غياث المرزوق - ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتَّكْرَارِيُّ: طُغَاةُ ٱلْتَّقَدُّمِ أَمْ بُغَاةُ ٱلْتَّهَدُّمِ؟ (6)

إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ ٱلْسَّاعَةِ ٱلْهَرْجَ.
قِيلَ: وَمَا ٱلْهَرْجُ؟ قَالَ: ٱلْكَذِبُ وَٱلْقَتْلُ [أَيْضًا].
قَالُوا: أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ ٱلْآنَ؟
قَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ [أَعْدَاءً]، وَلٰكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا!
ٱلْرَّسُولُ مُحَمَّدٌ

(6)

كَمَا تقدَّمَ لي أَنْ كتبتُ في القسمِ الخَامسِ ومَا قبلهُ من هٰذا المقالِ (المُطَوَّلِ)، إنَّ مَا يُزَعْزِعُ هٰؤلاءِ البَنَاتِ والأبناءَ طُرًّا في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ هٰذِهِ، دونَ سِوَاهَا من مناطقِ هٰذا الشرقِ الغَرَائِبِيِّ الفَسِيحِ منظورًا إليهِ بمنظارِ «الهَيْمَنَةِ الاستشراقيَّةِ» Orientalist Hegemony، بالمفهومِ السَّعِيدِيِّ التَّفْكِيكِيِّ، إنَّمَا يَكْمُنُ في مَدَى الزَّيْفِ والخِدَاعِ من عَيْنِ الإجْرَاءِ العُدْوَانِيِّ المُمَوَّهِ أَيَّمَا تَمْوِيهٍ تحتَ قِنَاعِ مَا كَانَ يُسَمَّى إِبَّانَئِذٍ تَسْمِيَةً سِلْمِيَّةً عَمْدًا بـ«التحالفِ الإستيراتيجيِّ الشرق-أوسطيِّ» MESA، ذٰلك التحالفِ السَّمِيِّ الذي يَبْتَنِي بظاهِرِهِ عَتِيدًا آفِكَ التشبُّهِ المُؤَاتِي بـ«حِلْفِ شَمَالِ الأطلسيِّ» NATO، والذي يَقْتَضِي بِجَوْهَرِهِ مَزِيدًا من المَدِّ العسكريِّ الأمريكيِّ (ومن وَرَائِهِ كذاكَ، بالطبعِ، مَزِيدٌ من المَدِّ العسكريِّ البريطانيِّ وَ/أَوِ الفرنسيِّ، وهَلُمَّ جَرًّا). وهٰكذا، وحتَّى بدونِ تنفيذِ ذٰلك الإجْرَاءِ العُدْوَانِيِّ، لا بَلِ الإجراميِّ، المُمَوَّهِ احترَافًا في حدِّ ذاتِهِ، فقد صَارَ هٰذا المَدُّ العسكريُّ الغربيُّ يزدادُ أكثرَ فأكثرَ، بالقوةِ وبالفِعْلِ كِلَيْهِمَا، وذاكَ بُغْيَةَ الاِزْدِيَادِ المَرْدُودِ والمَرْصُودِ في مِيدَاءِ النفوذِ الجيو-سياسيِّ في أجزاءٍ جِدِّ مرغوبةٍ من هٰذا الشرقِ العَجَائِبِيِّ المَدِيدِ، وذاكَ من سَبِيلِ الاتِّكَاءِ والاتِّكَالِ الكُلِّيَّيْنِ (أو بالكادِ) كذاكَ عَلى كافَّةِ أشكالِ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ من العُرْبَانِ والعَرَبِ الأَقْحَاحِ والمُسْتَعْرِبِينَ أرْهَاطًا وعَصَائِبَ شُؤْمَى، في أَعْقَارِ المملكاتِ والإماراتِ و«الجمهورياتِ»، أو حتى تيك «الاشتراكيَّاتِ»، المعنيَّةِ من قريبٍ أوْ من بعيدٍ. وهٰكذا أيضًا، وقد صَارَ هٰذانِ الاتِّكَاءُ والاتِّكَالُ الكُلِّيَّانِ يَسْتَبِيئَانِ بالإِتْبَاعِ حَيِّزًا من الأولويَّةِ والأهميَّةِ في مُحْتَوَيَاتِ، وفي جَدَاوِلِ أَعْمَالِ، مَا سُمِّيَ حِينَئِذٍ تسميةً جِدَّ مَدْرُوسَةٍ قَصْدًا كذاكَ بـ«القمَّةِ الأُورُوبِّيَّةِ-العَرَبِيَّةِ» EALS، تلك القِمَّةِ التي حَلَّ انعقادُهَا بفارقٍ فاقعٍ بينَ الجَانِبَيْنِ المَعْنِيَّيْنِ في شرم الشيخِ في اليومِ الثالثِ والعشرينَ من شهرِ شباطَ من العامِ ذاك «مَا قبلَ الكورونيِّ»، عامِ 2019 ذاتًا، إذِ اقتصرَ الحُضُورُ المنظورُ في هٰكذا قِمَّةٍ لافتٍ عَلى عَشْرَةٍ، أو يزيدُ وحَسْبُ، من أولٰئك الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ من العُرْبَانِ والعَرَبِ الأَقْحَاحِ والمُسْتَعْرِبِينَ في مُقَابِلِ سَبْعَةٍ وعِشْرِينَ، أو يزيدُ أكثرَ حتى، من أسيادِهِمْ من الأورُوبِّيِّينَ ذَوَاتِهِمْ، وذاكَ بمثابةِ أدعياءَ داعمينَ «أوفياءَ» لَهُمْ عَلى كلٍّ من الصَّعِيدَيْنِ المَادِّيِّ والمعنويِّ بالأَدْنَى – وعَلى الأَخَصِّ في ظلِّ تَصَاعُدِ شتَّى نَبَرَاتِ اليمينِ المتطرِّفِ (هٰذا العُنْصُرِيِّ الشَّعْبَوِيِّ) في ثَنَايَا شتَّى نُصُوصِ الخطابِ السياسيِّ الأورُوبِّيِّ في تلك الأحيانِ ومَا تلاهَا، وعَلى الأَشَدِّ خُصُوصًا في ظلِّ صُعُودِ هٰذا اليمينِ المتطرِّفِ (هٰذا العُنْصُرِيِّ الشَّعْبَوِيِّ) إلى مَرَاتبِ السُّلْطةِ ذاتِهَا في عددٍ غيرِ قليلٍ من «الديمقراطياتِ» الأورُوبِّيَّةِ، مِنْ مثلِ: النمسا وإيطاليا وهنغاريا، وغيرِهَا، وغيرِهَا. وكُلٌّ كذاكَ من عِصَابَةِ «القيصرِ» الرُّوسِيِّ وعِصَابَةِ «الإمبراطورِ» الأمريكيِّ، في الجَانِبِ العَتِيدِ المُعْلَنِ، أو حتى في الجَانِبِ العَنِيدِ المُسَرِّ، من ذٰلك الإِجْرَاءِ العُدْوَانِيِّ والإِجْرَامِيِّ المُمَوَّهِ تحتَ ذٰلك القِنَاعِ يومَهَا، كُلٌّ كذاكَ منهمَا كانتْ، ومَا بَرِحَتْ، تنتقدُ الأُخرى بذريعةِ الصَّدِّ والحَدِّ التحالفيَّيْنِ العَالَمِيَّينِ من أَيِّمَا خطرٍ إرهابيٍّ «داعشيٍّ» أَوْ إيرانيٍّ أَوْ حتى تركيٍّ، من طرفٍ أَوَّلَ، وكانتْ إذَّاكَ كُلٌّ منهمَا بذاتِ الغِرَارِ، ومَا فَتِئَتْ، تسعى لاهثةً لُهَاثًا وَرَاءَ أَطْمَاعِهَا «الهَيْمَنِيَّةِ الاستشراقيَّةِ» الخاصَّةِ بِهَا من جَرَّاءِ حَشْدِهَا مَا تَتَشَاهَمُ بِهِ (أو، بالحَرِيِّ، مَا تَتَنَطَّعُ بالتَّشَاهُمِ بِهِ) من دعمٍ مَادِّيٍّ ومعنويٍّ ومَا بَيْنَهُمَا لِعَصَابَةِ أو عَصَائِبِ الكيانِ الصُّهيونيِّ الذي يَتَمَادَى في التطرُّفِ اليمينيِّ والعنصُريِّ والشَّعْبَوِيِّ، فَضْلاً عن الإرهَابِيِّ، أَيَّمَا تَمَادٍ يومًا عَنْ يومٍ وحتى هٰذا اليومِ بالذاتِ بعدَ مُضِيِّ خمسةٍ وسبعينَ عَامًا تمَامًا عَلى إنشاءِ «الدولةِ العبريَّةِ» في أرضِ فلسطينَ العربيةِ، من طرفٍ آخَرَ. ففي حينِ أنَّ عِصَابَةَ «القيصرِ» الرُّوسيِّ كانتْ تَسْخَرُ، من حَيْثِيَّتِهَا، ناطقةً سَخْرَهَا بلسانِ وزيرِ خارجيَّتِهَا القَمِينِ، سيرغي لاڤروڤ، مِمَّا سوفَ يترتَّبُ عليهِ ذٰلك المشروعُ الأمريكيُّ المُسَمَّى إبَّانَهَا بـ«التحالفِ الإستيراتيجيِّ الشرق-أوسطيِّ» MESA، الآنِفِ الذِّكْرِ تَوًّا، ذٰلك المشروعُ المُفْتَعَلُ الذي لا يخدمُ شيئًا إلاَّ في مصلحةِ أمريكا في احتواءِ دولِ الشرقِ الأوسطِ المقصُودةِ ذاتِهَا كُلاًّ في آخِرِ المطافِ (مَثَلُهُ كَمَثَلِ أيٍّ مِنْ تلك المشاريعِ المُفْتَعَلَةِ التي تبتغي أمريكا تفعيلَهَا وتنفيذَهَا كُلَّ الاِبْتِغَاءِ في نَحْوٍ قَصِيٍّ، أَوْ حتى في نَحْوٍ دَنِيِّ، مِنْ أَنْحَاءِ هٰذا العالَمِ الحَديثِ، كَمِثْلِ ذٰلك المشروعِ المَدْعُوِّ بالتوازِي مُفْتَعَلاً حِينَهَا بـ«التحالفِ الإستيراتيجيِّ الهنديِّ-الهاديِّ» IPSA، مُفْتَعَلاً حِينَئِذٍ، بدَوْرِهِ هو الآخَرُ، مِنْ أَجْلِ الاِحْتِوَاءِ الكُلِّيِّ أو حتى الجُزْئِيِّ لدولةِ الصينِ عَيْنِهَا بالمثابةِ عَيْنِ عَيْنِهَا، حتى قبلَ تَفَشِّي الوَبَاءِ الكورُونيِّ المُمِيتِ)، فإنَّ عِصَابَةَ «الإمبراطورِ» الأمريكيِّ كانت تَهْزَأُ، من حَيْثِيَّتِهَا هي الأُخرى، لافظةً هَزْءَهَا كذاكَ بلسانِ وزيرِ خارجيَّتِهَا المَتِينِ، مايك ݒومݒيو (غيرَ مُخْتَلِفٍ، من حيثُ المبدأُ، عن خَلَفِهِ الرَّزِينِ، أنتوني بلينكن)، مِمَّا أَسْفَرَ قَبْلَئِذٍ، ومِمَّا سوفَ يُسْفِرُ بَعْدَئِذٍ، عنهُ المشروعُ الرُّوسِيُّ المُتَقَرِّي فَحْواءَهُ، من طَرَفِهِ هو الثَّالِثُ، في انعقادِ مُتَتَالِيَةٍ زَمَانِيَّةٍ من القِمَمِ الثُّلاثِيَّةِ بينَ رؤوسِ عِصَابَاتِ أرْهَاطِ الحُكْمِ في روسيا ڤلاديمير ݒوتين وتركيا رجب طيب أردوغان وإيران حسن روحاني البانِي (غيرِ المُخْتَلِفِ إذَّاك جَوْهَرًا عن خَلَفِهِ المَبْنِيِّ، إبراهيم رئيسي)، هٰذهِ القِمَمِ الثُّلاثيةِ التي اخْتُلِقَتْ كذاك تِبَاعًا في كلٍّ من المدائنِ، سوتشي (في الثاني والعشرينَ من تشرين الثاني / نوڤمبر عامَ 2017) وأنقرةَ (في الرَّابعِ من نيسانَ / أبريل عامَ 2018) وطهرانَ (في السَّابعِ من أيلولَ / سبتمبر عامَ 2018) وسوتشي أيضًا (في الرابعَ عشرَ من شباطَ / فبراير عامَ 2019) – وذاكَ، بالطبعِ، بُغْيَةَ الحُصُولِ المَفْصُولِ من تركيا ذاتًا عَلى اعترافٍ رَسْمِيٍّ مَمْنُونٍ بـ«شَرْعِيَّةِ» النظامِ الطائفيِّ الطُّغْيَانيِّ الفاشيِّ المتوحِّشِ في سوريا، وذٰلك بعد الاعترافِ الرَّسْمِيٍّ المَمْجُوجِ بـ«شَرْعِيَّةِ» النظامِ النَّظِيرِ في مصرَ، بالإتْبَاعِ عاجلاً أو آجلاً (مثلمَا بَانَتْ جَلِيًّا إِرْهَاصَاتُ ذينك الاِعترافَيْنِ أيَّامَئِذٍ، ومثلمَا تَبِينُ جَلِيًّا كذاك هٰكذا إرْهَاصَاتٌ عَوْدًا عَلى بَدءٍ في هٰذِهِ الأَيَّامِ من منتصَفِ هٰذا العَامِ «مَا بعدَ الكورونيِّ» فيمَا يتبدَّى، عَامِ 2023) – ولا غَرْوَ، مرةً أخرى وأخرى، أن تكونَ تلك الأُحْبُولَةُ الوَضِيعَةُ الشُّؤْمَى هي ذاتُهَا الأُحْبُولَةُ المُثْلَى، منذُ البدايةِ: «التَّعَاضُدُ الأَمْنِيُّ الحَمِيُّ مِنْ أَجْلِ مُحَارَبَةِ الإِرْهَابِ «المُهَابِ»، ذاكَ المُتَمَثِّلِ في تنظيمِ «الدولةِ الإسلاميةِ في العراقِ والشامِ» ISIS، ومشتقَّاتِهَا، في حَالِ كلٍّ من الدولتَيْنِ المَعْنِيَّتَيْنِ هٰتَيْنِ عَدَا تركيا نفسِهَا، أو حتى في تنظيمِ «حزبِ العمالِ الكردستانيِّ» PKK، ومشتقَّاتِهِ كذٰلك، في حَالِ تركيا بالذاتِ دُونَ غيرِهَا».

وقَدْ ظَلَّتْ هٰذِهِ الأُحْبُولَةُ الوَضِيعَةُ مُسْتَبِيئَةً صَدْرَ الاِهْتِمَامِ حتى في تلك القِمَّةِ الثُّلاثِيَّةِ الأَسْتَانِيَّةِ التي أُبْرِمَتْ مُؤَخَّرًا بِرِعَايَةٍ أُمَمِيَّةٍ مُشْرِكَةً، هٰذِهِ المَرَّةَ، أمريكا إِشْرَاكًا مُعْلَنًا (بعدَمَا كَانَ إِشْرَاكًا مُسَرًّا فيمَا مضَى من أَيٍّ من تيك القِمَمِ الثُّلاثِيَّةِ الآنِفَةِ الذِّكْرِ تَوًّا)، فَضْلاً عن إِدْنَاءِ كُلٍّ من روسيا وتركيا كَمَا جَرَى الاِعْتِيَادُ بِحُكْمِ «الإِسَارِ النَّفْعِيِّ القريبِ»، وفَضْلاً كذاكَ عن إِقْصَاءِ إيرانَ عَكْسًا لِجَرْيِ الاِعْتِيَادِ بِحُكْمِ «الإِسَارِ النَّفْعِيِّ البعيدِ». وتَحَجُّجًا مُتَبَاخِسًا بِرَسْمِ خارطةٍ لطريقِ تطبيقِ ذاك القرَارِ الأُمَمِيِّ المَعْنِيِّ (قرارِ مجلسِ الأمنِ 2254)، فإنَّ الهَدَفَ الرَّئِيسَ في المَآلِ البَئِيسِ مِنْ لَدُنْ كُلٍّ مِنَ الرَّاعِي الرُّوسيِّ المُدْنَى والرَّاعِي الإيرانيِّ المُقْصَى إنَّمَا هو إِلْزَامُ عَيْنِ الرَّاعِي التركيِّ «المُدْنَى» بالاِنْسِحَابِ الخِطْرِيفِ من أَرْضِ سوريا، وهٰذا الأخيرُ دَائِبٌ مِصْرَارٌ مِنْ لَدُنْهُ عَلى الاِتِّجَارِ الأَشَدِّ تَبَاخُسًا بِمَسْأَلَةِ اللاجِئَاتِ واللاجِئِينَ السُّورِيِّينَ سَعْيًا، أو حتى لُهَاثًا، وَرَاءَ المَزِيدِ مِنِ ابْتِزَازِهِ الدَّنِيِّ المَعْهُودِ – نَاهِيكُمَا، هٰهُنَا، عن دَنَاءَةِ حتى أقلامٍ صَحَفِيَّةٍ «عربيَّةٍ» لَدَى الكَلامِ المَلْغُومِ عن ذٰلك الاستهدافِ (المُسَيَّرَاتِيِّ) اللامُسَمَّى لِعَصَائِبِ «الدفاعِ الشعبيِّ» التي يُسَمِّيهَا الشعبُ السُّورِيُّ الثائِرُ غَمْصًا وإِكَارَةً بَدِيهِيَّيْنِ بـ«قطعانِ الشَّبِّيحَةِ» لارتكابِهَا الوَكِيدِ لأفظعِ الجَرَائِرِ والمَجَازِرِ منذُ البَدْءِ، لَدَى الكَلامِ المَلْغُومِ بأنَّ هٰذا الشعبَ إنَّمَا «يَتَّهِمُ» هٰذِهِ القطعانَ بهٰكذا «ارتكابٍ» مَدَى تيك السَّنَوَاتِ الخَوَالي لَيْسَ إِلاَّ، كَمَا يَسْتَبِينُ جَلِيًّا في مَتْنِ هٰذا التقريرِ الافْتِتَاحِيِّ البَخِيسِ غُفْلِيًّا، «سوريا: رسائلُ المُسَيَّرَاتِ في بلادِ الكبتاغون واللاجئينَ!» (القدس العربي، 23 حزيران 2023). غَيْرَ أنَّ المَشْهَدَ المُقَابِلَ بينَ عَصَائِبِ الطُّغَاةِ الفاشيِّينَ العُتَاةِ المُصْطَنَعِينَ عَرَبًا أَقْحَاحًا ومُسْتَعْرِبِينَ «جُمْهُورِيًّا»، أو حتى «اشتراكيًّا»، ليسَ أَقَلَّ قَبَاحَةً بِمَعِيَّةِ ذاك النَّظِيرِ التركيِّ (أو الرَّاعِي الثالثِ «المُدْنَى» بعدَ النَّظِيرَيْنِ الأمريكيِّ والرُّوسيِّ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرًا). فَمَثَلاً لَا حَصْرًا، فإنَّ الطاغيةَ الفاشيَّ المُصْطَنَعَ، عبد الفتاح السيسي، والطاغيةَ الفاشيَّ الأكثرَ اصْطِنَاعًا، بشار الأسد، كَانَا ومَا زَالا يقفانِ إلى جانبِ بعضِهِمَا البعضِ وُقُوفًا حَمِيمِيًّا «أسطوريًّا»، عَلى الصَّعِيدِ العسكريِّ بِجُلِّ أنواعِهِ الخفيفةِ والثقيلةِ، منذُ حَوَالَيْ خَمْسَةٍ من الأَحْوَالِ «الجَلِيلَةِ»، رغمَ اكتظاظِهَا المُسْتَمِرِّ إلى حَدِّ طُفُوحِ الكَيْلِ بكُلِّ أَشْتَاتِ المَخَاوفِ والأَهْوَالِ السَّلِيلَةِ. وكلاهُمَا يَتَفَنَّنَانِ بِلا رحمةٍ وبِلا هَوَادَةٍ بما يتيسَّرُ لِأَرِبَّائِهِمَا ولأذنابِهِمَا من فنونِ التعذيبِ والتزهيقِ عَلى حَافَّةِ «الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ»، وكلاهُمَا يُسَوِّمَانِ بناتِ وأبناءَ الشَّعْبَيْنِ المِصْريِّ والسُّوريِّ سُوءَ هٰذِهِ الفُنُونِ كَافَّتِهَا أَيَّمَا تَسْوِيمٍ. فذاك هو النِّيرُ الفَرِيُّ أبو الهَوْلِ القَاهِرِيُّ مُجَسَّدًا، من جَانِبٍ أَوَّلَ، في جَسَدٍ «فِرْعَوْنِيٍّ» ذَمِيمٍ يتولَّهُ في الفُسْطَاطِ بتجميلِ أحكامِ الإعدامِ التعسُّفِيَّةِ كَوْنَهَا في الحُسْبَانِ المزيَّفِ «حَقًّا إلٰهِيًّا» مُنَزَّلاً من السَّمَاءِ بـ«الحَقِّ» عَلى «العِقَاقِ» منهنَّ شَابَّاتٍ وعَلى «العُقَّقِ» منهُمْ شُبَّانًا (وقد تَمَّ التَّنفيذُ المُرِيعُ لهٰكذا إعدامٍ تعسُّفيٍّ في آخِرِ تِسْعَةٍ من هٰؤلاءِ الشُّبَّانِ «العُقَّقِ» أَيَّامَئِذٍ، وتلك الجَرِيرَةُ النَّكْرَاءُ لا تعدو أنْ تكونَ، في ذٰلك الحُسْبَانِ المزيَّفِ بالذاتِ، بدايةَ البداياتِ المُدَمَّاةِ، وبالأَخصِّ بعدَ استتبابِ ذاك الانقلابِ العسكريِّ المَقُومِ بِهِ بدعمٍ مملكاتيٍّ وإماراتيٍّ، وبإيعَازٍ أمريكيٍّ وبريطانيٍّ، عَلى الرئيسِ المِصْريِّ المَحْبُوسِ حتَّى إشعارٍ آخَرَ، محمد مرسي، قبلَ رَحِيلِهِ الاعتسَافيِّ عن هٰذِهِ الدُّنْيَا، بصِفَتِهِ الرئيسَ المِصْريَّ الوحيدَ مُنْتَخَبًا، رَغْمَ «إِخْوَانِيَّتِهِ»، انتخابًا ديمقراطيًّا حقيقيًّا في تاريخِ مِصْرَ السياسيِّ بِأَسْرِهِ). وهٰذا هو العِيرُ الرَّحِيُّ ابنُ الغُولِ القِرْدَاحِيُّ مُجَسَّمًا، من جَانِبٍ ثَانٍ، في جِسْمٍ «قِرْدَوْنِيٍّ» دَمِيمٍ يتولَّعُ في الفَيْحَاءِ بتحطيمِ الأرقامِ القياسيَّةِ المَدْمِيَّةِ كلِّهَا في اجْتِرَامِ أفظعِ وأشْنَعِ مَا توصَّلَ إليهِ «العقلُ» الإجرَامِيُّ البهيميُّ، لا بَلْ مَا دُونَ-البهيميُّ، من جَرَائِمَ فظيعَةٍ شَنْعَاءَ ضدَّ الإنسانيةِ في المطلقِ (وقد قتلَتْ وشرَّدَتْ عَصَائِبُهُ الذَّلُولُ مَأْمُورَةً والدَّخُولُ مَأْجُورَةً، قادمةً من كلِّ صُقْع من أَصْقَاعِ هٰذا العَالَمِ كُلاًّ، وقد قتلَتْ وشرَّدَتْ من الشَّعبِ السُّوريِّ اليتيمِ في غُضُونِ أقلَّ من سَبْعٍ من السَّنواتِ العِجَافِ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً مِمَّا قد قتلتْهُ وشرَّدَتْهُ عَصَائِبُ الكيانِ الصُّهيونيِّ من الشَّعبِ الفلسطينيِّ اللَّطِيمِ عَلى مَدى أكثرَ من سبعينَ سَنَةً أشدَّ عُجُوفًا حتَّى). وهٰذا هو الزَّلَمُ السَّفَّاحُ الذَّبَّاحُ المَهِيضُ المَرِيضُ بنِصْفِ عَقْلٍ، أو بدونِهِ بالأَحْرَى، مُبَدَّنًا، من جَانِبٍ ثالثٍ، في بَدَنٍ «عثمانيٍّ» رَمِيمٍ يترنَّمُ أَيَّمَا ترنيمٍ بعَتَاهَةٍ وبَلاهَةٍ سَرِيرِيَّتَيْنِ هٰهُنَا، ويتألَّهُ في بلادِ الأَنَاضُولِ أو في أَرْجَاءِ آسيا الصُّغْرَى هٰهُنَاكَ، يتألَّهُ شامخًا شَامِسًا بتأليهِ ذٰلك الحزبِ المُسَمَّى بـ«حزبِ العدالةِ والتنميةِ» AKP، صَوْغًا تركيًّا (أو JDP، صَوْغًا إنكليزيًّا) لِكَيْمَا يظهرَ، من خلالِ تَشَوُّفِهِ الافتعاليِّ والافترائيِّ الجَمُوحِ قدَّامَ المَغْبُونِينَ وغيرِ المَغْبُونِينَ من الأكرادِ والعَرَبِ طُرًّا، بمظهرِ ذٰلك السياسيِّ «النظيفِ» و«النزيهِ» و«المُشْبَعِ إشباعًا بمَنَاقِبِ الأخلاقِ الإسلاميةِ النقيَّةِ»، حِينَمَا يُجْلِيهَا ومنْ ثمَّ يُجَلِّيهَا قاصِدًا مُتَعَمِّدًا كُلَّ الإِجْلاءِ والتَّجْلِيَةِ «الجَلِيلَيْنِ» في «أَسْمَى» مَعَانِيهَا. كلُّ هٰذَيْنِ الشُّمُوخِ والشُّمُوسِ الجَارِفَيْنِ الكَاشِفَيْنِ، في حَقِيقَةِ الأَمْرِ، إِنَّمَا مَرَدُّهُمَا إلى عُقْدَتَيْنِ نفسيَّتَينِ مُزْمِنَتَيْنِ تُشَرِّشَانِ في عَقْلِ هٰذا الرَّجُلِ المَرِيضِ بنصفِ عَقْلٍ، أو بدونِهِ بالحَرِيِّ، ألا وهُمَا: العُقْدَةُ الكُرْدِيَّةُ، في المَقامِ الأوَّلِ، والعُقْدَةُ العَرَبِيَّةُ، في المَقَامِ الثَّانِي – هٰذا بالرَّغْمِ من أنَّ عددَ الأعضاءِ الكُرْدِيَّاتِ والأكرادِ المنتمينَ إلى حزبِهِ التركيِّ المُؤَلَّهِ، «حزبِ العدالةِ والتنميةِ» AKP المذكورِ ذاتًا، إنَّمَا يَفُوقُ فَوَاقًا لافِتًا عددَ الأعضاءِ الكُرْدِيَّاتِ والأكرادِ المنتمينَ إلى ذٰلك الحزبِ التركيِّ اللامُؤَلَّهِ الآخَرِ والمُؤَيِّدِ والمُسَانِدِ للشَّعْبِ الكُرْدِيِّ بالذاتِ مَدْعُوًّا بـ«حزبِ الشعوبِ الديمقراطيِّ» HDP، بالصَّوْغِ التركيِّ (أو PDP، بالصَّوْغِ الإنكليزيِّ)، من حَيْثِيَّةِ «العُقْدَةِ الكُرْدِيَّةِ» الأُولى – وهٰذا كذاك بالرَّغْمِ من أنَّ ثَمَّةَ قُرَابَةَ أربعةِ ملايينَ من اللاجئاتِ واللاجئينَ السُّوريِّينَ، بأغلبيَّةٍ عربيةٍ سَاحقةٍ، يعيشُونَ الآنَ عيشًا «كريمًا» في أَنْحَاءٍ مختلفةٍ من تركيَّا، ويفضِّلونَ هٰذا العيشَ «الكريمَ»، بنسبةٍ مَلْحُوظَةٍ تقرُبُ من ثلاثةِ أربَاعٍ، تحتَ جَنَاحِ سُلْطَةِ ذٰلك الحزبِ التركيِّ المُؤَلَّهِ، لا تحتَ جَناحِ سُلْطَةِ «حزبِ البعثِ الأسديِّ الطائفيِّ الفاشيِّ المتوحِّشِ»، حَسْبَمَا جَاءَ مَوْثُوقًا ومُوَثَّقًا في آخِرِ استفتاءٍ ليسَ تركيًّا ولا كرديًّا ولا حتى عربيًّا، من حَيْثِيَّةِ «العُقْدَةِ العَرَبِيَّةِ» الثَّانِيَةِ. ولٰكِنْ، والسُّؤَالُ الأَهَمُّ يطرحُ نفسَهُ بإلحَاحٍ وتَرَقُّبٍ، في هٰذِهِ القرينةِ: كيفَ يجيءُ مَوْثُوقًا ومُوَثَّقًا أكثرَ فأكثرَ، في واقع الأمرِ، عَصْفٌ «مَلِيحٌ» من «التَّصَادُقِ» السِّرِّيِّ مَا بينَ الزَّلَمِ السَّفَّاحِ الذَّبَّاحِ «العثمانيِّ» والعِيرِ الرَّحِيِّ ابنِ الغُولِ «القِرْدَاحِيِّ»، من جِهَةٍ أولى، وكيفَ يجيءُ بالغِرَارِ ذاتِهِ عَصْفٌ «قَبِيحٌ» من «التَّعَادِي» الجَهْرِيِّ مَا بينَ الزَّلَمِ السَّفَّاحِ الذَّبَّاحِ «العثمانيِّ» والنِّيرِ الفَرِيِّ أبي الهَوْلِ «القَاهِرِيِّ» في كُلِّ هٰذا الحَيْصِ وكُلِّ هٰذا البَيْصِ، من جِهَةٍ أخرى؟

في كُلِّ هٰكذا حَيْصٍ وكُلِّ هٰكذا بَيْصٍ، فيمَا يتبدَّى في سُوقِ السِّيَاسَةِ، فَنِّ الكَذِبِ والخِدَاعِ والإِفْكِ بامتيازٍ في اسْتِبَاءَةِ بُوقِ الرِّيَاسَةِ، وكذاكَ بامتيازِ فَنِّ الكَذِبِ والخِدَاعِ والإِفْكِ ذاتِهِ، فيمَا يتجَلَّى في طُوقِ النِّخَاسَةِ، تيكَ العَاجَّةِ أَيَّمَا عَجٍّ بِأَعْفَاشٍ من نُقَطَاءَ عَتُوفِينَ أو من عُسَفَاءَ نَتُوفِينَ سَفُوفِينَ حتى عن فُوقِ الإنَاسَةِ، ليسَ ثَمَّةَ «أَصْدِقَاءُ» بَتًّا وليسَ ثَمَّةَ «أَعْدَاءٌ» بَتَّةً، لا بالفَحْوى الحَرْفِيِّ ولا حتى بالفَحْوَاءِ المَجَازِيِّ لأيٍّ من هٰتَيْنِ المُفْرَدَتَيْنِ النَّقِيضَتَيْنِ، بَتَّةً أخرى – بَلْ ثَمَّةَ، عَلى الخِلافِ من ذٰلكَ كُلِّهِ، فَلٌّ أو فُلُولٌ من «مَصْلَحِيِّينَ» أَوْ «مَنْفَعِيِّينَ» أَوْ «وُصُولِيِّينَ» أو حتى «اِنْتِهَازِيِّينَ» أو حتى «نِفَاقِيِّينَ» بالفَحْوَى والفَحْوَاءِ الحَرْفِيَّيْنِ الصَّرِيحَيْنِ لِكُلٍّ من هٰذِهِ المُفْرَدَاتِ الرَّدِيفَاتِ وغيرِهَا الكَثِيرَاتِ، عَلى وَجْهِ التَّحْدِيدِ. وثَمَّةَ ثَمَّةَ، في المُقَابِلِ، الكثيرُ الكثيرُ من مَعْشَرِ الكُتَبَاءِ الصِّحَافِيّيِنَ ومَعْشَرِ البُحَثَاءِ الجَامِعِيِّينَ، في هٰذا المَسَاقِ (النَّفْسِيِّ السِّيَاسِيِّ) الخَطِيرِ بالذاتِ، ثَمَّةَ الكثيرُ الكثيرُ مِنْهُمْ حِينَمَا يَتَبَدَّوْنَ مُغْرَمِينَ قُدَّامَ الآنَامِ الحَرَائِرِ والأَحْرَارِ غَرَامًا شَدِيدًا باسْتِعْمَالِ تلك العِبَارَاتِ العُبُوديَّةِ والرِّقِّيَّةٍ التي أَكَلَتْ عَلَيْهَا أَشْتَاتُ الدُّهُورِ المِدَادِ وشَرِبَتْ إلى حَدِّ التُّخْمَةِ (أو حَدِّ «التُّخَامِ» Dyspepsia)، من مثلِ هٰذِهِ العِبَارَةِ «ٱلْقَهْرِيَّةِ ٱلْتَّكْرَارِيَّةِ» المُصَاغَةِ هٰكذا بِالاسْتِيمَانِ بِعِبَارَةِ العُنْوَانِ صَوْغًا مَاثِلاً أو تَمْثِيليًّا عَلى النَّحْوِ التَّالِي: «قَدَّمَتْ دَوْلَةٌ مَا دَوْلَةً مَا لَدَوْلَةٍ مَا عَلى طَبَقٍ مِنْ ذَهَبٍ، أو (حتى) مِنْ فِضَّةٍ». فليسَ لهٰؤلاءِ الكُتَبَاءِ الصِّحَافِيّيِنَ والبُحَثَاءِ الجَامِعِيِّينَ إِلاَّ أَنْ يَقَعُوا، شَائِينَ أمْ آبِينَ مِنْ ثَمَّ، وُقُوعًا في شَرَكِ (أو في أَشْرَاكِ) ضِرْبَيْنِ من التناقضِ التعبيريِّ، عَلى أَدْنَى تَخْمِينٍ، أَلَا وهُمَا، بِبَسَاطَةٍ: التناقضُ التعبيريُّ الوَاعِي، أَوَّلاً، والتناقضُ التعبيريُّ اللاوَاعِي، ثَانِيًا. مَا يَهُمُّ هٰهُنَا، في هٰذا المَسَاقِ (النَّفْسِيِّ السِّيَاسِيِّ) الخَطِيرِ بالذاتِ، إِنَّمَا هو الضِّرْبُ الأَوَّلُ من هٰذا التناقضِ التعبيريِّ دُونَ غَيْرِهِ، لمَاذا؟ – لأنَّ الكاتبَ المَعْنِيَّ في هٰكذا مَسَاقٍ ذَاتًا ليسَ لَهُ سِوَى أَنْ يَتَكَشَّفَ بالاِعْتِيَادِ، وبِالبَسَاطَةِ ذاتِهَا كذٰلك، عن وَعْيٍ وإدْرَاكٍ تَامَّيْنِ بمَا كَانَ قَدْ وَقَعَ فيهِ من تناقضٍ تعبيريٍّ سَافِرٍ أو صَارِخٍ دُونَ أَنْ يَتَجشَّمَ، ولا حتَّى أَنْ يُحَاولَ أَنْ يَتَجشَّمَ، عَنَاءَ تقديمِ حَلٍّ نَجِيعٍ أو حتى رأيٍ بَدِيعٍ لِمَا يكتبُ في نصِّهِ من هٰكذا تناقضٍ تعبيريٍ سَافِرٍ أو صَارِخٍ، مِثْلَمَا يكتبُ البَاحثُ الجَامعيُّ «المَاركسيُّ» جلبير الأشقر، عَلى سَبِيلِ المِثَالِ لَا الحَصْرِ، كَتْبًا في نَصِّهِ «التحليليِّ السِّيَاسِيِّ» من تقريرٍ (من تقاريرِهِ الصَّحَفِيةِ المَكْتُوبَةِ بالمِنْهَاجِ «الأكاديميِّ» الغَنِيِّ عن التعريفِ) ظَاهِرٍ بالعُنْوَانِ المُلَفْلَفِ إعلاميًّا حتى في أَحْسَنِ حَالِهِ «التَّحْرِيرِيَّةِ»، مِثْلَمَا يكتبُ بالعُنُوِّ هٰكذا: «وأرادتْ [إسرائيلُ] بالتالي أنْ تنتهزَ فرصةَ السنةِ الأخيرةِ من وجودِ إدارةٍ [أمريكيةٍ] منحازةٍ بقوةٍ [لها، أي] لإسرائيلَ ومعاديةٍ بشدّةٍ لإيرانَ (ولو أنها في الحقيقةِ قد أسدتْ إلى طهرانَ خدمةً جليلةً بتقديمِ حكمِ العراقِ لهَا عَلى طبقٍ من فضَّةٍ) كي تقومَ ضدَّ إيرانَ بتكرارِ ما قامتْ بهِ ضدَّ العراقِ» (اُنْظُرَا تقرِيرَهُ الصَّحَفِيَّ المَعْنِيَّ: «المعادلةُ الخطيرةُ بينَ إسرائيلَ وأمريكا وإيرانَ»، القدس العربي، 26 شباط 2019). بصَرِيحِ الكَلامِ، هٰهُنَا في وَاقِعِ المَآلِ وَاقِعًا، هٰذا قَطْعًا قَاطِعًا ليسَ تحليلاً سياسيًّا بالمُتَعَارَفِ من بَاحثٍ جَامعيٍّ «مَاركسيٍّ» مُتَخَصِّصٍ بِمَا يكتبُ كَتْبًا في هٰذا السِّيَاقِ «التحليليِّ السِّيَاسِيِّ» ذاتِهِ، خاصَّةً وأنَّ الدولةَ المعنيَّةَ التي «تُعَادِي بشدَّةٍ» دولةَ إيرانَ (أي دولةُ أمريكا، والحَالُ هٰذِهِ) لا يمكنُ لَهَا أَنْ تُسْدِيَ «إلى طهرانَ خدمةً جليلةً بتقديمِ حكمِ العراقِ لهَا عَلى طبقٍ من فضَّةٍ» سِوَى لِمَآرِبَ لاأخلاقيةٍ ولاإنسانيةٍ في نفسِ كُلٍّ من أولٰئكَ «المَصْلَحِيِّينَ» و«المَنْفَعِيِّينَ» و«الوُصُولِيِّينَ» و«الِانْتِهَازِيِّينَ» وحتى «النِّفَاقِيِّينَ» الأمريكيِّينَ والإيرانيِّينَ، عَلى حَدٍّ سَوَاءٍ: هٰذا بصَرِيحِ الكَلامِ، هٰهُنَا في هٰكذا وَاقِعٍ قَاطِعٍ، لَتَوْصِيفٌ سِيَاسِيٌّ تلفيقيٌّ (أو حتى «ترقيعيٌّ»، بِعِبَارَةٍ ليستْ ألطفَ تعبيرًا) لتلكَ الأَحْدَاثِ المَرِيرَةِ في تِيكَ السَّنَوَاتِ الخَوَالِي قدْ جَاءَ في نَصِّ البَاحثِ الجَامعيِّ «المَاركسيِّ» المَعْنِيِّ عنوةً، وكيفما اتَّفَقَ – نَاهِيكُمَا، بالاِسْتِطْرَادِ المُرَادِ، عَمَّا جَاءَ في نَصِّ تقريرِهِ الصَّحَفِيِّ الأَخِيرِ من «تحليلٍ سِيَاسِيٍّ» مُنْفَصِلٍ اِنْفِصَالاً كُلِّيًّا عن أَيِّمَا وَاقِعٍ قَاطِعٍ، أو حتى غَيْرِ قَاطِعٍ، من جَرَّاءِ اِنْهِمَاكِهِ الإجْرَائيِّ العَقِيمِ في اِسْتِقْرَاءِ، أو حتى في «تَحَرِّي»، أَوْجُهِ ذٰلك التَّشَابُهِ المُتَخَيَّلِ بَيْنَ كُلٍّ من المشهدَيْنِ الليبيِّ والسُّودَانيِّ وبينَ المشهدِ الرُّوسِيِّ مُفْرَدًا (فيمَا يَخُصُّ ذاكَ «التَّمَرُّدَ» العَتِيدَ مِنْ لَدُنْ قائدِ وحداتِ «ڤاغنر»، يفغيني بريغوجين، عَلى قادةِ وزارةِ الدفاعِ بالذَّوَاتِ، ذاكَ «التَّمَرُّدَ» الذي كَانَ يعلمُ بالتخطيطِ لَهُ عِلْمَ اليَقِينِ مُسْبَقًا نائبُ القائدِ العسكريِّ الرُّوسيُّ في أوكرانيا آنِفًا، سيرغي سوروفيكين، مِمَّا أَدَّى إلى «اعْتَقَالِهِ» مُؤَخَّرًا مِنْ لَدُنِ الرئيسِ الرُّوسِيِّ ڤلاديمير پوتين بالذاتِ)، ومن جَرَّاءِ اهْتِمَامِهِ الفُجَائِيِّ الحَمِيمِ (اهْتِمَامِ البَاحثِ الجَامعيِّ «المَاركسيِّ» المَعْنِيِّ عَيْنِهِ) باسْتِنْبَاطِ وَجْهِ الاخْتِلافِ الوَاقعيِّ العظيم، عَلى النَّقِيضِ، بينَ دَوْلَتَي السودانِ وروسيا، بِوَصْفِ هٰذِهِ الأخيرةِ «دولةً عظمى من حيثُ القوةُ العسكريَّةُ، بَلْ دولةً حائزةً على أكبرِ ترسانةٍ من الأسلحةِ النوويةِ في العَالَمِ» (اُنْظُرَا تقرِيرَهُ الصَّحَفِيَّ التَّحْذِيرِيَّ: «القلقُ الغربيُّ من انهيارِ الدولةِ الروسيةِ»، القدس العربي، 27 حزيران 2023) – وذاكَ، ويَا لَلْدَّهْشَةِ والدُّهَاشَةِ من تغييرِ الآرَاءِ والأَجْوَاءِ والأَضْوَاءِ رَأْسًا عَلى عَقِبٍ، بعدَ أَنْ كَانَ هٰكذا بَاحثٌ جَامعيٌّ «مَاركسيٌّ» يَتَبَجَّحُ أَيَّمَا تَبَجُّحٍ مِرَارًا وتَكْرَارًا بالتَّفَوُّقِ الأمريكيِّ المَلْحُوظِ من كُلِّ جَانِبٍ من هٰذا القبيلِ الترسَانيِّ تحديدًا، باعتبارِ أَنَّ قُوَّةَ هٰذِهِ الـ«أمريكا» في نَظَرِهِ «اليَسَارِيِّ» الحَمَاسيِّ المَحْمُومِ إِنَّمَا هي «القُوَّةُ العسكريَّةُ الكُبْرَى» في هٰذا العَالَمِ ذاتِهِ بِلَا مُنَازِعٍ، بمَا فيهِ ذاتُ القُوةِ العسكريَّةِ لروسيا تحديدًا أكثرَ، مِمَّا استقطبَ تَنْوِيهًا نَقدِيًّا لاذِعًا كُلَّ اللَّذْعِ مِنْ يَرَاعِ النَّاقِدَةِ الصِّحَافِيَّةِ والإِعْلامِيَّةِ، آصال أبسال، قبلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَهْرًا ونَيِّفٍ (اُنْظُرَا مقالَهَا الألمعيَّ: «إِشْكَالِيَّةُ الإِعْلامِ السِّيَاسِيِّ: اليَسَارُ بِالاِنْتِكَاسِ أَوْ الإِسَارُ بالاِنْعِكَاسِ؟»، الإعلام الحقيقي، 20 نيسان 2022). وعَلى غِرارٍ مُشَابِهٍ، في كُلِّ ذٰلك الحَيْصِ وكُلِّ ذٰلك البَيْصِ، لا يَهُبُّ عَصْفٌ «مَلِيحٌ» من «التَّصَادُقِ» السِّرِّيِّ مَا بينَ الزَّلَمِ السَّفَّاحِ الذَّبَّاحِ «العثمانيِّ» والعِيرِ الرَّحِيِّ ابنِ الغُولِ «القِرْدَاحِيِّ»، من نَاحِيَةٍ أولى، ولا يهبُّ عَصْفٌ «قَبِيحٌ» من «التَّعَادِي» الجَهْرِيِّ مَا بينَ الزَّلَمِ السَّفَّاحِ الذَّبَّاحِ «العثمانيِّ» والنِّيرِ الفَرِيِّ أبي الهَوْلِ «القَاهِرِيِّ»، من نَاحِيَةٍ أخرى، إلاَّ لِمَآرِبَ لاأخلاقيةٍ ولاإنسانيةٍ في نفسِ كُلٍّ مِنْ هٰؤلاءِ الرِّجَالِ «الشَّرقِيِّنَ»، وفي نفسِ كُلٍّ مِنْ أَسْيَادِهِمْ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ «الغربيِّينَ» كذٰلك، إِذْ بُعَيدَ فَوْزِ هٰذا الزَّلَمِ «العثمانيِّ» في الاِنْتِخَابَاتِ الرِّئَاسِيَّةِ فَوْزًا جِدَّ عَسِيرٍ لهٰذا العَامِ، آلتْ أَحْلَامُ الاِحتكَامِ القانونِيِّ مُغَذَّاةً من أَذْهَانِ مُعَارِضِيهِ إلى التَّلاشِي، فَضْلاً عنْ تَجَاهُلِهِ مَسْألَةَ الإِفَرَاجِ عن أولٰئكَ السَّجِينَاتِ والسُّجَنَاءِ السِّيَاسِيِّينَ عَنْ عَمْدٍ وعَنْ قَصْدٍ.

كَمَا تَرَيَانِ جَلِيًّا هٰهُنَا، أَيَّتُهَا القارئةُ الكريمَةُ وأَيُّهَا القارئُ الكريمُ، ثَمَّةَ في هٰكذا نَصٍّ نفسيٍّ سِيَاسِيٍّ مَفْتُوحٍ عَلى مِصْرَاعَيْهِ كَمٌّ مَاثِلٌ من «ٱلْتَّكْرَارِ ٱلْقَهْرِيِّ» بأُسْلُوبٍ مُمَاثِلٍ أو مُغَايِرٍ، حَسْبَمَا يقتضِيهِ ضَرُورَةً بِالرُّصُودِ مُقْتَضَى الحَالِ من حيثُ الشَّكْلُ أَوِ المَضْمُونُ أو حتى كِلَاهُمَا – وتَعْبِيرُ المَعْنَى من هٰذا «ٱلْتَّكْرَارِ ٱلْقَهْرِيِّ» المُسَمَّى هٰكذا اسْتِئْنَاسًا بِتَعْبِيرِ العُنْوَانِ بالعَيْنِ إِنَّمَا هو مَعْنِيٌّ عَنْ عَمْدٍ وعَنْ قَصْدٍ كذٰلك، مَا دَامَ ثَمَّةَ أَرْهَاطٌ وأَرَاهِيطُ من نُقَطَاءَ عَتُوفِينَ أو من عُسَفَاءَ نَتُوفِينَ (أو حتى من «عَبِيدٍ مَنْزِلِيِّينَ» House Slaves، باصْطِلاحِ الثَّائِرِ الأفرو-أمريكيِّ الفَذِّ، مالكولم X)، مَا دَامُوا منْتَشِرِينَ هُنَا وهُنَاكَ مِثْلَمَا تَنتَشِرُ العَذَوَاتُ من النَّبَاتِ الضَّارِّ التي ليسَ لَهَا إلاَّ التَّطَفُّلُ «الدَّنِيءُ» والدَّنِيُّ» على أَيِّمَا طَيِّبٍ أَوْ صَالِحٍ من أَجْنَاسِ الأَزَاهِيرِ أَوِ العُشْبِ أوِ الشَّجَرِ مَدْلُولاً عَامًّا (وحتى بالمَدْلُولِ العِلْميِّ الأَحْيَائيِّ، أو «البيولوجيِّ»، لكلٍّ من هٰتَيْنِ المُفْرَدَتَيْنِ الرَّدِيفَتَيْنِ). ذٰلك لِأَنَّ هٰؤلاءِ النُّقَطَاءَ العَتُوفِينَ أو العُسَفَاءَ النَّتُوفِينَ إِنَّمَا يُعَانُونَ أَشَدَّ المُعَانَاةِ من إِشْكَالِ الفَهْمِ السَّرِيرِيِّ للنُّصُوصِ أَيَّةً كَانَتْ سُهُولَتُهَا في وَاقِعِ الشَّأْنِ، مِمَّا يُثِيرُ نَوْعًا إِنْسَانِيًّا، لا بل أَخْلاِقيًّا، من الرِّثَاءِ الخَاصِّ لحَالِهِمْ «بالتَّجَرُّدِ عَنِ أَيِّمَا نَاصِبٍ أو جَازِمٍ، إِنْ جَازَ المَجَازُ»، لولا انْتِفَاخُ أَوْدَاجِهِمْ بالجُلِّ، إِنْ لَمْ يَكُنْ بالكُلِّ، من سُمُومِ الحَسَدِ والغَدْرِ واللُّؤْمِ واللَّكَعِ واللَّكَاعَةِ، إلى آخِرِهِ، بإزاءِ كُلِّ مَنْ يَفُوقُهُمْ إدْرَاكًا واسْتِيعَابًا لتِيكَ النُّصُوصِ مَهْمَا كَانَتْ صُعُوبَتُهَا ومَهْمَا كَانَ عِيَاصُهَا في حقيقةِ الأمرِ (كَافِيكَ من احْتِيَازِ الحِكْمَةِ والحَصَافَةِ، قبلَ كُلِّ شيءٍ). فَتَرَيَانِ الوَاحِدَ من هٰؤلاءِ المُنْتَفِخِي الأَوْدَاجِ سُمًّا كهٰذا إِنْ قَرَأَ النَّصَّ فِعْلاً فإِنَّهُ لا يَفْهَمُ منهُ أَيَّ شَيْءٍ، وتَرَيَانِهِ إِنْ «فَهِمَ» منهُ شَيْئًا حَقًّا فإِنَّهُ لا يَفْهَمُ منهُ إِلاَّ العَكْسَ أو الضِّدَّ من مَعْنَاهُ الحَقِيقِيِّ، ورَغْمَ كُلِّ هٰذا العَجْزِ الذِّهْنِيِّ الكَارِثيِّ يَأْتِيكُمَا هٰذا النَّقِيطُ العَتُوفُ أو العَسِيفُ النَّتُوفُ كَاشِفًا عن كُلِّ جَهْلِهِ وغَبَائِهِ بالقَوْلِ المُثِيرِ لكُلِّ أَشْكَالِ الهُزْءِ والتَّهَكُّمِ بِأَنَّ النَّصَّ المَعْنِيَّ الذي قَرَأَهُ ولَمْ يفْهَمْ منهُ شيئًا إِنَّمَا «يَسِيحُ بدُونِ خَارِطَةٍ للطَّرِيقِ» دُونَ أَنْ يَعِيَ مَا يَقُولُ في الحَقِيقَةِ. هناك فلاسفةٌ عَدِيدُونَ يَرَوْنَ أَنَّ نشأةَ مَا يُعَرَّبُ نَقْحَرَةً بـ«الهيرمينوطيقا» Hermeneutics، قدِ ارتبطتْ منذُ البَدْءِ بالخِطَابِ الدِّينِيِّ، مَعَ أَنَّ الاِصْطِلاحَ مُرْتَبِطٌ قبلَ كُلِّ شيءٍ بالخِطَابِ الأُسْطُورِيِّ ومُشْتَقٌّ اِسْمِيًّا من أُسْطُورَةِ الإِلٰهِ «هيرميز» Hermes، حَالاًّ بِمُهَمَّتِهِ الأولى كـ«رَسُولٍ خَاصٍّ لِلآلِهَةِ» من السَّمَاءِ إلى الأَرْضِ، ودَالاًّ بذاكَ عَلى الاِشْتِقَاقِ المَعْنِيِّ «المَآليَّاتُ»، كأقربِ اِشْتِقَاقٍ مقابلٍ في اللغةِ العربيَّةِ، لكي يَعْنِيَ، أَوَّلَ مَا يَعْنِيهِ هٰهُنَا، أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ جَامِدٍ أو حَيٍّ في هٰذا الكَوْنِ بلا استثناءٍ «رِسَالةً» مُعَيَّنَةً لَهَا تَجَلِّيَاتُهَا الرُّوحِيَّةُ ولَهَا كذٰلكَ أَبْعَادُهَا النَّفْسِيَّةُ – ولِهٰذَا الكَلَامِ، فِيمَا بَعْدُ، بَقِيَّةٌ!

[انتهى القسم السادس من هذا المقال ويليه القسم السابع]

*** *** ***

دبلن (إيرلندا)،
29 حزيران 2023

/ تحديثا عن الحوار المتمدن
غياث المرزوق - ذٰلِكَ ٱلْغَبَاءُ ٱلْقَهْرِيُّ ٱلْتَّكْرَارِيُّ: طُغَاةُ ٱلْتَّقَدُّمِ أَمْ بُغَاةُ ٱلْتَّهَدُّمِ؟ (4-6) (ahewar.org)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى