محمد أحمد مخلوف - لعنة «المنسي في الحكاية» لريحان بوزقندة

أيّ لعنة جميلة تبعثها لنا ريحان بوزڨندة ؟
هذه اللعنة التي لفت نظرنا ونظر الراوية ياسمين إليها ذلك التلميذ الغامض إيلان حين رفض أخذ الكتاب من أستاذته قائلا : « كلاّ لا يمكنك إعطاء الكتاب لأحد قبل قراءته سيكون هناك ضرر كبير رجاء لا تفعلي ثم انه لك ما دام قد عثر عليك ولا يمكن بذلك لأي أحد قبلك ان يطلع عليه (صفحه 32 ) لتتلاعب بنا ريحان بوزقندة عبر سياقات سردية أحسنت توظيفها تداوليا لتأسرنا بحكايتها مع هذا الكتاب الذي وجدته في « نصبة فريب » ترتادها كل يوم اثنين صباحا شخصيتها المحورية ياسمين أستاذة التاريخ بأحد معاهد العاصمة والتي تعمل بعد ظهر ذلك اليوم الذي تفتح فيه بالالات الكتب صباحا حيث يعمل صديقها اكرم مع ابن عمه اشرف في بيع كل قديم من ملابس وكتب وغيرها من الاغراض الوافدة علينا من وراء البحار
لتتقاطع مع أم وولدها في ذلك المكان أين وجدت كتابه جزيرة الكنز لروبرت لويس ستيفنس في طبعه قديمه صدرت عن دار بايوت سنه 1944 وتسقط منه رسالة يأخذها ذلك الطفل العنيد فيكون هذا الفعل الصبياني قادحا لبقية أحداث الرواية و إن في سياقات ومناخات نفسية مختلفة ومتغيرة بتغيّر مسارات السرد الحكائي الذي تتلاعب فيه بنا ريحان بوزقندة وكأنّنا دمى دون إغفال طواطئ بعض الشخصيات لانجاح هذا الفعل الموزع على 14 فصلا جعلتها الكاتبه أياما منفصلة - متصلة، و لكن تجمع بينها جميعا لعنة خرجت من بين طيات ذلك الكتاب لتصيب القارئ أيضا في تتبّعه لأحداث الروايه حين يتماها مع الشخصية الرئيسية ياسمين التي تعقد معه صفقه فتقول : « كل تلك الحوادث التي وقعت لي الاصوات الصباحيه التي توقظني آلام الرأس سوء الحظ الذي رافقني لأيام كانت هي كانت لعنة الذاكره لعنة دمناسيو ميموريا» ( ص 47 ).
هي سوابق تجعل القارئ متشوقا لبقية الأحداث باحثا عما يخرجه من براثن هذه اللعنة التي ستبقى تتبعه حتى تتعبه كما أتعبت ياسمين منذ شرائها لجزيرة الكنز ، و لعل لعنة النسيان تتحول الى لعنة تعب توزعها ياسمين على المحيطين بها وعلى رأسهم زميلها أستاذ التاريخ أيمن او « أيمنو » الذي لم يجد منها فكاكا بتعله أنها هي من ساعدته في الوصول إلى زوجته هناء منذ كانا طالبين ، فهي نظير هذه الخدمه التي قدمتها له لا تجد حرجا في الإتصال به في وقت متاخر
أو باكر في تفاعل خطابي لا يخلو من « مسحة الصراع والحرص على التفوق والغلبة بل إن جانب البطالة و العبث غير غائب كما أن الجدّ الظاهر قد يخفي عبثا ومداعبة » ( دكتور محمد الناصر العجيمي صفحه 579 كتاب النقد العربي الحديث ومناهج النقد الغربية).
مما جعله يخاطبها قائلا: « تعبت معك حقا لا بأس نامي
و اهنئي انت ولا أنام انا ، لابأس ، إنه قدري مكتوب الشقاء والتعب منذ شجعتك سنه البكالوريا على اختيار شعبة التاريخ و الدراسة في نفس الجامعة معي ، أيً معتوه كنته ؟ حسنا لا فائدة أعرف انك لن تتركيني بسلام قولي عما تبحثين قولي لأجيبك وأعود إلى النوم » ( ص 66 ).
هي رحله بحث مضنية تخوضها ياسمين بالوكالة حيث تقوم بعملية تصدير لمشكلتها مع هذا الكتاب لأيمن ثم لمروى صاحبة المقهى التي آمنت بقلمها فوجهتها لصديقها صاحب دار النشر الذي اقترح عليها حلا سحريا للتخلص من هذه اللعنة التي ما انفكت تلاحقها وتفسد عليها حياتها : « عليك ان تمضي في الجنون الى الحد الاقصى ، أقترح أن تعثري على الطفل ووالدته وتسترجعي الرسالة ... » ( ص 98 ).

م أ مخلوف 🇹🇳

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى