خديجة ناصر - النازحة..

طرقات على الباب...شيء غير معتاد بالنسبة لها... المفروض ان يشغل جرس الباب من اراد ان يفتح في وجهه، خاصة و هي تسكن في شقة بعمارة...قبل أن تسأل من الطارق، ألقت بنظرة عبر " عين الثور" المثبتة في الباب على مستوى عينيها... شخص ما يكسوه السواد من اعلى رأسه إلى اخمص قدميه، يقف خلف الباب، النقاب الذي يغطي ملامح الوجه لم يساعدها على التعرف عمن طرق بابها في ساعة الهجير هذه... سألت: - من الطارق؟
أجابها صوت ملائكي من خلف الباب:
-اختك في الله، نازحة من دولة عربية، ترجو مساعدتك.
رق قلبها فادارت المفتاح و جرت قبضة الباب فتبسم هذا الأخير...فضولها دفعها لدعوة الماثلة امامها الى الدخول، خاصة أنها اطمأنت الى صوتها الملائكي... كانت تهوى السماع الى قصص هؤلاء النازحات و النازحين، الفارين من ويلات فتن و حروب فرضت عليهم... كثيرا ما كانت تتعاطف معهم، خاصة الإناث، حينما تجدهن امام باب المتجر الكبير أو عند اضواء إشارة مرور السيارات و العابرين ...طلبت منها الجلوس ريثما تهيء الشاي كي يحلو الحديث في حضرته....عادت مسرعة من المطبخ تحمل صينية بها كوبين و قنينة مشروب غازي و صحن به بعض الحلويات... طلبت من ضيفتها أن تأخذ راحتها و تنزع خمارها، اعتذرت هذه الأخيرة بحجة أن والدتها تنتظرها و عليها الاسراع بالعودة إليها... فاتحتها بالكلام مستفسرة عن البلد الذي نزحت منه و الطرق التي تمت بها عملية التنقل على امتداد المسافة المقطوعة... تلعثمت الضيفة و هي ترد عليها، حتى انها نطقت بكلمات محلية و بلهجة ليست غريبة عليها...راودها الشك...امطرت الضيفة بأسئلة متواترة و متشعبة زادت من ارتباك هذه الأخيرة.... رن جرس هاتف من تحت عبائة الاخت النازحة ...مضطربة و بدون شعور، اخرجت الهاتف، نظرت الى الشاشة و اجابت بغضب، باللهجة المحلية:
- اش بغيتي ، راني في دارك و مع زوجتك و غدي نعرفها على حقيقتك...

خديجة ناصر
المغرب




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى