نزار عباس - السرير رقم 31...

إن الأمر لا يعدو أن يكون سخافة، سخافة صغيرة: أن يملك الإنسان شيئا خاصا به، رأس ثعلب مليء بالتبن معلق على جدار غرفته الباردة، مسبحة صفراء، اشتراها من محل شرقي عتيق، كتابا أصفر نادرا، امرأة تحبه، وترى في عينيه مصيرها، ذكريات مفككة، يجترها قبل أن يبتلعه النوم.. أو مرضا خاصا به. ولم لا ؟ إن الأمر لا يدعو إلى الضحك، عندما يقف أحدهم ويضرب بقدمه الأرض، ويحدق بصلافة في وجوه الآخرين ثم يصرخ: إن لدي مرضي الخاص. وعندما سقطت تلك الليلة، بعد أن أحسست بأن ثمة سكاكين حادة تلف نفسها في أمعائي، شعرت بأشباح آدمية تقف إلى جواري، لا ريب أنك كنت أحدها، لم أرك جيدا، فثمة ضباب كان يحيط بي، لقد شعرت بالنهاية تقترب، وبدا لي الموت شيئا هادئا، رقيقا، لحظة وداع قصيرة، ثم أغادر المحطة ملتفا بمعطفي، لقد كان الموت يظهر في شكل طريق القرية المترب، الوردي اللون، الذي تطبق عليه سماء رمادية في الخريف، وفي وقتها تذكرت أيضا شخصا لا أعرفه، وفلاحا مسنا يتمتم وهو يتلاعب بمسبحته " كلنا نموت " و لقد علمت بعد ذلك بأنني نزفت كثيرا، دما أسود، وأنك أرسلت في طلب الإسعاف: لقد قالوا إنني ابتسمت عندما اضطجعت داخل السيارة، ترى هل كان هذا صحيحا ؟ لماذا.. لماذا لم تصفعني يا صديقي العزيز، لقد كنت أرى شبحك في السيارة، ربما كنت تبكي من أجلي " لقد قاسى طويلا " هذا ما كنت تقوله بالتأكيد، وعندما وضعوني على السرير رقم 31، لم أعد أشعر بأيّ خيط يشدني إلى العالم الخارجي، ولقد فكرت طويلا، بأن أمي ستبكي و ستأتيني بعد منتصف الليل، وتقف إلى جوار السرير، تجاهد لتحبس الدموع كيلا أراها، ولكن تفكيري هذا لم يكن مجديا، ذلك أن أمي لم تأت، بل قالت بكل برود: إنه يستحق كل هذا، أما الموت فقد تجلى هذه المرة في وجهه المجدور، الذي تستقر فيه عينان كبيرتان مفتوحتان دائما. إنه المضمد الذي يؤدي وظيفته كما لو كان آلة صماء، سوداء، خالية إلا من الآلية المقيتة، لقد وقف هذا الوحش أمامي، وكأنه يريد أن اعترف قبل الرحيل.. ثم هزني من كتفي بكل وقاحة: " ألست أنت الذي قذفت دما ؟ " ففتحت فمي بعد ذلك الصمت الطويل وقلت نعم. فقال وكيف كان لونه؟ لا ريب أنني أتذكر بعض الشيء. اللون الأسود الذي كان ممزوجا بقطع داكنة من الدم المتخثر - حسنا.. كان لونه أحمر قاتما، ربما كان أسود، من يدري ! فرفع حاجبيه باهتمام متكلف، وخرجت الكلمات من أسنانه " هكذا.. إذن " فأشرت برأسي بالإيجاب، إلا أنه هذه المرة كان قاسيا جدا - ترى هل يصل الإنسان إلى هذا الدرك الحقير - لقد هز رأسه ومط شفتيه ثم تمتم : " لا فائدة ! لا فائدة " ، أيّ طاقة هائلة، يمكن أن تحملها هذه الكلمة الجامدة لشخص يوشك أن يموت في منتصف الليل، على سرير وحيد، في عنبر مظلم، رائحة المرض فيه، تغلف كل شيء.. أنت تعرف بأنني قد رأيت الموت، وكان هادئا، أما بعد ذلك فلقد رجعت الأشياء إلى صلابتها الباعثة على الغثيان، وكانت الساعة الثانية ليلا والعنبر يئن أنينا متواصلا. عندما جاءني هذا المضمد، ونفث في وجهي حقده الكريه - ألست أنت هو - أما الفرّاش فكان واقفا إلى جواره، وعندما سمع كلماته، أنصرف في الحال، ومن بعيد رأيته يشعل سيجارة، لا ريب أنه قال في نفسه، بكل بساطة، " ليس هو الأول على كل حال، فلقد مات قبله كثيرون، و سأحمله جثة باردة لأرميه في الثلج".
أما الأمر بالنسبة إليّ ، فقد أخذت أحاول مرات كثيرة، أن أبدو أكثر مرضا ذلك أن المرض هنا، مشاع ، إلى درجة فظيعة، يشارك فيه كل النزلاء، إنك هنا ، لا تستطيع أن تصرخ أبدا، فما الفائدة ؟ إذا كانت صرختك عادية ولا تثير الاهتمام ، ولقد حاول أحدهم أن يبتلع أنبوبا من الأسبرين، ولكنه فشل، ونظرنا إليه، بلا أبالية، و التفت إليّ أحد المرضى قائلا: " إنه يريد أن ينتحر، يا له من غبي... لماذا لا ينتظر بعض الأيام، ليموت بلا ضجيج".
ترى إذا انتحر هذا الشخص فماذا يعني ذلك، إنه يعني بكل بساطة إعلانا صغيرا على باب العنبر، يقول - إن السرير رقم كذا، قد أصبح شاغرا ! ولكن هذا الشخص كما يبدو، يريد أكثر من هذا الإعلان يريد أن يشعرنا نحن المساكين، بأنه يموت، بأنه قد ضاق بالحياة، حكاية قديمة، أليس كذلك " ضاق بالحياة " إن هذه الجملة لا معنى لها، هنا، حيث يتشبث الإنسان ببقايا حياة سخيفة، كما يتشبث الكلب الأجرب بعظم يابس خشن، لا مرض خاص هنا، أرقام السرر المعلقة فوقها تلقي ظلها الصغير في كل يوم على إنسان جديد، وقبل ليلة استيقظت مذعورا على صراخ حاد مزق الهدوء الذي ساد العنبر نسبيا في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، وفتحت عيني ببطء، ونظرت إلى حيث كان الضوء الأصفر يحوم في الزاوية اليمنى، فرأيت إنسانا يتقيأ بحدة، ويتأرجح ويغني. إن الشيطان نفسه لا يستطيع أن يعرف ماذا في أعماق هذا الرجل، لقد دفعوه بعربة إلى آخر العنبر، وأردت أن أسأل عنه فناديت الممرضة وسألتها عنه ، فأخبرتني وهي تعبث بمفتاح في يدها بأنه سكير قديم، وفي كل يوم يعود إلى المستشفى محمولا بالإسعاف ثم أنه فضلا عن ذلك مصاب بقرحة في المعدة ويشكو من آلام في رئتيه، ثم أردفت: إنه سيموت حتما.
وضحكت وهي تقول: " هل تراهنني على موته ! " يا لها من امرأة من الحديد المكسو بالصدأ، إنهم يموتون بكثرة هنا، فليس هو الطاعون كما تتصور، و لكن صاحبنا السكير يريد أن يموت، أن يغمض عينيه على دنيا مليئة بأحلام الخمرة، وفي اليوم التالي جاءتني هذه الممرضة وقالت بانتصار، " لقد مات " ألم أقل ذلك! لقد مات قبل ساعات، تناول هذا الدواء، لا تدخن " ثم ذهبت، ولم أستطع بعد ذلك النظر إلى وجهها.. ترى لماذا أنقل إليك هذه الأشياء، لا أدري، فبعد أيام ستكون قد آمنت تماما، بأنه لم يعد هناك شيء خاص بي، حتى لو كان مرضا ، لقد كنت أحبها، أريدها لي، إن الحياة لا تطاق يا صديقي، ونحن الحفنة من الناس نحدق في وجوه بعضنا بغباء لا حد له. ولذلك عندما جاءتني إلى المستشفى تألمت كثيرا، و أحسست بأنني أطعن مرة ثانية... و لكنه التمثيل ! التمثيل الذي عشته تلك اللحظة، وتذكرت المسيح الذي يبتسم بوجه جلاديه وعلى رأسه إكليل الشوك وهذا ما كان...
هل عرفت طعم الوحدة ؟ الغربة و اصطفاق أجنحة الطير، و أصوات الضفادع، وأنت وحيد على شارع أغبر القسمات، تحمل في رأسك كل الذكريات الشاحبة.. إن طعم الوحدة مُرّ إلى درجة تبعث على الغثيان، على البكاء ، ولكن المسألة تكون أقسى فأقسى عندما يعرف الآخرون سرّك الخاص، شيؤك الذاتي الذي تنفرد به دائما عندما يعرفون بأنك وحيد غريب، وتحتاج إلى يد تمسح عن جبينك العرق، إنك آنذاك تقف كشحاذ ينتظر أيّ شيء ولو كسرة من الخبز، و لكنه لا يستطيع أن يمدّ يده إلى المارة، إنك تتعرى خجلا من آخر ورقة تسترك، عن ورقة التين، في هذه اللحظة تحس بأن درعك الكبرياء أخذ يتصدع و أنك توشك أن تنهار من هول الضربة. ولكني تغلبت على الأمر، وتذكرت المسيح، تذكرت نفسي حين نظرت إليكما، وأنتما تقفان إلى جانب سريري، وعلى وجهيكما الطفلين معان كثيرة، مبهمة، ثمة شيء بالتأكيد يوحي بالعطف الفارغ ، كان يرقد في الأعماق، شيء لا قيمة له، شيء مقرف، وتعيس، وتذكرت الحادثة تماما، حين انزاح الجدار الرصاصي عن عيني المتعبتين، فرأيت الجو في الخارج، بصورة واضحة، لاشك أنك ستتبرم لما أقول ... إذ ما جدوى الحديث عن أشياء دفعتها الرياح الخريفية إلى مكان ما، مظلم وبارد، ومع ذلك فلقد كنت مخمورا، عندما رأيتها، وكانت ترتدي بذلة خضراء تماما، والشمس كإعلان أحمر اللون، كانت تلتصق بالسماء، وشعرت بمزيد من الفرح، وحاولت أن أرميه هنا وهناك، كان الفرح يسربلني، والهواء أبرد قليلا، وكانت هناك صغيرة ووحيدة، وعندما جلست إلى جانبها، أردت أن أضحك طويلا - ففي بعض الأحيان تجتاحنا موجة غريبة من الحياة ، موجة دافئة حقا، لا نستطيع إلا أن نطلقها في ضحكة، تبدو ذات رنين غريب، توشك أن تذكرنا، بأن لا جدوى منها مطلقا - لقد كانت الأمور تبدو لي في نهايتها، مفرحة إلى درجة النشيج ، لقد قالت لي منذ زمن بأنها تحبني، أوه ! لم تقل هذا، أنت تعرف كيف أفسر الكلمات، فقد قلت لك مرة، إنني أسمع الأصوات من الداخل، قد تكون هذه الأصوات لا معنى لها، تتيبس على جرف الواقع، كالأصداف، ولكني أسمعها باستمرار، أسمعها باستمرار، يا صديقي، كانت تجلس إلى جواري، هكذا، وبكل بساطة، عندما قلت لها، كانت هناك أشياء تقف أمام الكلمات، خطوط وظلال ووجهك الأحمر المتورد، بعينيه البراقتين، ولكننا، كما تدري، لا نعبأ بالآخرين، عندما نضع قد رنا على يدنا المتيبسة، ونروح نفتش عن المرافئ الجديدة التي توحي بالأمن، فليأخذ الله زيفنا المتطاول ! إن الحياة لا تطاق بلا كلمات، ولكنها مع ذلك أخذت الأمر، كما لو كان شيئا جديدا، لا بأس من معرفته.. كم يبدو المصير الإنساني سخيفا في مثل هذه اللحظات، إنك تعرف مدى تفاهة الآخر، الذي يستطيع أن يلفظ بعض الكلمات، تبعث فيك الحياة... و إنك لتنتظر هذه الكلمات ، بكل جبن و احتقار، إن الإنسان هنا يبدو في ذروة انهياره، حين يربط وجوده بسخافة صغيرة، أن يملك شيئا خاصا به...
شيء لابد من معرفة حقيقته، هذا هو أنا إذن، رحلة خائبة أخرى، مغفل آخر... أقسم أن هذه الأفكار كانت تراودني منذ زمن بعيد، ولكننا نعرف كيف ندفن الأفكار المصيبة لأنها تثير فينا الكبرياء، الكبرياء، التي تقف كمنارة، على شاطئ آسن، تتوقع بين آونة و أخرى، لطمة موج كاسحة ترميها إلى ظلمات المحيط، لقد تجاهلت كل شيء، إنها مقامرة تبدأ بشيء بسيط، ثم تنتهي حين يلعب الإنسان على حياته، قلتَ مرة، إننا لا نختار كل شيء، والحب يبدو أحيانا كما لو أنه الموت، يقف الاختيار عنده مشلولا، وبالنسبة إليك، فقد كنت كل يوم، أشرح لك ما أعاني، كنت في كل يوم أعرّي نفسي أكثر فأكثر، ولم أستطع أن ألمح شيئا خلف عينيك البراقتين، كلا لم أكن مغفلا، لقد كانت تساورني بعض الشكوك ولكني مغرور. ومن يدري، فلعل الأمر لم يكن سوى سخافة صغيرة بعثها الوهم في أعماقي المجدبة، لم يكن إلا مجرد أصوات داخلية، يبعثها إنسان يموت في أعماقي، إنسان ظامئ إلى حد الاستجداء...
و حاولت أن أنسى، أن أدفن هذا الحب المشوّه، تنسى أن لنا مقدرة كبيرة على دفن أشيائنا الصغيرة في قبور بيض، إن المقابر تدعوني إليها كل يوم.. فلقد ولدت في بيت تتفتح نوافذه الكئيبة على المقبرة، مقبرة نموذجية، يتكون عليها الغسق كل مساء . حاولت أن أدفنه، فركبت القطار إلى الجنوب، حيث ينام الليل على أشرعة متعبة، وترتفع الحانات على شط أزرق العينين لا ينام، ولكن وجهها كان يسيل أمامي دائما، وكطفل يهرب من بعبع مرعب، كنت أهرب إلى الحانة، وأدفن، ولكن لاشيء، يبدو أن الأرض كانت صلبة، لقد حفرت يا صديقي، حتى بأظافري، ذلك القبر، و لكنني فشلت فالأمواج الآسنة اكتسحت كل دعاوى الكبرياء، فأرجو أن لا تتأثر لأني لم أعبأ بالحقيقة التي تخصك وهي أنها لك..
أرجو أن لا تبصق على ما كان، إن يديّ نحيفتان، وكان طريق المقبرة وعرا، كأنه طريق الجلجلة، وليس من السهل يا صديقي أن يدفن المرء أحلامه ببساطة، فأيّ حياة هذه، أيّ حياة ! لا تعتقد أنني انسحبت لأنني شعرت بتحوّلي رويدا، رويدا، إلى تمثال من العار.. لقد كانت تحبك وهذا هو الواقع الذي تجاهلته باستمرار...
و جئتني، بعد أيام، كم كان مضحكا أن تسألني عنها.. حسنا، إنها رائعة وجميلة، إنها... ثم لم أعد أراك، لست بائعا متجولا أوزع نصائحي وحكمي على الآخرين، إنني لا أستطيع أن أشدّ على يديك، وأهنئك، فالتمثيل لا يعجبني، ولم أصعد إلا مرة واحدة على المسرح. وكانت القاعة مزدحمة، حين دفعت بقلق - حملت وعذابه في وجوههم الغارقة في الظلام. إنني ما أزال أذكر تلك الغيمة الزرقاء المرتمية في الأفق ، فقد كنت أحاول أن لا أنظر إليك، في لقائنا الأخير، فلماذا تزّيف الأشياء يا صديقي، لم أعد أستطيع النظر إليك ، كلا لم أعد...
ترى لماذا أنقل إليك هذه الكلمات، لماذا ! لقد مرت أشهر كثيرة على الحادثة، ولقد كانت راسبة في داخلي، حينما دخلتما العنبر، فتذكرت آنذاك كل لحظة فيها، إن الشهور الكثيرة التي مرت، كانت مؤلمة حقا، فلقد خرجت من المستشفى، وبقيت مشدودا إلى سريري في البيت، أنظر إلى الساعة باستمرار لأتاكد من وقت تناول الدواء ولم يبق هناك شيء يستحق أن يذكر...
إن الأفلام لا تعجبني هذه الأيام، كذلك الحدائق، وبعد أن شفيت حاولت الرجوع إلى الحانة، ولكن ذلك يعني الموت، كما حدثني الطبيب، فأخذت أرتاد الحدائق كعجوز في الستين، إنك لا تجد في المدينة، تلك السواقي الطينية، بنيّة اللون، التي تتساقط عليها أوراق الأشجار المتطاولة، المحملة بالثمار، فالإسفلت هنا قد غطى كل شيء وهو يبدو ملتهبا، تحت رجلي النحيفتين، ومن بعيد، تلوح أمامي، كل يوم، حانات جديدة، فأقف أمام واجهاتها الزجاجية كالشحاذ، و أتخيل أنني سأمدّ يدي بعنف، وأغتصب زجاجة حمراء، وأنزوي في غرفة صغيرة لكرعها مع التبغ، ثم أرود آفاقي القديمة، لقد بقيت هكذا، أطوف في الشوارع كل يوم، مالكا أعصابي، مسيطرا عليها، فاتحا عيني دائما، خلال أربع وعشرين ساعة بدون أيّ خدر، بدون أيّ انفلات من جمود العالم، تلك هي مأساتي، ولدى موقف الباص، أتذكر بأنني كنت أقف هنا منذ شهور، لأركب السيارة إليها، وداخل هذه العلبة المتحركة التي ينهمر فيها العرق البشري، كنت أود لو عانقت الجميع، لو سرنا معا سوية، لو رقصنا إلى الأبد، فلقد كنت أحب، وكان لدي شيء خاص بي، أما الآن فالمنطقة تبدو مقفرة، والناس كالهياكل الغريبة تلجأ إلى بيوتها الطينية للمضاجعة، لقد قطعت بعض الأشواط، ما عليّ إلا أن أسير إلى النهاية، في درب العار...
لقد شعرت من جديد بألم في داخلي، فلقد شربت قبل أيام نبيذا حادا، في مكان ما، وعليّ أن أدفع الثمن، فربما بعد قليل، تدق الساعة دقاتها، داخل البيوت، و الميادين العامة، وسأقف قليلا، ثم أحس بالصداع الثقيل يملأ رأسي، وأسعل قليلا، ثم أقذف دما من جديد، دما قديما، وسأحمل مرة أخرى إلى رقم من أرقام المستشفى، وستكون " لا فائدة " هي الكلمة الأخيرة في عنبري المظلم البارد ...

بداية 1959




* من قصص الكاتب العراقي الراحل نزار عباس ( 1936 - 2003 ) الذي كان مجددا كبيرا في القصة العراقية من خمسينات القرن الأخير وستيناته خاصة. والقصة المرفقة مأخوذة من مجموعته ( زقاق الفئران ) الصادرة في مطلع السبعينات.
** هذه القصة القصيرة بالذات ترجمت و نشرت بالروسية في موسكو ضمن مجموعة " قصص عراقية"
أعلى