حسين عبروس - الوطن.. المحبة والكراهية

للأوطان مكانة مقدسة في أعراف الشعوب منذ بدء الخليقة، وقد يشترك الإنسان مع الكائنات الأخرى في حب الأوطان.فوطن الطيور أعشاشها، ووطن الأسود عرائنها، ووطن الذئاب أوجارها.ووطن الكائنات الأخرى أوكارها وجحورها، ومزاربها.ويبقى الإنسان وحده المميّز بين المخلوقات الأخرى هومن يشيد الأوطان ويعلي المباني وينجز الروائع من المشاريع العمرانية الكبرى، ووحده من ينصّب لعظماء الأوطان التماثيل والنّصب التذكارية ليخلّد مآثر الأوطان، وإذا كان الوطن قاسما مشتركا بين جميع الناس فإننا في كثير من الحالات نجد بعض الناس تسكن أوطان غيرها من الأمم الأخرى ، وبعض الناس تحيا بلا أوطان لسبب من الأسباب كما هوالحال ممن شرّدتهم الحروب والكوارث والأزمات.

وإذا كان حب الوطن من الإيمان، فإنّ كراهيته من جور الأنظمة التي تحيل الوطن إلى جحيم لا يطاق، وسجنا فسيحا يكتم الأنفاس ويطيل الخناق.ومن هنا نجد حب الوطن يقوم على الأسس التالية.

- توفير الأمن والراحة والماء والغذاء، والسكن والعمل والصحة والدّواء

- توفير الكرامة الإنسانية ،وحرّية الرأي والحرّية الشخصية في الملكيّة والتنقل والكسب.

- عدم تآمر الحكّام على بيع أو رهن الوطن للأعداء تحت أيّ غطاء أو أيّ ظرف من الظروف.

- التنميّة الشاملة في جميع مناطق الوطن وازدهاره اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا معرفيا.

إن هذه العوامل كلها تدفع بالمواطن الى محبة الوطن والذود عنه بالنفس والنّفيس وحماية مكتسباته ومقدراته المادية والمعنويّة.ويظلّ الشاعر وحده من يعلّم الناس محبة الأوطان وينقل إليهم تلك المشاعر الحنيّة بحب الوطن.وفي كثير من الأحيان يتمسّك بحب الوطن حتى وإن كان حكّام ذلك الوطن ممن يغتصبون حقه في الحياة.وذلك كما في قول الشاعر العربي:

- بلادي وإن جارت عليّ عزيزة // وأهلي وإن ظنّوا عليّ كرام.

كما يبالغ بعص الشعراء المحبين للأوطان كقول الشاعر أمير الشعراء أحمد شوقي:

- وطني لو شغلت بالخلد عنه // نازعتني إليه في الخلد نفسي.

وللكراهية أسبابها ودوافعها، فتكون غالبا مرتبطة بتلك الظروف التي يحياها المواطن.والتي تتمثل في مايلي.

- جور الأنظمة وتشديد الخناق على الناس ، وسلبهم حرّيتهم وتفشي البطالة ، وانتشار ظاهرة القمع ،وعدم المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات.

- تفشّي ظاهرة التمييز العرقي والطبقي أو الطائفي والديني والجهوي.

- عدم تشجيع المبادرات الفردية والجماعية وتقدير جهود العاملين وتشجيع المواهب لدى أصحابها من المبدعين والمقفين والمفكرين.

- تواطئ الأنظمة مع المحتل أو الأجانب على سلب خيرات الوطن. وهنا يصبح المواطن كما قال الشاعر أبو الطيب المتنبي:

- ما مقامي بأرض نخلة // إلا كمقام المسيح بين اليهود.

فاللهم أرح أبناء وطننا الكبير من جورالأنظمة وأحبب إليهم أوطانهم، وأعد المهجرين إلى ديارهم.سلام عليكم أحبتنا في كل مكان من هذا العالم.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى