علجية عيش - رجالٌ يرحلون في صمت.. البروفيسور الأخضر شريط الإبراهيمي كان مدرسة فكرية بلا منازع

رحل عن الحياة و مسيرته العلمية لم تسلط عليها الأضواء بالشكل الذي تستحقه

هي "رحلة قلم" توقف لكنه ترك بصمته في عالم الكتابة و البحث و التحليل، و التنقيب في أمهات القضايا، إنه البروفيسور الأخضر شريط الإبراهيمي الذي فقدت الساحة الفكرية و الثقافية في الجزائر واحد من ابنائها ، وهو باحث أكاديمي و مفكر ، رحل عن الحياة و هو في أوج عطائه الفكري و العلمي، تاركا فراغا كبيرا في الساحة الفكرية و الثقافية، وصفه أصدقاءه و المقربين منه بأنه مشروع فكري يرحل مبكرا

410499115_1047113353077676_3971297344215752733_n.jpg

و البروفسور الأخضر شريط الإبراهيمي -رحمه الله- كما تحدثت عنه دار الأصالة للنشر الجزائر من مواليد 1958 حفظ القرآن وعمره لم يتجاوز 9 سنوات، ثم حاز على شهادة ليسانس من معهد العلوم الاجتماعية بالخروبة الجزائر العاصمة والماجستير من جامعة الجزائر سنة 1989 ودكتوراه الدولة سنة 2003، شغل منصب أستاذ الدراسات العليا بجامعة الجزائر 2 و هو مدير مخبر مشكلات الحضارة والتاريخ في الجزائر ، و مدير مجلة مشكلات الحضارة، رحل عن الحياة تاركا العديد من الإصدارات و المنشورات في مجلات علمية وطنية ودولية، شارك في العديد من المؤتمرات داخل الوطن وخارجه، و قد ارتكزت كتاباته حول فيلسوف الحضارة مالك بن نبي ، فضلا عن دفاعه عن اللغة العربية و الهوية ، داعيا إلى استلهام الهمم و القيم الإسلامية و الإنسانية، من مؤلفاته : ( 1- مالك بن نبي الإشعاع الحضاري للعالم الإسلامي، 2- ومضات بن نبي على مشكلات معاصرة، 3- اللغة بين الرسم والأصل والإسهام الحضاري، 4- في الحركة التاريخية وتفسير التطور الحضاري عند مالك بن نبي، 5- أفكار من النور، في الثقافة والمعامل الاستعمارين، 6- مدخل لخلفيات العلم في الحضارة الإسلامية، 7- أسس في الحضارة، كما اهتم الأخضر شريط الإبراهيمي بالتنقيب في تاريخ الجزائر و توثيقه و مسألة الاستراتيجيات، لاسيما كتابه بعنوان: "استراتيجية العدو الفرنسي لتصفية الثورة الجزائرية"، و غيرها من الأبحاث التي كانت و لا تزال مرجعا للباحثين و الطلبة الجامعيين .

جل هذه البحوث تكفلت دار الأصالة للنشر الجزائر بطبعها، ولعل كتابه الموسوم بعنوان " التسامح" يطرح سؤال: كيف نبدأ و من أين؟ في ظل الظروف التي تعيشها الأمّة العربية و الإسلامية و ما لحقها من كوارث و دمار، أراد به الفقيد أن يعطي مساحات أكبر و تنفس أرحب و روح أسمى لبناء الشعوب، طالما المجتمع كلٌّ مرتبط مع بعضه البعض و كلُّ الأطياف يصب هدفها في فائدة الوطن الكبير، لقد كان الفقيد مدرسة فكرية، أسست لتربية جيل يؤمن بماضيه و حضارته ويقدس قيمه الدينية و الأخلاقية، فيحركهم نحو مناطق الطموح و الأمال، و مواكبة النقلة المعلوماتية التي يعيشها العالم من حوله ، حتى لا يتأرجح بين الهويات، فيفقد هويته الأصلية، ما يؤسف له، هو أن هذا المفكر و الباحث الأكاديمي صاحب تلك الإصدارات مُغَيَّبٌ في الساحة ، و الكتابات عنه شحيحة جدا، و هي حقيقة مؤلمة، و بدوري حاولت البحث عن هذه الشخصية في محرك البحث Google ، فلم أعثر على عنوان له يذكر، و لم يظهر سوى اسم المبعوث الأممي و وزير الخارجية الأسبق الأخضر الإبراهيمي، كما عثرت على اسم الشيخ البشير الإبراهيمي رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريينبن بعد وفاة مؤسسها الشيخ عبد الحميد ابن باديس، و لا ندري في هذه الحال إن كان البروفيسور الأخضر شريط الإبراهيمي ينتمي إلى العائلة الإبراهيمية المحسوبة على جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ؟ أم أن الأمر يتعلق بتشابه ألقاب، في كل الأحوال.
411771120_1334346250616023_8784793837249955443_n.jpg

فالبروفيسور الأخضر شريط الإبراهيمي رحمه الله شخصية فكرية تفتخر بها الجزائر، فقد كان من المهتمين بفكر مالك بني ( المفكر المنسيُّ) ، حيث ارتكزت أبحاثه على أفكار مالك بن نبي، لاسيما ما تعلق بالمشكلة الحضارية التي خصص لها الفقيد كتبا قيمة ، هي بحاجة إلى دراسة و تحليل، دون أن يهمل الجانب المغاربي في دراساته ، و كنت قد وقفت على مقال للدكتور مسعود فلوسي بعنوان : "أين علماء الجزائر و أدباءها؟" منشور في موقع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، و قد ذكر قائمة طويلة لأسماء علماء و باحثين و أدباء جزائريين، إلا أنه استثى اسم البروفيسور الأخضر شريط الإبراهيمي؟ وكأن هذه الشخصية الفكرية مجهولة في الوسط العلمي و الثقافي، أم أن هناك نقص في الترويج ؟ أم أن الفقيد لم يكن يحب الأضواء؟، هذه الأسئلة على أصدقاء الفقيد و رفقائه في الإبداع و زملائه في الجامعة أن يجيبوا عليها، للتعريف به، حتى لا يبقى الفقيد نسيا منسيا، و الحقيقة أن كل ما هو متعلق بفكر مالك بن نبي في الجزائر مؤجل إلى إشعار آخر.

ورقة علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى