عزوز الملزوزي - يا ظبية الوعساء قد برح الخفا

يا ظبيةَ الوَعساءِ قَد بَرِح الخَفا
إِنّي صَبَرتُ عَلى فراقك ما كَفى
كَم قَد عَصيت عَلى هَواكِ عَواذِلي
وَأُثابُ بِالتَبعيد مِنكَ وَبِالجَفا
حَمّلتِني ما لا أطيق من الهَوى
وَسَقَيتِني مِن غنج لحظك قَرقفا
وَكَسَوتِني ثَوب النحول فَمَنظَري
لِلناظِرين عَن العَيان قَد اِختَفى
هَذا قَتيلكِ فَاِرحَميه فَإِنَّهُ
قَد صارَ مِن فَرط النُحول عَلى شَفا
لَهفي عَلى زَمَنٍ تَقضّى بِالحِمى
وَعَلى مَحلّ بِالأجَيرع قَد عَفا
أَترى يَعود الشَمل كَيفَ عَهدته
وَيَصير بَعد فِراقه مُتَأَلّفا
لِلّهِ دَرّكِ يا سَلا مِن بَلدةٍ
من لَم يُعاين مثل حسنك ما اِشتَفى
قَد حزتِ بَرّاً ثُم بَحراً طامياً
وَبِذاك زدتِ مَلاحَةً وَتَزخرفا
فَإِذا رَأَيت بِها القَطائع خلتها
طَيراً يَحوم عَلى الوُرود مُرَفرِفا
وَالجاذِفين عَلى الركيمُ كَأنّهم
قَومٌ قَد اِتَّخَذوا إِماماً مُسرِفا
جَعل الصَلاة لَهُم رُكوعاً كُلّها
وَأَتى ليشرع في السُجود مخفّفا
وَالمَوج يَأتي كَالجِبال عُبابُه
فَتظنّه فَوقَ المَنازل مُشرفا
حَتّى إِذا ما المَوج أَبصَر حَدّه
غَضّ العِنان عَن السّرى وَتَوقَّفا
فَكَأَنَّه جَيشٌ تَعاظم كَثرةً
قَد جاءَ مُزدَحِماً يبايع يوسفا
ملك بِهِ تُزهى الخَلافة وَالعلا
وَبِهِ تَجدّد في الرِياسة ما عَفا
مَن لَم يَزَل يَسبي الفَوارس في الوَغى
إِن سلّ يَوماً في الكَريهة مُرهفا
أَلِفَت مَحبّته القُلوبُ لِأَنَّهُ
ملكٌ لَنا بِالجود أَضحى مُتحِفا
أَلقى إِلَيهِ الأَمرَ وَالدُه الَّذي
عَن كُلّ خَطبٍ في الوَرى ما اِستَنكَفا
يَعقوبٌ الملكُ الهمام المُجتبى
الماجد الأَوفى الرَحيم الأَرأفا
طُوبى لِمَن في الناس قَبّلَ كَفّه
وَالوَيل مِنهُ لِمَن غَدا مُتَوَقِّفا
أَعطاكَ رَبّك وَاِرتَضاك لِخَلقه
فاِقتل بِسَيفك مِن أَبى وَتَخَلّفا
وَاِمدُد يَمينَك لِلوجود فَكُلّهُم
اليَوم عادَ مُؤمّلاً مُتَشَوّفا
فَاليَوم لا تَخشى النَعامُ ذِئابَها
وَيَعود مَن يَسطو بِها مُتَعطِّفا
صَلُح الزَمان فَلا عَدوٌّ يُتّقى
لَم يَخش خَلقٌ في علاك تَخوّفا
يا مَن سُرِرتُ بِملكه وَعَلائه
اليَومَ أَعلَمُ أَن دَهري أَنصَفا
فَإِذا مَلَكتَ فَكُن وَفيّاً حازِماً
واِعلم بِأَنّ الملك يَصلح بِالوَفا
وَأَفِض بِذَلِكَ لِلوُجود وَكُن لَهُم
كَهفاً وَكُن بِبعيدهم مُستَعطِفا
فَالجودُ يُصلح ما تَثَلّم في العلا
وَسِواه يُفسد في الخِلافة ما صَفا
إِنّ البَرِيّة في يَدَيك زِمامُها
فَاِحذَر فديتُك أَن تَكون مُعَنّفا
يا مَن تَسَربَل بِالمَكارم وَالعلا
لا زالَ حاسِدُكُم يَزيد تَأَسُّفا
خُذها إِلَيك قَصيدَةً مِن شاعرٍ
في نَظم فَخرك كَيفَ شاءَ تَصَرّفا
خَضَعَ الكَلامُ لَهُ فَصارَ كَعَبدِهِ
ما شاءَ يصنع ناظِماً وَمُؤلّفا
لا زالَت الأَمجادُ تَخدُمُ ملككم
ما زارَت الحُجّاجُ مَروةَ وَالصَفا
أعلى