رضا أحمد - أوتجرافٌ فارغٌ لحفل وداع

ولدتُ في السابع عشرَ من مارس،
لم أخطط مطلقا لهذا؛
أمي لم يكن يعنيها انتظارُ الغرباء
ووالدي لم يحتط ليتركني آمنة في سلَّة ظهره.
كان الحبُّ هادرًا وقتها،
شابًا،
قادرًا على العدو أمامنا،
ولم يكن شارعُنا ثكنة أسمنتية
خالية من سخف الأشجار
وانفلات الزهر.
سقطتُ من رحم السماء
في حجر أمي،
ولم تمنحها المفاجأةُ فضيلة التساهل مع الفقد؛
لفّتني جيدًا بملابسَ أختٍ لي،
ماتت
ولم يجف القطنُ من دموعها.
الآن قبل أن أوقِّع َ أوتوجرافًا فارغًا
لملاكين يتشاجران أمام طيفي الواهن،
أتلكأ في إزاحة عيني عن تاجك الشوكي
وأنصرف إلى الضوء...
رغبتكَ،
ليست أكثر من أن "تَبْشُرَ" جسدي
كحبّات السُّكر
خلال نظرة واحدة.
ورغبتي،
ليست أقل من أن تقفَ
بعصاكَ
كمايسترو فرقة موسيقية؛
تصنع من جسدي الورديّ
غزل البنات.
لا الرصيفُ المتهتّكُ
تحت قدميّ،
ولا الغيمة التي فازت
بنظرة كاملة إلى عينيك.
لا يدي الخائفة
التي انفلتت تتلقف قلبكَ،
ولا نظارتكَ السوداءَ
التي ضبطتها تتحسّس جسدي.
كل ما في الأمر
أن الشمس عجوزٌ كسيحةٌ
تحتاج كفّي طفلين لتصل إلى البيت.
___________
أكثر مما ينبغي لمقبرة ملكية
...
بتنورةٍ مزخرفةٍ،
رأسٌ يميل بمحوره تجاه الشمس
وجسدٌ يدور عكسَ جاذبية الأرض؛
أستطيع أن أسرق نهارًا كاملًا
من مشكاة الربّ.
أنا عادلةٌ جدًا
ربما أكثر عدالةً من سكين مطبخنا؛
أقصّ رائحة مخاوفي بالتساوي،
فلا تستطيعَ أن تجزَم
ما الذي أفزعني أكثر:
رؤية نزيف الدم،
صراخ المصاب الهستيري،
ارتجاف المسدس في يد الجاني
والنظرة قارسة البرودة لعدسة الكاميرا،
أم ذاكرتي التي تتناول باستمرار دواء الحموضة
كي تنسى تخمة الألم؟
أحب رؤية أشيائي الصغيرة
تنمو في طمأنينة،
لديّ بحرُ دموع صغيرٌ أسفلَ سريري،
حبيبٌ يجدِّف في أضرحة زياراتي،
حائطٌ افتراضيٌ
يحملق أسفله كلبٌ مستأنسٌ،
وشعر متشابك حطّ عليه مؤخرًا
مصباحان
يغردان عندما أخرج رأسي من النافذة.
حين أنام
لا آخذ معي قلبي،
بل أضعه بهدوءٍ
فوق طبقٍ مزيّنٍ بالبقدونس؛
وجبةً حريفةً
للملائكة التي تتبع الحمِية
ولا تحب الأرز باللبن.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى