفاشية من استحقاقات الشرعية الدولية وتحقق رؤيا الدولتين فهل تحقيق امن إسرائيل في ظل غياب أي أفق لتحقيق السلام بات أولية على مسار التسوية

المنطقة وشعوبها لن تنعم بالأمن والاستقرار طالما أن الاحتلال ممعن في إجراءاته القمعية وسياسة التهويد والاستيطان والقتل والتشريد واقصر الطرق لتحقيق الأمن والاستقرار ما خلص إليه اسحق رابين بضرورة الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وباستقلاله وسيادته على أرضه وفق ما نصت عليه القرارات الدولية وجميعها أقرت بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وحقه بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى