د. ندى مأمون ابراهيم - قلم ماسي..

في حوار تلفزيوني .. سألها الصحفي الأشقر عن قيمة قلمها اللامع المرصع بالفصوص الماسية، الذي تقلبه بين يديها ..
لوت شفتاها لا مبالية..
ثم وضعته أمامه على الطاولة وقالت ..

- لا شيء ..هذا القلم لا يساوي شيئا .
إن كنت تسألني عن الثمن ، فهذه الفصوص مزيفة ، وإن كنت تسألني عن الحبر ..فقد جف.

طالعها باستخفاف ، وقال لها ..

- أنتم مولعون بالمظاهر ، أنا مسرور لقولك الحقيقة .

نظرت إليه بحنق ، وقارنت بين قلم الحبر المتواضع الذي يحمله، ويحك به مؤخرة رأسه، وهو يشتم " تشارلز" ، وبين قلمها اللامع الملقى على الطاولة .

منذ أن حلت ضيفة على أصحاب التاج البريطاني ، وهي تصارع البكاء، واستمرارية البقاء.

يستضيفونها بصورة دائمة، لتحكي لهم رحلتها مع قلمها الذي أوصلها إلى المنفى .

نظرات أمها اللائمة ، لا تكف عن ملاحقة مخيلتها، ترفع لها صورة والدها وصورة العلم ،كلما حادثتها على تطبيق المكالمات المرئية.

حذرتها مرارا من اقتحام الشباك ، نصحتها أن ترسم بقلمها العصافير ، وأن تكتب قصص الحب الملتهبة .

وأخبرتها أن القلم يشتعل أحيانا كالفتيل ، ولا تخمد نيرانه إلا بعد أن تحترق اليد ، فلا يعالجها سوى البتر.

لكنها لم تستمع ..
ملأت محبرتها ، بحبر أسود ثقيل ، لم تتحمل وزنه صحف بلادها ،فانقلب القلم عليها حينما حاولت أن تثقب به بيوت العناكب.

صفق الناس لها إعجابا خلف الكواليس ، ثم أغلقوا الأبواب خشية أن يلطخ حبر قلمها أقواتهم، و مصائرهم .
وقع أبوها في الشباك رهينة ، وطارت هي على أجنحة الطيور المهاجرة إلى الشمال .

والغريب أنها وجدت أنواعا كثيرة من الأحبار الثقيلة في بلاد الثلوج ، معروضة بأرخص الأثمان ،ولم يردها أحدهم عن اقتنائها .
العناكب الشقراء ، لها شهية مغايرة ، يروق لها طعم الحبر المسكوب فوق خرائط الأوطان المرسومة.

رأتهم بعينها ، وهم يلعقون حبرا بطعم التوت ، سكب على خريطة أرضها.
من يومها قررت الامتناع عن شراء الحبر ،واحتفظت بقلم ذو فصوص وهمية، تخرجه أمام الأعين عند كل لقاء، لتقاوم إحساس الندم.

سألها الصحفي مجددا ، بعد أن تنبهت لابتسامته السخيفة ..
- مالذي تنوين كتابته ردا على اعتقال والدك ؟

تناولت قلمها من فوق الطاولة ..ونظرت عميقا في عينيه الزرقاوتين وقالت..
- لن أكتب شيئا .. سوف أرسم ..هل تحب الرسم ؟

-ربما أرسم عصفورا مخمور ا ، ينتف ريشه و يراقص عنكبوتا أعرج .

ما رأيك في هذا ؟

لكنني سأحتاج إلى بعض من الألوان ..
ترى ما نوع الألوان التي تبيعونها هنا يا عزيزي؟! .

--------------------------
* الكاتبة: د. ندى مأمون إبراهيم . 2023 .
  • Like
التفاعلات: تواتيت نصرالدين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى