محمد العرجوني - دائما في الحديث عن علاقة الشعر بالفيزياء...

حسب آخر عدد لمجلة علوم وحياة، فإن نقاشا فلسفيا تدور رحاه حاليا داخل مختبرات الفيزياء. ما يدل على أن الفلسفة تنطلق دائما من نقطة العجز العلمي. وذلك راجع إلى كون فيزياء الكم، نتيجة لتطورها المذهل، أظهرت جليا أن ما نطلق عليه مصطلح "الواقع" عن سجية، وهو ما توصلت إليه الفيزياء التقليدية، ولخصته بمبدإ السببية، ليس واقعا بمفهومه المطلق، في حقيقة الأمر. فإذا كان هذا المبدأ ينطبق على "واقع" الفيزياء التقليدية التي تهتم كما هو معلوم بدراسة الأجسام الملموسة والمرئية في علاقتها بالجاذبية والكهرومغناطيسية إلخ...، فإن فيزياء الكم التي تهتم بالعالم المكون من الجزيئات غير المرئية وغير الملموسة إلا إذا خضعت لتقنيات عالية الدقة (كمعجل سيرن) ، فإن "واقعنا" هذا الذي ورثناه عن منطقنا السائد، قد يوجد في الجانب المقابل ل"واقع" فيزياء الكم. نفس الإشكالية تطرح حينما نتحدث مثلا عن جسيمين مترابطين في وضعهما، لكنهما متباعدين بمسافة مجرية. ما يثير، حسب نفس المجلة، تساؤلنا المشروع حول ماهية المعلومة التي قد تحقق الترابط بينهما؟
فإذا حاولنا الاستفادة من هذه الاكتشافات العلمية /الفلسفية، لمحاولة فهم ما يجري داخل قصيدة شعرية ماورائية، باعتبارها خارجة عن نظام القصيدة التقليدية، سوف نجد ضالتنا، أولا في كون القصيدة هذه، هي فلسفية رغما عنها، بما أنها تبحث عن ذاتها وتخترق عالم المخيال بطريقتها أو بالأحرى، بمنطقها الذي يقابل المنطق السائد. ثم نجد على أنها غير خاضعة لمبدأ السببية كما أنها تتوافق مع مسألة الترابط المجري الذي قد نلمسه من خلال الصور الشعرية الماورائية، وكان هناك معلومة تسري داخل اللغة مصدرها طاقة ماورائية ومجرية وحاملها ذلك الشاعر الذي تخترقه جسيمات تلك الصور المذهلة.

*******
محمد العرجوني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى