عبدالفتاح الخرشي* - مضامين في كتاب الكأس المكسورة

"الكأس المكسورة" مجموعة قصصية للقاص المغربي سي حاميد اليوسفي. الكتاب من الحجم المتوسط يمتد على 95 صفحة، كما يضم 33 قصة قصيرة. كُتبت في فترات متقطعة ما بين 2018 و2022.

مواضيع الكتاب لم تكتمل بعد، فهي متبوعة بمجموعات قصصية أخرى متطورة، ومشروع الكاتب لم يتوقف. مشروع سعى من خلاله لتجاوز ما هو ذاتي إلى التعبير عن وجدان جماعي شعبي.

أبرز في رؤياه للعالم أدوارا للإنسان متعددة العلاقات. قاعدة الارتكاز فيها انتماء أغلب أبطال قصصه للقاع الشعبي مثل احميدة وفاطمة وعبد الله وإبراهيم وغيرهم.

كما توقف في القصص الثلاثة عشر الأخيرة عند شخصية مختلفة عن الآخرين. شخصية تحمل اسم فاطمة وضعها بطلة لهذه النصوص، فخصها بصفات ونعوت صهرتها في بوثقه واحدة لتظهر بهوية المرأة المغربية الأصيلة التي تناضل ضد الفقر والجهل والظلم والقهر.

الخيط النابض في كتاب الكأس المكسورة هو إبراز الكرامة كقيمة من القيم المهيمنة التي ترتبط بوصف اليوسفي للرجل والمرأة في معظم خطابه السردي. ويعود ذلك لانتمائه الثقافي والطبقي، وتنوع مساره النضالي، وكمتتبع للشأن الوطني والحقوقي .

الحكي يرتبط أيضا بتصوير المكان بما فيه وبمن فيه .. وهو تصوير يرتبط في الكثير من الأحيان بنفسية أبطال قصصه كما هو الشأن في قصة القطط السوداء. فالراوي يحكي عن شخصية تخرج من السينما مسطولة بعد منتصف الليل، وقدد تتبعت فيلما مرعبا، فبدا الزقاق معتما بضوء خافت، وبضباب قطرات المطر. ويزيد مواء قطة بالقرب من القمامة المشهد رعبا..

واستعرض اليوسفي مادة الأغنية المغربية لقارئ كتاب الكأس المكسورة. وهو ما يمكن الوقوف عنده في الصفحات 49 و64 وو69 و70 و 71 و79 و95. أغنيات تمتزج كلماتها بالموسيقى الشعبية والموروث الثقافي المغربي، وما تثيره ألحانها من سحر في الوجدان الجماعي لجيل السبعينات، ومازال لصدى كلماتها أثرا عميقا في نفوس المغاربة.

كما حاول توظيف بعض الكلمات والتعابير من اللهجة العامية، وحصر دلالتها في الهامش، حتى يسهل على القارئ فهم ما توحي به في اللهجة المحلية. ويلعب هذا التهجين اللغوي دورا في تواري السارد، ومنح الشخصية الحق في أن تتحدث بلغتها مما يضفي على النص ارتباطه الوثيق بالمعيش اليومي الذي تتحرك ضمنه الشخصيات انطلاقا من أبعادها الثقافية والاجتماعية والعاطفية والإنسانية والنفسية.

وحتى لا أطيل فالخيوط الناظمة لعالم سي حاميد اليوسفي يمكن إيجازها فيما يلي:

1 ـ أغنى المكتبة المغربية القصصية بمجموعاته "الكأس المكسورة" و"وجوه" و"هزك الما"، فدخل عالم القصة القصيرة من بابه الواسع فارضا نفسه ككاتب له قيمته المعرفية في المجال السردي.

2 ـ ساهم في إظهار الهوية المغربية بتنوعها الثقافي من خلال كتاباته القصصية التي استوحى موضوعاتها من الأماكن التي عاش أو عمل بها كأستاذ للغة العربية.

3 ـ شرف عالم القصة بتميزه الدائم، وحضوره الإنساني المتدفق، وقدرته على تعرية الظواهر السلبية في حياة الفرد والجماعة.

4 ـ اختزل في كتاباته بعدي الزمان والمكان في نفس تاريخي.

5 ـ اختار أغلب أبطال قصصه من أسفل الهرم الاجتماعي، واهتم بتحليل واقعهم الاقتصادي والاجتماعي والنفسي والثقافي ونقده.

6 ـ تميزت كتابته بثروة لغوية خصبة وذكاء وخفة روح ودعابة.

7 ـ تجاوز الكتابة التقليدية والطريقة النمطية للقصة القصيرة.

الهامش :

ـ عبد الفتاح الخرشي قارئ ومتتبع لكتابات سي حاميد اليوسفي.



mail.google.png




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى