عبدالرحمن مقلد - قربان..

من منا لا يبتلع لسانًا يَلْهَبُ مثل الثعبانِ الناريِّ
يدفعه في داخله
يسكنه جوفًا محمومًا من لدغاتٍ وسمومٍ
- يفعل ذلك مضطرًا مرات في اليوم -
من منا من لا تصبح رئتاه
السكنى لأفاعٍ وعقارب ولصوص وصراخٍ وأناشيد
..
أن تحمل جوفًا مكتومًا
ومخيطًا بالصمت
وتمشي بين رموزٍ وطلاسمَ
تفهم بعضًا وتخيب ظنونك أخرى
تلقم ما يلقيه الوجه عليك
ويأخذ منك..
كلام مخنوق بالأحبال الصوتية/ حشرجة في حنجرةِ صديقٍ بالمقهى
ويتوه المعنى المحمولُ على الأهواءِ
ووفقَ الأمزجةِ المشْنُوقةِ
..
من منا من لم يمسكْ قلبًا صعلوكًا
يوشكُ أن ينفلت
ليذبحه يوميًا
ويقيم مآتمَ لحواس تبكيه
يخفي داخله سجنًا للأفراح؛
تفوحُ روائح ميتة من أقدامِ الضحْكِ المكبوتِ
ويزْرِدُ ريقًا
لا يطلقُه حتى يلقى الأرض أخيرًا
الجسمُ الناشف يحتاطُ ببلعِ الريق
لإطفاء حريقٍ يشعله الخوفُ
تغزّيه الخضّةُ -
..
من منا من لم يكبحْ قدمًا هاءت للركلات.. أياديَ تنْضَمُ
ورأسًا يتثورَجُ ويودُ القفزَ أخيرًا من مرقدِه فوق الرقبةِ
فيشوطُ الزلط بديلًا عن أفعالٍ لا يُسْطَاعُ تحملها
ويطرقعُ بأصابعه
يشغلُها عن تأنيبِ الأعصابِ المشحونةِ
يملأ رأسًا بنكاتٍ عن رجلٍ أحمقَ دون دماغٍ
يحرثُ في الأفنيةِ الخلفيةْ
مرارًا أطفأ في عينيِه الشرر
مرارًا ودّ لو أن شهيقًا وزفيرًا يلتقيان بداخله
لا يلزمُه أن يتنفسَ بعد الآن..
يفتحُ فمَه أو يطبقُه
يردمُ فتحات الأنف مخاطٌ من رملٍ
وتسدُ الأذنين هديرْ
تود لو انك تأكلُ ذاتَكَ
تقضمُ في جسمٍ مسمومٍ بالعجزِ
أن تتغذى بلحائك
تطهرَ بالآلام
تسمن تنحف
حين يكونُ طعامُك من لحمك
تصبح وحشًا وفريسًا في آنٍ
وتلوك دماك
تقْرشُ أطرافَ أصابعِك
تهشمُ عظمَ الجمجمة
تعضُ لسانَك
تغرسُ أسنانك في شفتيك
تتقدم ذاتك قربانًا تتقبَلُه
أن تتجشأ من رئتيك وقلبك
أن تزدرد طحالَك
وتصيبك تخمةُ هزلك
تفقمَ حتى لا يتبقى منك سوى روح مهجور
مذعور من إقدامِ الجسدِ المسعورِ على ترتيب الحتف
يألمُ من عضّاتٍ طالت بعض مراتعه
فانهرشت قطعان فزعى
وابتلعت من طوفان دماء حين انغرز الناب بأعلى رقبته
من منا لا يحلمُ بجريمة تطهير ذاتي
لن يدفع أحدٌ ثمنًا
أو يُتّهمُ ويتورطُ في دم زميلٍ
دون دليل
دون عقابٍ
لا يحتاج جنازًا
يشهق فيه ويبكي أحد
أو يتكلف مترين قماش
أو تتسع الأرضُ
ويهبُك وطنُك حفرةْ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى