المهدي ضربان - هؤلاء هم في القلب.. في الشاعرة والكاتبة والإعلامية والناقدة لمياء العامرية

في الشاعرة والكاتبة والإعلامية والناقدة لمياء العامرية

1.jpg

التي عبدت الطريق في اتجاه ترسيم وعي إبداعي متميز نعايشه عبر احتفالية راقية من بعث شعري يلازم العمودي الفراهيدي ..يلامس حكاية جادة من بوح تصنعه هذه المتميزة في بحر الإبداع والنظم والإضافات ..
هؤلاء هم في القلب :
اليوم مع :
الشاعرة لمياء العامرية ( بودوخة ) :
شاعرة بمقاس سيمفونية خالدة ...
بقلم : المهدي ضربان
كنت عايشت بوحها من لحظة ارتسمت لي فواصل لها على وزن الفراهيدي من الشعر ..من هذه التي طوعت المعنى ليغوص في بحور الشعر وتلجأ للتفعيلات.. متصالحة معها كأنها أمضت العقد مع الخليل بن أحمد الفراهيدي ..لتلازم حكايته التفعيلية ملتصقة بهذا الذي خرجت عن الإلتزام به أصوات شعرية أخرى..تتهرب من أن تغوص في التفعيلة خوفا من أن يكتشغها من هم ضليعون في الوزن والميزان ..هي دخلت المعمعة الشعرية لتتصالح مع الكلاسيكي من البيان الشعري وأفلحت من لحظة شاكست النظم لتنتج منه ما يليق بالسامعين ..تناجي الحرف وتستولي عليه و في نفس الوقت لتصنع البديل الشعري الواعد ..
تواصلت معها باسم تراه يميز شيفرتها لمياء العامرية ..من واقع يبدو لم يكن ليراهن عندها بالمرة على اللاشيء و على اللاجدوى.. بل انصهرت رؤاها لتصنع المعنى والمبنى معا.. وتعيد الينا ذلك المنهج الذي عشناه ونحن ندرس شعر المتنبي والجواهري والبياتي ..قالت كلمتها من لحظة عشقت الحرف المقوى عرفا ونشيدا تريده سيمفونية سماعية تطرب الحاضرين بالوضوح الشعري بعيدا عن هوس الغموض والمعاني المنشطرة ..
إنها الشاعرة الراقية والمميزة لمياء العامرية التي صنعت مجدا من الشعر والقصيد ..يغرينا بألوان من التفعيلات الحصرية بعيدا عن رداءة الحرف الهارب من بيته ..
لمياء عرفتها شاعرة وكاتبة وإعلامية وناقدة فيها كل الأوصاف لإمرأة حملت على عاتقها أن تقول وتعلن أنها هنا لتعيد للمتنبي أدواته وللأخضر فلوس رؤاه الحالمة ..لمياء أعادت لنا سيمفونية من فرح الكلمات.. تطربنا بشعرها الذي تصالح مع العروض كي يرسم خلاصات له من اضافات تلونها عبر بوابتها الابداعية الناصعة ..
لم تبق حبيسة هذا البيان.. بل تموقعت وهي العارفة بتراتيل المعنى ..أن تكتب المقال في السياسة والتربية والثقافة والإجتماعيات ..ولدت كاتبة ومبدعة وتعطرت بالمعاني التي تطرب الآذان تزين المشاهد حصريا بلغتها المعطرة ..
من هي لمياء العامرية ؟
هكذا سألتها يوما الصحفية القديرة سارة سعيداني في صحيفة الحياة ..
قالت لمياء العامرية : " أنا إنسانة قدحت زناد قلمها منذ صباها ، إن لم أقل منذ طفولتها ..وفي مجالها المهني أستاذة رياضيات في التعليم الثانوي .. وربَّ سائل يسأل كيف جمعت بين علوم الرياضيات وبين علوم وفنون الأدب بجميع جناسه وألوانه ، وأقول ، إن الكثير من الشعراء كانوا أطباء ومهندسين وقادة عسكريين وغيرها من التخصصات العلمية ، فالأدب والشعر موهبة وفطرة ربّانية حسّيّة قبل أن تكون علما مكتسبا ومتقنا في علم العروض وبحور الفراهيدي الشعرية ..
كأي شاعر أو شاعرة في بداياته الشعرية ، وعلى الأغلب ، تكون البدايات في قصيدة النثر ، أو محاولات متعثرة في كتابة القصيدة كشطري العمودي في الصدر والعجز ، والشاعر لابد أن يتتلمذ على يد أساتذة وشعراء ليتعلم ويتقن أصول وقواعد علم العروض وبحور الفراهيدي ، وهذا الأمر أخذ مني أكثر من سنة ونصف لأتقن صناعة الشعر في القصيدة العمودي وكانت إنطلاقتي منذ أعوام .
لم أصب جام طاقتي الشعرية في قضايا المرأة فحسب ، بل تعددت إتجاهاتي الشعرية في قضايا المجتمع والوطن ، وقصائد في قضايا الأمة العربية وعلى رأس سنامها قضية العرب المصيرية فلسطين ، فالشعر عندي مساحة مفتوحة وبلا حدود سواء في الشعر الوجداني أو الشكوى والمناجاة وشعر الحماسة والهجاء والرثاء ، ولا أدع مناسبة مهما كان نوعها إلا وأكتب فيها ما يناسبها ..ناهيك عن مشاركاتي في المسابقات الوطنية والعربية وبمختلف ألوان الشعر العربي .
هاجس القصيدة الذي أعيشه كمن يعيش روح القصيدة ومضمونها وموضوعها حتى لكأنها عصارة الروح وقد أعيش أياما بعد كتابة القصيدة وأنا اصارع ما جاء فيها وبكل تفاصيلها ، كقصائدي في تخليد شهداء حرب التحرير وذكر عظمة تضحيات بلدي الجزائر ، وتضحيات حرائر الجزائر كأني أستحضر كل ما عانينه من عذاب وصمود حتى لحظة الإستشهاد ..
فالشعر إن لم نحياه بروحنا بكل عمقه لنكتبه ، لن يكون أكثر من قصيدة متكلفة لا روح فيها ..
تقول الشاعرة لمياء العامرية : " في السنوات الاخيرة كان ميلي لكتابة القصيدة العمودية أكثر من كتابة الومضة الشعرية و قصيدة النثر ، مع توظيف اللغة العربية الصعبة ومجارات ومعارضة قصائد فحول الشعر وشعراء المعلقات كعنترة وامرؤ القيس ، كما ابن زيدون وابن الفارض وغيرهم .. إنها معركة التمسك بالهوية والماضي التليد ..فنحن أمة إقرأ وأمّ اللغات ..و كما أسلفت ، الإتجاه والهدف هو الإرتقاء بمستوى توظيف لغتنا العربية الأصيلة فاللغة إحدى مقومات هويتنا وإنتمائنا الأصيل ..
وتواصل لمياء العامرية لتقول :
اما بالنسبة لتثمين النص أيّا كان شعرا أو نثرا وبمختلف أجناس الأدب يكون معيار تثمينه هو الأسلوب الراقي المتقن والمُحكم في دلالاته وبلاغته ودقة وعمق معانيه في الكلمة واللفظة ...
وأقولها بصدق ، والدعوة لكل أصحاب القلم الرصين ..علينا أن نرتقي بذائقة القارئ ، ونرتقي بالجيل الناشئ الذي يستلهم منا ما يؤهله لارتقاء صرح الإبداع الرصين والإبتعاد عن الركاكة وما تعانيه الساحة العربية من تأخر ووهن مقارنة بجيل فطاحلة الشعر والأدب أواسط القرن التاسع عشر والقرن العشرين .
هذه الأشهر الأخيرة ومن السابع اكتوبر الماضي الى حد الآن نعيش مع الشاعرة أحداث غزة ..الشاعرة لمياء العامرية ترسم حالة الخنوع والتردي العربي ..في قصيدة ..مات الضمير وجدت أنه من الأحرى أن أنشر ابياتا منها :
حكم الطغاة ومن تجبَّرَ وافترى
ودم الضحايا دون حقٍّ قد جرى
مات الضمير ، فلا صريخٌ يُفتدى
صوت الشعوب غَدا يُباعُ و يُشترى
بئس المكاييل التي كالوا بها
معيارها وِفقَ المصالحِ دُسْتِرا
ملئوا الدُنا ، وشعارهم حرّيّة
يا قبح ما نادى بها مُستَعمِرا
علمٌ ، ودستورٌ ، وقطبٌ حاكمٌ
والكلُّ من امر المسوخِ مُسَيّرا
والوهن دبَّ بنا ، وما من قلّةٍ
لكنّنا شأن العِصيِّ ، تكسّرا
والماء من تحت العروش بغفلةٍ
منا ، جرى ،حتى تغلغل وانبرى
كَلّتْ عزائمنا ، ودون إرادةٍ
ما ألسنَ التنديد جاء مُعبِّرا
اطفال تُذبحُ دون ايّ جريرةٍ
ما كان يشفع للصغار مناصِرا
كم اثخنوا الاقصى جراحاً ؟ كم بَغَوْا ؟
اين الذي لبّى النداء مكبِّرا ؟
حتماً على الاحرار صولة خالدٍ
كرّاً على الاعداء صالَ غضنفرا
يرقى الشهيد على الانام بروحه
والريح من قانيهِ مسكاً اذفرا ..

2.jpg

وكذلك عرفت الشاعرة والكاتبة لمياء العامرية بحلقات لها في الساحة الاعلامية تنشرها في معظم الصحف الوطنية بعنوان : " مبدعات من بلدي"..كتبت في الكثيرين والكثيرات من بينهم مقالات عن الشاعرة الراحلة.. أم سهام.. والاعلامية علياء بوخاري رئيسة النادي الأدبي لصحيفة الجمهورية..وكذا المبدعة الروائية نور الإيمان رزيق .. وأخريات ..
كذلك عشت محطات هذه الشاعرة المتألقة لمياء العامرية ترسم لي وللقارئ والقصيد.. حكايتها الإبداعية الراقية.. عايشت حرفها منذ سنوات تكتب الشعر والعمود الصحفي والمقال والومضة.. نجحت في كل هذه الإضافات.. واحدة أراها من قبيلتي ومن عشيرتي.. واحدة هي مني وأنا منها ..واحدة.. كما ترون ..هي فعلا.. في القلب ..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى