سعد سرحان - ديوان المائدة ـ الأخيرة ـ سحر "تفاحة نيوتن" ولوحة "العشاء الأخير"

للطعام حضور قوي في مختلف الفنون والآداب. ففي السينما نجد أن لقطات ومشاهد الأكل والشرب في البيوت والمطاعم والحانات أكثر من أن تحصى، ولولاها لفقدت الكثير من الأفلام نضارتها.

في الأدب والفكر، ثمة كتب اتخذت الطعام موضوعا لها، فيما اختارته أخرى عنوانا، ومنها نذكر: بخلاء الجاحظ، مأدبة أفلاطون، عناقيد الغضب، القوت الأرضي ودروب الجوع.

من بين كل الأطعمة تظل الفواكه هي الأثيرة لدى الشعر. فهو يحتفي بها، تشبيها واستعارة، منذ الملاحم حتى قصيدة النثر.

في الهايكو تحضر الطبيعة بأبهى عناصرها من أزهار وطيور وثلوج وفراشات…

لكن، إذا وجدت فيها كلمة “كرز”، على سبيل الجمال، فتأكد أن الأمر لا يتعلق بقصيدة وإنما بكعكة صغيرة.

البرتقالة أيضا وجدت في الشعر ما تفاخر به صُوَيْحِباتها مذ صارت “الأرض زرقاء كبرتقالة”.

أما شعرنا العربي فقد أبدع أيّما إبداع حين وصف الثمار بأنها “أشربة بلا أواني”. والعُنَّاب؟ يا إلهي، كدتُ أنسى العنّاب.

ولعل الوضع الذي تتمتع به التفاحة هو ما جعلها لا تكتفي بالحضور في الشعر. فسقوطها على نيوتن هو ما ألهمه نظريته الفذة عن الجاذبية.

وبعيدا عن تعقيدات الفيزياء، فإن هذه النظرية إنما هي رد واضح من تفاحة نيوتن على تفاحة آدم.

رد مفاده أن الإنسان لم يسقط إلى الأرض بسبب الخطيئة الأولى فقط، وإنما بسبب الجاذبية أيضا، وإلا لماذا لم يسقط على كوكب آخر في كون الله الواسع؟

الرسامون بدورهم تناولوا الكثير من الطعام في لوحاتهم، وخصوصا أطباق الفاكهة، تلك التي لفرط إبداعهم تبدو وكأنها قُطفت للتو.

لكن اللوحة التي لا يجوز ذكر غيرها في هذا الباب هي، بكل تأكيد، لوحة “العشاء الأخير”.لا يحتاج الطعام إلى من يربطه بالأدب والفن. فللمائدة آدابها، أما الطبخ ففن قائم بذاته.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى