د. إسماعيل العثماني - الحُمق خطاباً شرقاً وغرْباً

الكرنفال ظاهرة احتفالية لها جذور وثنية ودينية وتطورت في القرون الوسطى وعصر النهضة بأوروبا إلى مناسبة للتقنع والتستر ورخصة لرفض الوضع القائم وتوجيه النقد الواجب للحكام ورجال السلطة وأصحاب النفوذ. بهذا يكون الكرنفال تظاهرة اجتماعية للترويح عن النفس، ولكن أيضاً فرصة فريدة للتعبير بحرية بعد سنة من القمع والكبت والرقابة الذاتية. وخلال الكرنفال، يتقمص المحتفلون أدواراً قصية ومستحيلة في الحياة العادية حيث يصيرون ملوكاً وأمراء وقضاة ورجال أمن وما شابه ذلك وتطلق أجسادهم العنان لنزواتها ومكبوتاتها على مستوى المظهر والمأكل والمشرب وتتلفظ أفواههم بخطابات خطيرة لكونها غير سوية أو تخلو من النبل واحترام الذوق العام وتتوجه بالنقد اللاذع للسلطة بحرية مطلقة وما إلى ذلك من مواقف تدل على سيطرة الحمق على الوضع وغياب العقل الذي يتحكم في حياة الناس في غير موسم الكرنفال.
وقد انتقل الكرنفال إلى النصوص الإبداعية والفكرية واللوحات الفنية بعدما وجد أصحابها في أقنعة الكرنفال (كالأحمق والبهلول وغيرهما) ومظاهر التمرد على الوضع القائم باسم الحمق وسيلة ناجعة للتعبير بحرية دون التعرض لأية معاقبة من السلطات. لقد غدا الحمق الكرنفالي قناعاً لتمرير خطاب رافض للخطاب الرسمي. ولعل أحسن دراسة قدمت عن الخطاب الكرنفالي تلك التي أنجزها الباحث الروسي ميخائيل باختين (1895- 1975)، حيث حلل المظاهر الكرنفالية في كتابات المؤلف الفرنسي فرانسْوا رابُليه في سياق بيئة القرون الوسطى الأوروبية الحافلة بالمتناقضات. وقد أسس باختين من خلال دراسة الحمق دراسة ثقافية لنظرية الكرنفال التي فتحت آفاقاً جديدة في تحليل الخطاب ومقاربة أصيلة إلى الحمق من حيث هو تعبير إبداعي وإيديولوجي، وليس حالة مَرضية أو انحرافية سلوكياً. كما أن باختين فسّر خلال حديثه عن الرواية بصفتها جنساً أدبياً التعددية الصوتية (البوليفونيّة) في الرواية بأنها نتيجة مباشِرة لظاهِرة الكرنفال، التي تحتضن صراع خطاب السلطة مع الخطاب اللارسمي المتحدي له.
ورغم أن الثقافة الإسلامية لم تعرف الكرنفال بما هو تظاهرة احتفالية سنوية تنقلب فيها الأدوار والقيم والسلوكات رأساً على عقب، إلا أن الموقف الكرنفالي مَجازاً حاضرٌ في الثقافة الإسلامية، حيث يحتل خطاب الحمق مَوقعا بارزاً ويُشكّل ليس ظاهرة اجتماعية فقط، وإنما كذلك صوتا معرفيا وإيديولوجيا فاعلا. ويتجلى هذا في شيوع تداول الحمق بمستويات متعددة من لدن المبدعين والأدباء والمؤرخين والفقهاء والسياسيين وغيرهم، خصوصاً في الفترة الممتدة بين القرنين الثامن والرابع عشر للميلاد. وقد أسهم هذا الخطاب بكثافة في ما يمكن تسميته بالثقافة العربية الإسلامية اللارسمية، البديلة أو الموازية للثقافة الرسمية.
"الحُمق" عند المسلمين مفهوم قديم قِدَم الحضارة الإسلامية. وقد ارتبط استعماله بالجنون والمجون والنبوغ والغفل، ولكنَّ صاحبه لم يُربَط مبدئياً بالجدّ أوْ بالاختلاف، بل بالضحك والدعابة وبما هو طريف ونادر. ومن المؤلفات التي جَمعت أو احتوت على أخبار هذه الفئة من المجتمع نذكر تخصيصاً:
- عقلاء المجانين، للنيسابوري
- أخبار الحمقى والمغفلين، لابن الجوزي
- البيان والتبيين، للجاحظ
- كتاب الحيوان، للجاحظ
- المستطرف في كل فن مستظرف، للأبشيهي
- كتاب الأغاني، للأصفهاني
- يتيمة الدهر، للثعالبي
- المحاسن والمساوئ، للبيهقي
والجدير بالذكر أن هذه المؤلفات وُضعت في القرون الوسطى، زمن تأسُّس المدينة الإسلامية واتساعها واحتكاك العرب والمسلمين بالعجم وغير المسلمين وثقافاتهم، وأن أصحابها كانوا في الغالب ذوي توجهات دينية ونوايا وعظية.
يُعتبر النيسابوري (المتوفى سنة 406 ه) من أئمة القرن الرابع الهجري في علوم القرآن والتفسير والحديث، وفي النحو والأدب. ويبدو أنه صنَّف هذا الكتاب لغاية وعظية مفادها أن على العاقل اجتناب الأحمق وصحبته. ويحتوي الكتاب على مقدمة في الجنون، وعلى وقفات هامة عند مدلولات ومرادفات المفهوم من الناحية اللغوية وفي بعض السياقات القرآنية، وعند استخدام القرشيين لهذه الصفة للنيل من الرسول (صلعم) ودعوته، ثم في الأمثال الشعبية. ويلي ذلك ذكر أصناف المجانين وأوصافهم وأخبارهم وأقوالهم وأشعارهم وما إلى ذلك. وقد تضمَّنت قائمة الحمقى النيسابورية إلى جانب الرجال، عناصر نِسْويَّة كذلك.
أمّا الإمام ابن الجوزي (المتوفى سنة 597 ه)، الذي برع بخاصة في ميدان الوعظ والحديث تأليفاً وممارسة، كما نظم الشِّعر وألَّف في التاريخ، فإنه قسَّم كتابه إلى أربعة وعشرين باباً استهلها بمقدمة عن الضحك والمفاكهة. وقد خلص، مستشهداً في ذلك بالسُّنة المحمدية الشريفة، إلى أن الضحك المعقول (أي، المعتدل) مقبول ومفيد. ويفرق ابن الجوزي في قلب كتابه بين الحمق، الذي هو "الغلط في الوسيلة والطريق إلى المطلوب مع صحة المقصود"، والجنون، الذي هو "عبارة عن الخلل في الوسيلة والمقصود جميعا" (ص27)؛ ثم يميز بين الحماقة الغريزية التي هي عاهة لا شفاء منها والحماقة الناجمة عن الإهمال وسوء التقدير. وهذه الحماقة "المكتسبة" لا ضرر فيها وليس ثمة من البشر من يخلو منها. إلى ذلك يذكر ابن الجوزي أسماء الحمقى وصفات الأحمق الجسدية والخلقية، ويحذر من مصاحبة الأحمق، كما يذكر أخباراً عديدة في حمق الرجال والنساء من الخاصة وخاصة الخواص والعامة، في مختلف مجالات الحياة، الروحية منها والمادية.
وبعد الإقرار بما لهذين الكِتابيْن والكتب الأخرى المذكورة أعلاه من أهمية تاريخية واجتماعية وأدبية، لا بد أن نؤكد على أن أصحابها إنما وضعوها في الغالب لأغراض وعظية وأخلاقية وتعليمية يقف فيها الأحمق (العضوي) أمام الآخرين (العقلاء؟) موقف ليس المثير لشفقتهم فقط، أو المروِّح عن نفوسهم فحسب، بل كذلك موقف النموذج الذي ينبغي اجتنابه وأخذ الحذر منه. وإذا كان العلماء المسلمون قد تعاملوا مع هذا الأحمق بصرامة، وتعاملوا مع الأحمق غير الغريزي بخفة ودعابة، فإنهم أهملوا في كل الأحوال التعامل مع المتحامق باعتباره صاحب قناع كرنفالي يُمَرِّر خطابه الرافض لسلطة العقلاء السائدة. وقد جنى المؤلفون العرب في حق أولئك المتحامقين، أو عقلاء المجانين من النخبة العالمة، لمّا صنَّفوهم في خانة الحمقى المغفلين أو الماجنين المرقين. لذلك ارتأينا أن نخصص وقفة تأملية لمفهوم "الحمق" في التراث الإسلامي مع إبراز بعض أبعاده الإيديولوجية التي أُهملت وسيلة أو مقصوداً.
ولما كان المهتمون بالتراث الإسلامي لا يهتمون في الغالب إلا بالجانب الرسمي، فقد ظلت الثقافة اللارسمية مهمَّشة ولا يُستشهد بممثليها إلا لإعطاء مثال سلبي، أو في أحسن الأحوال، على سبيل الإحماض بحكاية نادرة أو طريفة، كما يفعل الجاحظ مثلا في كتاب الحيوان وفي البيان والتبيين . وقد وجد الجاحظ فيما بعدُ مُقلدين لموقفه مثل ابن عبد ربه وابن قتيبة والمبرّد والنويري وغيرهم من الأعلام البارزين. أما نحن فلا نتردد لنُؤاخذ على هؤلاء الأدباء بصفة خاصة عدم التمييز بين الحمق داء والحمق خطاباً، ثم على عدم أخْذهم لخطاب الحمق مأخذ الجد بسبب فكاهته (الشكليّة) وخروجه (خطابيا) عن المعهود والمعروف اجتماعيا وأخلاقيا. ولا يزال الدارسون اليوم أسرى هذا الموقف الرافض في نهاية التحليل لثقافة الرفض والاختلاف، مما يؤدي إلى مكوث هذه الثقافة في الظل واستمرار النظرة الدونية إلى ممثليها.
وفي باب أولئك القليلين من المهتمين حديثا بالحمق في التراث العربي والإسلامي نذكر أحمد الحسين بكتابه مقالات في أدب الحمقى والمتحامقين (1991) أحمد الخصخوصي بكتابه الحمق والجنون في التراث العربي (1992) ومحمد حيان السمان بكتابه خطاب الجنون في الثقافة العربية (1993). يقف الحسين على أسباب اهتمام الأدباء بالحمقى وأخبارهم ويؤرخ بشكل من الأشكال لظاهرة هذا الاهتمام وخصوصيات أبرز الأدباء العرب والمسلمين الذين تعاملوا مع هذا الموضوع. ويقوم الخصخوصي برحلة ذات طابع تاريخي عبر النصوص الدينية والأدبية من أجل دراسة المدلولات التي أُسندت لمفهوم الحمق من الجاهلية إلى القرن الرابع الهجري. ورغم ما لهذا الكتاب من أهمية تأريخية، إلا أنه أهمل الدور الذي تَميَّزَ به الحمق من حيث هو خطاب في تلك المرحلة. أما حيان السّمّان فقد تبنى منهجية أكثر إحاطة وعمقا، حيث أحاط كتابه بأهم الجوانب المرتبطة بالحمق في الثقافية العربية/ الإسلامية كما تعمق في البعد الإيديولوجي لخطاب الحمق. وقد استعان الباحث بقراءات باختين الكرنفالية وفوكو البنيوية وغيرهما في هذا الخطاب المغمور على الصعيد النظري فحاول استقراء متون الحمقى (العرب والمسلمين) وأخبارهم في سياقها التاريخي والسياسي وأتى في آخر التحليل باستنتاجات مفيدة ومثيرة تُؤكد وقوف خطاب الحمق، بوعي من أصحابه، موقف الرفض والتمرد على السلطة ومقدَّساتها.
ومن أشهر الحمقى في الثقافة الإسلامية، خارج إطار الثقافة الشعبية ومجذوبيها وطرق الصوفية وكراماتها، نذكر أبو العبر وأبو العجل وأبو دلامة وأبو العنبس الصيمري والخبز أرزي وابن لنكك وابن الحجاج وابن سكرة وأبو الرقعمق وأبو الشمقمق والأحنف العكبري وأبو دلف الخزرجي وغيرهم من الشعراء والأدباء (القروسيطيين كلهم) الذين ينتمي خطابهم إلى أدب التمرد والرفض وليس إلى أدب المآدب، لكونه يخرج عن المألوف ويتبنى اللامعقول. وقد تناول هؤلاء مختلف المواضيع والأغراض الشعرية من مدح وهجاء وفخر ووصف وغزل إلخ، إلا أنهم لم يتطرقوا لها حسب الطقوس الفنية والاجتماعية المعهودة بل بأسلوب بارودي يسخر من الممدوح، ويهجوون المهجو لأسباب قد لا تكون ذاتية، أوْ ذاتية فقط، وينتقدون الذات لأسباب موضوعية أكثر مما تكون ذاتية، ويصفون قاصدين غير الوصف المجاني، ويتغزلون بالمحبوب بغير اللغة الرقيقة والنبيلة المصطنعة والتقليدية. وقد نال رجال السلطة والوضع القائم على الظلم والفساد قسطاً كبيراً من هجاء هؤلاء الأذكياء الذين لبسوا قناع الحمق لتفادي أي عقاب. كما يمكن اعتبار هذا الأسلوب الخاص في الشعر ثورة على السائد والكاسد ورغبة في قلب القوالب اللغوية واستكشاف الحقول الدلالية واختلاق الصور التعبيرية والتجريب في الفضاءات الهامشية. وتعد مقامات بديع الزمان الهمذاني الشهيرة امتداداً وتكريساً لخطاب الحماقة العاقلة هذا، حيث أنها، مثلها مثل نصوص الحمقى، تنطلق تعميما من مفهوم إيديولوجي يلتزم بوقار المضامين والمحتويات ظاهريا، بينما يتجاوز في العمق القيم السائدة أو يستبدلها بأخرى، دون احترام تلك اللباقة الشكلية والتعبيرية المفرغة من الدلالة الفكرية أو الاجتماعية. لذلك يتحتم على الدارس الجاد أن يتجاوز سطح النصوص وجلدة الكلمات، أي مَجنونية النصوص ومُجونها وسخفها، حتى يكتشف خطابا مشحونا بالمعنى، معنى له ارتباط مباشر بالثقافة الرسمية في علاقة تتسم بالتوتر والتحدي.
إن المقامات الهمذانية وكِتابات المتحامقين تعكس اهتمام أصحابها بالأمور الكبرى التي شغلت بال الناس في عصرهم في ميدان السياسة والفلسفة والعقيدة والثقافة. هذه المحاور الحيوية عالجوها بجدية ملبوسة بزيّ السَّخافة والدعابة لِتفادي عُقوبات الجهات الرسمية. ولا يكفي من هذا المُنطلق أنْ نَربط المقامة بأدب الكدية، أوْ أنْ نَرى فيها ما يشبه وثيقة تاريخية عن أحوال المجتمع الإسلامي على عهد الهمذاني. الأهم من هذا وذاك، أن المقامة تتضمَّن نظرة جديدة إلى العالم تُعبِّر عن إفلاس القيم السائدة وتتحدى الثقافة المهيمِنة التي تقوم في منظار الهمذاني على الاعتبارات الزائفة والأساطير. فأبو الفتح الإسكندري (بطل المقامات الهمذانية) ليس بطلا بالمصادفة، أو شخصية هزلية مسطَّحة، أو أنموذجا من شطار زمنٍ إسلامي خلا، بل هو قناع ثمين ومُرَكّب يتوسط بين خطاب رافض وواقع مُرّ، فيَنقل من خلال مغامراته وتنقلاته في البلاد الإسلامية آراء غالية في شؤون عامة ومصيرية أكثر منها ذاتية أو آنية؛ آراء ناقدة تارة ومنبهة تارة أخرى لا يمكن للهمذاني التعبير عنها بوجه مكشوف. أما الضحك والدعابة فهما ملازمتان للقناع، لأن الجد والجد وحده لا يمكنه من حيث المبدأ أن يَصنع قِناعا مُقنِعا. ولن تفوتنا الإشارة إلى أن المقامة نوعان متباينان: نوع أصيل تمثله مقامات الهمذاني وابن ناقيا وبعض أتباعهما من المقاماتيين في المشرق والأندلس، ونوع تغلب عليه الصنعة والتصنع ويقصد إلى الوعظ الأخلاقي والتعليم البياني والنحوي. ويمثل النوع الثاني بامتياز القاسم بن علي الحريري الذي أفرغ المقامة الهمذانية من حُمولتها التمردية وشحَن قالبها المسجوع بقصّ وعظيّ يخدم مصالح الجهات الرسمية ويكرس خطابها.
وهذا التصور "الأحمق" للأدب والإبداع قريب جداً من تصور تيار "الدادائية"، الذي ظهر بزوريخ السويسرية عام 1916 ومهّدَ للسوريالية. الواقع أن حركة الأدباء المتمردين في الثقافة العربية الإسلامية حركة فكرية وإبداعية تشبه إلى حد بعيد حركة "دادا" الشهيرة غربياً وعالمياً. فكلتاهُما تتميز أساساً من حيث التوجه بالتحامق والسخرية والرفض إزاء الثقافة الرسمية. ويتجلى ذلك في خَلق علاقة اصطدام وتناقُض وصراع مستمرة بين الواقع ومحتوياته وما يجري فيه من جهة وأشكال وصُوَر التعبير عن هذا الواقع من جهة أخرى. إنه انزياحٌ مُنافٍ للطبيعة والعادة ويعكس حالة من حالات الرفض الإيديولوجي في شكل تعبيري غير رسمي. أما الفرق الأساس بينهما فيتمثل في التلقي، حيث اصطلحت المصادر العربية على هؤلاء المتحامقين بالسخفاء والمُجّان وما شابههما من كنايات تنم عن الاحتقار والنبذ لهم، ومال الدارسون والمدرسون إلى إقصاء وإهمال متونهم أو تناولها بدون جدية، فعانوا إلى اليوم من الانغراب والتجاهل، بينما حصلت الدادائية في الغرب على احترام النقاد والدارسين وتبني أو إعجاب الكثيرين سِواهم.
وفي الختام، لعل الأساتذة والباحثين في التراث الإسلامي مَدعوّين لتوجيه بعض الاهتمام للمتون والأعلام الأدبية والفكرية التي عانت وقتها من الاضطهاد و/أو التهميش الرسمي وتعاني اليوم من لامبالاتنا. الحاجة ملحة إلى التعمق في أخبار وأفكار هؤلاء المتحامقين لرد نوع من الاعتبار إلى محاولاتهم المقنَّعة ضد الاستبداد الفكري. وفي هذا السياق، نشير إلى ضرورة الاعتناء بخطاب الضحك والهزل في الثقافة العربية الإسلامية وأخْذه مأخذ الجد، ودراسة الحمق المنتِج للضحك دراسة عقلانية وعميقة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى