قراءة فى قصة زيارة للكاتب سمير فوزى بقلم مصطفى فودة

قراءة فى قصة زيارة
للكاتب سمير فوزى
بقلم مصطفى فودة
يلعب المكان دورأ كبيرًا فى حياة الإنسان ، كما يلعب دورا مؤثرًا وإستراتيجيا فى بعض الأعمال الأدبية يكون المكان فيها عنصرًا رئيسيا ومثؤثرًا ، والمكان فى قصة زيارة وهو مدفن رفاعى هو العنصر الرئيسى والمؤثر فى القصة، كان عنوان القصة(زيارة) دلالة غير مباشرة على المكان الذى سيتضح أثناء السرد أنها زيارة إلى المقبرة الجديدة التى اشتراها رفاعى المخبر بعد وصوله للمعاش ، من مقبرة رفاعى تنطلق أحداث القصة من المقبرة حيث يصطحب زوجته ليريها المدفن الجديد الذى اشتراه بالتقسيط ، ويشيرمكان المدفن (ليس على الواجهة، الواجهة مش لينا ياصديقة، حراقة علينا) إلى طبقته الاجتماعية الفقيرة، وبعد موته حيث تذهب زوجته(صدّيقة) لزيارته بالمقبرة تجلس على الحصيرة وتحادثه حتى ظن الناس أنها مجنونة يأخذونها على قدر عقلها، أمام المقبرة ترمى حمولها عليه وتخبره وتحكى وتفضفض له عن الولد الذى كان يسير وراءها منذ موته حيث قامت بفضحه فى السوق ثم حكاية الشيخ عيد إمام الجامع الذى غطس فى الترعة ليتوضا للفجر فجرفه التيار حتى وجدوه بعد يومين ثم عاد ليؤم الناس فى الزاوية ، تذهب صديقة فى زيارة إلى المقبرة لتشاور زوجها فى أمر يؤرقها وهوتفكيرها فى منع ابنتها الكبرى عن الذهاب إلى المدرسة فقد كبرت البنت وحاضت "البنت فارت فى يوم وليلة فقد ورثت عنه(أبيها) طوله وإمتلاء الوجه والجسد " ، وهو فكر مناسب للمرأة الشعبية الفقيرة التى فقدت زوجها وتخشى على ابنتها من الخروج للمدرسة ولكن الكاتب بطريقة فنية ودون مباشرة أو أى نبرة خطابية يلمح إلى استهجان هذا التصرف عن طريق ذكر موقف الاب أثناء حياته" فهو يحلم بتعليمهن وتزويجهن زيجات محترمة" وهكذا يشير الفن الرفيع إلى استهجان التصرفات الاجتماعية الخاطئة .
اتسم السرد بتقنية المشهدية (المشاهد) فى بناء القصة والإنتقالات السردية بين المشاهد بتقنية القطع ( فى المونتاج) والفلاش باك وهى تقنيات تنتمى إلى فن السينما، وكان السرد جميلا وناعما وليست به أية نتوءات سردية ، فالمشهد الأول يصطحب زوجته ليريها المقبرة التى اشتراها ثم مشهد زيارتها للمقبرة بعد وفاته بعد قطع المشهد الاول (قطع) ثم مشهد تجريس الولد الذى يسيروراءها بعد موت زوجها(فلاش باك) وأخير المشهد الأخيرالذى اتسم بالمفارقة وكسر توقع القارئ مشهد التربى مع صدّيقة " ده مش تربة رفاعى ، ده فاضية لسه ما حدش سكنها، تربتكم فى الحارة اللى جاية " .
اتسمت اللغة بالكثافة التعبيرية والإيجاز، وكانت طيعة فى يد الكاتب ، فهى فصحى يسيرة فى السرد وكان الحوار باللهجة العامية يتناسب مع الشخصيات وثقافتها ووضعها الإجتماعى والمادى ويحتوى على حكمتهم الشعبية البسيطة، كما ساهم فى بناء الحدث، فعلى سبيل المثال الحوار بين رفاعى وزوجته صدّيقة عند المقبرة التى اشتراها
- مش على الواجهة ليه ؟
- الواجهة مش لينا يا صدّيقة، حراقة علينا
- يعنى هايتدفن فيها أحسن مننا، أنت مخبر قد الدنيا والكل بيعمل لك ألف حساب
- عموما اللى بيموت ما بيحسش مدفون فين .
عبرت القصة عن شخصيات بسيطة متواضعة اجتماعيا وماديا رفاعى المخبر بعد المعاش وزوجته صدّيقة التى – فى رأى- مثلت الشخصية الرئيسية فى القصة تعاطف معها القارئ لبساطتها وكان الكاتب موفقا فى إختيار أسماء الشخصيات ، (رفاعى) من الرفعة رغم تواضع مهنته ووضعه الإجتماعى والمادى ، وزوجته (صدّيقة) صيغة مبالغة من الصدق وكانت كذلك حفظت نفسها وشرفها عقب وفاة زوجها .
أخيرا (زيارة) هى قصة فنية بإمتياز اتسمت بالكثافة والإيجاز والإنتقالات السردية السريعة واستخدام تقنيات حديثة تنتمى إلى عالم السينما فأضفت عليها الرشاقة والجاذبية،عبرت عن عالم البسطاء، عن حياتهم والإعداد لموتهم وحكمتهم اليسيرة بإيجاز دون ترهل أو إسهاب وبإشارات فنية موفقة .











[HEADING=1]
[/HEADING]

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى