قيل لنا

قيل لنا​



قِيلَ لَنَا ذَاتَ يَوْمِ

اِحْمِلُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ كَخَادِرَة أَوْ كَيْسَرُوعْ صَنَوْبَرْ

اِنْتَشَرُوا كَجَرَادِ يَمْتَصّ اَلْغَابَاتِ

فِي اَلْأَرْضِ مُتَّسَعَ لَكُمْ

وَفِي اَلْأَرْضِ مُتَّسَع لِلْمَوْتِ وَالْإِبَادَةِ



(2)​



كُنَّا يَافِعِينَ، أَنْقِيَاءَ أَتْقِيَاء

تَرْسُمُنَا اَلْبَرَاءَةُ وَالسَّذَاجَةُ وَالْبَلَاهَةُ

كُنَّا طَيِّبِينَ

مِثْل فَرَاشَةِ وَيَمَامَةَ

صَدْقَنَا بِأَنَّ اَلْأَرْضَ تَدُورُ حَوْلَ نَفْسِهَا، وَحَوْلَ حَقْلِ شَعِيرٍ

وَأَنَّ اَلنُّجُومَ تَعَرَّفْنَا

تَضْحَكُ كَذِئَابِ وَدِيعَة

وَأَنَّ دِمَاءَنَا حَمْرَاءُ مِثْلٌ اَلتُّوتِ وَالرُّمَّانِ

خَلْعَنَا قُبَّعَاتِنَا تَعَاطُفًا مَعَ اَللَّيْلِ

وَخُضْنَا بِأَقْدَامِنَا بَيْنَ اَلْوَحْلِ وَالْجَمْرِ

أَحْبَبْنَا مِفْتَاحًا عُلَّقَ عَلَى أَثْدَاءِ اَلْجُفُونِ، وَعَلَى قُلُوبِ اَلْأُمَّهَاتِ

غَطَّيْنَاهُ بِالْعِشْقِ وَالْوَجَعِ بِالْحُبِّ وَالْأَلَمِ

حَشُونَاَهْ بِالتَّوْقِ وَالْحَنَانِ وَالْحَنِينِ



(3)​



قُلْنَا كَمَا قَالَتْ اَلصَّحَارِي لِلنَّدَى

سَنَعُودُ يَوْمًا عَلَى طُنَّيْنِ نَحْلَةً

عَلَى نَسَمَةِ قَرَنْفُلْ وَأَرِيجِ نَمْلَةِ دَؤُوبٍ

سَنَقْسمُ اَلْبَحْرَ إِلَى نِصْفَيْنِ، نِصْفُ لِصَفْصَافَةِ، وَنِصْفِ لِزَيْزَفُون

سَنَجْمَعُ اَلتُّرَابَ بَيْنَ صُدْفَتَيْنِ، عَابِرَتَيْنِ، بَيْنَ مَوْجَتَيْنِ، مُرْهِقَتَيْنِ

وَنَنْثُرهُ فِي حَبَّةِ شَمَنْدَرِ، وَسُوَيْقَةِ سَفَرْجَلٍ

سَنَقْطِفُ اَلسَّمَاءَ فِي تَنَفُّسِ صَبَاح

وَنَغْرِسهَا بِجِذْعِ زَيْتُونَةٍ حَالِمَةٍ

سَنُلِمُّ اَلْأَرْضَ مِنْ أَطْرَافِهَا، لِنُخَبِّئِهَا فِي عَقْدِهِ مِفْتَاح

كَيْ نَكُونَ نَحْنُ مَا نَشَأَء أَنْ نَكُونَ



(4)




نُرِيدُ أَنْ نَكُونَ أَوْفِيَاء لِلَّيْلِ، أَصْدِقَاءً لِلْعَتَمَةِ

وَرْدَةً زَرْقَاء فِي صَحْرَاءَ مِنْ جَلِيدِ

هَسِيسْ نَارَ أَسْفَل مُحِيطِ

سَمَكَةٍ كُحْلِيَّةٍ فِي جَدْوَلٍ تُخْفِيهُ اَلصَّحْرَاءُ

تِينَةَ تَلَمُّسِ سَقْفْ اَلسَّمَاءْ

نُرِيدُ أَنْ نَكُونَ حُلْمَ اَلْحُلْمِ، أَمْنِيَّةً اَلْأُمْنِيَاتِ

رَائِحَةَ وَلِيدْ تَمْتَدُّ فِي اَلضَّبَابِ تَزْرَعُ سَحْبًا فِي اَلسَّحَابِ



(5)​



نُرِيدُ مِنْ اَلْحَيَاةِ رَشْفَةَ صَيْرُورَةٍ،

لِأَنَّنَا مِنْ مَنْحِهَا مَعْنًى كَامِنًا وَسِرًّا وَسَرِيرَة



(6)​



كُنَّا فَيُنَقَّا يَخْرُج مِنْ اَلنَّارِ، مِنْ اَلدَّمَارِ، مِنْ اَلرَّمَادِ

مُعْجِزَةً وَأُسْطُورَةً نَنْفُض اَلْمَوْتَ نَرْفُضُ اَلزَّوَالَ

نُعْتِقُ اَلْجَمَالَ وَالْجِبَالَ وَالْجِمَالَ

نَرْسُمُ خَرِيرُ اَلْمَاءِ لَحْنًا زَنْبَقِيًا وَصَدَى

نَكْتُب فَوْقَ اَلْبُخَارِ

رِحْلَةَ بُرْتُقَالَةٍ يَتَنَفَّسُهَا اَلْفُقَرَاءُ وَالضُّعَفَاءُ

كَأُغْنِيَةٍ يَتِيمَةٍ مِنْ بِيسَانْ مِنْ بِيلْسَانْ مِنْ عَكَّا

وَهِيَ تَفِيضُ غُلْمَة وَشَبِقًا وَلَذَّةٍ

وَهِيَ تَحَاوَرَ حِيفَا وَيَافَا، دَالِيَةَ اَلْكَرْمَلْ، طَبَرِيَّا

تَهُزُّ اَلسُّهُولْ تُهَدْهِدُ اَلْبَيَّارَاتْ

فِي مُخَيَّمٍ خَطَوْتُ فَوْقُ تُرَابِهِ خُطُوَاتِي اَلْأُولَى

فَوْقَ رَاحَتِي قَابِلُتِي أُمُ هَاشِمْ

حَطَطْتُ كَبُلْبُلٍ، فَوْقَ هَوَائِهِ تَنَفَّسَتْ، شَهِقَتْ زَفَرَتْ

فِي وَحْلِهِ خُضْتُ

وَتَحْتَ سَمَائِهِ غَسَلَتُ حَبَّاتُ اَلْمَطَرِ وَبِهَا اِغْتَسَلَتْ

كَعَذْرَاء تُخْفِي نَفْسَهَا فِي سُرَةِ بُرْتُقَالَةِ مُهَاجِرَةِ

مِنْ يَافَا إِلَى حِيفَا، مِنْ اَلنَّقَبَ إِلَى أَسْدُودْ،

لِتَسْتَحِمَّ فِي شَفَافِيَّةِ اَلْمَرْئِيِّ وَاللَّامَرْئِيِّ

تَتَهَادَى عَلَى ظِلِّ نَسَمَةٍ خَفِيفَةٍ

تَجْرَحُ اَلْمَوْجَ وَالرَّمْلَ وَالْمَرَاكِبَ وَالْكَوَاكِبَ

تَسِيرُ بَيْنَ اَلْحَيَاةِ واَلْمَوْتِ دُونَ أَنْ تَصْطَدِمَ بِالزَّوَالِ وَالْفَنَاءِ

تُحَرُّكُ اَلسَّنَاجِبِ وَالْقَنَادِسْ

تَقْطِفُ اَلْغَيْمَ، تَعْصِرُهُ تُدْنِّيَهِ مِنْ شِفَاهِ اَلْغَامِضِ، اَلْمَجْهُولِ،

تَزْرَعُهُ فِي لِمَيْ حُورِيَّة كَاعِبْ لِشَهِيدَةِ، خَضْرَاء، زَرْقَاءَ

تَحُطُّ فَوْقَ أَهْدَابِ شَهِيدَةٍ فَوْقَ قُبَّةٍ فِي أَقْصَى

يَرْفُض بِسَلِيقَةٍ مُدَرَّبَةٍ، بِفِطْرَةٍ مُتَفَتِّحَةٍ، أَنْفَاسُ اَلْغُرَبَاءَ



(7)​



نُرِيدُ أَنْ نُكَوِّنَ كَمَا نَحْنُ نَشَاء أَنْ نُكَوِّنَ

كَمَا كُنَّا وَكَمَا نَحْنُ وَكَمَا نُرِيدُ أَنْ نَكُونَ

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى