رينولد نيكلسون - تاريخ العرب الأدبي.. -13- ترجمة محمد حسن حبشي

إن تاريخ البدو أيام الجاهلية لا يخرج عن كونه سجلاً لحروبهم، أو بالأحرى هو ذكر عصابات كانت تغير على القوافل بين آن وآخر بغية لسلب والنهب. ولم يكن ثمة حاجة تدعو إلى الاستغاثة، بل كان كل فريق منهم يفخر بنسبه، ويصب على الآخر وابلاً هطالاً من الأهاجي المقذعة، وتؤسر الإبل والنساء، كما كانت المناوشات العدة تقوم بينهم ولكن القليل منها يؤدي إلى نشوب حرب، وكان ذلك نوعاً من الحروب الهومرية أتاح فرصة طيبة للقيام بأعمال تنطوي على البطولة. ويقول ثوربك بصدد هذا الشأن: (وإذا شئنا أن نكتب التاريخ الواقعي لمثل هذه المنازعات البدوية وجدنا ذلك أقرب إلى المستحيل. أما عن المصادر المعاصرة له التي تستأهل عناية الباحث فليس لدينا سوى القصائد والمقطعات الشعرية التي ظلت محفوظة، وطبقاً لما يذكره السيوطي كان العرب يطلبون من أي بدوي يقص حادثة تاريخية أم يقرنها ببعض أبيات تتعلق بها. والحقيقة أن كل مثل هذه الأقاصيص التي ضغطت على مر العصور حتى وصلت إلينا قد تبلورت حول القصائد. ومما يؤسف له أنها قلما كانت صحيحة، ويتضح في اغلب الأحيان أن الأقاصيص قد اخترعت اختراعاً وهيئت حتى توافق موضوع الأشعار) ورغماً من أن معظم ما يتعلق بأيام العرب خرافي إلى حد بعيد إلا أنه يصف في أمانة الخصومات القبلية التي كانت تنشب بينهم والطريق الذي كانوا يسلكونه فيها، وقصة حرب البسوس التالية - وهي أشهر حرب في الجاهلية كافية في تصوير هذا الجانب المهم من الحياة البدوية، وجنوب أرض نجد المرتفعة يقترب المسافر بالتدريج من البحر الأحمر الذي تفصله عن الجبال المحاذية له أرض منخفضة ضيقة يقال لها تهامة، أما الحجاز فهو تلك الهضبة الوعرة المسلك التي تقوم بين نجد والشاطئ وهذا هو الشعب الذي كانت تسلكه في الأزمنة القديمة قوافل السبئيين محملة بالبضائع الغالية الثمينة، ميممة شطر موانئ البحر الأبيض المتوسط؛ ومنذ عدة قرون قبل الميلاد نشأت محطتان تجاريتان عظيمتان هما مَكُرَب (مكة فيما بعد) وفي شمالها يثرب (اسم المدينة قبل الإسلام) ولسنا نعرف شيئاً عن سكانهما الأولين أو تاريخهم إلا ما تفيض به روايات الكتاب المسلمين التي تطوي القرون القهقري حتى تصل إلى ذكر أيام آدم وإبراهيم؛ ولقد كانت مكة مهد الإسلام هذا الدين الذي كان - كما يذكر محمد (ص) - ملة إبراهيم، ولكن جاء من بعده خلف أفسدوه إلى أن أرسله الله ليطهره من شوائبه مبشراً به من جديد، ولذلك قيل إن دين أهل مكة قبل ظهور الإسلام بزمن كبير كان هو في ذاته الإسلام. وإن مدينة الإسلام المقدسة لتظهر منذ آلاف السنين وهي مغمورة بفيض هذا السناء، ويقال أن العرب حينذاك كانوا جميعاً يعبدون (الله) ثم تفرقوا بعد ذلك وزلوا بعبادة الأوثان ولكنهم عادوا كحجاج إلى مزارٍ خصص أولاً للكائن الأعظم الفرد، بيد أن المطاف قد استحال إلى حرم الآلهة القبائل المختلفة، وهذه النظرية من أول ما جاء به الإسلام، وسأقص - جهد ما أمكنني الاختصار - النقط البارزة القوية

في وادي مكة - وهي البيت الأول لهذا الفريق من الجنس العربي الذي يدعي أنه من ذرية إسماعيل بن إبراهيم من زوجه هاجر - يقوم بناء مكعب الشكل على غير نظام، وفي مساحة صغيرة ذلك هو الكعبة، وتنسب قصة بنائها إلى آدم الذي شادها بأمر سماوي، وحينما طغى الطوفان وطوى في لجته كل ما على الأرض رفعت الكعبة إلى السماء حتى غاض الماء أعاد بناءها في مكانها السابق إسماعيل وإبراهيم، وبينما كانا منهمكين في عملهما هذا جاءهما جبريل بالحجر الأسود المعروف وموضعه الجنوب الشرقي من البناء، وأوصاهما بأداء فريضة الحج. ولما انتهى البناء انتصب إبراهيم واقفاً على صخرة يطلق عليها المتأخرون (مقام إبراهيم) واستدار إلى الجهات الأربع ثم ولى وجهه شطر السماء وصاح (أيها الناس: لقد فرض عليكم الحج إلى البيت العتيق فاستمعوا لألهكم) وحينئذ أجابته من كل الجهات أصوات هاتفة (لبيك اللهم لبيك).

وكثر نسل إسماعيل حتى ضاق بهم الوادي فساح عدد جم منهم في فجاج الارض، وخلفتهم قبيلة جرهم كأسرة حاكمة للبقعة المقدسة، ولقد غرقت تلك القبيلة في الكبرياء والآثام حتى حلت نقمة الله عليها، وكثيراً ما يشار إلى انفجار سد مأرب الذي جعل الكثير من عشائر اليمن تشد رحالها ناحية الشمال، ولقد استقر المهاجرون في الحجاز واستأصلوا غالبية الجرهميين ثم واصلوا السير إلا قبيلة واحدة هي قبيلة خزاعة التي استقرت في جوار مكة إمرة زعيمها لحيّ، واشتهر عمرو أبن لحيّ بين العرب بثرائه وكرمه، ويقول أبن هشام (حدثني بعض أهل العلم أن عمرو بن لحيّ خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره فلما قدم مأرب من أرض البلقاء وبها يومئذ العماليق رآهم يعبدون الأصنام فقال لهم ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له هذه أصنام نعبدها نستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا. وقال لهم: أفلا تعطونني منها صنماً فأسير به إلى أرض العرب فيعبدوه؟ فأعطوه صنماً يقال له هبل. فقدم به مكة فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه. وقلده العرب في ذلك فجاءوه بأوثانهم ونصبوها حول المعبد، وبذلك تم انتصار الوثنية وعم انتشارها، حتى لقيت كل هاتيك الأوثان مصرعها حينما دخل محمد (ص) مكة على رأس جيش من المسلمين في السنة الثامنة للهجرة (= 629م)

أما أشهر القبائل التي نسلت من إسماعيل من عدنان واستقرت في الحجاز فهي هذيل وكنافة وقريش، وينبغي أن نجعل أسم هذه القبيلة الأخيرة على الدوام نصب أعيننا، إذ نجدها قبل ظهور محمد بقرن صاحبة السيادة في مكة. وشيوخها حراس الكعبة، وتلك المرتبة قد حصلوا عليها لما تدر من ثراء عظيم. وبسبب صعودهم إلى معارج القوة أنه كان لكلاب بن مرة ولدان: هما زهرة وزيد وكان الثاني طفلاً حينما اغتصب الموت أباه، وتزوجت أمه فاطمة من رجل يدعى ربيعة فاحتملهما إلى بلاده، وشب زيد بعيداً عن وطنه الأول ومن ثم سمي (قصياً) ولما بلغ مبلغ الرجال وعرف موطنه أتى مكة حيث كانت السيادة فيها معقودة على هام بن خزاعة وتحت زعامة شيخهم حليل بن حبشية، فكانت شؤون الكعبة بعيدة عن قريش وهي من سلالة إسماعيل، ثم أن قصي بن كلاب خطب إلى حليل بنته حبى فرغب فيه حليل، وكان هدف قصي أن يخلف حليلاً في هذه المكانة الرفيعة بيد أن هذا سلم مفاتيح الكعبة ساعة وفاته إلى أحد ذوي أقربائه واسمه أبو غبشان، وكان كثير الشرب فاحتال قصي عليه وأسكره حتى باعه مفاتيحها لقاء زقة من النبيذ. ولهذا يقال في الأمثال (أظل من غبشان) ولم ترض خزاعة بهذا الأمر فامتشقت الحسام، ولكن قصياً ظهر عليها. ومن ثم غدا المهيمن على شؤون البلدة وحرمها القدسي وكانت باكورة أعماله أن جمع قريشاً وكانت قد تفرقت في سهول مكة فسمته قريش (المجتمع) وبنى دار الندوة حيث يجتمع شيوخ العشائر والقبائل فيها متبادلين الرأي والمشورة فيما يعرض أمامهم من الأمور، ولما مات قصي احتفظت قريش بهذا الإرث المقدس وظل في بيتها.

وربما كانت موت قصي قد حدث في النصف الثاني من القرن الخامس للميلاد، وقد ولد الرسول بعد ذلك بقرن أعني عام 570 أو 571م وهنا ينبغي الإشارة إلى أن تاريخ مكة طوال هذه الفترة كان سجلاً لمشاغبات تافهة قل أن تخللها حادثة ذات أهمية، كما أننا نجد الصدارة لأسلاف النبي طوال هذه المدة. وتظهر المنافسة التاريخية للبيتين الأموي والعباسي في شخص مؤسسيهما: أمية وهاشم؛ وفي أثناء ذلك كان نفوذ قريش ثابت الدعائم، واسع الانتشار، وغدت الكعبة دار ندوتهم الأهلية الكبرى، كما أن وفود الحجج الذين أقبلوا من مختلف أصقاع بلاد العرب لم يعملوا فحسب في رفع العبء عن قريش بل عاونوها في تنبيت مركزها التجاري، ولقد قصصنا عليك من قبل، كيف عزم أبرهة - والي الحبشة على اليمن - على النيل من مكة بما ارتكبه أحد القرشيين من تدنيس كنيسة صنعاء، وقد يصح أن يكون هذا سبباً يتخذه أبرهة بيد أنه كان يريد بلا شك الاستيلاء على مكة ومفاتيح تجارتها.

ويزعم المؤرخون المسلمون أن هذه الحادثة العجيبة وقعت عام ميلاد الرسول في السنة المعروفة بعام الفيل حوالي 570م، وبرهان على أن العرب قد هالهم مرأى هذه الحيوانات الضخمة أن واحداً أو أكثر قد صحب الحملة الحبشية، وقد أوقع صدى استعداد أبرهة الحربي الرعب في قلوب القبائل التي حاولت في مبدأ الأمر أن تصده، معتبرة الدفاع عن الكعبة أن تصده، معتبرة الدفاع عن الكعبة واجباً مقدساً، ولكن سرعان ما طارت نفوسهم شعاعاً إذ رأوا أن لا قدرة لهم على ذلك، وبعد أن هزم أبرهة ذا نفر الحميري، عسكر في جوار مكة دون أن يلقي مقاومة تذكر، بعث إلى عبد المطلب جد النبي الرسالة التالية، وكان عبد المطلب موقراً محترماً من جميع القبائل (إني لم آت إلى سربكم، إنما جئت لأهدم البيت، فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم) فرد عليه عبد المطلب (والله ما نريد الحرب وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله وبيت خليله إبراهيم، وإن للبيت رباً سيمنعه، وإذا لم يشأ فلا حول لنا) وأنطلق عبد المطلب إلى معسكر الأحباش مع حناطة رسول أبرهة فتوسط له أنيس عند الملك وقال له (أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك وهو صاحب عير مكة يطعم الناس بالسهل والوحوش في رؤوس الجبال) فأذن له أبرهة، وكان عبد المطلب رجلاً عظيماً وسيماً جسيماً، فلما رآه أبرهة أجله وأكرمه أن يجلس تحته، وكره أن تراه الحبشة يجلسه معه على سرير ملكه فنزل أبرهة عن سريره وجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه ثم قال لترجمانه (قل له ما حاجتك) فقال عبد المطلب (حاجتي إلى الملك أن يرد عليّ مائتي بعير أصابها لي) فقال أبرهة لترجمانه (قل له قد كنت أعجبتني حين رأيتك ثم زهدت فيك حين كلمتني أتكلمني في مائتي بعير قد أصبتها لك وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه؟) فقال عبد المطلب (إني أنا رب الإبل وإن للبيت رباً سيمنعه) قال (ما كان ليمنع مني) قال (أنت وذاك، أردد إليّ إبلي)

ويقال أن القبائل المقيمة حول مكة قد أوفدت رسلاً من لدنها ومن بينهم عبد المطلب فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت فأبى عليهم ولما استعاد عبد المطلب إبله انصرف إلى قريش فأخبرهم الخبر، وأمرهم بالخروج من مكة والتحرز في شعف الجبال والشعاب تخوفاً عليهم من معرة الجيش، ثم قام فأخذ بحلقه باب الكعبة وقام معه نفر من قريش فقال عبد المطلب:

لا هُمَّ إنَّ العبد يْم ... نع رحله فامنع حلالَكْ

لا يغلبنَّ صليبهم ... ومحالهم أبدا محالك

ولئن فعلت فربّما ... أولى فأمر ما بدا لكْ

ولئن فعلتْ فإنّه ... أمر تتمّ به فعالك

فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة فأقبل نفيل بن حبيب الخثعمي حتى قام إلى جانب فيله وقال (ابرك محمود وارجع راشداً من حيث جئت فإنك في بلد الله الحرام، ثم أرسل أذنه فبرك الفيل فوجهوه لمكة فأبى ثم للشام فهرول، وللمشرق واليمن ففعل مثل هذا، وأرسل الله عليها طيراً من البحر أمثال الخطاطيف يحمل كل طائر منها ثلاثة أحجار: حجر في منقاره وحجران في رجليه لا تصيب أحداً منهم إلا هلك وقد أشير إلى هذا الحادث في السورة الخامسة بعد المائة المعروفة بسورة الفيل حيث يقول تعالى (ألمْ تر كيف فَعَلَ رَبُّكَ بأصْحَاب الفِيل. ألمْ يَجْعَلْ كيْدَهُمْ في تَضْليل، وأرْسَلَ عليْهِمْ طيرْاً أبابِيل، ترميهِمْ بِحَجارَةٍ مِنْ سِجِّيل، فَجَعَلَهُمْ كَعَصفٍْ مَأكُول) وإن الفصل الذي قام بتمثيله عبد المطلب في هذه القصة لهو فصل ديني الغرض منه تبجيل شأن هذه المدينة المقدسة، كما يتضح لنا منه ما كانت عليه أسرة النبي من سطوة وثراء قبل انبثاق نور الإسلام بنصف قرن، (وحينما رد الله الحبشة عن مكة وأصابهم بما أصابهم به من النقمة، وعظمت العرب قريشاً وقالوا أهل الله قاتل الله عنهم وكفاهم مؤونة عدوهم، وقالوا في ذلك أشعاراً يذكرون فيها ما صنع الله بالحبشة وما رد عن قريش من كيدهم وينسب ابن إسحاق الأبيات التالية إلى ابن الصلت بن ربيعة بن ربيعة الثقفي وينسبها كثيرون غيره لأمية بن أبي الصلت الشاعر المشهور وكان حنيفياً ومعاصر للنبي:

إن آيات ربنا ثاقبات ... لا يمارى فيهنّ إلاّ الكفورُ

خلق الليل والنّهار فكلٌّ ... مستبين حسابهُ مقدورُ

ثم يجلو النّهار رب رحيم ... بمهاةٍ شعاعها منشورُ

حبس الفيل بالمغمس حتّى ... ظلّ يحبو كأنه معقورُ

لازماً حلقة الجرَان كما قط ... طَرَ من صخر كبكب مجدورُ

حوله من ملوك كندة أبطا ... ل ملاويث في الحروب صقورُ

حلّفوه ثم أبذعروا جميعا ... كلهم عظم ساقه مكسورُ

كل دِينٍ يوم القيامة عند الل ... هِ إلاّ دين الحنيفة زور

ولقد أثارت غزوة الأحباش وهزيمتهم النعرة الوطنية في نفوس عرب الحجاز، هذه المشاعر التي لابد وأن يكون قد شاركهم فيها إلى حد بعيد البدو عامة، وظهرت روح جديدة خلال الحوادث التي تخللت الأربعين عاماً التي تلت هذا الحادث في جميع نواحي شبه الجزيرة، وينبغي أن نتذكر دائماً أن أسرة اللخميين في الحيرة قد انتهت بالنعمان الثالث الذي لقي مصرعه على يد خسرو وبرويز (602 هـ، 607 م) وكان قبل موته استودع أسلحته وبعض حاجاته عند هانئ شيخ عشيرة بني بكر وقد طلب خسرو هذه الودائع ولكن هانئاً رفض تسليمه إياها، فأرسل هذا جيشاً فارسياً عرمرماً إلى ذي قار وهو مكان قرب الكوفة يطفح بالمياه المتدفقة ولذلك كان ملجأ حصيناً لبني بكر أثناء فصل الجفاف، ونشبت هناك معركة حامية الوطيس انتهت بهزيمة الفرس هزيمة منكرة وكانت قوات العرب أكثر من قوات الفرس، وقد عد العرب هذه الموقعة فاتحة عصر جديد. من ذلك ما يروي أن محمداً (صلى الله عليه وسلم) قال حينما سمع بهذا (هذا أول يوم استراح فيه العرب من الفرس) أما قبائل الصحراء فقد قوى اعتقادها في نفسها وأخذت موقف المهاجم بعد أن كانت من قبل تستظل بلواء إمبراطورية آل ساسان وتخضع إلى للأسرة الحاكمة في الحيرة، وأخذت تلك القبائل تظهر الموجدة والاحتقار بهذا الشبح الذي لم يعودوا يخشون بطشه بل وطئوه بأقدامهم.

(انتهى الفصل الثاني)

محمد حسن حبشي



مجلة الرسالة - العدد 189
بتاريخ: 15 - 02 - 1937

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى