حسين عبروس - قراءة مختصرة في سيرة الأفعى ..لعزالدين ميهوبي

***
الكتابة الرّواية هي فن الإستعراض بكلّ معنى الكلمة،استعراض ضخم لآليات القوّة المبهجة التي يقوم بها الروائي،تلك القوّة التي تختلف عن قـوّة عرض العضلات،أو عــــن قـوة الدمار الهائل الذي يؤسس للخراب،إنّها قوّة من نوع آخرتكمـن في قـدرة الكاتب على تجميع خيوط وتفاصيل السرد الروائيّ بفنية رائقـة،وبلغـة باهرة جذّابة أنيقـة راصدة لتفاصيل الأحداث التاريخيــة،والسياسية والإجتماعيـة،ذلك ما أتلمّســه في روايـة"سيرةالأفعى "للصديق الشاعر والروائي عزالدين ميهوبي، هذه الرّواية الصادرة عن دار العين للنشر ط 2023 ،والتي يحاول فيها الكاتب استرجاع تاريخ الصراع العربي الإسرا..ئيلي على إمتداد سبعمائة وخمسين صفحة
ملحمة تاريخية مع الأفعى.... في هذه الرّواية أحس كأنّ الكاتب الشاعر عزدين ميهوبي ينطلق من همس قصيدة الشاعر العربي"عنترة بن شداد" ،وهو يتحدث عن الحرب في أيامه ،ويربـط الصورة بالأفعى وهو القائل:-
إِنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت مَلامِسُها * * عِندَ التَقَلُّبِ في أَنيابِها العَطَبُ
اليَومَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَيَّ فَتىً * * يَلقى أَخاكَ الَّذي قَد غَرَّهُ العُصَبُ
فَتًى يَخُوضُ غِمَارَ الحرْبِ مُبْتَسِماً ** وَيَنْثَنِي وَسِنَانُ الرُّمْحِ مُخْتَضِب
إنّ هذا الربط الفني بين ماورد في نص عنترة الشعري،وما ورد في سيرة الأفعى للكاتب عزالدين ميهوبي يلقي في نقطة واحدة يمثلها خطر الأفعى الحقيقي الذي يكمن في سمّها وفي أنيابها،وخطر الأفعى المجازي في سيرة الأفعي الذي تمثله أفعى البشر الكيان الصهيوني على شعب له أحقية الإستقلال والحرية على أرضه، وذلك عبر مسيرة طويلة من الصراع المحتدم الدامي،وقد تكون هناك أفعى كبرى التي تدعم الأفعى الصغرى في هذا الصراع.
وتشتمل الرواية "سيرة الأفعى" على مرتكزات أساسية تمثلت فيمايلي : - -1- عامل الزمن التاريخي من وعد "بلفور" عام 1917مسيرة زمن طويل محفوف بالمخاطر والمجاز الدموية،
-2- عامل الشخصيات المتعددة الأسماء والمواقف منها : ريناد -دوميا-أمنون -وعاموس وغيرهم..،فهذه الطفلة ريناد تحاول أن تقدم ملمحا يوميا في شكل مذكرات تصلح أن تكون مذكرات معاناةتاريخية لكلّ مواطن صغيرأو ،كبيرفي أرض النّبوات وتحديدا في مدينة "حيفا"
حيث تقول: "عندما فتحت عيني وجدت رشاشا فوق رأسي،وحين دخلت المدرسة رأيت الدبابة
قرب بيتنا،لم أر إلا أصحاب البزّات المرقّطة باسلحتهم،وكلابهم يحاصرون حي الحليصة في حيفا ،وكبرت وكبر معي مشهدهم المخيف..."
إنّ هذه الفقرة من نص الرواية تلخّص معناة الاطفال والرجال والنساء في الأرض المحتلة فلس..طين..معاناة تزداد خطرا على شعب أعزل لا يمتلك قوّة المواجهة من سلاح مضاد،ولا يمتلك قوّة مساندة تردّ عنه خطر الأفعى الصه -يونية.
العامل المكاني: لقد اشتملت "سيرة الأفعى" على عنصر المكان المتعدّد داخل الأرض - 3- المحتلة،وخارجها عبربلدان عديدة منها: حيفا- فلس -طين - فرنسا- اسبانيا- تركيا وغيرها،هذا التعدّد الذي يظلّ شاهدا على الصراع العربي الصه..يوني الذي ينتهي عندحدّ معين، كما يشير ضمنيا إلى ذلك الشتات الفلس..طيني في كلّ أرجاء المعمورة، ويسترسل الكاتب في سرده" سيرة الأفعى"وهو يري أنذ مسؤولية الكاتب تحتّم عليه تعرية الواقع والصراع التاريخي حين يقول في أحد حواراته: "كنت أدرك أنني أخوض تحديا مزدوجا تجاه نفسي، وتجاه القارئ، وبينهما تحدي نجاح النص، الذي أعتقد أنه مختلف عما هو موجود في منظومة سرديات المقاومة والتاريخ والسياسة، لأنني انطلقت من الآخر لأستفز الأنا، وكانت المحصلة هي سؤالي: ماذا نريد لفلس ..طين،'وكيف نرافع من أجل حق شعبها"
هذا همس موجز في قراءة ملحمة تاريخية تطول تفاصيلها،وتتشعب أنفاس الحوارعلى ألسنة شخوصها، التي هي في واقع الكتابة على لسان الكاتب الواحد لصاحب الرّواية،قد جاءت بلغة شاعرية تمازجت أنفاس الشاعربأنفاس الرّوائي سلسة طيّعة حاول الكاتب فيها ألّا يدخل في تلك التفاصيل الهامشية التي تغرق فيها كثيرا تلك التجارب الروائية العربية التي تناولت موضوع الصراع العربي .
Peut être une image de 1 personne et texte

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى