عبدالرحمن مقلد - في الزنزانة

اركضْ ..
اركضْ ..
وكأن العالمَ يزحفُ خلفَك
وكأن الدنيا واسعةٌ
وفضاءَ الزنزانة أرحبُ مما ظنوا ..
ذاك نفيرُ الخَيْلِ..
وتلك الأرضُ الخضراءُ تلوحُ
ورجعُ صدى يرتدُ
وتلك عيونٌ زرقٌ
وأيادٍ تمتدُ
فلا تخْذلها
..
اركضْ وكأنك ممسوسٌ بالريحِ
وقلبُك تحملُه قطعانٌ شاردةٌ
يتناوَشُها الوَحْشُ
كأنك تحتاجُ مسارعةَ القدرِ
وتمزيقَ الصوتِ
وكسرَ الحاجزِ
لا تنتظرِ الساعةَ
لا تنتظرِ الثورةَ
أو تحليقَ السربِ الكاملِ..
اركضْ
لو لحَقُوكَ
لقطَعُوا ظلَكَ
واصطَحَبُوه إلى الزنزانةِ
..
خلفك تَثبُ السلطةُ
والسَابلةُ
ذوو الأذقانِ
وأهلُ المالِ
ولا تختلف الأوجه
لا يختلف رجالُ الشرطة
عن سواقيِ النقلِ العامِ
ولا الدَيَّانةِ
..
أنت فريسُ الليلةِ
و«المطلوبُ» الآنَ
وأنت الهاربُ
في الزنزانةِ
هذا جسدُك مُلقى
لكنك لست هناك..
وتلك الجهةُ الأخرى
لا تبتَعدُ مسافةَ شبرٍ
من ترسيمِ حدودِ زميلِكَ
..
اركضْ
ليس الوقتَ الأنسبَ هذا
للتحديقِ لسقفِ «المَحْبَسِ»
أو إحصاءِ عناكبَ
هذا وقتٌ للهَرْوَلةِ
وعلى الزنزانةِ
أن تنفتحَ مسافةَ مجرى
من منقارِ الطائرِ للحَوْصَلةِ
وأن تتسعَ
لمدِّ القدمِ
وشَدِّ الأخرى
أن تتسعَ قليلًا..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى