عبدالجليل بدزي - تعريف السرابة عند أهل الملحون

تعرف "السرابة" في أوساط رجال الملحون على أنها قطعة شعرية منظومة بمواصفات خاصة، فمن حيث الشكل، تنظم على جل الأوزان التي تنظم بها القصيدة الملحونة، فيبدأ الشاعر ب "امرمت لمبيت"، ف "مكسور لجناح"، ثم يختم ب "امرمت السوسي"، ومن هنا تكون الصعوبة في نظم هذا الشكل الفني الغنائي، حيث لا يلم بنظمه إلا شيخ عارف ب"اقياسات" القصيدة الملحونة، أما من حيث المضمون، ف"السرابة" تضمنت كل الأغراض التي كتب فيها شاعر الملحون من توسلات ومدح وعشاقي ووصف الطبيعة وما إلى غير ذلك من الأغراض الكثيرة، وهنا لابد من إشارة إلى أن الشيخ المرحوم الحسين التولالي، كان له تعريف رائع ومقتضب ل"السرابة"، حيث قال في الشريط الذي سجله مع مجموعة "جيل جيلالة" وهو يجيب عن سؤال ماهي السرابة، قال:"السرابة" مقدمة للقصيدة..."، وهذا يكشف عن مدى ارتباط "السرابة" بالقصيدة مضمونيا باعتبارها مقدمة لها، حتى ليكاد المستمع يعتقد أنهما ــ السرابة والقصيدة ــ خرجا من جبح واحد، وحسب ما هو متعارف عليه عند رجال الملحون، ف"السرارب احراميين"، أي أن غالبيتها لا يعرف ناظمها، نظرا لأنها لا تتضمن اسم الشاعر الذي كتبها كما هو الشأن بالنسبة للقصيدة، ولذلك يستحب رجال الملحون أن يتم اختيار "سرابة" ملائمة من حيث الغرض للقصيدة، مادامت هذه "السرابة" هي مقدمة للقصيدة ومدخل لها، فلا معنى لأن يؤدي المنشد "سرابة" في العشاقي، وهو يريد أن ينشد قصيدة في المديح النبوي أو التوسل، كما لا يجدر ب"الشيخ الكراح" أن ينشد "سرابة" على اسم طامو، وهو يريد أن يؤدي قصيدة في العشاقي على إسم زهرة أو مينة أو خدوج... وهكذا دواليك، مما يوضح بشكل جلي كلام الشيخ المرحوم الحسين التولالي الذي يعتبر "السرابة" مقدمة للقصيدة، حتى وإن لم يشتركا في التجربة الوجدانية، ولم يكن مصدرهما شيخ واحد، فعلى الأقل أن يكون بينهما نوع من التقارب الدلالي، وسأحاول اليوم تمشيا مع رمضان شهر الغفران، أن أقدم "سرابة" في موضوع "الشوق إلى مكة"، يقول الشاعر:
مكة يا من اتسال طول احياتي نهواها * لو صبت فكل عام نوطا في أرض أوطاها
ونزور الكعبة الطاهرة وانزاوك فحماها * فوق اجبل عرفة نحج وتصيب الروح مناها
وانشــوف امقـام الشــفيــع طــه * صلى الله عليه *
عد احرـوف السلكـــة ومن اقراها * صلى الله عليه *
وما هبـــت لريـــاح من اهــــواها * صلى الله عليه *
ومــا نشدت لطيـــار في الغــاها * صلى الله عليه *
وما شرقت الشمس في اضياها * صلى الله عليه *
وما سـارت لبكـــام في أوطاهـــا * صلى الله عليه *
مـــن جانــا بالموبيــن والنباهـــة * واسكن طيبة الطيبة من فاحت باشذاها
يسعد من زارها وزكا بصره فبهاها * يسعــد من زارهـا وشاف الهادي مولاها
فمقامه تاجها اضوات من اضياه اضياها * يبشر قلبي بالسلوان والنزاهة واش من ساعة انجيك * يا لالة * ونزاوك فحماك * محال عمري ننساك * شاق شوقي واسكنت فقلبي امحبتك وهواك * طول الدوام ما ننساك * وهيا لالة * صرت النادي * للنبي الهادي * ونعيط يا اضيا اثمادي * جيتك قاصد من ابلادي * تشفع فيا يا ارسول الله

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى