علي عبدالأمير عجام - مغامرون في الـ "بريتش كانسل"

القيظ أنهكنا والبلاد بعدت
الطلقاتُ تبرد على موائد خفيضة
كأكتافنا وقد ثقلت بنعوش الأمل
نحتسي شايا في الوزيرية
والغروب يهبنا الى ما اختزنه آب
من هواء يشوينا به الله قبل القيامة
لا الصديق ابتسم في خطاه
ولا ضوء في الطريق إلى الباب المعظم
يهديني إلى صوت صفاء وهي تغني:
" حكم الغرام ميظل دوام،
بعد الصفا لابد جفا
وتكون أنواره ظلام"*
لاضوء في بيت الطلبة الشيوعيين
أين اغنياتهم
أين صديقاتهم الرقيقات
أين خطانا وهي تلمع في ليال ماطرات
أين معاطفنا وزجاجات الخمرة الصغيرة
تداعب فيها خد الليمونات
نحن في "كافتريا الغروب"**
نحن في جنة الأحلام
نحن في غروب البلاد
نحتسي شاياً من ماء عكر
بلا حماسة نتابع مشهد قتلانا
وهو يأتي رتيباً كمسلسل مدبلج
لا خفقة للهواء في كافتيريا الغروب
غير اننا في جنة أحلامك يا مدينة
أهو غروب بغداد نحتسيه ساخناً
أهذه ذاتها الأرصفة التي خفقت بنا؟
أهذه التي أضاءتها قلوب فتيات "الآداب"
أهذه التي توجت أرواح مغامرين في "بريتش كانسل"
أهذه التي أبهجت حراساً كثيرين
كانوا يلتقطون مناديلَ معطرةً بالقبل
نحن في كافتريا الغروب
نستبدل النوافذ المطلة على الآس
بثنايانا وقد جفت
نستبدل صديقاتنا المتوهجات بالميني جوب
بحجاب بات يغلف أيامنا وهي تتعفن
نحن في كافتيريا الغروب
صرفنا الكثير من الموسيقى
غير أن حياتنا تنزل سلالم الضجيج
نطلب من النادل عصير الحنين
فيأتي لنا بالماضي
كان طوال رحلته يغني
غير انه لم يصل
نحن في غروب المدينة
في كافتيريا النسيان
في مخادعنا وهي تتعفن
نحن بجيوب كثيرة وحقائب واسعة
غير اننا اضعنا الكتاب
وتركنا العنوان
يكنسه نادل الحملة الإيمانية
وقد صار مؤرخا في كافتيريا الغروب
يصف الماضي باطلاق النار على الغيوم
كان يغني "القنطرة بعيدة " ***
بنى بيتا من آجر القنطرة
غير انه لم يعد يغني


بغداد آب 2003

النص ضمن الديوان الثال "بلادٌ تتوارى"
*مقطع من أغنية عراقية قديمة


** مقهى كالحة في الوزيرية ببغداد اليوم
*** أغنية عراقية معاصرة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى