المحامي علي ابوحبله - ولا بد للقيد أن ينكسر

يُحيي الفلسطينيون في الوطن والشتات يوم الأسير الفلسطيني في 17 نيسان من كل عام. وقد اعتمد هذا اليوم من قبل المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974 باعتباره يومًا وطنيًا من أجل حرية الأسرى ونصرة قضيتهم العادلة.

وفي آذار/مارس من العام 2008، أقرت القمة العربية التي عُقدت في دمشق اعتماد السابع عشر من نيسان من كل عام يوماً عربياً يتم إحيائه في كافة الدول العربية تضامناً مع المعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الإسرائيلي. وسبق ونظمت جامعة الدول العربية ، 12 مؤتمرا دوليا لنصرة الأسرى. وكثيرة هي المرات التي أحييت فيها هذه المناسبة داخل مقر الجامعة بالقاهرة ، ويشاركهم في ذلك كثير من الأشقاء العرب والأصدقاء والأحرار في عواصم ومدن عربية وعالمية عديدة، وقد غدي يوم الأسير الفلسطيني يوماً وطنياً وعربياً وعالمياً بامتياز ، نصرة لهم وتعزيزاً لمكانتهم القانونية ومشروعية كفاحهم، ودعماً لحرية أولئك القابعين وراء الشمس. وتأكيدا على عدالة قضيتهم التي حفرت عميقاً في وجدان ووعي الشعب الفلسطيني وفي الذاكرة الجمعية لدى الفلسطينيين، لما تمثله من قيمة معنوية ونضالية وسياسية لدى كل الفلسطينيين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم، باعتبارها جزءاً أساسياً من نضال حركة التحرير الوطني الفلسطيني، ومسيرة كفاح الشعب الفلسطيني نحو انتزاع حريته وتجسيد الاستقلال.

ومنذ إقراره قبل 49 عاما، يحييه الفلسطينيون، في فلسطين والشتات، سنويا، لتسليط الضوء على معاناة الأسرى وما يعانيه الأسرى في سجون ومعتقلات الاحتلال وما ترتكبه سلطات السجون من جرائم وخرق فاضح بحق أسرانا البواسل وفي مطلع هذا العام وفي ظل حكومة اليمين الفاشي حاول ما يسمى وزير الأمن الداخلي يتمار بن غفير اتخاذ إجراءات بحق أسرانا البواسل أبرزها : تحديد مدة الاستحمام لكل أسير ووضع الحمامات خارج غرف الأسرى، تقديم خبز قديم ورديء لهم، عزل الأسرى انفراديا لأبسط الأسباب، معاقبة بعض الأسرى بالحرمان من زيارة الأهل، معاقبة بعض الأسرى بعدم الشراء من الكانتينا لعدة شهور".

مجددا سطر الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية نصرا جديدا على إجراءات وقيود السجان الإسرائيلي، إذ استجابت المخابرات الإسرائيلية وإدارة مصلحة السجون لمطالبهم قبل أن يشرعوا في إضرابهم المفتوح عن الطعام في الأول من شهر رمضان ، ورغم إعلان بن غفير في تغريدة أن تعليق إجراءاته مؤقت، إلا إن بن غفير "استجاب للأسرى مرغما وتحت الضغط"،

لقد قدم الشعب الفلسطيني على مدار سني الاحتلال الطويلة أرقاماً خيالية، إذ يُقدر عدد من اعتقلهم الاحتلال الإسرائيلي من الفلسطينيين منذ العام 1967 بنحو (1.000.000) فلسطيني، (17.000) منهم من النساء، وأكثر من (50.000) من الأطفال، هذا هو الإحصاء العام. ورغم أهميته، فإن ما ينبغي فهمه ومعرفته، هو أن خلف هذه الأرقام تكمن معاني كثيرة ومدلولات هامة. إذ توجد من وراء هذه الأرقام حياة بشر ومعاناة إنسان وآلاف من قصص العذاب الوحشي.

ولم تَعد هناك عائلة فلسطينية واحدة، إلا وقد ذاق أحد أفرادها مرارة السجن. بل ان هنالك عدداً كبيراً من الأسر الفلسطينية التي تعرضت بكامل أفرادها للاعتقال، فذاقت مرارته، واجتمعت سوية بين جدران السجون وعانت قسوة السجانين. فما من فلسطيني مرّ بتجربة الاعتقال ودخل السجون أو المعتقلات الإسرائيلية، إلا وتعرّض للتعذيب. بحيث يمكن القول: أن جميع من مروا بتجربة الاعتقال، من الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن، وحتى المرضى والجرحى، وبنسبة (100%)، قد تعرضوا - على الأقل - إلى واحد من أحد أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي.

ان هذا وغيره، جعل من السجون الإسرائيلية -ومنذ لحظة إنشائها- وسائل عقابية وساحات لقمع الأسرى، ذكورا واناثا، صغارا وكبارا، وإلحاق الأذى المتعمد بهم. وبالمقابل حافظ الأسرى الفلسطينيون على انتماءهم الوطني وسطروا صفحات مضيئة، وحققوا انتصارات عديدة، ونجحوا في انتزاع بعض من حقوقهم المسلوبة بفعل صمودهم ومقاومتهم للسجان وتضحياتهم خلف القضبان. وهكذا غدا السجن الإسرائيلي -على أيدي هؤلاء الأبطال- ساحة أخرى من ساحات الاشتباك والمواجهة، بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهذا ما يمنح يوم الأسير الفلسطيني الكثير من المعاني والدلالات والقيم، ليس لدى الفلسطينيين فقط وإنما لدى العرب وكل الأحرار في العالم.

وبمناسبة يوم الأسير الفلسطيني ، ندعو المجتمع الدولي بمؤسساته متعددة الأسماء، إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية والقانونية والتدخل العاجل لحماية الأسرى مما يتعرضون إليه من إهمال وخرق فاضح لاتفاقتي جنيف الثالثة والرابعة والإفراج الفوري عن المرضى وكبار السن والأطفال والسيدات.



ويبقى من حق الأسرى علينا ومن واجبنا تجاههم، مواصلة نضالنا المشروع من أجل توفير الحماية لهم، وضمان الإفراج عنهم. فمع حرية الأسرى نقرأ فجر حرية الوطن.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى