محمد العرجوني - متى تستفيد الدراسات الأدبية من العلوم الحقة؟

الدراسات الأدبية استعانت بما اصطلح عليه بالعلوم الإنسانية لمحاولة فهم العملية الأدبية، من شعر وقصة و رواية الخ... لكن أمام تشكيك بعض الأدباء الذين يعتقدون بأن الأدب في مجمله، إنتاج يتميز بخصائص لها علاقة بالذات المنتجة، وتجعل منه منتوجا بعيدا عن ما هو علمي، وهو ما يجعله غير خاضع للملاحظة الموضوعية كما تبتغي الدراسات التي تعتمد على منهجيات علمية، وهو ما لا يمكّنها من الإحاطة بهذا العالم المعقد.
وفي المقابل كرد على هذا التشكيك، تتعدد هذه الدراسات لتبرهن على أنه يمكن مقاربة الإنتاج الأدبي، مقاربة علمية. وهكذا نجد المقاربة التاريخية التي تتابع تطور هذا الأدب بصفته إنتاجا لأقوام تعاقبت على مراحل تاريخية بَصَمتها أحداث معينة وأثرت فيها. وبطبيعة الحال بما أن هذا الإنتاج وليد حركات وتطورات إجتماعية، فإنها اعتمدت كذلك على المقاربة الاجتماعية أو السوسيولوجية. وكذلك بما أن هذا الإنتاج، هو ذاتي بالدرجة الأولى، حيث يتأثر بنفسية الكاتب، فإن الدراسات الأدبية خصصت لذلك مقاربات نفسية. وفي نفس الوقت أيضا لم تهمل الدراسات الاهتمام باللغة نفسها كاداة لهذا الإنتاج فزودتنا بالمقاربات اللسانية والاسلوبية والشكلية والبنيوية والتفكيكية الخ... كما زودتنا أيضا بالمقاربة الثقافية مادام هذا الإنتاج وليد ثقافة معينة. فلا ننسى كذلك مقاربة التلقي التي تقحم دور المتلقي في الإنتاج الأدبي.
أمام هذا الزخم المقارباتي الذي قدمته العلوم الإنسانية، الا يمكن لنا أن نكسر حاجزا آخر ترسخ لدى الإنسان، وهو ذلك الحاجز الذي نجده بين الأدب والعلوم الحقة؟ إذا كانت كل الإنتاجات، سواء أدبية أو علمية أو تقنية، من اختصاص الإنسان، لماذا لا نكسر هذا الحاجز ونقرب بين الإنتاج الأدبي والعلمي، خاصة العلوم الحقة؟ فنستفيد مثلا من العلوم الفيزيائية أو الطبيعية أو الرياضياتية، لفهم العملية الأدبية، والعكس صحيح؟
أ*+*+*+
محمد العرجوني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى